في مقالها المنشور على صحيفة «The Atlantic»، تتحدث «أولغا خازان» عن تجربتها حين قررت أن تؤلف كتابًا، إذ وعدت بعض أصدقائها في نيويورك بأن تؤلفه في القريب العاجل، وتصف حيرتها وترددها في البداية، فمنذ ذلك الحين، كانت تنادي أمها تارة مبتهجة، وتارة أخرى باكية، وفكرت في تغيير تعريفها الشخصي على تويتر ثم غيرت رأيها، وفكرت في مراسلة كل أصدقائها السابقين ومعلميها لإخبارهم بأنها كانت محتالة، لكنها غيرت رأيها أيضًا.
بحثت أولغا بحثًا مكثفًا عن ثلاث تقنيات كتابة مختلفة، لتكتشف بعد ذلك أنها تفضل التقنية القديمة التي سبق وأن جربتها. واشترت أنواعًا متعددة ومختلفة من الأقلام الألمانية الخاصة، لكنها اكتشفت أنها تفضل قلمها البسيط الذي اعتادته.
تبقت لها مهمة واحدة فقط: الكتابة.
«اكتب بسرعة، ونقّح ببطء»
أوشكت أولغا خازان أن تفقد عقلها، لذا استشارت بعض الخبراء لمعرفة كيف يمكن أن تنجز مشروعات ضخمة وطويلة الأجل خلال وقت محدد دون أدنى مساعدة من طبيب نفسي.
تواصلت مع «لورا فاندركام»، التي ألفت كتبًا عديدة معظمها عن فن الإنجاز، والتي تُصدر كتابًا كل 18 شهرًا أو سنتين، لكنها تنتهي من أغلب الكتابة في 6 أشهر، وبعد ذلك تحرر الكتاب وتنقحه. وبين هذا وذاك، تدون وتسجل وتتحدث وتسافر، ولديها 4 أطفال في سن 11 و8 و6 و3 سنوات.
تقول لورا إن حياتها المنزلية ساعدتها على أن تبقى منتجة، فليس لديها سوى العناية بأطفالها خلال ساعات محددة.
النصيحة التي تمنحها للكُتاب بحسب ما تذكر أولغا هي: «اكتب بسرعة، ونقِّح ببطء»، فهي تكتب فصلًا كل أسبوع، تكتب معظم الفصل يومي الإثنين والثلاثاء، وهذا يعني أنها تكتب 4 آلاف كلمة في اليوم، ثم تخصص يومي الأربعاء والخميس للتنقيح، والجمعة يوم الاستدراك في حال أخفقت في تحقيق هدفها السابق، فالمفتاح إذًا هو أن تكتب مُسوَّدة أولية رديئة ثم تعتني بإعادة كتابتها عناية إضافية.
لماذا الكُتاب هم أسوأ المسوفين؟
وجدت أولغا خازان أن هذا مطمئن، فالجمل البشعة التي تراها على شاشتها ليست كتابها الحقيقي، بل جنين كتابها الصغير، أما طفل كلماتها الجميل فلن يظهر قبل شهور من الآن.
ما الذي يجب ألا تفعله؟ تقول لورا: «لا تنتظر حتى آخر دقيقة»، فحين تنتهي مبكرًا، خذ راحة من عملك حتى تعود إليه بنظرة جديدة.
استشارت كاتبة المقال «جوزيف فيراري»، الأخصائي النفسي في جامعة ديبول، فأكد لها أنه «لا يمكنك تأجيل الأشياء على أي حال، فمعظم الناس متباطئون لحظيون، وهؤلاء المماطلون المزمنون يشكلون 20% من الناس فقط، والطريقة الوحيدة لمساعدتهم هي العلاج».
من الأفضل قياس تقدمك في المشروعات الضخمة بناءً على الأهداف الفرعية الصغيرة.
لا تعلم أولغا إن كانت ضمن هؤلاء الـ20% أم لا، لكن يبدو أنها ستعمل على تسويف الحصول على علاج مضاد للتسويف، مثله مثل التنظيف. ففي دراسة أجراها فيراري، اتضح أن مستوى فوضوية الفرد ينبئ عن ميله إلى التسويف.
بحسب المقال، كل ما يتطلبه الأمر هو البدء في العمل وتحقيق بعض الانتصارات الصغيرة.
وجدت دراسة أجرتها «ليندا هاوسر ماركو»، أخصائية البحث النفسي في مؤسسة أبحاث «جونسون أوكونور»، أنه من الأفضل قياس تقدمك في المشروعات الضخمة بناءً على الأهداف الفرعية الصغيرة التدريجية، سواءً كانت فصلًا من كتاب أو جزءًا صغيرًا من أطروحتك، لا من خلال الهدف الأكبر. تقول ليندا: «قد يمنحك الهدف الأكبر معنى أكبر، لكن الهدف الصغير أفضل حين يكون لديك انتكاسات أو حين لا تحرز تقدمًا كبيرًا».
تنوه كاتبة المقال أيضًا إلى قيمة الوصول للأهداف الصغيرة، فتنصح قائلة: «أخفض الكمية التي تحتاج إلى إنجازها كثيرًا»، ويمكنك حتى أن تخبر نفسك أن كل ما يتوجب عليك فعله هو كتابة مئة كلمة، لكن في نهاية المطاف، افعل ذلك 800 مرة».
بالحديث مع لورا فاندركام، الكاتبة الأكثر مبيعًا، شعرت أولغا خازان بأنها ذكية وقادرة، وتوقفت عن فقدان عقلها خلال الكتابة.