«كانت ليلة اجتمع فيها الأصدقاء وأحضروا لي عودًا هنديًّا صغيرًا وطلبوا مني الغناء، فغنيت لهم أول أغنية كنت قد تعلمتها، وهي صوت كويتي اسمه: لقد خبراني أن تيماء بمنزل».
- المغني والملحن الكويتي عبد الله الفضالة.
في بداية القرن العشرين، لم يكن العود العربي قد انتشر أو استُخدم في الكويت بصورة واسعة، وإنما في حدود ضيقة للغاية، وكان أغلب الموسيقيين الكويتيين يستعيضون عنه بآلة أخرى أطلقوا عليها اسم العود الهندي.
اندثرت هذه الآلة قديمًا، ولم تبقَ أي وثيقة تثبت وجودها أو هيئتها، عدا بعض الروايات القليلة من المطربين القدماء الذين مارسوا العزف عليها. وعلى الرغم من شُحِّ هذه المصادر والروايات، إلا أنها تتضمن بعض الإشارات المختصرة والعابرة حول حجم العود، والمواد التي تدخل في صناعته، وعدد أوتاره.
الهدف من هذا الموضوع جمع شتات المعلومات المتفرقة وترتيبها ومقارنتها مع بعضها بعضًا، في محاولة للوصول إلى تصور لهذه الآلة الموسيقية ومكوناتها، ممَّا يفتح المجال أمام الباحثين لمواصلة اقتفاء أثر هذه الآلة الغامضة، واكتشاف أصولها ووظيفتها وأثرها في الموسيقى الكويتية.
من أين أتى العود الهندي؟
لم تحدد المصادر تاريخ دخول آلة العود الهندي إلى الكويت بدقة، لكن الباحث والمؤرخ أحمد البشر الرومي، عند حديثه عن تاريخ العود في الكويت، يقول إن عبد الله الفرج هو أول من جاء بالعود إلى الكويت من الهند، وإن نوع عوده كان هنديًّا. أما الفرج، الذي تعلم الموسيقى صغيرًا في الهند، فقد عاد إلى الكويت بعد وفاة والده عام 1854 بسنوات قليلة.
عُرف هذا العود في أوساط الرواة والباحثين باسم العود الهندي نسبةً إلى البلد الذي يصنع فيه، ولكن يذكر المطرب البحريني محمد زويد أن له اسمين آخرين، هما العود البمباوي، نسبةً إلى مدينة بومباي (مومباي حاليًّا)، وعود بو رقمة، ويُقصد به العود الجلدي، لأن الجلد يدخل في صناعة هذا النوع من الأعواد.
يشير كتاب «ألف ليلة وليلة» في تضاعيفه إلى العود الهندي، ويؤكد أن العمال الهنود كانوا يصنعونه في بغداد، بالإضافة إلى أنه كان يُجلب من الهند. ومن الصعب الإقرار بأن العود الهندي الذي أُشير إليه في كتاب «ألف ليلة وليلة» هو نفسه العود الذي وصل إلى الكويت مع الفرج في أواسط القرن التاسع عشر، خصوصًا مع غياب أي إشارة تفاضِل بين العود الهندي والعربي في قصص ألف ليلة وليلة.
شكل العود الهندي
يبدو ممَّا ذكره الموسيقيون القدماء والرواة في وصف العود الهندي أنه كان يختلف كثيرًا عن العود العربي، من حيث الشكل والمواد الداخلة في صناعته، وغيرها من العناصر.
يكاد يكون هناك إجماع من الرواة حول هيئة العود الهندي بأنه كان صغير الحجم قياسًا إلى العربي، كما أشار إلى ذلك عبد الله الفضالة في العبارة الواردة في مستهل الموضوع، وأن الصندوق المصوَّت للعود، أو القصعة (الطاسة)، مدور وذو رقبة طويلة، وهذا يختلف عن العود العربي الذي يُعرف بصندوقه البيضاوي ورقبته القصيرة.
يحتوي العود الهندي على أربعة أوتار، ثلاثة منها مزدوجة والرابع مفرد.
