أفلام الكوميديا الرومانسية تُبعث من جديد

الصورة: Getty

إدريس أمجيش
نشر في 2021/10/12

إلى وقت قريب، كان ثمة شبه إجماع على أن أفلام الكوميديا الرومانسية تلفظ أنفاسها الأخيرة، على الأقل تلك الأفلام التي تُصرف فيها ميزانيات ضخمة ويحضر فيها أشهر ممثلي وممثلات هوليوود. كان من بين الأسباب التي أدت إلى تراجع هذه النوعية من الأفلام خلال العقد الماضي انتهاء حقبة الأفلام متوسطة التكلفة، والاعتقاد الشائع بأنها ليست أفلام جدّية وأنها لا تمت للواقع بصلة.

تغير الحال في صيف 2018، الذي شهد عرض ثلاثة أفلام تمكنت من إعادة الكوميديا الرومانسية إلى الواجهة، وهي Crazy Rich Asians المقتبس من رواية بنفس العنوان، والذي فاقت إيراداته 200 مليون دولار، وSet It Up وTo All The Boys I've Loved Before، اللذان أنتجتهما شركة نيتفلكس.

نجحت هذه الأفلام لأنها تحتوي على كل الثيمات المألوفة في أفلام الكوميديا الرومانسية، لكن مع تويست. نعرض في هذا المقال آراء بعض كتاب موقع Vox عن أهمية أفلام الكوميديا الرومانسية وأسباب تراجعها، وأثر إعطاء أدوار البطولة لممثلين وممثلات من إثنيات مختلفة على زيادة شعبيتها، والعناصر اللازمة لإنجاح هذا النوع من الأفلام مستقبلًا.

أهمية أفلام الكوميديا الرومانسية

تقول ناقدة الأفلام أليسا ويلكنسون إن أحد الأسباب التي تجعل مشاهدي أفلام الكوميديا الرومانسية يرون أنها تافهة وسخيفة هو النظرة السائدة بأنها موجهة خصيصًا إلى النساء، مما يجعلها بالضرورة في مستوى أدنى من الأفلام «الجادة». ومع ذلك، تؤكد ويلكنسون أن لهذه الأفلام قيمة كبرى، والدليل أنها صمدت حتى يومنا هذا.

بدورها، ترى الكاتبة كونستانس غرادي أن أفلام الكوميديا الرومانسية تحقق متعة جمّة، فمشاهدة شخصين يتبادلان الدعابات ويمران بأحداث طريفة ويواجهان مواقف عصيبة، وفي الأخير يقعان في الحب، ليست أقل متعة من مشاهدة فيلم عن الحرب أو عن دراما يتحدى بطلها الصعاب ليصل إلى أهدافه.

وتضيف غرادي أن هذه الأفلام تعالج في الأساس موضوع العلاقات الإنسانية، والكيفية التي يؤدي بها التقاء شخصين غريبين إلى إحداث تغيير للأفضل في شخصيتيهما، إثر تأثير أحدهما على الآخر. وتشير إلى أن العلاقات من هذا النوع شديدة التعقيد، وتتداخل فيها عناصر كثيرة، ولذلك فهي تستحق أن تُقدّم على الشاشة وتكون في دائرة اهتمام استوديوهات هوليوود.

أسباب تراجع أفلام الكوميديا الرومانسية

إلى جانب النظرة السائدة عن الكوميديا الرومانسية باعتبارها سخيفة وغير ذات قيمة، تقول جونفييف كوسكي إن هناك سببًا آخر يعود بالأساس إلى تجنب الممثلات الشهيرات الظهور فيها. فمع الوقت، اكتسبت هذه الأفلام حمولة سلبية، مما جعل الممثلين والممثلات يفكرون مليًا قبل قبول أدوار فيها.

