بدأ شكل السينما يتغير في نهاية تسعينيات القرن الماضي، ظهر جيل جديد خطف الأضواء من الأبطال الكبار. كانت ضربة البداية التي يعرفها معظمنا من «إسماعيلية رايح جاي» 1997 بطولة محمد هنيدي، ثم «عبود على الحدود» 1999 وبعده «الناظر» 2000 بطولة علاء ولي الدين، وظهور الوجوه الجديدة كريم عبد العزيز وأحمد حلمي ومحمد سعد «اللمبي»، وظهر هاني رمزي وأحمد السقا مع «صعيدي في الجامعة الأمريكية» 1998، ومن هنا بدأت الموجة الشبابية الجديدة وقتها، واستمرت حتى اعتلت عرش السينما مع بداية الألفينيات.
كان هنيدي الأب الروحي لتلك المرحلة، خصوصًا مع رحيل المبكر لرفيق الدرب والبدايات علاء ولي الدين. قدم هذا الجيل شكلًا جديدًا للضحك، وانتفاضة للسينما عامة والكوميديا بشكل خاص.
هنيدي بعد «إسماعيلية رايح جاي»، ومع تحقيق نجاح باهر من الناحية المادية والجماهيرية والنقدية، استمر هنيدي مع نفس الفريق (مدحت العدل وسعيد حامد) في «همام في أمستردام» 1999، ثم المخرج نادر جلال بدلًا من حامد، ليقدم هنيدي فيلم «بلية ودماغه العالية» 2000، وفي نفس العام مع عادل إمام فيلم «هاللو أمريكا»، الذي لم ينجح في مجاراة ما يحدث من ثورة كوميدية شبابية.
في ذلك الوقت كان سعيد حامد يقدم تجربة جديدة مع أحمد السقا بعد نجاحه في «همام»، البطولة الأولى للسقا في «شورت وفانلة وكاب».
حافظ هنيدي على صدارة الإيرادات، وبدأت أرقامه ترتفع بصورة كبيرة، في فترة شهدت نجاحًا لم تره السينما من قبل. تقاسم المركز الأول بجانب هنيدي رفيقه علاء ولي الدين، بالفيلم الأهم في تلك المرحلة «الناظر»، الذي جاء بعد نجاح كبير لـ«عبود على الحدود» 1999.
«الناظر» كان البطولة الأولى لعلاء، وبداية دخول شريف عرفة للعمل مع هذا الجيل، وكان كذلك أولى تجارب السيناريست أحمد عبد الله، الذي سيصير أحد أهم الأضلاع في المرحلة الجديدة للكوميديا.
2001: عام الانطلاق
من هنا تكوَّن شكل السينما الجديدة، وبدأ الاهتمام التجاري والإعلامي بالسينما.
كان الفيلم الثاني لهاني رمزي جواز بقرار جمهوري، في آخر عام 2001، وبدأ فيه اللعب مع السياسة بشكل لطيف ومحبب للدولة.
في عام 2001، لم يتمكن الثلاثي علاء ولي الدين وشريف عرفة وأحمد عبد الله من تقديم فيلم بنفس قوة «الناظر»، فكان «ابن عز»، الذي لم يلقَ النجاح المنتظر من علاء، خصوصًا بعد إثبات أنه كوميديان من الدرجة الأولى.
أما أحمد السقا فكان يقدم كوميديا ممزوجة بالأكشن، معتمدًا على أحمد عيد، الذي نجح في إثبات نفسه بدايةً من دور صديق هنيدي في «همام في أمستردام»، فكان صديق السقا في «شورت وفانلة وكاب»، ثم قدم معه «أفريكانو»، التجربة الأولى للمخرج عمرو عرفة.
كانت هذه هي التجربة الثانية لمحمد أمين ككاتب سيناريو وحوار، فقدم في عام 2000 «فيلم ثقافي»، مؤلفًا وسيناريستًا ومخرجًا، وهو أحد الأفلام المهمة في تلك الفترة، وربما لم يحصد نجاحًا عظيمًا وقتها، لكنه حصل على تقييم عادل لاحقًا، وكان بداية الثلاثي أحمد عيد وأحمد رزق وفتحي عبد الوهاب، والظهور الأول لروبي.
