دعوني أخبركم عمَّا يُحرِّك حياتي..
1. طاقتي
الطاقة هي وقود حياتك، وليس لديك إلا قدر محدود منها. تبدأ استفادتك بهذه الطاقة فقط بعد تجنب كل العوامل التي تُهدرها،فرغم أن معظمنا يمتلك طاقات كبيرة، فإننا نُحمِّل أنفسنا عادةً أعباءً تستهلك القسم الأكبر منها، وتتكون معظم هذه الأعباء من معتقدات مستقرة في اللاوعي الخاص بنا، لذا تغيب عن إدراكنا.
لعلك تعتقد أن اختياراتك حرة تمامًا، مع أنك لا تملك في الواقع سوى مجموعة ضئيلة من الخيارات، وتُشكِّل هذه المجموعة «صندوقًا» تحبسك فيه قناعاتُك غير الواعية. وكلما أصبحتَ أكثر وعيًا بمعتقداتك، وأفضل إدراكًا لخياراتك وقرارات حياتك اليومية، تكون أكثر درايةً بحدود صندوق خياراتك، وعندها تتمكن من تحطيم هذه الحدود وإيجاد خيارات أخرى لم تكن داخله.
حياتك مثل المرآة، انعكاس لوضعك الحالي، لا لوضعك كما «يجب» أن يكون. الاختلاف الوحيد بين حياتك والمرآة أن الأخيرة لا تستغرق أكثر من لحظة لتعرض انعكاسًا، أما الحياة فتأخذ وقتًا أطول، ولذا عليك الحفاظ على حالتك لفترة أطول حتى ترى انعكاسها في الحياة.
حياتك مرآة للطريقة التي ترى بها العالم، ولِما يوجد بداخلك، فجميعنا نعيش في عالم واحد، لكن كلًّا منا يختبر واقعًا مختلفًا بسبب اختلاف نظراتنا إلى العالم. ولهذا، فإن واقعك الخاص هو انعكاسٌ لباطن نفسك.
إذا أردتَ معرفة حدود «الصندوق» فعليك أن تنظر جيدًا في كل اختياراتك وقراراتك، وفي نتائج هذه القرارات على حياتك. حافظ دائمًا على عقل نشط يسأل باستمرار: لماذا حدث ذلك؟ ولِمَ اخترت هذا؟ وما نتائج قراراتي؟ وكلما كانت معتقداتك أكثر رسوخًا، كانت حدود الصندوق أقوى وكسرها أصعب، ولذا عليك أن تتأمل وتتساءل أكثر وأكثر.
لن تكون هذه التساؤلات ممتعةً طَوَال الوقت، لأننا نتحدث عن معتقدات مزروعة بعمق في داخلك، ومن الصعب عليك بالتالي أن تشك فيها أو تخرج عنها. لكن هذه التساؤلات تعني أنك تنظر إلى معتقداتك بوعي أكبر، كما تعني أنك أصبحت مسيطرًا على لاوعيك، بعد أن كان هو المسيطر عليك.
2. اختياراتي
الحياة لا تسير في خط مستقيم، ولهذا لا يمكن توقُّع الأحداث المستقبلية بناءً على ما وقع في الماضي.
أحاول دائمًا اتباع قلبي عندما يجب عليَّ أخذ قرار ما، وأعتقد أن الاختيارات المستندة إلى مشاعري تكون صحيحة دائمًا.
هناك صراع مستمر في نفسي بين العقل والقلب، لكني أعرف أن العقل أستاذ في المنطق ومحترف في اقتفاء الأنماط المتكررة، أما القلب فلا يعرف حدودًا، وهو يقرر ما يجب فعله بغض النظر عن كَوْن الفكرة جديدة أو مدى قبولها بين الناس.
لن تكونَ واعيًا بقراراتك لو أصبح العقل متحكمًا فيها، وستكون اختياراتك هي النتائج النهائية لمنظومة جاهزة يحكمها اللاوعي، وهذا يعني عودتك مجددًا داخل الصندوق.
