ترجمة: مريم ناجي
«الراب» نوع من الموسيقى التي نمت شعبيتها عبر السنين. في الأصل، أسسه الأمريكيون الأفارقة، لكننا شهدنا على مدى سنوات من يغنون الراب من أعراق شتى.
في الراب، تُسرَد الكلمات غالبًا بطريقةٍ سريعة وذكية. فللذكاء جانب مهم في هذه الموسيقى. وأيضًا يلعب الإيقاع والقافية دورًا محوريًّا فيها. هناك أنواع فرعية مختلفة داخل موسيقى الراب نفسها، ونمت بسرعة أيضًا.
اللغة في الراب عنيفة غالبًا بسبب الحياة الصعبة لمغني الراب في الأحياء الفقيرة، حيث الجريمة والعنف يحدثان يوميًّا. هذه ليست قاعدة عامة، ولكنها السائدة.
إضافة إلى هذه اللغة العنيفة، تُعرَف موسيقى الراب بالسوقية، وبطبيعتها الكارهة للمرأة والمناهضة للنسوية. يشير مغنو الراب إلى النساء باستمرار على أنهن ساقطات (Bitches) وداعرات (Sluts) وعاهرات (Hoes)، مع كلماتٍ أخرى مُهينة.
الإشارة إلى النساء كأدوات جنسية طريقة شائعة في موسيقى الراب. وستلاحظ كراهيتهم للنساء بشكلٍ عام في معظم الأغاني. ستُلاحظ أيضًا كيف يتحدثون عن رجولتهم، وكيف يحاولون إثباتها خلال «مضاجعة الداعرات بأعضائهم ذات الأحجام الكبيرة».
كثيرًا ما أقدِّر أغاني الراب وأستمتع بها عندما تتحدث عن الصراعات في الحياة، والتي بدورها تصل إلى جمهورٍ أكبر. بعض الأغاني والفنانين نزيهون ويُثلجون الصدر، ومع ذلك، فإنني أزدري ذوي الأسلوب الذكوري المُعادي للمرأة. كنسوية، أجد ذلك مُهينًا ومُثيرًا للاشمئزاز إلى الحد الذي يجعلني أشعر بعدم الارتياح. هذه اللغة تشجع الآخرين على استخدام العنف ضد النساء ومعاملتهن كأغراض، أنهم يصورون النساء كباحثات عن المال والشهرة. اللغة مفتاح رئيسي في موسيقى الراب، ودائًما ما يسيء مغنو الراب استخدامها.
«إيمينيم» يظهر على الساحة
«إيمينيم» واحد من أهم مغنيي الراب المعروفين في جميع أنحاء العالم، وهو رجل أبيض في وسطٍ يُسيطر عليه السود. ومع ذلك، فقد حارب الذين شككوا فيه، وأثبت أنه «إله الراب»، كما تقول أغنيته الشهيرة.
غنائيًّا، إيمينيم عبقري وبارع وسريع، لكن، في معظم أغانيه، يمكنك أن تستشعر كراهية النساء، وهو حقًّا لا يهتم. تُعد أغنيته «Kill You» واحدةً من أكثر الأغاني الكارهة للنساء، وذات سمعة سيئة في تاريخ الراب. إنها تعزز العنف ضد المرأة بطريقة عميقة بقولها: «يا فاسقة، تعتقدين أنني لن أخنق العاهرة حتى لا تعمل أحبالها الصوتية مجددًا؟».
يفلت إيمينيم من تصريحاته بسبب كونه رجلا أبيض في مجتمع ذكوري، وبوجوده فيٍ وسط يُسيطر عليه السود، يحاول أن يثبت كراهيته للمرأة بألفاظ نابية أكثر.
في بداية الأغنية، يتحدث إيمينيم عن طفولته وأمه، وما اعتادت أن تخبره به عن والده، ثم يستمر في مهاجمتها بعد ذلك. عندما كبر أدرك أنها كانت تكذب عليه، الأمر الذي دمر علاقتهما.