استمر محمد أمين في تقديم سيناريوهات أفلام كوميدية، فكتب لهنيدي «جاءنا البيان التالي» 2001، وفيه عاد هنيدي إلى سعيد حامد، ونجح في البقاء على القمة خصوصًا مع فشل فيلم علاء ولي الدين. وفي العام نفسه قدم سعيد فيلم «رشة جريئة» مع أشرف عبد الباقي وياسمين عبد العزيز.
في 2001 كذلك كان ظهور هاني رمزي لأول مرة كبطل، إذ قدم فيلمين في نفس العام: «صعيدي رايح جاي» الذي لعب فيه على نجاح فكرة الصعيدي بعد نجاح «صعيدي في الجامعة الأمريكية». الفيلم من إخراج محمد النجار، الذي قدم في نفس العام فيلم «رحلة حب» لمحمد فؤاد وأحمد حلمي، وهو الظهور الأول والأخير لنادين قبل اعتزالها.
الفيلم الثاني لهاني رمزي كان «جواز بقرار جمهوري»، الذي بدأ يقدم فيه السياسة بشكل لطيف ومحبب إلى الدولة. الفيلم كتابة محسن الجلاد، وهو التجربة الإخراجية الأولى لخالد يوسف، بالطبع إلى جانب «العاصفة» في نفس العام.
قدم أحمد حلمي تجربة البطولة الأولى مناصفةً مع محمد سعد في فيلم «55 إسعاف» في 2001 أيضًا، وشارك في فيلم «السلم والثعبان» مع طارق العريان في تجربته الثالثة إخراجيًّا، بعد «الإمبراطور» و«الباشا» مع أحمد زكي.
2002: عام اللمبي
قد يهمك أيضًا: الشيخوخة تنشر عرش الزعيم عادل إمام
أعاد محمد سعد تقديم شخصيته في فيلم «الناظر» مع أحمد عبد الله مؤلفًا، في التجربة الإخراجية الأولى لوائل إحسان، بمشاركة الثنائي عبلة كامل وحسن حسني.
يحكي هنيدي في برنامج «صاحبة السعادة» أنه في عام اللمبي كانت الصدمة في نزول هنيدي من رقم واحد في قائمة الإيرادات لصالح سعد. كان هنيدي يقدم «صاحب صاحبه» مع صديقه أشرف عبد الباقي، والرفيق سعيد حامد والمؤلف ماهر عواد. كانت المرة الأولى لهنيدي، وكان ذلك تهديدًا قويًّا لكل الجيل: لا أحد سينفرد بالقمة كما كان يحدث سابقًا.
قدم أحمد عبد الله فيلم «ميدو مشاكل»، أول بطولة لأحمد حلمي، بعد ملاحظته نجاح محمد سعد.
ظهرت أسماء جديدة أخرى على الساحة في عام اللمبي، كالتجربة الأولى للمخرج محمد ياسين مع وحيد حامد في فيلم «محامي خلع» مع هاني رمزي. شق رمزي طريق البطولة بقوة ونجاح، وظهر ثنائي كان في بداية مشواره الفني كذلك: المخرجة ساندرا نشأت والمؤلف بلال فضل بفيلم «حرامية في كي جي تو»، واتجه السقا إلى الأكشن مع شريف عرفة وفيلم «مافيا».
2003: اللي بالي بالك وسهر الليالي
استمر محمد سعد ووائل إحسان على قمة الإيرادات بفيلم «اللي بالي بالك»، هذه المرة مع سيناريو نادر صلاح الدين وسامح سر الختم، وتقديم محمد سعد شخصيتي اللمبي ورياض المنفلوطي.
رد هنيدي بقوة بعد عمل بعض التعديلات، فعقب نجاح «اللمبي» استعان بأحمد عبد الله، وبعد نجاح «محامي خلع» استعان بالمخرج محمد ياسين، ليقدم لنا فيلم «عسكر في المعسكر».