كلما زاد وعيك، صار لقلبك دور أكبر في صنع قرارك، فالقلب حر من كل القيود التي تستبد بالعقل، وهو يحدد هدفه فقط ويُشير إلى الاتجاه الذي يجب السير فيه، ويترك لك الباقي. يحتل القلب موقع رُبَّان السفينة، بينما يعمل العقل على التجديف وتجاوز العقبات.
اقرأ أيضًا: 5 أسئلة ستجعلك تدور حول ذاتك.. لحظة، ما هي ذاتك؟
أعتقد أن الحياة لا تسير في خط مستقيم، ولهذا لا يمكن توقُّع الأحداث المستقبلية بناءً على ما وقع في الماضي، وبالتالي لا مكان للمنطق في هذه الحالة.
تخيل لو كنا نتَّبع المنطق فقط، هل كان الإنسان البدائي ليتطور حتى يخترع الصاروخ ويسافر إلى المريخ؟ بالنسبة إلى الإنسان البدائي ستكون فكرة الفضاء غير منطقية، وهو ما يؤكد أن العقل يخدعنا ببساطة كلما حاولنا تحديد أهدافنا، لأن هذا دور القلب، أما العقل فعليه اكتشاف الطريق.
العقل كسول بمفرده، ولذا يلجأ إلى تجاهل بعض الأسئلة المُلحَّة إذا لم يجد لها إجابات مناسبة في الحال.
3. مشاعري
المشاعر أهم ما ينبغي عليك العناية به، فهي تهِبُ الاتجاه لحياتك. عندما تكون في حالة نفسية سيئة تجذب أحداثًا مشابهة لحالتك، أما استقرارك على حالة نفسية جيدة فيؤدي إلى جذب أحداث إيجابية، ويوصلك إلى ما ترغب فيه بسهولة.
تدرَّب على الاحتفاظ بنظرة إيجابية إلى العالم طَوَال الوقت، واعلَم أن هذه النظرة لن تأتي دون جهد، وإنما عليك أن تؤمن دومًا بأن الأشياء تسير وفقًا لخطة أكبر منك، وبأن الحياة، التى لا تسير في خط مستقيم، قد تفاجئك عند نقطة معينة، فيحدث شيء غير متوقع وتتحقق أهدافك فجأة كالسحر.
قد يعجبك أيضًا: انشغالك بالماضي أو المستقبل قد يدل على حزنك
كن أكثر امتنانًا، قدِّر ماضيك وحاضرك ومستقبلك.
عندما تكون بصدد اتخاذ قرارات مهمة، قد يصبح صعبًا أن تحافظ على المشاعر الإيجابية أيًّا كان اختيارك، وستجد نفسك دائمًا مرتبكًا حتى بعد اتخاذ القرار. يحدث هذا خصوصًا عند التردد بين خيارين. ليس السبب في هذا على الأرجح إلا «الأنا» الخاص بك، متخفيًّا في صورة وعيك يحاول خداعك.
ربما يكون سبب الارتباك أن العقل يحارب قرارًا أخذه القلب بالفعل، وتتجسد هذه المعركة في شكٍّ تشعر به تجاه قرارك، قد يستمر لفترة طويلة. عليك أن تعرف أن الوقت اللازم لظهور صحة اختيارك ربما يكون أطول من الوقت اللازم لفهم اختيارات قلبك، التي لا تبدو منطقية دائمًا.
ستدرك فيما بعد أن قلبك كان محقًّا، لكن الترقُّب، والشك الناتج عنه، وضعف الإيمان، كلها عوامل تستنزف طاقتك وتملؤك بالشك في وقت أنت في غنًى عنه تمامًا. تُصبح في هذه المرحلة مثل «طرزان» وهو يقفز بين الأشجار، والفضاء الذي تقفز فيه بين شجرة وأخرى هو كل الشك والترقُّب والخوف الذي يسيطر عليك. لا تجزع، فقط ركز انتباهك على الشجرة التالية وإلا ستسقط.
ماذا يجب أن تفعل في النهاية؟ كن أكثر امتنانًا، قدِّر ماضيك وحاضرك ومستقبلك، لا تقع في فخ ضبط حالتك النفسية وفق حدث بعينه، فأنت رائع بالضبط كما أنت.