بعد فترة توقف دامت لسنوات، وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في ديسمبر 2017 على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي في السعودية، وهو ما يعد نقلة فنية وثقافية وجزءًا من مبادرة رؤية 2030.
ويذكر موقع بي دبليو سي الشرق الأوسط في تقرير له عن السينما في السعودية والفرص الاستثمارية المتعلقة بذلك، أن المملكة دخلت عصرًا حديثًا من النمو تقوده رؤية 2030 نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ تستفيد من إمكانات القطاعات غير النفطية، وبالتالي تحسين نوعية حياة سكانها.
أحد أهداف رؤية 2030 هو تعزيز مجالي الثقافة والترفيه، لذلك تخطط الحكومة بشكل خاص لـ:
- جذب مستثمرين محليين ودخول شراكات مع مؤسسات ترفيه عالمية.
- زيادة الإنفاق الأسري على الترفيه من 2.9% إلى 6%.
- تطوير سوق الخدمات الترفيهية بقيمة 30 مليار ريال سعودي (ما يعادل 8 مليارات دولار).
جهات عالمية متحمسة
يذكر التقرير أن مجموعة من الجهات الفاعلة تتطلع للسينما في السعودية، وعلى رأسها شركة الاستثمار في الترفيه «DICE»، التي تعمل بميزانية استثمارية تبلغ 10 مليارات ريال سعودي (ما يقارب 2.7 مليار دولار) كحافز لتطوير قطاع السينما في السعودية، ومن المتوقع أن تسهم بشكل مباشر بمليار ريال سعودي (260 مليون دولار) في الناتج المحلي الإجمالي.
يُتوقع أيضًا أن تساعد مشاركة DICE (أكبر مشغل سينما في العالم) على تعزيز تطوير صناعة السينما في السعودية. في أبريل 2018، افتتحت DICE أول سينما لها في مركز الملك عبد الله المالي، وتتطلع إلى افتتاح 50-100 دار سينما في جميع أنحاء المملكة بحلول عام 2030.
ويعتبر افتتاح VOX كثاني سينما في السعودية إثباتًا للتطور السريع لقطاع السينما في المنطقة. وإلى جانب DICE، كان دخول شركة VOX إلى سوق السينما في السعودية مبكرًا، و تعتزم استثمار 533 مليون دولار (ملياري ريال سعودي) لفتح 600 شاشة في جميع أنحاء المملكة، وتوفير ثلاثة آلاف فرصة وظيفية جديدة على مدى السنوات الخمس المقبلة، للاستحواذ على حصة من الطلب المتوقع. ومؤخرًا، وقعت شركة IMAX اتفاقية مع شركة VOX للشراكة في أربعة أماكن على الأقل في مختلف مناطق المملكة.
إلى جانب الجهات السابقة، يذكر التقرير أن العديد من المؤسسات العالمية المشغلة للسينما تحرص على الحصول على موطئ قدم مبكرًا في السوق السعودي الواعد، وقد وقعت مذكرات تفاهم مع شركاء محليين و إقليميين، ومنها:
- شركة سينيبولس، وهي رابع أكبر دار عرض في العالم، وقد وقعت اتفاقية مع شركة الحكير وشريكها الإقليمي مجموعة الطاير، وحصلت على رخصة تشغيل السينما من الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في السعودية (GCAM).
- شركة IPIC الأمريكية للترفيه، التي وقعت مذكرة اتفاق مع شركة BAS العالمية للاستثمارات من أجل تطوير 25-30 موقعًا على مدى العقد المقبل.
- شركة PVR المحدودة، ذات سلسلة مجمعات سينمائية رائدة من الهند، وقعت مذكرة تفاهم مع مجموعة الفطيم الإماراتية لدخول السوق السعودي وغيره من الأسواق الإقليمية.
- CJ 4dplex وقعت صفقة مع سينما سيتي لفتح ثلاثة مواقع 4DX في الرياض.
- مجموعة الراشد إمباير سينما حصلت على ترخيص من الهيئة العامة للإعلام.
ومن المتوقع أن تطور الشركة الوطنية الكويتية للسينما والموزع الرئيسي للترفيه المصور في دبي 12 مجمعًا سينمائيًا في السنوات الثلاث القادمة من خلال شركتها الفرعية سينسكيب.
تنوع المحتوى والتوطين
لا يزال إنتاج المحتوى السينمائي السعودي محدودًا وقيد التطوير، ويشير تقرير بي دبليو سي إلى أنه لم يُحدد بعد المحتوى الذي يجذب الجمهور في السعودية باعتبارها جديدة في سوق السينما. ويتوقع آدم آرون، الرئيس التنفيذي لشركة AMC، أن تكون نسخ الأفلام التي تُعرض في دبي والكويت مناسبة للعرض في السعودية.