قدم عبد الله كذلك أول بطولة لأحمد حلمي بعد نجاح محمد سعد، فكان «ميدو مشاكل»، الظهور الأول والأخير لشيرين عبد الوهاب في السينما، وكان التعاون الثاني بين حلمي والمخرج محمد النجار بعد «رحلة حب».
كما استثمر سعد نجاح «اللمبي»، استثمر كريم عبد العزيز وساندرا نشأت نجاح «حرامية في كي جي تو» وقدما «حرامية في تايلاند»، تأليف نبيل أمين في تجربته الوحيدة للسينما.
حاول مدحت العدل وسعيد حامد تقديم تجربة جديدة كما فعلا مع هنيدي، فظهر «إوعى وشك» بطولة أحمد عيد وأحمد رزق، بعد نجاح الاثنين في «فيلم ثقافي».
مع مرحلة ازدهار السينما ونجاح الشباب، كانت المغامرة المحسوبة من الشركة العربية للإنتاج والتوزيع تحت إدارة إسعاد يونس، في تقديم تجربة جديدة وجريئة على تلك الفترة مع كاتب ومخرج يعملان للمرة الأولى في السينما، في فيلم اجتماعي بطولة جماعية، فكان «سهر الليالي» صدمة قوية وقتها.
قدمت إسعاد في نفس العام فيلم «عايز حقي» لهاني رمزي في عودة إلى الأفلام السياسية المحببة للدولة، وهي التجربة الأولى للمخرج أحمد نادر جلال، وسيناريو وحوار طارق عبد الجليل.
واستمر عادل إمام في محاولة البقاء على الساحة، ونجح نسبيًّا بفيلم «التجربة الدنماركية» مع يوسف معاطي والمخرج علي إدريس.
2004: عام الاستقرار
استمر محمد سعد على قمة الإيرادات بتقديم مزيد من الأدوار الغريبة في «عوكل».
في ذلك العام كان الاستقرار، الكل عرف من أين تؤكل الكتف، والجمهور لم يصل إلى درجة الملل من ما يقدمه كل فنان على حدة، فعادل إمام استمر مع الثنائي علي إدريس ويوسف معاطي بعد نجاح «التجربة الدنماركية»، ليحاول حجز مكان ولو صغير وسط هذا الطوفان الجديد.
كان 2004 عام الانطلاق لهاني رمزي في فيلمه الأهم «غبي منه فيه»، مع السيناريست الأهم في تلك الفترة وصاحب صكوك نجاح الانطلاقات الأولى المهمة، أحمد عبدالله، والمخرج رامي إمام الذي استغنى عنه والده وقتها.
في العام نفسه كذلك كان «الباشا تلميذ» لكريم عبد العزيز، الذي عاد فيه إلى بلال فضل وتعامل لأول مرة مع وائل إحسان، لينجح الفيلمان ويصبحان من أهم أفلام رمزي وكريم.
تميز العام كذلك بالظهور الأول للكوميديا النسائية في فيلم «خالتي فرنسا» لمنى زكي وعبلة كامل، من إخراج علي رجب وكتابة بلال فضل.
استمر محمد سعد في تقديم شخصياته الغريبة في فيلم «عوكل»، لكن مع المخرج محمد النجار، واستمر في التربُّع على قمة الإيرادات، فيما قدم أحمد حلمي فيلمه الثاني «صايع بحر»، وهو التعاون الأول مع بلال فضل والمخرج الجديد علي رجب.
كان هنيدي لا يزال يقدم كوميديا جديدة متماشية مع إفيهاته البسيطة والتلقائية في «فول الصين العظيم»، مع أحمد عبد الله المسيطر في تلك الفترة، وقصة وإخراج شريف عرفة في أول تعاون معه.
