هل يتغير دماغ الرجل.. عندما يصبح أبًا؟

نشر في 2024/08/26

تصميم: منشور 

هل صحيح أن دماغ الرجل يتغير عندما يصبح أبًا؟.. سؤال تم طرحه كثيرًا، وفي سعيهم للبحث عن إجابات علمية يقول بعض العلماء أن تربية الأبناء تتطلب مهارات فريدة من نوعها، ويتعين على الأمهات والآباء توقع احتياجات أطفالهم وفهمها والاعتناء بها، في كثير من الأحيان دون خبرة وفي ظل قلة النوم. لذا، فليس من المستغرب أن يحتاج الآباء إلى التكيف لتحقيق النجاح في أدوارهم الجديدة هذا ما يؤكده الباحثون.

يقول الباحثون أن التغيرات التي يشهدها الدماغ لدى الرجال قد تدعم الترابط والتواصل مع أطفالهم

لقد أظهرت دراسات علمية أنه عندما تصبح المرأة حاملاً وبعد الولادة، تحدث تغيرات جسدية في دماغها، ويشتبه بعض الباحثين في أن هذه التغيرات قد تساعد في إعداد المرأة للأمومة، لكن الآن تشير أبحاث حديثة إلى أن الآباء الجدد يمرون بتغيرات مماثلة.

تجارب علمية
وتقول داربي ساكسبي، أستاذة علم النفس في جامعة جنوب كاليفورنيا التي كانت تدرس التغيرات البنيوية في الدماغ، "إن التغيرات التي يمر بها الرجال في الدماغ قد تدعم القدرة على تكوين رابطة مع الطفل والتواصل بشكل حساس مع الطفل لأن هذا مهم لبقاء نوعنا البشري".

وأجرت الدكتورة وزملاؤها في إسبانيا دراسات حديثة اعتمدت على التصوير الدماغي لأربعين أباً قبل وبعد ولادة طفلهم الأول.
واكتشف الباحثون أنه في حين كانت التغيرات البنيوية أكثر دقة مما لوحظ لدى النساء، فإن الرجال شهدوا انخفاضاً في المادة الرمادية قبل وبعد أن أصبحوا آباء.

أجساد الرجال تستعد لمتطلبات الأبوة بطرق موازية لما تمر به الأمهات.. لكنها تكون مميزة أو متطورة بشكل خاص لدى الآباء لمساعدتهم على التركيز على احتياجات زوجاتهم وأطفالهم

تغير ملحوظ
وأشار الباحثون القائمون على الدراسة إلى أن هذه التغيرات حدثت في المقام الأول في القشرة المخية، التي تلعب دورًا في الأداء التنفيذي، بما في ذلك الذاكرة والتفكير والاستدلال والتعلم وحل المشكلات والمعالجة العاطفية.


وتقول الدكتورة ساكسبي: "إن هذا الانخفاض في المادة الرمادية، هو نوع من عملية التبسيط، يُعتقد أنه يساعد الدماغ على معالجة المعلومات بكفاءة أكبر".

التغيرات التي تحدث في أدمغة الرجال تكون بالمقام الأول في القشرة المخية، التي تلعب دورًا في الأداء التنفيذي، بما في ذلك الذاكرة والتفكير والاستدلال والتعلم وحل المشكلات والمعالجة العاطفية 

في الواقع، ووفق نتائج الدراسة، وجدت الدكتورة ساكسبي وزميل لها، أن من بين 38 من الآباء لأول مرة، أولئك الذين شهدوا انخفاضًا أكثر في حجم المادة الرمادية في القشرة المخية، أفادوا بمزيد من الدافع والمشاركة تجاه الأبوة.
وأضافت الدكتورة ساكسبي"لقد شعرت الأمهات مثلاً بارتباط أكبر بأطفالهن قبل الولادة، ثم بعد ذلك، أمضين وقتًا أطول مع أطفالهن بعد الولادة وشعرن بارتباط أكبر بهن، ونفس الأمر يحدث مع الآباء، حيث يواجه الرجال أيضًا تغيرات في الهرمونات قبل وبعد أن يصبحوا آباءً".

