الصحافة المتواطئة: كيف يخنق الإعلام العالمي منتقدي إسرائيل؟

الصورة: Getty - التصميم: منشور

محمود رشاد
نشر في 2021/08/31

«طُردت من عملي ككاتب رأي بعد مزحة على وسائل التواصل الاجتماعي عن المساعدات العسكرية الأمريكية إلى إسرائيل» - ناثان جيه روبسون، كاتب رأي سابق بصحيفة الغارديان.

في تقرير لمجلة Current Affairs، كتب ناثان جيه روبنسون أنه بات من المعروف على نطاق واسع أن منتقدي إسرائيل دائمًا ما يتعرضون للعقاب من المؤسسات العامة والخاصة مهما كانت انتقاداتهم مدعومة بالأدلة.

نمط لإسكات الأصوات المعارضة

يشير التقرير إلى ما وثقه الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) من نمط لإسكات الأصوات المعارضة لإسرائيل، ذاكرًا أن «هؤلاء الذين يحتجون أو يقاطعون، أو بالأحرى ينتقدون الحكومة الإسرائيلية، يتعرضون للإسكات في توجه يتجسد في الجامعات، وفي التعاقدات الحكومية، وحتى في قوانين لتغيير القانون الجنائي الفيدرالي وقمع حرية التعبير للأشخاص على جانب واحد فحسب من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني».

يوضح مركز الحقوق الدستورية في نيويورك، في تقرير له، أن منظمات وجامعات وفاعلين حكوميين داعمين لإسرائيل قد استهدفوا ناشطين مؤيدين لفلسطين بعدد من التكتيكات، تضمنت إلغاء فعاليات وشكاوى قانونية كيدية وإجراءات تأديبية، وغرامات واتهامات تحريضية كاذبة بالإرهاب ومعاداة السامية، ليخلص المركز إلى أن «فلسطين مستثناة من حرية التعبير».

ووفقًا لتقرير روبنسون، فإن المسعى لإسكات منتقدي إسرائيل قد اتخذ شكلًا من الإجراء الحكومي، في إشارة إلى حملة لتجريم انتقاد إسرائيل في ما وصف بأخطر تهديد على حرية التعبير في الغرب، مضيفًا أن بعض الولايات الأمريكية ألزمت موظفيها الحكوميين بالتعهد بعدم مقاطعة إسرائيل. لكن كما يشير الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي في مقال رأي نشره على موقع Middle East Eye، فإن الأمر يأتي على حد تعبيره في شكل اتهامات مسيئة لا أساس لها.

معاداة السامية أداة لوصم المنتقدين

الصورة: Getty

في الولايات المتحدة، تعرض أكاديميون منتقدون لإسرائيل إلى إلغاء عروض عملهم أو منعهم من التدريس، كما فصلت شبكة سي إن إن الإخبارية الأكاديمي مارك لامونت هيل بسبب دعواه المؤيدة لتحرير فلسطين.

وفي بريطانيا، استمرت حملة شعواء لثلاث سنوات لوصم جيرمي كوربين زعيم حزب العمال البريطاني والمعارض لسياسات الحكومة الإسرائيلية، بأنه معاد للسامية.

وتشير منظمة هيومان رايتس ووتش إلى أن حكومة الولايات المتحدة قد لوحت باتهامات لا أساس لها بمعاداة السامية ضد منظمات حقوقية أخرى، مثل منظمة العفو الدولية وأوكسفام، التي فضحت سجل إسرائيل الرديء في مجال حقوق الإنسان.

وفي إسرائيل نفسها، يتعرض الفلسطينيون لقمع وحشي على صعيد حرية التعبير، بل ويتعرض اليهود المؤيدون للحقوق الفلسطينية للمضايقات من قبل الدولة.

وقد أصبحت منصات الإعلام الكبرى المنتشرة حساسة ضد «أي ذكر للحقوق الفلسطينية أو القانون الدولي، وأي نقد لإسرائيل أو سياساتها»، حسبما ذكرت عبير النجار في مقال لها العام الماضي على موقع OpenDemocracy.

يروي جونثان تفاصيل فصله في Current Affairs قائلًا: «شخصيًا، لم أفكر أبدًا بشأن سؤال ما إذا كان يمكن أن أعاني تبعات انتقاد حكومة إسرائيل ودعم الولايات المتحدة لها. لدي حرية تعبير بقدر ما لك في هذا العالم. لربما كان علي التفكير مليًا أكثر بشأن هذا، ﻷنه مجرد ما أن تخطيت خطًا خفيًا، فقد أزعجت المدافعين عن إسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي، ففصلت من وظيفتي ككاتب مقال في الصحيفة».