اقرأ أيضًا: شارلي شابلن: الصعلوك الذي وضع قواعد السينما ثم كسرها
2005: القرموطي يعود.. مكي يفرض وجوده
بعد عدة تجارب ضعيفة كوميديًّا وفنيًّا، لا يجد أحمد آدم سوى الرجوع إلى شخصيته المفضلة «القرموطي»، التي قدمها في تسعينيات القرن الماضي في مسلسلي «سر الأرض» و«القرموطي في مهمة سرية»، فعاد بفيلم «معلش إحنا بنتبهدل» مع يوسف معاطي وشريف مندور، الذي صار أحد أهم الأفلام الكوميدية في تلك الفترة، ومن أهم محطات آدم الفنية في المطلق.
وعلى نفس شاكلة الكوميديا السياسية عن العراق، قدم أحمد عيد فيلم «ليلة سقوط بغداد» مع محمد أمين كتابةً وإخراجًا.
عاد كريم عبد العزيز إلى بلال فضل وقدما «أبو علي» من إخراج أحمد نادر جلال، ونجح الفيلم في وضع كريم كنجم كوميدي من الطراز الأول.
ومن أبو علي إلى أبو العربي وفيلم «السيد أبو العربي وصل»، الذي رجع فيه هاني إلى طارق عبد الجليل، وتعاون مع مدير التصوير محسن أحمد كمخرج، في إحدى الأعمال القليلة التي أخرجها.
استمر يوسف معاطي كاتبًا مفضلًا لعادل إمام، وقدما في 2005 المخرج الصاعد وقتها عمرو عرفة في الكوميديا السياسية «السفارة في العمارة»، وهو ثالث فيلم من ذلك النوع في نفس العام.
لم ينجح «الحاسة السابعة» تجاريًّا، فلم يكن الجمهور مستعدًا لتقبل شكل جديد للكوميديا، لكن الفيلم كان بداية لجيل جديد قادم بقوة.
بدأ حلمي ينافس هنيدي، «زكي شان» أظهر ملامح حلمي الكوميدية، خصوصًا بالتعاون مع المخرج وائل إحسان والمؤلف محمد فضل في أول تجاربه.
في نفس العام قدم هنيدي «يا أنا يا خالتي»، كرد على منافسه محمد سعد، خصوصًا في فكرة تقمص شخصيات أخرى. تعاون هنيدي في الفيلم مع الرفيق سعيد حامد، وما زال مستمرًا مع أحمد عبد الله في الكتابة.
وكالمعتاد منذ «اللمبي»، تربع سعد على عرش الإيرادات بفيلم «بوحة»، الذي عاد فيه إلى نادر صلاح الدين كاتب فيلمه «اللي بالي بالك»، وتعاون لأول مع رامي إمام.
كان جديد الكوميديا هذا العام فيلم «الحاسة السابعة»، بطولة أحمد الفيشاوي وإخراج وكتابة أحمد مكي، بعد نجاح الفيشاوي في مسلسل «عفاريت السيالة»، وبعد تقديم مكي عدة أدوار صغيرة، فكر في إعادة إنتاج فيلم قصير كان قد أخرجه من قبل.
لم ينجح الفيلم تجاريًّا، فلم يكن الجمهور مستعدًّا لتقبل شكل جديد للكوميديا، في ظل وجود هنيدي ومحمد سعد، لكن «الحاسة السابعة» كان بداية جيل جديد قادم بقوة لتغيير شكل الكوميديا كما فعلها هنيدي وعلاء من قبل.
قد يهمك أيضًا: فلسفة النكتة: كيف يضحك السعوديون؟
2006 - 2007: النهاية الجميلة
كان 2006 عام تنصيب أحمد حلمي زعيمًا للكوميديا بعد تقديمه ثلاثة أفلام في سنة واحدة: «جعلتني مجرمًا» و«ظرف طارق» و«مطب صناعي».
حقق هذا الجيل فارقًا في شكل الكوميديا المصرية، كان هنيدي ذكيًّا بكا يكفي كي ينتقي الناجحين من السوق ويتعاون معهم، فعمل لأول مرة مع بلال فضل في «وش إجرام»، وأيمن بهجت قمر في «عندليب الدقي»، والاثنان من إخراج وائل إحسان في أول تعاون بينهما.