يُصنع العود الهندي من قطعة واحدة كبيرة من خشب الساج، يُحفر جزء منها بشكل دائري ويُفرَّغ من الخشب لصناعة صندوق العود، وتُنَجَّر باقي أجزاء القطعة لصناعة الرقبة وصندوق المفاتيح. وفي النهاية تكون جميع أجزاء العود مصنوعة كقطعة واحدة، ويصبح شكله شبيهًا بالملاس (ملعقة كبيرة يُغرف بها الطعام)، كما وصفه المطرب والملحن محمود الكويتي.
بعد الانتهاء من صناعة هيكل العود، يُغطَّى صندوقه بقطعة من الجلد السميك (الرَّقْمَة)، وتُصنع فيه فتحة صغيرة تقوم مقام الوردة أو الشمسية. أما صندوق مفاتيح العود (البنجق) فتُركَّب فيه سبعة مفاتيح (ملاوي)، وتُربط الأوتار بين المفاتيح والمربط الذي يقع في نهاية صندوق العود، ثم توضع الغزالة (قطعة خشبية صغيرة) بين فتحة وجه العود والمربط من أجل رفع الأوتار عن سطح العود. وهذا مختلف تمامًا عن العود العربي الشائع، الذي يُصنع بالكامل من أنواع مختلفة من الخشب، وتُلصق القطع بعضها في بعض.
يحتوي العود الهندي على أربعة أوتار، ثلاثة منها مزدوجة والرابع مفرد. ولكل وتر اسم يميزه، فالوتر الأول (من الأسفل) اسمه «الشرار»، والثاني «المثاني»، والثالث «المثالث»، أما الرابع والأخير فهو «اليتيم» لأنه وتر مفرد، ونادرًا ما يُعزف عليه. وقد أشار إلى مصطلح «اليتيم» محمود الكويتي ومحمد زويد، اللذان عاينا هذا العود وعزفا عليه، وكذلك أشار الشاعر الكويتي فهد العسكر في قصيدة «على نغمات العود»، التي سجلها المطرب عبد اللطيف الكويتي على اسطوانة حجرية، قائلًا:
يميسُ على نغمِ اليتيمِ تدللًا وقامتهُ غصنٌ بهِ الريحُ يلعبُ
أشار المطرب القطري إدريس خيري إلى الوتر الأول باسم «الشواحي» بدلًا من «الشرار»، أما الباحث الموسيقي يوسف دوخي فقد أورد اسمًا مختلفًا للوتر الرابع هو «البام»، وقد يكون هذا المصطلح مستوحًى من اسم الوتر الرابع للعود في زمن الدولة العباسية، الذي كان «البم». كذلك ذكر دوخي مصطلح «راخي» للإشارة إلى الوتر الخامس، ويبدو أن هذا المصطلح ظهر مع انتشار العود العربي خماسي الأوتار.
بعض هذه الأوتار ورد ذكرها في عدد من الأغاني والأشعار الكويتية، مثل أوبريت «المطرب القديم» الذي قام ببطولته خالد النفيسي، وفيه يشير إلى بعضٍ من أسماء أوتار العود في الكويت قديمًا:
أنا لي حركت بالريشة الشرار ولا حركت المثاني
من سمع صوتي قال هذا مكاني
تطلبين العود أبيعه، كيف أغني دان داني
ومن أشهر من عزف على العود الهندي عبد الله الفرج والفنان الكويتي يوسف البكر، والأخير أطلق على عوده اسم «بطلوس»، ومحمود الكويتي الذي عزف عليه لمدة طويلة قبل أن يشتري عودًا عربيًّا من صانع عراقي كان له دُكَّان في ميناء البصرة، واسمه إبراهيم كُجك أو كوجك، بسعر 30 روبية (عملة الهند).
كذلك عزف على العود الهندي من البحرين محمد زويد، ومحمد بن فارس الذي تلقى عوده هديةً من عمه الشيخ جابر آل خليفة، وأطلق عليه اسم «باشة مصر». أما الفنان خالد البكر فقد صنع عودًا هنديًّا بحجم العود العربي، لذلك كان صندوقه أكبر وأعمق، وأطلق عليه اسم «أنيس الجليس».
وكما يتضح من أسماء المطربين، فإن العود الهندي كان مكرَّسًا على الأغلب لعزف موسيقى الصوت، لأن جميع من ورد ذكرهم، سواءً في الكويت أو البحرين، من مطربي الصوت.
