جوكر: مرض عصبي أم مجرد فكرة سينمائية؟

الصورة: Warner Bros.

نواري
نشر في 2019/10/07

هل كانت نوبات ضحك جوكر المتكررة مجرد إضافة لتعزيز سطوة الشخصية، أم إنها حالة اضطراب حقيقية؟

يقدم فيلم «Joker» منظورًا جديدًا لقصة شخصية «الجوكر»، ويعود إلى أصلها ضمن عالم «DC Dark»، وهو من بطولة «واكين فينيكس» و«روبرت دي نيرو» و«زازاي بيتس»، وتأليف «سكوت سيلفر» و«تود فيليبس»، الذي كان الفيلم من إخراجه أيضًا.

تعكس شخصية جوكر حالة طبية حقيقية يعاني منها ما يقارب مليوني شخص ممن تعرضوا لإصابات الدماغ (Traumatic Brain Injury) في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما هناك أكثر من سبعة ملايين آخرين لديهم أعراض توحي بإصابتهم بهذا الاضطراب.

الاسم العلمي لهذا الاضطراب هو «Pseudobulbar Affect»، أو «الوجدان البصلي الكاذب»، أو «التقلقل»، وهي حالة من عدم الثبات العاطفي، يفقد فيها المريض السيطرة على أعصابه وانفعالاته، فيبكي أو يضحك لا إراديًا  في مواقف لا تعكس حالته النفسية الحقيقية فترى المصاب يضحك في موقف لا يستدعي الضحك، أو يبكي بحرقة مع أنه لا يشعر بحزن. 

لكن السؤال الأبرز هو: ما سبب هذه النوبات العاطفية؟ وما الذي يحفزها؟

هل له علاقة بالاكتئاب؟

يحدث هذا الاضطراب عادةً كنتيجة ثانوية لإصابات الدماغ أيًا كانت (رضوض، جلطة دماغية، أمراض تآكل خلايا الدماغ مثل ألزهايمر، وما إلى ذلك)، التي بدورها قد تؤدي إلى تلف الأعصاب والتأثير في مركز التحكم بالمشاعر في الدماغ (Prefrontal Cortex + Limbic System).

عند حدوث أي موقف يسبب أقل تحفيز لمشاعر المصاب، سواء بالغضب أو الحزن أو حتى الفرح، قد يثير هذا عنده نوبات مبالغ فيها من الضحك أو البكاء بشكل مفاجئ ومتكرر، تستمر كل نوبة بضع ثوان أو دقائق قليلة ثم تنتهي.

ما يجب علينا إدراكه عند التعامل مع شخص مصاب بهذا الاضطراب هو أن تلك الحالة تنتج جراء خلل عصبي وليس نفسي، ما يعني أن المريض غير قادر على التحكم في انفعالاته إلا بالانتظام على وصفة طبية دقيقة، وهذا ما يبعث على التساؤل عما إذا كان الوجدان البصلي الكاذب (PBA) اكتئاب نفسي (Depression) أم لا.

الاكتئاب هو اعتلال عقلي يعاني فيه المريض من الحزن والمشاعر السلبية لفترات طويلة، وقد يشعر خلالها برغبة متكررة في البكاء، لهذا قد يحصل التباس في التشخيص بين الحالتين. لكن الاختلاف الأهم عند مرضى الاكتئاب هو حضور المسبب النفسي، أما اضطراب الوجدان البصلي الكاذب فليس مرتبطًا بالشعور بالحزن أو الكآبة، بل على العكس، قد تُثار نوبات البكاء دون سبب نفسي وجيه، لأن السبب الرئيسي كما ذكرنا سابقًا هو تلف في الجهاز العصبي.

يمكن تلخيص هذا كالتالي:الوجدان البصلي الكاذب قد يؤدي للاكتئاب، بينما العكس غير صحيح. وإصابة المريض بالحالتين معًا واردة، لكنها ليست شرطًا.

ماذا لو كان أحد أقاربك يعاني من هذا الاضطراب، كيف يمكنك تقديم المساعدة؟

  • حافظ على هدوئك
  • اطلب من المريض أن يهدأ ويأخذ نفسًا عميقًا
  • حاول تشتيت أفكاره (كم عدد الأرقام على الشاشة؟ كم كتابًا على الرف؟ هل خرجت اليوم؟)
  • أحيانًا، قد يوقف تحفيز الشعور المعاكس نوبة الشعور الحالي، فمثلًا لو كان يبكي، اذكر له موقفًا مضحكًا

لم يُذكر الاسم العلمي لهذه الحالة في الفيلم قط. ونظرًا لغموض شخصية جوكر وشدة تعقيدها، فالاختلاف على تحديد نوع الاضطراب الذي يعاني منه وارد جدًا، لذلك فإننا هنا لا نشخص حالة جوكر بشكل خاص، ولكن كانت الشخصية نموذجًا مثاليًا لتجسيد أعراض التقلقل. 

الهدف الرئيسي هو تأكيد حقيقة وجود مثل هذه الأمراض، والتوعية بطريقة التعامل مع المصابين بها، خصوصًا أن هذا النوع من الاضطرابات يجعل المصاب في حالة مستمرة من الحرج والتوتر الشديدين، ناهيك بقلة وعي المجتمع، وبالتالي سخرية الناس أو خوفهم منه، أو كما عبَّر عنها جوكر في الفيلم: «إن أسوأ جزء في كونك مريضًا عقليًا هو أن الناس تتوقع منك أن تتصرف وكأنك لست كذلك». 

مواضيع مشابهة