استمر كريم عبد العزيز في تقديم ذلك المزج الجميل بين الأكشن البسيط والكوميديا، مع الثنائي بلال فضل وأحمد نادر جلال، فكانت الثلاثية «في محطة مصر» و«واحد من الناس» و«خارج على القانون».
بدأ كريم يخرج تدريجيًّا من الكوميديا إلى الأفلام الجادة المليئة بالأكشن، ودخل أحمد عز لينافسه في هذا الشكل، بدايةً من «ملاكي إسكندرية» ثم «الرهينة»، الذي يعتبر من أحلى الأفلام الكوميدية في تلك الفترة، والاثنان من إخراج ساندرا نشأت.
كانت تلك الفترة مناسبة أيضا لتنصيب أحمد حلمي زعيمًا للكوميديا بعد تقديمه ثلاثة أفلام في سنة واحدة: «جعلتني مجرمًا» و«ظرف طارق» و«مطب صناعي»، الأخيران مع وائل إحسان، و«جعلتني مجرمًا» مع عمرو عرفة. وتعاون حلمي مع ثلاثة كتاب مختلفين، هم على التوالي نادر صلاح الدين، ومحمد فضل، وطارق الأمير، ثم قدم «كده رضا» ليكمل تألقه وأحقيته في الوصول إلى القمة.
يبقى ذكاء عادل إمام هو المحرك الأساسي لنجاحاته الفنية، فكيف واجه «الزعيم» كل هذه الثورة الكوميدية؟ بالطبع بفيلم «عمارة يعقوبيان»، فيلم يشارك فيه كل النجوم الكبار، فيلم ينجح قبل أن يُعرض في السينما، وبالطبع يكون عادل إمام البطل ويقدم دورًا بعيدًا عن الكوميدية المعروفة عنه، وينجح في ما كان يحلم به، يعود إلى التربع على عرش الإيرادات.
أكمل إمام الطريق ذاته في العالم التالي بتقديم «مرجان أحمد مرجان» مع العودة إلى يوسف معاطي، ثم «حسن ومرقص» مع النجم عمر الشريف والعودة إلى ابنه رامي.
2008 - 2010: الجيل الجديد
قدم حلمي «آسف على الإزعاج» و«ألف مبروك» و«عسل أسود» و«بليل حيران»، وهي تجارب كان فيها شكل كوميدي جديد، وتعاون فيها مع المخرج الصاعد وقتها خالد مرعي، وفي الكتابة مع الشقيقين خالد ومحمد دياب، باستثناء «آسف على الإزعاج» الذي كتبه أيمن بهجت قمر. أخرج أحمد نادر جلال «ألف مبروك»، حدث التعاون الأول بين حلمي وشريف عرفة في فيلم «إكس لارج»، الذي عُرض بعد أحداث ثورة 25 يناير.
بدا حلمي أكثر تماسكًا من الكبار، مثل هنيدي ومحمد سعد، أمام الموجة الكوميدية الجديدة. صار أبطال الكوميديا الشبابية الآن كبارًا، وانطلق من عام 2008 أحمد مكي بفيلم «H دبووور»، مستلهمًا شخصيته في فيلم عادل إمام «مرجان أحمد مرجان»، وانطلق الثلاثي أحمد فهمي وهشام ماجد وشيكو بفيلم «ورقة شفرة».
ظهرت الكوميديا النسائية مجددًا عام 2008 في فيلم «الدادة دودي» لياسمين عبد العزيز، واستمرت ياسمين في الحفاظ على مكانها في عالم الكوميديا في فيلم «الثلاثة يشتغلونها» عام 2010.
لجأ نجوم الكوميديا الكبار لطرق أخرى للحفاظ على نجوميتهم، مثل المسلسلات والبرامج والإذاعة، منهم من نجح ومنهم من فشل.
كان محمد سعد في ذلك الوقت لا زال يمشي وراء أطياف شخصية اللمبي، فقدم «بوشكاش» و«اللمبي 8 جيجا» و«تك تك بوم» و«تتح»، وكلها أفلام لم تنجح جماهيريًّا ونقديًّا.