عيوب تقنية
على ما يبدو، كان العود الهندي يشوبه كثير من العيوب التقنية التي تجعل منه آلة موسيقية غير عملية، فصوت العود كان ضعيفًا لأن صندوقه كان صغيرًا، وهذا غير متوافق مع طابع غناء الصوت، الذي يتطلب قوةً وجهارةً تتناسب مع قوة صوت المرواس، وهو الآلة الإيقاعية المستخدمة في غناء الصوت، ويفسر هذا إقدام خالد البكر على صناعة عود شبيه بالهندي لكن بحجم أكبر، ليزيد من قوة صوته.
اقرأ أيضًا: كيف طارد باحث أمريكي «فن الصوت» في الكويت؟
استمر العود الهندي منتشرًا بين الموسيقيين الكويتيين رغم رداءته، بسبب ثمنه الزهيد.
وفي ظني أن نغمة العود الهندي كانت غير مستحسَنة، وأن أوتاره لم تكن مستقرة لأن الوجه (السطحة) مصنوع من الجلد، ممَّا يعني أنه يتأثر كثيرًا بالجو تمددًا وارتخاءً، خصوصًا إذا أصبح الجو رطبًا، لذلك استبدل به عبد الله الفرج لاحقًا عودًا من نوع آخر، إذ ذكر محمود الكويتي أنه شاهد عود الفرج عند أخيه المطرب الكويتي صالح بن عبد الرزاق، وذكر أنه من النوع القديم ويختلف عن العود الهندي.
لم يذكر الكويتي ماذا يقصد بوصفه «النوع القديم»، لكن إبراهيم، الأخ الأصغر لخالد ويوسف البكر، ذكر أنه شاهد عود الفرج عند أخيه خالد، وأنه كان عودًا عربيًّا.
اندثار بعد انتشار
استمر العود الهندي منتشرًا بين الموسيقيين الكويتيين رغم رداءته، بسبب ثمنه الزهيد وسهولة الحصول عليه. كانت الحياة التجارية في الكويت آنذاك قائمةً بشكل كبير على التواصل مع مواني الهند، وكان العشرات من الكويتيين يذهبون إلى الهند يوميًّا بسفنهم الخشبية، لذلك كان من اليسير على أي تاجر أو بحار كويتي أن يقتني عودًا هنديًّا في أثناء زيارته إلى الهند.
لم ينجُ أي عود هندي ليصل إلينا اليوم، فقد هجره الكويتيون تمامًا في الثلاثينيات.
بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، بدأ العود العربي في الانتشار شيئًا فشيئًا في المجتمع الموسيقي الكويتي، وكان يُطلق عليه آنذاك اسم العود الشامي، وذلك لأن أوائل الأعواد التي وصلت إلى الكويت كانت مصنوعةً في دمشق الشام، وربما يُقصد بتسمية شامي معنى «شمالي»، بسبب أن الأعواد كانت تأتي من العراق التي تقع في شمال الكويت.
في عشرينيات القرن العشرين كان استخدام العود الهندي قد تراجع كثيرًا، ولم يستمر في العزف عليه إلا بعض الهواة أو كبار السن، حتى اختفى في العقد الثالث، بعد ستة عقود من الانتشار في الكويت، وكان آخر من عزف عليه يوسف البكر، وعلي التميمي والد الشيخ أحمد عطية الأثري.
كما أسلفت القول، لم ينجُ أي عود هندي ليصل إلينا اليوم، فقد هجره الكويتيون تمامًا في الثلاثينيات، وليست بين أيدينا أي صورة لهذه الآلة، والوثيقة الوحيدة التي يُعتدُّ بها والمتوفرة هي رسم توضيحي بسيط رسمه المطرب البحريني محمد زويد، أو رُسم تحت إشرافه وتوجيهه، وعُرض خلال لقاء له مع تليفزيون الكويت عام 1976 تقريبًا، وفي اللقاء أكد زويد أن الرسم يمثل آلة العود الهندي. ويُلاحَظ أن الرسم يطابق ما أشار إليه محمود الكويتي وغيره، بأن العود كان دائري الشكل وذا رقبة طويلة.
