هاروكي موراكامي: لماذا فقد الأصدقاء الرغبة في معرفة «عديم اللون»؟

التصميم: منشور

عمر علاء
نشر في 2018/11/25

خلال أسبوع واحد فقط من صدورها عام 2014، كانت رواية «تسكورو تازاكي عديم اللون وسنوات حجه» باعت أكثر من مليون نسخة في اليابان وحدها. والقصة التي تبدو بسيطة في البداية، نكتشف شيئًا فشيئًا أنها تحمل جانبًا شديد الظلمة والقتامة.

رواية عن شاب يعاني من صدمة قاسية في مقتبل عمره، وعن الأشباح التي عليه أن يواجهها كي يعثر على ذاته.

كلمة «تسوكورو» اليابانية تعني «قيد الصنع» أو «في طور التكوين»، وهو مجاز واضح عن سيرة البطل نفسه. إنسان يبلغ من العمر 36 عامًا، يعمل في بناء محطات القطارات وصيانتها، ويقضي غالبية وقته في البحث عن طرق لتطوير هذه المحطات.

يملك عادة غريبة، وهي الجلوس لفترات طويلة مراقبًا القطارات تصل وترحل. بين هاتين اللحظتين يتدفق الناس خارجين وداخلين من هذه الأسطوانات العملاقة التي تحملهم من مكان إلى آخر. حب تازاكي لهذه المحطات ينعكس طيلة الرواية في كل واحدة من محطات حياته.

توجد هشاشة في هذه الرواية، تذكرنا برواية موراكامي الشهيرة «كافكا على الشاطئ». بطل لا يعرف ماذا يفعل في حياته، ويخرج في رحلة للبحث عن إجابات.

عن موراكامي، سريعًا

هاروكي موراكامي واحد من أشهر الروائيين المعاصرين في العالم، تندرج رواياته باستمرار في قوائم الأكثر مبيعًا، أبطاله من جيل ما بعد السياسة في اليابان، عالم ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والحراك الطلابي في الستينيات.

يقول موراكامي في كتابه «ما أتحدث عنه، حين أتحدث عن الركض» إنه يرى نفسه كاتبًا متوسط المستوى، يرضيه فقط وجود جمهور ثابت يُقبِل على رواياته، وهي نفس الفكرة التي خطرت على باله عندما افتتح ناديًا للجاز في طوكيو بمعاونة زوجته. يرى موراكامي أنه ما دام هناك واحد من بين كل عشرة أشخاص، يعاود المجيء إلى النادي بعد أول زيارة، ففي ذلك الكفاية بالنسبة إليه.

من روايات موراكامي ذات الشهرة العالمية، «الغابة النرويجية» و«كافكا على الشاطئ» و«تاريخ العصفور الآلي» و«1Q84»، وآخر رواية حتى الآن «قتل قائد الفرسان» التي صدرت باليابانية سنة 2017، وتُرجمت ونشرت بالإنجليزية سنة 2018.

تسكورو تازاكي عديم اللون

يشعر قارئ رواية «تسكورو تازاكي عديم اللون» بالراحة لكشف موراكامي القصة منذ البداية، إذ يمكن أن تسترخي في مقعدك وتستمتع بالرحلة.

«تسكورور تازاكي» ينتمي إلى مجموعة أصدقاء في المدرسة الثانوية، وفجأة قررت المجموعة إبعاده دون مبرر واضح.

نترك هذا في الماضي، ونتعرف إلى تازاكي الآن، وهو في السادسة والثلاثين من عمره، عندما قرر أن يبحث عن أصدقائه القدامى ليعرف لماذا استبعدوه من المجموعة وقرروا إنهاء صداقتهم معه.

تشبه الرواية في البداية أفلام تجمُّع زملاء مدرسة الثانوية، إذ يتبادل الزملاء القدامى قصصهم: ماذا فعلوا في الحياة، من قابلوا، ومن تزوجوا، وأين ذهبوا خلال السنين الماضية؟ لكن الأمور لا تسير بهذه الطريقة، مع تكشُّف الأسرار التي يحملها كل فرد.