حمل الأطفال
أظهرت إحدى الدراسات أن الآباء عندما يحملون أطفالهم حديثي الولادة للمرة الأولى، يحصلون على دفعة قوية من هرمون الأوكسيتوسين، وهو هرمون مهم للترابط.
وقد وجدت دراسة أخرى أجريت على أكثر من 600 رجل، أن أولئك الذين بلغوا أوائل العشرينيات من العمر وكان لديهم مستويات أعلى من هرمون التستوستيرون كانوا أكثر احتمالاً لأن يصبحوا آباءً مرتبطين بشريك بحلول فترة المتابعة التي استمرت أربع سنوات.

أدمغة الرجال تشهد انخفاضًا واضحًا في المادة الرمادية قبل وبعد أن أصبحوا آباءً

ثم عانى أولئك الذين أصبحوا آباء مرتبطين بشريك من انخفاضات كبيرة في هرمون التستوستيرون، مقارنة بالآباء غير المتزوجين، الذين شهدوا انخفاضات متواضعة.

التستوستيرون والكورتيزول
تساعد مستويات هرمون التستوستيرون المرتفعة لدى الرجال، من بين أمور أخرى، في تسهيل المنافسة في السعي إلى إقامة شراكات مع شريكات المستقبل.
ويقول الدكتور لي جيتلر، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة نوتردام والمؤلف الرئيسي لدراسة هرمون التستوستيرون: "لذا فإن الفكرة هي أن انخفاض هرمون التستوستيرون مع انتقال الرجال إلى الأبوة يعيد ضبط التركيز والأولويات.. على الأسرة".

انخفاض المادرة الرمادية لدى الآباء الجدد.. هو نوع من عملية التبسيط ويُعتقد أنه يساعد الدماغ على معالجة المعلومات بكفاءة أكبر

وقد لاحظ الدكتور جيتلر وزملاؤه بعض النتائج لدى الرجال الذين أصبحوا آباء مرة أخرى في أوائل الثلاثينيات من عمرهم.
ولكن النتائج كانت أقل دراماتيكية لدى الآباء الأكبر سناً، ربما لأن الرجال ينتجون كمية أقل من هرمون التستوستيرون مع تقدمهم في السن، كما قال جيتلر، الذي يشغل أيضاً منصب مدير مختبر الهرمونات والصحة والسلوك البشري في جامعة نوتردام.
وفي دراسة أخرى، ارتبط انخفاض هرمون التستوستيرون وزيادة هرمون الكورتيزول، وهو هرمون التوتر، لدى الرجال الذين أصبحوا آباءً للتو، بمشاركة أكبر من جانب الوالدين في الأشهر التي تلت ذلك.

أظهرت إحدى الدراسات أن الآباء عندما يحملون أطفالهم حديثي الولادة للمرة الأولى يحصلون على دفعة قوية من هرمون الأوكسيتوسين وهو هرمون مهم للترابط

ويقول الخبراء إنه لا يُعرف الكثير عن التغيرات التي تطرأ على الرجال الذين يصبحون آباء بالتبني.

أظهرت إحدى الدراسات أن الآباء المثليين الذين كانوا مقدمي الرعاية الأساسيين أظهروا نشاطًا عاليًا في مركز معالجة العواطف في الدماغ، على غرار ما هو موجود لدى الأمهات اللاتي كن مقدمي الرعاية الأساسيين.


وقال جيتلر: "إن أجساد الرجال تستعد لمتطلبات الأبوة والأمومة بطرق موازية لما تمر به الأمهات، ولكنها بطرق أخرى مميزة أو متطورة بشكل خاص لدى الآباء لمساعدتهم على التركيز على احتياجات شركائهم وأطفالهم".

انخفاض هرمون التستوستيرون مع انتقال الرجال إلى الأبوة يعيد ضبط التركيز والأولويات لديهم على الأسرة

 

ماذا يجب أن تعرف أيضًا:

تؤكد الدكتورة ساكسبي أنه في حين أن انخفاض المادة الرمادية لدى الآباء لأول مرة قد يساهم في تحسين الترابط والمشاركة، فإن هذه التغييرات مرتبطة أيضًا بخطر أكبر للإصابة بالاكتئاب بعد الولادة والقلق وسوء نوعية النوم لدى الرجال.


خلاصة القول:
من التغيرات البنيوية في الدماغ إلى التحولات في الهرمونات.. يبدو أن أجسام الرجال تتكيف للمساعدة في الاستعداد للأبوة.