تقف في الشارع لوقت طويل، الازدحام خانق وتشعر أنك غير قادر على الانتظار أكثر، ودرجة الحرارة العالية جدًا قد تضطرك إلى مخالفة بعض قوانين المرور لإنقاذ وقتك، ولا تجد حلولًا حقيقية تنقذك من الموقف، إلا إذا فكرت جيدًا في حلول جديدة ووسائل نقل أخرى.
استيقظتُ باكرًا في يوم إجازة، لأشارك في رحلة نظمتها مجموعة «Kuwait Commute» التي تعمل على رفع الوعي المجتمعي حول استخدام المواصلات العامة في الكويت، وهو ما قد يُسهم في حل الازدحامات المرورية والتلوث البيئي.
لا يستخدم الكويتيون الباصات للتنقل بشكل كبير، لهذا تعمل المجموعة على تشجيعهم على استخدامها كوسيلة متاحة للنقل، بالإضافة إلى التواصل مع الجهات المختصة لتنظيم الخدمات وتطويرها.
اجتمعنا للمشي من مجمع الصالحية إلى محطة الباصات المقابلة لبرج باناسونيك، حيث عليك المرور أولًا في خط المشاة، لكنك تُفاجأ بأن أغلب أصحاب المركبات لا يحترمون حقوق المشاة، ولا يوجد تنظيم مرور حقيقي لذلك.
نصل ونشير بأيدينا للباص كي يقف، ندخل وندفع تكلفة التذكرة 250 فلسًا (82 سنتًا أمريكيًا)، وهو سعر مناسب للجميع. وبحركة سريعة ومفاجئة يتحرك الباص، دون اهتمام بالمركبات حوله.
الباص نظيف مُكيف، والكراسي جيدة، تجاورها سلتا قمامة، وبالتأكيد مقابض لليد إذا امتلأ الباص ولم تجد لك كرسيًا متاحًا. هذه ملاحظات مهمة لمن يتخوف ركوب الباصات بسبب عدم النظافة أو الإهمال، إذ يتضح من التجربة أن الحال مخالف لما يشاع.
«ستووووب وقف»، عامل بسيط يصرخ طالبًا من قائد الباص التوقف في منتصف طريق رئيسي دون وجود محطة.
هذه مشكلة أساسية في سوء تخطيط كل من هيئة النقل وإدارة المرور، إذ لا توجد خريطة توضح خط سير الباص بشكل دقيق، بحيث تذكر محطات التوقف بطريقة تفصيلية ولا يضطر الراكب إلى إيقاف الباص في منتصف الطريق. وللأسف، لا يوجد اهتمام بتوعية سائقي الباصات بخطورة ذلك.
يكمل الباص سيره بعدما أغضب بتصرفه العديد من المركبات من حوله في محاولته للمرور، إذ لا طريق مخصص له، فلا يفسح قائدو السيارات الطريق له كما لو أنه غير مرئي.
بعد 20 دقيقة تقريبًا وصلنا للمحطة، المحطة الأقرب من مجمع الأفنيوز، وهي غير مجهزة بشكل مناسب للبيئة الحارة، عبارة عن مظلة حديدية حارقة، وكرسي خشبي مهزوز غير آمن.
بعد رحلة بدت طويلة لكنها قصيرة لولا بعض العراقيل، وصلنا مرهقين متعبين. سألت فتاة ركبت معنا عن رأيها في التجربة، وهل من الممكن أن يكون باص النقل العام وسيلة تستمر في استخدامها؟ أجابت: «ربما مستقبلًا، في حال تحسنت الطرق ووُضعت خريطة في كل باص تشرح بشكل تفصيلي خط السير، لكنه مستبعد الآن».
ما أجابت به فتاة جربت الباص لمرة واحدة يكفي لحل جزء مهم من المعضلة، وربما حان الوقت لنفهم أكثر عن الشيء بتجربته. وربما تكون هذه المحاولات البسيطة من مجاميع شبابية تطوعية خطوة أولى للوصول إلى حل أزمة المرور، بتغيير ثقافة المجتمع والجهات المسؤولة.