عند عودته في العطلة بين الفصلين الدراسيين، اتصل أحد أعضاء المجموعة بتازاكي وأخبره بأنهم لا يرغبون في رؤيته مرة أخرى. هكذا فجأة دون سابق إنذار.

مجموعة الأصدقاء هذه تشكلت من خمسة أفراد في مقاطعة ناغويا في اليابان: ثلاثة فتيان وفتاتان. كان الخمسة شديدي الارتباط ببعضهم.

يقول تسكورو تازاكي: «كنا نؤمن بشيء ما في ذلك الوقت، نعرف أننا من القادرين على الإيمان بشيء ما بكل قلوبنا، وهذا النوع لا يزول بهذه البساطة». قلوب غضَّة ما زالت في مقتبل حياتها.

نمى شعور الانسجام وسط هذه المجموعة كأنه تفاعل كيميائي متزن. نجحوا في إنشاء مجتمع صغير منظم. كانوا يلعبون كرة المضرب معًا، ويذهبون إلى السباحة في شبه جزيرة تشيتا، ويجتمعون في منزل واحد من أعضاء المجموعة للمذاكرة أوقات الامتحانات.

بعد انتهاء المرحلة الثانوية قرر أعضاء المجموعة الالتحاق بكليات داخل المقاطعة، عدا تازاكي الذي اختار الالتحاق بكلية الهندسة في طوكيو. رحل عن مدينته، وفي سنته الأولى بالجامعة استمر لقاؤه بأعضاء المجموعة لدى عودته للبيت.

غير أنه ذات مرة في السنة الثانية، عند عودته في العطلة بين الفصلين الدراسيين، اتصل به أحد أعضاء المجموعة وأخبره بأنهم لا يرغبون في رؤيته مرة أخرى. هكذا فجأة دون سابق إنذار.

يقول تازاكي: «كنت قريبًا منهم كأنهم امتداد لجسدي. البحث عن سبب أو السعي لتصحيح سوء التفاهم لم يَدُر في بالي. كنت ببساطة في صدمة. لم أحتمل البقاء يومًا آخر، كل ما استطعت التفكير فيه أن أذهب بعيدًا عن هذا المكان».

شعر تازاكي الذي كان حينذاك في سن العشرين، بأن أصدقاءه ألقوا به من المركب إلى وسط البحر كما في قصة النبي يونس، كأن حوتًا ابتلعه، ومن الآن فصاعدًا سيقضي أيامه في بطن ذلك الحوت. عانى من الاكتئاب وانعدام الثقة بالنفس بعد فقدانه أصدقائه. أمضى خمسة أشهر لا يفكر سوى في الموت. نقص وزنه سبعة كيلوجرامات وأصبح شديد النحافة. ثم تعافى واستطاع الوقوف على قدميه، وقرر ألا يفكر في هذا الأمر مرة أخرى.

حياة جديدة

يذهب تازاكي إلى أعضاء المجموعة الأربعة واحدًا واحدًا ليسألهم: لماذا لم يرغبوا في صداقته؟ لماذا تخلصوا منه؟

تخرج تازاكي في كلية الهندسة، وعمل في شركة إنشاء محطات السكك الحديدية. كان مولعًا بما يخص القطارات منذ الصغر. يهوى مشاهدة وصول المسافرين ومغادرتهم وحركة موظفي المحطة، إذ يهرع كل واحد منهم لأداء مهماته، إضافة إلى دوي مكبر الصوت يتردد في المحطة. يمكن القول إن الأمور سارت على ما يرام بالنسبة إلى تازاكي من هذه الناحية.

وهو في منتصف العمر، في السادسة والثلاثين، قابل صديقة جديدة تدعى سارة، أخبرته بأنها منجذبة إليه، لكنها تحس بأنه يعاني من مشكلة ما. قالت سارة إنها تحس بوجود شيء داخله يمنع التدفق الطبيعي للمشاعر.

كي لا يشعر القارئ بالقلق على تازاكي، أوضح موراكامي أنه مارس الجنس مع سارة في لقائهما الثالث، إلا أنها لم توافق على العودة إلى منزله في الليلة التي سرد فيها قصة المجموعة عليها. هذا التصرف البسيط مصدر التوتر طول الرواية. تمثل سارة مجتمعًا مثاليًّا يسعى تازاكي للتصالح معه.