من المثير للإحباط رؤية الكونغرس يعطي القليل للغاية كمعونة لجائحة كورونا، بينما يمنح أكثر الجيوش تطورًا على الأرض مزيدًا من صواريخ الكروز.

يشير الكاتب إلى إنه كان يكتب للغارديان نسخة الولايات المتحدة منذ 2017 شبه حصريًا عن السياسة في الولايات المتحدة، موضحًا أنه لم يكتب أبدًا أي شيء عن إسرائيل. وعن عمله، يقول إن محرره دائمًا ما كان راضيًا عنه، ﻷنه جيد في كتابة تعليق سياسي واضح وسريع يستند على المصادر، ويحتاج للقليل من التحرير. غير أنه أشار إلى ممارسة الرقابة على ما يكتبه عندما حُجب مقال له مرة واحدة لأسباب تتعلق بالمحتوى، ﻷنه انتقد جو بايدن بسبب علاقات عمل يشوبها الفساد لهانتر بايدن.

ويفيد الكاتب الأمريكي أنه في نهاية ديسمبر الماضي، كان الكونغرس يوافق على حزمة إغاثة كوفيد جديدة، وفي الوقت نفسه يوقع على مساعدات عسكرية تساوي 500 مليون دولار إلى إسرائيل، مضيفًا أنه ولمدة طويلة كانت إسرائيل واحدة من أكبر متلقي المعونة العسكرية من الولايات المتحدة، وفاقتها أفغانستان منذ سنوات قليلة، لكن ليس بحساب النسبة إلى الفرد، كما يوضح.

وبحسب الخدمة البحثية التابعة للكونغرس، فإن إسرائيل في المجمل هي أكبر متلق للمساعدات الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وتشكل مساعدات الولايات المتحدة ما يقرب من 20% من ميزانية الدفاع الإسرائيلية، كما يشير التقرير.

يقول روبنسون إنه كان من المثير للإحباط رؤية الكونغرس يعطي القليل للغاية كمعونة لجائحة كورونا، بينما يمنح أكثر الجيوش تطورًا على الأرض مزيدًا من صواريخ الكروز: «كنت محبطًا ومستاء على نحو شخصي لرؤية تمرير التمويل الجديد للصواريخ الإسرائيلية في نفس وقت تمرير إغاثة كوفيد الصغيرة المثيرة للشفقة».

وينتقد الكاتب الحكومة الأمريكية بقوله: «لقد منحنا بالفعل الكثير من المساعدات العسكرية التي لا يحتاجونها. لماذا، خلال هذه الجائحة، يضخ الكونغرس أموالًا ﻷجل منظومة صاروخية جديدة؟».

جاء فصل روبنسون من الصحيفة بعدما كتب تغريدتين متتابعتين بشكل ساخر على تويتر، قال في إحداها: «هل تعلم أن كونغرس الولايات المتحدة لا يسمح بأي نفقات جديدة إلا لو كانت نسبة منها موجهة لشراء أسلحة جديدة لإسرائيل؟ إنه القانون»، وفي الثانية: «أو إنه لو ليس قانونا مكتوبًا، فهو إذًا عرف سياسي راسخ لا يختلف عمليًا عن القانون».

ويفسر قائلًا في تقريره إن التغريدة الأولى كانت ساخرة (كالمعتاد على تويتر)، لكن كي لا يقع أحدهم في الظن بوجود قانون بهذا الشكل، أرفق التغريدة الثانية ليوضح تمامًا أنه يمزح: «هذه مزحة 100%، حتى لا تكون هناك مساحة للشك بشأن هذه المزحة».

روبنسون يقول إنه لا يقرأ الردود على تغريداته، ﻷنها تكون مليئة بالإساءات. لكن أحد زملائه أخبره أن البعض يقولون إنه «معاد للسامية». قابل الكاتب ذلك بالضحك، ﻷنه كان أمرًا واضح السخافة كما يقول، موضحًا أنه كان يشير فحسب إلى ما هو حقيقة دقيقة تمامًا، فبلاده تعطي قدرًا ضخمًا من المساعدات العسكرية لإسرائيل، إذ أنها تخصها بالدعم حتى أثناء الجائحة.

ويذكر أن «نانسي بيلوسي قالت مرة: "إذا كانت واشنطن منهارة، فإن الشيء الذي سيكون باقيًا هو دعمنا لإسرائيل"، وأنا أصدقها. وجو بايدن قال مرة إنه إذا لم تكن هناك إسرائيل، فإن الولايات المتحدة ستبتكر إسرائيل لحماية مصالحنا».

وكما تشير خدمة الكونغرس البحثية في تقرير لها، فإن التزام الولايات المتحدة المباشر بوجود علاقة خاصة مع إسرائيل يساعدها في الحفاظ على تفوق عسكري نوعي على البلدان الأخرى. ومن الصريح أن سياسة حكومة الولايات المتحدة هي منح إسرائيل الأولوية في الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية الأمريكية.