أما الكاتبة أجا رومانو فترى أن السبب يعود لكون هذه الأفلام تعتمد على تكرار الثيمات نفسها، مما يسهّل توقع مسار الأحداث. لكنها تكشف أن أنواع الأفلام الأخرى، مثل أفلام الرعب والخيال العلمي والفانتازيا، تكرر أيضًا ثيمات بعينها، إلا أنها لم تتعرض للتجاهل ولم تُزح عن الساحة مثلما حدث مع الكوميديا الرومانسية. وتفسر رومانو الأمر بقولها إن نوعية الأفلام تلك موجهة بالخصوص إلى الرجال، ولذلك اكتسبت شرعية ثقافية متزايدة.

لكن تود فاندرويف لها رأي مغاير، إذ ترى أن أفلام الكوميديا الرومانسية لم تختف تمامًا في السنوات الأخيرة، بل حدث إدماج لثيماتها الأساسية في أنواع أخرى من الأفلام. فعلى سبيل المثال، الحبكات الرومانسية الفرعية التي يكثر تكرارها في أفلام الأبطال الخارقين مأخوذة من أفلام الكوميديا الرومانسية، إذ يكفي نزع القوى الخارقة من الحبكة ليصير الفيلم كوميديا رومانسية مألوفة.

إثنيات أكثر، شعبية أكبر

لطالما كان أغلب أبطال وبطلات أفلام الكوميديا الرومانسية الشهيرة ممثلين وممثلات بيض، لكن اتجاه استوديوهات هوليوود وشركات عرض الأفلام خلال السنوات الأخيرة سمح بإعطاء الفرصة لممثلين وممثلات من إثنيات مختلفة للعب أدوار ما كانوا ليحصلوا عليها قبلًا.

هذا ما تحقق مع فيلم Crazy Rich Asians، حسب قول غرادي. فلأول مرة نشاهد آسيويين يقعون في الحب، ما سمح بتسليط الأضواء على ممثلين وممثلات ذوي مواهب فذة، كانت استوديوهات هوليوود تهملهم. فعلى سبيل المثال، أصبحت كونستانس وو على قائمة نجوم هوليوود فقط بعد دورها في الفيلم، على الرغم من أدائها المميز طيلة خمس سنوات في مسلسل Fresh Off The Boat.

وتضيف غرادي أن إعطاء أدوار البطولة لممثلين وممثلات من إثنيات وعرقيات مهمشة سيؤدي إلى الوصول إلى مشاهدين أكثر، وسيترتب على ذلك أيضًا إبراز وجوه سينمائية كانت مُغفلة سابقًا، وفتح المجال أمامهم ليشاركوا في بطولة أفلام أخرى كانوا مُغيّبين عنها.

العناصر اللازمة لنجاح فيلم كوميديا رومانسية

أهم شيء في نظر غرادي صدق العاطفة، وهو ما نجحت الأفلام الثلاثة في إيصاله إلى المشاهدين. حققت هذه الأفلام النجاح لأنها تصور مشاعر مخلصة، وخلال مشاهدتها تتتبع أعيننا المواقف الطريفة التي تحدث بين الشخصيات الرئيسية وكيف تنتهي إلى الوقوع في الحب. نتعلق بهذه الشخصيات، ونتماهى معها، ونصدقها، ونتقلب مع تقلباتها، وهذا أهم عنصر في نجاح الكوميديا الرومانسية.

أما أجا فترى أن ما يضمن نجاح أفلام الكوميديا الرومانسية وبقاءها هو تبني كُتاب السيناريو قصص الفانتازيا الرومانسية. فهذه القصص التي يتجابه فيها الواقع والخيال، ستجعل أفلام الكوميديا الرومانسية عامرة بالعواطف، وكلما زاد عدد الكتاب الذين يؤلفون هذه القصص، تنوعت الأفلام وتميزت.

في الأخير، نقول مع نيتفلكس: «الحب هو التصبُّر، وهو الترفُّق. وقد يكون محرجًا وفوضويًّا ومضحكًا جدًا». وإن أردت أن تتأكد، انتقِ فيلمًا وشاهده.

مواضيع مشابهة