قرر العودة إلى مقاطعة ناغويا ومقابلة أصدقائه نتيجة تشجيع سارة بعد أن قالت له: «يمكنك إخفاء الذكريات. لكن لا يمكنك محو التاريخ الذي صنعهم».

هذه قصة مشوقة وطريفة، غريبة، محرجة. يذهب تازاكي إلى أعضاء المجموعة الأربعة واحدًا واحدًا ليسألهم: لماذا لم يرغبوا في صداقته؟ لماذا تخلصوا منه؟

الرواية بكاملها تصوُّر عن تصرفات الآخرين الغريبة من وجهة نظر الفرد. الحل الذي خرج به موراكامي أن يقابل البطل الآخرين وجهًا لوجه، أن يزور الماضي ويجبرهم على إخباره بالحقيقة، بهذا يضع حدًّا للغز الذي شغل باله لسنوات.

يرحل تازاكي عن طوكيو ليكتشف لماذا تركوه، يلتقي بهم وهو ناضج، تصل به رحلته إلى فنلندا، لن يوقفه شيء.

قد يهمك أيضًا: الكتابة باسم مستعار: هل تهم معرفة الكاتب الحقيقي؟

السير إلى الوراء

يعرض موراكامي في الرواية آثار المراحل العمرية المختلفة في حياة الإنسان، بالخصوص مرحلة الخروج من طور الطفولة. وهو هنا يتناص كثيرًا مع الروائي الحائز على جائزة نوبل «كازوو إيشيغيرو» في روايته «لا تدعني أذهب أبدًا».

تلتقي الروايتان في استخدامهما الأسلوب الرمزي، للتعبير عن المشاعر منقطعة النظير لسنوات المراهقة والصداقة الوثيقة التي تنشأ بين المراهقين خلال تلك المرحلة.

تضمنت مجموعة أصدقاء تازاكي الشخصيات التي نقابلها في المرحلة الثانوية. يمكننا أن نجد في كل مدرسة ثانوية: «أكاماتسو» الرياضي المتحمس، و«يوشيو أومي» الطالب المتفوق الذي يجتاز الامتحانات دون مجهود، و«يوزوكي شيرين» الفتاة الجميلة الجذابة محط الأنظار، و«إيري كورونو» الفتاة الساخرة المستقلة ذات الروح القوية.

تازاكي، كما يقر بنفسه، يؤدي دور الشخصية التي لا يميزها شيء، سواء مهارة معينة أو حتى عيب ما. درجاته متوسطة في المدرسة، أسماء الأصدقاء الأربعة تحيل إلى الألوان: أكاماتسو (قصب أحمر)، أومي (بحر أزرق)، شيرين (جذر أبيض)، كورونو (حقل أسود).

اسم تسكورو تازاكي الوحيد الذي لا يحيل إلى لون ما. وجد في ذلك مصادفة في محلها، إذ يرى نفسه مملًّا، لا ينتظر أن يحبه أحد.

يذكرنا انعزال تازاكي ووحدته بعزلة بطل رواية دوستويفسكي «رسائل من تحت الأرض» الذي يرى أنه يكره الفاعلين في الحياة. هل سبب أزمة تازاكي أن من يشبهونه في الحياة قليلون؟ غالبية الأفراد في المجتمع والحياة يختلفون معه في الشخصية والسيكولوجية. من هنا، ألا يوجد خلاص من أزمته أم إن هناك من يرغب في أن يعيش الحياة مجهولًا؟

يخلق موراكامي مسارًا تحتيًّا للرواية، يضع لمسات بفرشاة التلوين هنا وهناك.

بعد تخلي أصدقائه عنه صادَق زميلًا في الكلية يصغره بعامين، اسمه «هايدا». التقى به في حمام السباحة الخاص بالكلية، وسرعان ما توثقت علاقة تازاكي بهذا الشاب الخجول الذي «يريد التفكير بحرية في أي شيء يريده، ومغادرة الجسد الفيزيائي».