كان هنيدي يحاول تغيير جلده لكنه فشل، بدايةً من الاستعانة بيوسف معاطي في عدة تجارب متتالية، لم تضف أي شيء إلى رصيده الكوميدي، وحتى بعد الاستعانة بعمر طاهر في «يوم مالوش لازمة»، وأيمن بهجت قمر في الفيلم الأخير «عنتر ابن ابن ابن ابن شداد».
مع إخفاق أصحاب الكوميديا الكبار، واتجاه بعضهم إلى الأكشن أكثر، وضياع هاني رمزي في أعمال لا تقل هبوطًا عن «أفلام المقاولات»، كان الجيل الجديد يقدم ما يستحق المشاهدة، كوميديا جديدة، أحمد مكي يقدم «طير أنت» و«لا تراجع ولا استسلام»، والثلاثي يقدم «سمير وشهير وبهير» ثم «الحرب العالمية الثالثة».
بالطبع لا يغفل أحد تأثير الأحداث الثورية في صناعة السينما عمومًا، والكوميديا بشكل خاص، بجانب سيطرة أفلام السبكي على الساحة الفنية بشكل أكبر، خصوصًا مع ظهور أفلام محمد رمضان.
لجأ النجوم الكبار إلى طرق أخرى للحفاظ على نجوميتهم، مثل المسلسلات والبرامج والإذاعة، منهم من نجح ومنهم من فشل، فأشرف عبد الباقي نجح كمقدم برامج، بينما فشل محمد سعد، فهرب إلى الأدوار الجادة كشخصيته في فيلم «الكنز»، ونجح هنيدي في الإذاعة والمسلسلات والكارتون.
اقرأ أيضًا: أسطورة محمد سعد: محاولات السيطرة على «شبح» اللمبي
نجح هنيدي أيضًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وحافظ على وجوده بالتعليق على الأحداث الجارية، خصوصًا ما يتيح له استخدام الكوميديا، ولعلك ترى عند بمتابعة هنيدي على السوشيال ميديا أنه يستخدم إفيهات وصور ومقاطع فيديو من أفلامه الأولى (1997 - 2007)، ويعلق مستخدمًا لقطات من أفلامه الجديدة، لأنه يعي أنها لم تنجح ولم تترك أثرًا على الجمهور.
أكثر شيء يوضح حنين هنيدي إلى تلك الفترة واستغلالها حتى النهاية، مع محاولة تقديم جديد يُضاف إلى تاريخه، هو بدئه تقديم جزء ثانٍ من «صعيدي في الجامعة الأمريكية» مع مجموعة فنانين كبار. قد يكون الفيلم ضربة البداية، ليس فقط لهنيدي ولا المشاركين فيه، بل ضربة البداية الحقيقة لجيل بأكمله ما زال موجودًا، لكنه لم يستطع تغيير جلده وتقديم ما يليق بالفترة الحالية من كوميديا.
حتى الجيل الجديد الذي يمثله مكي والثلاثي فهمي وماجد وشيكو كان عمره قصيرًا، ففيلمي مكي الأخيرين فشلا في تقديم شيء يليق بنجاحاته السابقة، ولم ينجح مسلسله «خلصانة بشياكة»، الذي قدمه مع هشام ماجد وشيكو، بعد انفصالهما عن فهمي، ليبدأ الجميع مرحلة السقوط مبكرًا، بعد تقديمهم أفلامًا كوميدية مهمة للغاية في تاريخ السينما العربية، بجانب المسلسل الكوميدي الأهم في الفترة الأخيرة «الرجل العناب».
عاش جيل هنيدي 10 سنوات فنيًّا، ثم ظهر جيل جديد واعد لكنه بدأ في السقوط مبكرًا. ربما تكون فترة هبوط بسيطة يعقبها نهوض مجددًا، وما زلنا ننتظر رجوع هنيدي ومحمد سعد وأحمد حلمي لتقديم كوميديا تليق بتاريخهم الفني.