وُجدت المساجد في الكويت منذ نشأتها، وعُمرت في مختلف أرجاء المدينة وخارجها. وتشير الوثائق إلى أن أول مسجد بُني في مدينة الكويت كان مسجد ابن بحر، ويرجع تاريخ بنائه إلى العام 1670، غير أن هذا المسجد الذي يوثق تاريخ نشأة الكويت قد هُدم في ستينيات القرن الماضي، مع فورة اكتشاف النفط وما صاحبها من عمليات واسعة لإعادة تخطيط مدينة الكويت بالأساليب الحديثة.
رغم خسارة العديد من المساجد من تلك الفترة، فإننا حافظنا على عشرات المساجد التاريخية، ومنها مسجد الحداد في مدينة الكويت، والذي يعود تاريخ تأسيسه في موقعه الحالي إلى العام 1776، كما تبين اللوحة الموضوعة على مدخله.
سُمي مسجد الحداد نسبة إلى إمامه، وقد جرت العادة قديمًا أن يُسمى المسجد إما نسبة إلى أول إمام أو إلى المؤسس أو المجدد، وقد جُدد ورُمم عدة مرات آخرها في عام 2011.
يتميز مسجد الحداد ببساطة تصميمه وصغر حجمه وخلوه من الزخارف والنقوش، وتعلوه مئذنة على الطراز العثماني.
وعلى مقربة أمتار قليلة من مسجد الحداد يقع مسجد السوق الكبير، وهو من المساجد التاريخية المهمة، فقد كان المسجد الرسمي للدولة ويستضيف المناسبات والاحتفالات الدينية الرسمية، بالإضافة إلى صلاة العيد بحضور الأمير.
تأسس المسجد عام 1794، كما تشير اللوحة الموضوعة فوق أحد الأبواب الرئيسية، والمزينة بشكل بديع بمجموعة من النقوش النباتية.
جُدد المسجد في عام 1839 على يد يوسف آل صقر بمعاونة بعض محسني الهند، وهو ما يعكس العلاقة التاريخية بين الكويت والهند، والتي كانت قوافل السفن التجارية الكويتية تبحر إليها سنويًا.
يتميز المسجد بفنائه الداخلي الذي تطل عليه مجموعة من الأبواب الخشبية تقود إلى المصلى، وهذه الأبواب تقع تحت ما يعرف محليًا باسم «الليوان»، وهو عبارة عن ممر مسقوف ومفتوح بأقواس متكررة.
كما أن المسجد مزين بعناية واهتمام بأشكال مختلفة من النقوش المتكررة، مما يضفي عليه لمسات جمالية.
مع اكتشاف النفط في الكويت وتصدير أول شحنة منه في الأربعينيات، شهدت البلاد في السنوات التالية ثورة عمرانية هائلة شملت جميع المرافق، وتحول المشهد العمراني في البلاد من مشهد بسيط إلى مشهد أكثر حداثة ومواكبة لأساليب العمارة في ذلك الزمن، وشمل ذلك عمارة المساجد.
يقع مسجد الشيخة فاطمة محمد علي في ضاحية عبد الله السالم السكنية، وهو نموذج لعمارة الحداثة في الكويت، وقد افتتح في العام 1976، وما زال يعتبر من المساجد المميزة التي تحمل إبداعًا في التصميم.
صمم المسجد المعماري المصري مدحت العبد، وذلك لصالح الشيخة لطيفة فهد السالم الصباح، وعرف باسم مسجد الشيخة فاطمة نسبة إلى والدتها.
تقوم فكرة المسجد على تشييد قبة ضخمة مصنوعة من مادة الفايبر جلاس ترتفع من الأرض، لتكون بمثابة مصلى دائري الشكل.
المسجد مزين من الخارج بنقوش اسلامية بارزة مطلية بدرجات اللون الأخضر، فيما ترتفع المنارة بجانب القبة، وتحيط بكل ذلك حديقة صغيرة مزروعة بأشجار النخيل.
في منتصف السبعينيات بدأت أعمال تصميم مسجد الدولة الكبير ليكون المسجد الرسمي للكويت، واختير له موقع مميز في قلب العاصمة التجاري وعلى مقربة من قصر السيف.
أوكلت أعمال التصميم إلى المعماري العراقي الشهير د. محمد مكية، وهو من نجوم العمارة في العالم، وتتميز تصميماته المعمارية بتضمينها للإرث الفني الإسلامي بأسلوب معاصر.
تصميم المسجد مستمد من العمارة العباسية، وقد تكلف إنشاؤه قرابة 14 مليون دينار، وعمل عليه حرفيون من مختلف أنحاء العالم لتصميم وتركيب النقوش والزخارف والتكسيات، وافتتح بشكل رسمي في 1986.
تنتشر من الخارج النقوش والزخارف الاسلامية بتكرار مبسط وجميل، بينما يحمل أحد جدرانه آيات سورة النور بخط عربي بارز.
لكن في عام 2013 جرى ترميم المسجد وإدخال تعديلات على ديكورات المصلى من الداخل، مع المبالغة في التزيين واستخدام الإضاءات الحديثة بكثرة، مما جعل الشكل الداخلي للمسجد بزخارفه وألوانه المبالغ فيها متنافر ومتناقض مع تصميمه الخارجي الهادئ.
تستمر مسيرة عمارة المساجد في الكويت مع ظهور مساجد حديثة بتصاميم متجددة، كمسجد محمد جاسم السداح في ضاحية عبد الله السالم، والذي افتتح في عام 2011.
صمم المسجد المعماري الكويتي جاسم السداح، من خلال مكتبه الخاص المعروف باسم باب نمنم.
تكسو المسجد من الخارج أحجار مستمدة من شكل العمارة المملوكية، مع تغيير الألوان إلى الرمادي والبيج.
عمل السداح على توحيد النقوش، واستخدم نقوشًا دمشقية قديمة عبارة عن دوائر متكررة، ثم عمم تلك النقوش على كل أجزاء المسجد كالمنارة والقبة والأبواب والمشربيات.
يأتي مسجد مجمع الأفنيوز التجاري في مقدمة المساجد الجريئة التي لم تر النور، وهو من تصميم المعمارية العالمية زها حديد، لكن التصميم لم ير النور كحال الكثير من تصميمات الراحلة زها حديد.
يتميز تصميم المسجد بانسيابيته وابتعاده بشكل كبير عن عمارة المساجد التقليدية، وربما يذكرنا بتصميم مسجد الشيخة فاطمة، الذي كان وما زال تصميمه بعيدًا عن الشكل التقليدي للمساجد.