اعتاد تازاكي أن يناقش مع هايدا القضايا التجريدية. وذات ليلة حكى هايدا قصة عجيبة عن الموت أخبره بها أبوه.

القصة تحكي عن قوة تُمنَح لبعض الناس قبيل الموت، فتمكنهم من توسعة الوعي ورؤية الألوان مثل وهج أو هالة تحيط بالناس. يتحول الإنسان إلى كائن ميتافيزيقي، لا وجود للمنطق أو اللامنطق أو الخير أو الشر. كل شيء يندمج مع نقيضه: «شعور رائع ويائس في الوقت نفسه، لأنك ترى كم كانت حياتك ضحلة، وتدرك الحقيقة الصادمة، أنه حتى تلك اللحظة تمكنت من تحمُّل هذه الحياة».

وقعت قصة الموت هذه أواخر الستينيات، في أوج الثقافة المضادة التي اجتاحت اليابان في ذلك الوقت. لماذا اختار موراكامي هذا الوقت بالذات؟ هل كان يقصد أن الميتافيزيقا تنبعث في أوقات الاضطرابات؟

اكتسبت الرواية كثافة بإضافة هايدا وقصة الموت. يخلق موراكامي مسارًا تحتيًّا للرواية، يضع لمسات بفرشاة التلوين هنا وهناك، مثل وضعه القطعة الموسيقية «Années de pèlerinage» (سنوات الحج) للمؤلف الموسيقي المجري «فرانز ليست»، وتكرارها في الرواية، وكذلك الأحلام الغريبة التي يحلم بها تازاكي.

في الختام، يحلم تازاكي بأنه يعزف البيانو في قاعة شاسعة، وامرأة غامضة تقف بجواره. أحب مقطوعة «سنوات الحج» لأن بها حزنًا هادئًا، وليست عاطفية.

مثَّل حضور الطفلتين الفنلدنيتين في الرواية ظهورًا نادرًا للأطفال في روايات موراكامي. الطفلتان أحبتا اختبار اللغة الإنجليزية التي يتعلمانها في المدرسة، على سائح أجنبي هو تازاكي. كانت فرصة له أن يرتاح من عالم الكبار بضعة دقائق.

تكرر على مدار الرواية الإشارة لمقطوعة «سنوات الحج» لعازف البيانو المجري «فرانز ليست»، وهي واحدة من أشهر مقطوعات البيانو الفردية، عُزفت لأول مرة في 1842، وتحمل ثيمة الهجرة والوحدة والترحال

تسوكورو تازاكي يخرج إلى عالم النضج

تنتمي الرواية إلى نوع أدبي يتمحور حول انتقال الإنسان من مرحلة الطفولة والمراهقة إلى النضج.

يمزج موراكامي في رواياته الواقع بالخيال. ينتبه لعالم العقل، مصنع الأفكار في الحياة. هذه الأفكار التي تحدث وتولد في الدماغ، ما تأثيرها؟ ما الذي يربطها بعالم الواقع؟ هل الواقع هو الحقيقة أم الأفكار هي الحقيقة أم كلاهما صواب أم كلاهما خطأ؟

تذكِّرنا روايات موراكامي بروايات نجيب محفوظ من ناحية هيكلها السردي: رجل يلتقي بامرأة ويشتركان في مواجهة شيء ما. كان هذا نظام المجتمع خلال سنوات نشأة كلٍّ من موراكامي ومحفوظ. القصة المتوقَّعة لحياة أي مواطن أو مواطنة هي إيجاد فتاة أو فتى مناسب، ثم السكن في شقة في واحدة بالمدينة. هل ما زال هذا هو التصور موجودًا في سنة 2018؟

في العقود الأخيرة، حدث تغيُّر في دور المرأة بالمجتمع. صارت منافِسة للرجل في الجامعة والوظيفة والحصول على الدخل الأكبر، ما ينعكس على تذوق القارئ لروايات الحب التقليدية.

بخلاف ما قد يُظن، ستنال الروايات الرومانسية على الأرجح إعجاب ذوي التوجه اليميني.