من البداية نرى أنه لديه «مشكلات متعلقة بالأمومة» (Mommy Issues). إذ يظهر احتقاره لأمه واضحًا كالشمس في قوله: «اخرسي يا فاسقة. أنتِ تُسببين كثيرًا من الفوضى. فقط انحني وتقبَّلي الأمر مثل العاهرة، حسنًا يا أمي؟». علاقته المعقدة بأمه متوقَّع أن تكون مثل علاقته بنساء أخريات أيضًا.
إذا كنتَ تعتقد أنه يهتم برأيك عنه، فكر مُجددًا. إيمينيم الذي يعاني من الصدمة يرد عليك وعليَّ قائلًا: «أنا الحائز على البلاتينيوم الثلاثي. والمآسي تحدث في ولايتين، أنا اخترعت عنفًا. أنتن عاهرات منحطات وسامات ومتقلبات».
يضيف مزيدًا على مشكلاته قائلًا بفخر: «نية إجرامية تراودني لإهانة النساء مرة تلو الأخرى. إيمينيم يشعر بالإهانة؟ لا، إيمينيم هو مَن يُهين». هو يعرف أن بإمكانه الإفلات من مثل هذه التصريحات بسبب كونه رجلا أبيض في مجتمع ذكوري، حيث يُعد الرجال البيض أسمى من الآخرين. وكرجل أبيض فيٍ وسط يُسيطر عليه السود، يحاول جاهدًا أكثر من الباقين أن يثبت كراهيته للمرأة بمقاييس أكبر وألفاظ نابية أكثر.
تستمر الأغنية، ويستمر إيمينيم في الإشارة إلى امرأة ما على أنها عاهرة. هذه المرأة هي أمه، وتمثل جميع النساء. يقول: «سأقتلك يا عاهرة. لا تحاولي العبث معي. النساء أيضًا، لسن سوى داعرات بالنسبة إليَّ». النساء من وجهة نظره، مجرد ألعاب جنسية، وأشياء يستخدمها ثم يرميها، أو يقتلها بينما يواصل غناءه، «سأقتلك يا عاهرة. ومثل سلاح القتل أخفيكِ في خزانةٍ مع العفن والأوراق والوسائد وسأصورك». الجزء الأخير (سأصورك) يكشف عن طبقةٍ أخرى من عقله المزعج، ومشكلة هذا الخطاب تحديدًا أنه يحمل في طياته تطبيعًا كاملًا مع العنف ضد المرأة، واستخدامها كأداة وتطويعها، بل و«تأديبها» إذا لزم الأمر.
ما هو المقبول بالنسبة إلينا حقًّا؟
لسوء الحظ، يعد هذا النوع من كلمات الأغاني والأيديولوجيات التيار الرئيسي الذي يتحدث كثيرًا عن المجتمع الذي نعيش فيه كنساء. انتشرت هذه الموسيقى في جميع أنحاء العالم، في حين يعتقد الجيل الأصغر أنه من المقبول تجسيد النساء بمثل هذه الطريقة.
يعتقدون أنه لا مانع من إساءة معاملة النساء لفظيًّا وجسديًّا بسبب هيمنة هذا الأسلوب على جمهور الشباب. اللغة هي اللاعب الرئيسي في لعبة موسيقى الراب، ويشوهها مغنو الراب، ويستخدمونها كسلاح لقتل النساء. مغنو الراب مدركون تمامًا لقوة اللغة، لذا فهم يمضون قُدمًا وسوقية أكبر. لكن فشلوا في إدراك أن اللغة تعكس واقعهم وعقليتهم. إن استخدام لغة مناهضة للنسوية يكشف إلى أي مدى هم متزعزعون فعلًا، وأن رجولتهم هشة.
رغم ذلك، في نهاية اليوم، نفكر في كيف بإمكاننا أن نشعر بالأمان في مثل هذه البيئة الخطرة، حيث الأغلبية تصورنا، نحن النساء، كأدوات لمتعتها، أو كمستقبلات للعنف.