عود هندي أم قنبوس؟
ذهب عدد من الباحثين، منهم اليمني نزار محمد عبده غانم، والعُماني مسلم الكثيري، والفرنسي جان لامبير، إلى افتراض أن العود الهندي هو نفسه العود الذي كان سائدًا في شبه الجزيرة العربية قبل مئة عام. وهذه الآلة معروفة في اليمن إلى اليوم بأسماء مختلفة أشهرها القنبوس، بالإضافة إلى «الطرب» أو «الطربي» و«العود الصنعاني».
العود الهندي ذو صندوق دائري، في حين أن القنبوس أقرب إلى الشكل البيضاوي.
السبب الذي يدفع الباحثين إلى افتراض أن العود الهندي والقنبوس آلة واحدة هو وجود عديد من العناصر المشتركة بين الاثنين، فكلاهما يُصنع من قطعة خشبية واحدة، ويحتوي على وجه من الجلد، ويحتوي على أربعة أوتار.
ويستخدم الكويتيون إلى يومنا هذا مصطلح «إمْكَبّس» للإشارة إلى مطرب الصوت، وهي كلمة محرَّفة عن كلمة «إمْقَنْبِسْ»، أي العازف على القنبوس.
للوهلة الأولى يبدو هذا كافيًا للإشارة إلى أن العود الهندي هو القنبوس نفسه، لكن عددًا من الأدلة المهمة تنقض هذا الافتراض وتبدده، أولها أن العود الهندي ذو صندوق دائري، في حين أن القنبوس أقرب إلى الشكل البيضاوي، وثانيها أن فتحة العود أو الوردة تكون في وسط الجلد في العود الهندي، أما القنبوس فتقع في نهاية الرقبة في الجزء الخشبي من الوجه وليس الجلدي.
وقد أشار لامبير إلى عدم إمكانية صنع فتحة في الجلد، لأن الجلد لا يمكن أن يتحمل ذلك، لكن توجد دلائل تثبت وجود عدد من الآلات التي تحتوي على وجه من الجلد وبها فتحات، ومنها على سبيل المثال آلة الطنبورة الإفريقية المستخدمة في الخليج.
أجمعت كل المصادر المتوفرة دون استثناء على أن العود الهندي كان يُجلب من الهند فقط، وأن الكويتيين، على الرغم من علاقتهم الموسيقية المتينة مع الفنانين اليمنيين وتواصلهم التجاري العريق مع مواني اليمن عبر سفن التجارة قديمًا، لم يذكروا أنهم جلبوا العود الهندي من اليمن، أو أنهم شاهدوا هناك ما يشبهه.
وفي المقابل، هناك إشارة وحيدة فقط حتى الآن إلى وجود العود الهندي بجانب القنبوس في محافظة حضرموت اليمنية، إذ ذكر الباحث اليمني عبد الله صالح حداد أن المطرب اليمني القديم سلطان بن الشيخ علي كان عازفًا على القنبوس، ثم أضاف أن سلطان جلب معه عودًا هنديًّا يشبه القنبوس، وقد أوقع هذا بعض المؤرخين في خطأ أنه أول من أدخل القنبوس إلى حضرموت، وذكر حداد أن هذا خطأ شائع. ويعزز هذا أن العود الهندي لم يكن معروفًا فقط في البحرين والكويت، وإنما كما يبدو كان موجودًا في اليمن، وفي غيرها من البلدان كما يُفترض.
لذلك يبدو أن أكبر معضلة هنا هي إثبات أن القنبوس كان يُصنَّع في الهند بشكل تجاري وبأعداد كبيرة لتصديره إلى الكويت تحت اسم العود الهندي، ولا يوجد ما يثبت هذه الفرضية حتى الآن.
أما وجود مصطلح «إمْكَبّس» عند مطربي الكويت حتى اليوم فهذا يبدو أنه يعود إلى تقاليد قديمة، عندما كان القنبوس منتشرًا في مناطق مختلفة من الجزيرة العربية. فبالإضافة إلى اليمن، كان القنبوس سائدًا كذلك في منطقة الحجاز حتى العقد الأول من القرن العشرين. وتحتوي تسجيلات القنصلية الهولندية، التي تمت بين عامي 1906 و1909 في مكة، على أكثر من مئة أغنية، سواءً من النوع الحجازي أو اليماني أو المصري، وجميعها مسجلة على القنبوس فقط، ولم يثبت أن العود العربي استُخدِم في هذه التسجيلات المكية.