قد يعجبك أيضًا: رمزية نجيب محفوظ: البحث عن السعادة في «حارة العشاق»

موراكامي يتخذ مسافة من الواقع والزمن الراهن، تسود رواياته مشاعر الرقة والانكسار، هذه السمة لن ترضي القراء الغاضبين الذين يأملون في تغيير العالم، يطالبون بكتابة تكشف الظلم والعنف المستتر في النظام العالمي. من يجعل من مهندس إنشاء محطات السكك الحديدية بطل رواية؟ إنه هاروكي موراكامي.

تنتمي رواية «تسكورو تازاكي عديم اللون وسنوات حجه» إلى نوع أدبي يدعى «Coming Of Age Story» (قصة البلوغ). يتمحور هذا النوع الأدبي حول انتقال الإنسان من مرحلة الطفولة والمراهقة إلى النضج. من أشهر روايات هذا النوع «الحارس في حقل الشوفان» للروائي الأمريكي «جيروم ديفيد سالينغر»، والرواية التي تحولت إلى فيلم «The Perks of Being a Wallflower»، ومن أعمال الأدب العربي التي تناولت هذا الموضوع القصة القصيرة لنجيب محفوظ «السيد س» في مجموعته «التنظيم السري».

كتب موراكامي رواية عن إنسان لا أهيمة له. أدى الكاتب دور عالم اجتماع يبحث في أنماط أفراد المجتمع، من حيث تأثير العمل وعوامل النشأة.

يعرض موراكامي، عبر شخصية تازاكي، الرحلة الذاتية التي يخوضها كل واحد منا بمفرده، رحلته في اكتشاف الحياة، تغيُّر شكل الحياة بالنسبة إليه منذ الطفولة حتى مراهق ثم الشباب ثم النضج.

يقول تازاكي: «لا أدري. يبدو أن حياتي كانت قد وصلت إلى تلك المرحلة، إذ كان يجب أن أفقد عقلي لفترة نوعًا ما. ينبغي على مظهري وجسدي أن يخضعا لعملية تحوُّل (Metamorphosis)». ذلك التعبير يحيلنا إلى المسخ أو الانمساخ لكافكا.

في مسلسل الكارتون «Big Mouth» الذي يدور حول مرحلة البلوغ وصعوباتها، جرى تصوير الهرمونات الجنسية أشباحًا تصاحب الفرد البالغ وتدفعه إلى ارتكاب تصرفات غريبة.

رواية «تازاكي عديم اللون» لجأت إلى الاستعارات التشبيهية لتصوير الانفعالات التي تستحوذ على المرء في مسار حياته. يرغب موراكامي أن يمسك في الرواية بالقوانين الخفية والقوى الوجدانية التي تؤثر في حياة الإنسان دون علمه أو إرادته.

في «تازاكي عديم اللون» نجد الراوي يفسر وقوع جريمة القتل بأنها نجمت عن اتصال بين الجانبين المظلمين للجاني والضحية. وبناء موراكامي عقدة الرواية على حادثة اغتصاب أضفى على الرواية طابعًا كابوسيًّا.

كتب موراكامي رواية عن إنسان لا أهيمة له. أدى الكاتب دور عالم اجتماع وظيفته البحث في أنماط أفراد المجتمع، من حيث تأثير العمل وعوامل النشأة ومستوى أُسرهم.

في الغالب، نحكي قصصنا للمقربين، ننشئ تحالفات في مواجهة الحياة. تحكي الرواية القصة لجميع الناس. «تسكورو تازاكي عديم اللون» تحكي عن إنسان عادي. تبدو الرواية كأنها تدفُّق أفكار إنسان قلق يواجه ضغوط الحياة.

يحمل الإنسان شخصيته رغمًا عنه، يلتصق بها، لا يمكنه الحصول على شخصية أخرى، يبحث عمن يُعجَب بشخصيته، يسأل نفسه: تُرى من يمكنه أن تحب شخصيتي؟ يقول «أكامتسو» صديق تازاكي: «ونحن نمضي في الحياة نكتشف تدريجيًّا من نحن. لكن كلما زادت اكتشافاتنا زادت خسارتنا لأنفسنا».

مواضيع مشابهة