«أصحاب العمل يمارسون سلطات قهرية على حرية الرأي للموظفين»

الصورة: Getty

المشكلة الأكبر، كما يقول روبنسون، أنه اختص إسرائيل فقط بالنقد دون الإشارة إلى المعونة التي تتلقاها الدول الأخرى، لافتًا إلى أنه يبدو أن رسالة الغارديان التي أُرسلت له قبل فصله، تقتبس في نهايتها من شخص ما يدعي أن تغريداته معادية للسامية.

ما كان واضحًا من الرسالة بحسب روبنسون أن مولهولاند (محرر الغارديان الذي أرسل الرسالة) كان غاضبًا للغاية. وعن سخافة التهمة وسياسة الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، يقول روبنسون: «أنا لم أختص إسرائيل، بل إن سياسة الولايات المتحدة هي التي اختصتها، أنا فقط أشرت إلى أن ذلك ما نفعله، وأننا نفعله عن قصد، ﻷننا نعتقد أن إسرائيل ذات استحقاق خاص بتفوق عسكري نوعي ليس لجيرانها».

سريعًا ما أدرك روبنسون أن وظيفته قد تكون في خطر، لذا حذف التغريدة ورد على مولهولاند معتذرًا عن فعل أي شيء قد يفسر أنه يسيء إلى نزاهة الصحيفة.

ليست هناك سياسة «ثلاث ضربات» عندما يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل كما يصف، مهما كان النقد له ما يسوغه، ومهما كان بعيدًا عن معاداة السامية الحقيقية. لم يهم أنه حذف كلماته. إذا تعديت الخط، ستُطرد.

«أحتاج إلى مصدر الدخل هذا، وأنا محبط بشدة أن الغارديان تفرض رقابة على تغريداتي، وشعرت بأنني سأكون مضطرًا إلى قبول الحدود الجديدة التي تُفرض على خطابي العام»، مضيفًا أن «مسألة التحكم في التوظيف حسب الرغبة تعني أن أصحاب العمل يمارسون سلطات قهرية على حرية الرأي للموظفين، حتى خارج العمل، وأنا مضطر لدفع الإيجار مثل الجميع».

رد مولهولاند على روبنسون مشيرًا إلى أنه يقدر اعتذاره، وأنه يمكن التغاضي عن تلك الاتهامات. وأشار إلى أنه فهم من ذلك أنه طالما «أبقيت فمي مغلقًا بشأن إسرائيل على تويتر، فإن الغارديان ستستمر في نشر مقالاتي عن المواضيع الأخرى».

في إدراك متأخر، يصف روبنسون الأمر بأنه كان مساومة رديئة بالطبع، ولم يكن ينبغي عليه حتى أن يأخذها في الاعتبار.

 «يصعب تبرير البقاء صامتًا عن الدعم العسكري الأمريكي لبلد ينتهك حقوق الإنسان فقط ﻷن المرء يحتاج إلى الراتب، غير أن الكتاب الذين يعتمدون على الكتابة مصدرًا للدخل يواجهون خيارات صعبة عندما يخبرهم رئيسهم أي الآراء مسموح لهم أن يعبروا عنها علانية. ومع هذا، ففي تلك اللحظة كان لدي أمل أن هناك طريقة يمكنني بها الاستمرار في الكتابة. أخبرت نفسي أنني سأفعل أفضل ما بوسعي كي أتكلم بما في خاطري دون أن أجلب على نفسي تقريعًا تحريريًا، رغم قلقي بشأن ما قد يجره ذلك علي».

أن تُطرد من عملك أمر سيئ، لا سيما أن يحدث ذلك دون إنذار وسط جائحة، عندما يكون من الصعب العثور على عمل آخر. يقول روبنسون: «أنا لا أكسب كثيرًا من عمل الصحافة (15 ألف دولار العام الماضي)، وكتابتي اليسارية غير مربحة، وأنا في حاجة إلى المال. ينبغي أن أكون مستعدًا للرقابة على حساباتي على مواقع التواصل من قبل الغارديان، في مسعى مستميت للحفاظ على وظيفتي».

لكن ليست هناك سياسة «ثلاث ضربات» عندما يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل كما يصف، مهما كان النقد له ما يسوغه، ومهما كان بعيدًا عن معاداة السامية الحقيقية. لم يهم أنه حذف كلماته. إذا تعديت الخط، ستُطرد. الأمر وفقًا له ليس بسبب مؤامرة واسعة، لكن بسبب سياسة يعد بمقتضاها أي حليف للولايات المتحدة فوق النقد (السعودية تُستثنى من النقد كثيرًا أيضًا).