في سلطنة عُمان، يذكر مغني الصوت وعازف العود سالم راشد الصوري أنه تعلم العزف في بدايته مع الموسيقى على عود يماني ذي وجه جلدي، أي القنبوس، الذي يبدو أنه كان يسمى اليماني في عمان. ويظهر مصطلح القنبوس بعيدًا في ماليزيا وسنغافورة وغيرها من دول تلك المنطقة، وهناك يطلقون اسم كمبوس (Gambus) أو «كمبوس حجاز» على عديد من الآلات الوترية، سواءً كانت عودًا عربيًّا أو غيره.
لذلك استخدم الكويتيون على ما يبدو مصطلح «إمْكَبّس»، بسبب انتشاره في الجزيرة العربية كمصطلح يشير إلى العازف على الآلة الوترية، سواءً قنبوس أو عود عربي، وذلك في القرن التاسع عشر.
ومثل هذا نجده اليوم عند الإندونيسيين وفي عدد من بلدان المنطقة، الذين يطلقون اسم كمبوس على أي آلة وترية لديهم، سواءً كانت عودًا عربيًّا أو غيرها، ومَرَدُّ ذلك أن اسم الكمبوس بالنسبة إليهم يعبر عن الآلة الوترية بشكل عام وليس العود فقط.
وربما يكون القنبوس قد استُخدم في فترةٍ ما في الكويت، لكن لا يوجد ما يثبت ذلك إلى الآن. وعلى الرغم من أن الكويتيين كانوا يطلقون اسم «إمْكَبّس» على مطرب الصوت، كما ذكرتُ سابقًا، إلا أنهم لم يطلقوا اسم كَبُّوس أو قَنْبوس على العود الهندي أو سواه.
تشير المصادر إلى وجود آلة وحيدة مطابقة لمواصفات العود الهندي، موجودة في متحف متروبوليتان في الولايات المتحدة الأمريكية، جُلبت من زنجبار عام 1889 وأُطلق عليها اسم كويترة. شكل صندوق الكويترة مدور ومحفور، وهي ذات رقبة طويلة ورباعية الأوتار، وبها فتحة في الجلد، وتُربط الأوتار في نهاية صندوق العود. وقد تكون هذه الآلة معروفة في زنجبار آنذاك باسم كويترة، وفي الكويت باسم عود هندي.
يجب البحث بدقة عن العود الهندي عن طريق دراسة الأشكال والمكونات الخاصة به.
يبدو أن الغموض يكتنف العود الهندي وشكله، لكن توجد إشارة كويتية يتيمة قد تساعد في البحث عن أصل هذه الآلة، فقد ذكر المطرب داوود الكويتي أن خاله، ويُدعى رحمين حبوشة، كان تاجرًا مقيمًا في الهند، ولمَّا علم بتعلق داوود بالموسيقى أرسل له آلة مندولين من هناك، وكان ذلك عام 1918 تقريبًا. وربما يشير داوود هنا إلى ما أطلق عليه زملاؤه من فناني الكويت اسم العود الهندي، وربما تكون الإشارة كذلك إلى آلة هندية من فصيلة الماندولين أو شبيهة بها.
لذلك أعتقد أن محاولة اقتفاء أثر هذه الآلة يبدأ من هنا، دون إهمال العلاقة المحتملة مع القنبوس، وإن كانت متعارضة مع ما ذكره الفنانون والرواة. لذا فإننا نعوِّل على البحوث المستقبلية التي ربما تصل إلى الكشف عن هذه الآلة الموسيقية في الهند، مع مراعاة وجود العديد من المعوقات، مثل اختفائها التام من الكويت والمنطقة، وافتراض أن العود الهندي لم يحمل اسم عود في الهند وإنما اسمًا هنديًّا آخر، وأن أماكن تصنيعه وبيعه قريبه من المواني التي كان يزورها الكويتيون لغرض التجارة والعمل.
يجب البحث بدقة عن هذه الآلة عن طريق دراسة الأشكال والمكونات الخاصة بها، ويجب أن يشمل البحث الآلات القديمة التي كانت سائدة قبل مئة عام هناك، لأنه من المحتمل أن تكون الآلة قد اختفت حاليًّا في موطنها أيضًا.