نحو ثلث إجمالي سكان المملكة من المغتربين، ويتمركزون إلى حد كبير في منطقتي الرياض ومكة المكرمة، حيث يشكل غير السعوديين 38% و42% تباعًا. وتعد السعودية موطنًا لثلاثة ملايين هندي، وهي أكبر جالية مغتربة في السعودية. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يتنوع المحتوى المعروض بين أفلام هوليوود والأفلام الإقليمية والمحلية.
بالإضافة إلى ذلك، ستشترك سينما VOX مع شركة 20th Century Fox في توزيع محتوى Fox حصريًا في المملكة. وستحافظ صناعة السينما على التراث وتعزيز المواهب الوطنية من خلال أفلام المنتجين المحليين، وستصدِّر المحتوى المحلي دوليًا وتطور صناعة السينما المحلية.
فرص السوق
يشير التقرير إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد سكان السعودية إلى 39.5 مليون نسمة بحلول عام 2030، وأن المملكة لديها القدرة على استيعاب ما يصل إلى 2600 شاشة، مما يزيد الفرصة للشركات الاستثمارية في هذا المجال لسد احتياج سوق السينما السعودي.
ويذكر أن معايير السوق تشير إلى متوسط 6.6 لكل 100 ألف من السكان في الأسواق المتقدمة (باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، اللتين تتمتعان بسوق سينما ضخم)، في حين أن الإمارات في الحد الأدنى من المعايير القياسية، فقد زادت كثافة الشاشة بشكل ملحوظ من 3.6 في 2012 إلى 4.8 في 2017. هناك توقعات كذلك بافتتاح العديد من المجمعات الجديدة في الإمارات في السنوات القليلة المقبلة، وازدياد كثافة الشاشات حتى تصل الى متوسط المعايير القياسية.
من المعروف أن السعوديين يسافرون إلى الدول المجاورة للإنفاق على الترفيه، فستساعد السينما على عكس هذا الاتجاه وضخ الإنفاق الترفيهي مرة أخرى في المملكة.
يؤكد التقرير أن دخول صناعة السينما إلى ما هو أبعد من المدن الرئيسية، وتبني العديد من الأشكال المختلفة (مثل 3D وIMAX وVIP وKIDS)، قد ينتج عنه تفاوت كبير في الأسعار، على أن تتراوح بين 11 و14 دولارًا كحد أدنى (41-52 ريالًا سعوديًا)، و40 دولارًا مقابل الخدمات الراقية/الفاخرة (150 ريالًا سعوديًا).
وربما يصل حجم صندوق السينما في السعودية إلى 950 مليون دولار في عام 2030 (3.5 مليار ريال سعودي)، ومن المعروف أن السعوديين يسافرون إلى الدول المجاورة مثل الإمارات والبحرين للإنفاق على الترفيه، فستساعد السينما وحسن الضيافة على عكس هذا الاتجاه وضخ الإنفاق الترفيهي مرة أخرى في المملكة، مما يحفز قطاع الترفيه.
ويضيف التقرير أنه يجب على الجهات الفاعلة في السوق النظر في عدة عوامل رئيسية لضمان وصول صناعة السينما في المملكة إلى آفاقها الكاملة، ومنها:
- الموقع
تأمين مواقع جيدة لنجاح دور السينما، إذ تعتبر دور السينما مسرحية إلى حد كبير، ومن المرجح أن تشهد السينما في مراكز التسوق ذات الإقبال الكبير عدد زيارات أكثر.
- المحتوى
عادة ما تجذب قائمة الأفلام القوية الجماهير إلى دور السينما. ومن المرجح أن يجذب المحتوى الممزوج بين الهوليوودي والإقليمي والبوليوودي والمحلي الجماهير، مع تحوير المحتوى عند اللزوم. معرفة جمهورك واختيار برامج فعالة قد يسهم في تحسين شغل الوظائف.
- النماذج
لدى السعودية فرصة التعلم من الأسواق العالمية والإقليمية والقفز مباشرة بنموذج سينمائي ناجح. تستمر دور السينما في التطور من الأفلام البسيطة إلى تجارب أضخم، وستحتاج الصناعة السينمائية إلى تلبية مختلف الأذواق والتفضيلات (على سبيل المثال: تناول الطعام في السينما، والمستوى البلاتيني، وكبار الشخصيات، و4D و3D وIMAX).
- نماذج التسعير
في السنوات الأولى، من المتوقع أن يزيد الطلب على السينما على الإمكانيات. ومن أجل دعم القطاع على المدى البعيد، ستحتاج الجهات الفاعلة في الصناعة إلى اعتماد/تجربة نماذج تسعير مختلفة تجذب جمهورها، مثل تذاكر الأفلام، والتسعير حسب الوقت من اليوم/اليوم من الأسبوع، ونوع المقاعد، ونوع الشاشة، إلخ).