الكتاب ليسوا أحرارًا

من الواضح أن الغارديان لا تريد أن يعرف أي شخص أنها تمارس الرقابة على حسابات التواصل لكتابها بشأن إسرائيل. لم يخبر أحد روبنسون بمجموعة من التعليمات لما يمكنه وما لا يمكنه قوله، ﻷن مثل هذا سيكون اعترافًا صريحًا بأن الكتاب ليسوا أحرارًا، وأن عليهم عدم تخطي خط معين بشأن إسرائيل، وقول المقبول تحريريًا فقط.

يذكر روبنسون أنه لطالما كان منتقدًا لهؤلاء الذي يرسمون لليسار صورة بأنهم مجموعة من مستبدي «ثقافة الإلغاء» ويحاولون خنق حرية التعبير، وهو العكس تمامًا، كما يصف. وعلى الناحية الأخرى، يعمل نشطاء حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) تحت تهديد الملاحقة الجنائية.

«أنا مؤيد بشدة لحرية التعبير لأسباب مبدئية وعملية، لكني انتقدت بعض نقاشات تأييد حرية التعبير التي تعامل اليساريين كتهديد رئيسي، ولا تذكر أن منتقدي إسرائيل يمكن أن يُفصلوا بسبب آرائهم».

ويشير الكاتب إلى خطاب مجلة هاربر عن النقاش الحر والمفتوح كمثال، والذي يعبر عن أفكار محمودة، لكنها تبدو مهمومة أكثر بشأن تهديد العدالة الاجتماعية مما هي بشأن التهديد على النشطاء المؤيدين للقضية الفلسطينية.

ويتابع روبنسون أن عالم الأنثروبولوجيا الراحل ديفيد غرايبر، الذي كان كاتبًا معتادا للصحيفة، رفض أن تكون له علاقة بها في سنواته الأخيرة، قائلا إن الغارديان استخدمت وجود الكتاب من جناح اليسار لتعطي غطاء لدفعها باتهامات زائفة بمعادة السامية ضد جيريمي كوربين زعيم حزب العمال، مضيفًا أن أكثر من ناقد قد أشار إلى أن الغارديان لوحت باستخدام معاداة السامية للدفاع عن جناح الوسط في حزب العمال ضد اليسار.

«الغارديان متواطئة»

الصورة: pixabay

يلاحظ روبنسون أن كثيرًا من الأشخاص يكونون ظاهريًا من مؤيدي حرية التعبير، لكنهم لا يتحدثون كثيرًا عندما يواجه منتقدو إسرائيل تداعيات مهنية. مضيفًا أن حالته رغم ذلك لا تزال هامشية، وينبغي أن يكون التركيز على الفلسطينيين الذين يُقتلون ويشوهون جراء العدوان الإسرائيلي، قائلًا إن «حياة هؤلاء الفلسطينيين لا تعني شيئًا قطعًا لأصحاب الصوت الغاضب بسبب تغريداتي».

المشكلة الحقيقية في رأي روبنسون هي الرقابة على منتقدي إسرائيل، فهذا يسهل على الحكومة الإسرائيلية قتل المتظاهرين وإبقاء الحصار الذي تقول الأمم المتحدة إنه «يسلب حقوق الإنسان الأساسية في انتهاك للقانون الدولي، ويرقى إلى منزلة العقاب الجماعي».

إسرائيل لم تحاسَب، واستمرت الولايات المتحدة في دعمها بالسلاح بعدما حدث في 2018، عندما أصيب مئات الفلسطينيين ومن بينهم أطفال ومسعفين بطلقات نارية من قبل قناصة إسرائيليين في احتجاجات مسيرة العودة، نقلًا عن موقع Middle East Monitor، إذ «أطلق الجيش الإسرائيلي النار وقتل سبعة أطفال، وأصاب أكثر من ألف محتج بذخيرة حية» في يوم واحد فقط.

رغم هذا، يقول روبنسون إنه يأمل أن نفهم كيف يُقمع منتقدو إسرائيل. ويصف الأمر بأنه بمجرد أن توصم بمعاداة السامية، فسوف تختفي وظيفتك في نفس اليوم، مؤكدًا أن هذا سبب رئيسي لاستمرار إسرائيل في الإفلات بجرائمها البشعة، فالتحدث بأمانة وصراحة عن الحقائق يخاطر بجلب الرقابة سريعًا، وتستمر انتهاكات حقوق الإنسان دون محاسبة، متهمًا الغارديان بأنه «عندما يكون هناك قناصة إسرائيليون يستهدفون أطفالا فلسطينيين، فإن الغارديان متواطئة».

مواضيع مشابهة