هل صحيح أن تناول السكريات يسبب فرط الحركة عند الأطفال؟
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD.. حالة طبية تتميز باختلافات في نمو ونشاط الدماغ، والتي يمكن أن تؤدي إلى عدم انتباه الأطفال وفرط النشاط والاندفاع، فعلى سبيل المثال، قد لا يستمع الطفل عند التحدث إليه، ويواجه صعوبة في تنظيم المهام والأنشطة، والتململ والتشنج أثناء الجلوس، والتحدث بشكل مفرط، على الرغم من أن معظم الأطفال يعانون أحيانًا من هذه المشكلات، إلا أن الوضع أكثر حدة بالنسبة لأولئك الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.. حالة مرضية تبدأ عادةً في مرحلة الطفولة، ولكنها يمكن أن تمتد إلى مرحلة المراهقة والبلوغ، وغالبًا ما تتغير الأعراض مع تقدم عمر الطفل
تم تشخيص أكثر من طفل واحد من كل 10 أطفال في الولايات المتحدة أي حوالي 11% ممن تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، وفقًا لتقرير صادر عن المركز الوطني للإحصاءات الصحية.
حالة مستمرة
تبدأ الحالة عادةً في مرحلة الطفولة، ولكنها يمكن أن تمتد إلى مرحلة المراهقة والبلوغ، وغالبًا ما تتغير الأعراض مع تقدم عمر الطفل، حيث ووجد الباحثون أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كان أكثر انتشارًا بين الذكور مقارنة بالإناث 14.5% مقابل 8 %، وأن الشباب الذين تبلغ أعمارهم 12 عامًا فما فوق كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مقارنة بمن تقل أعمارهم عن 12 عامًا.
11 % ممن تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا في الولايات المتحدة تم تشخصيهم باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
على الرغم من عدم العثور على سبب واحد لجميع حالات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إلا أن الخبراء غالبًا ما يشيرون إلى الجينات، ويؤكدون أن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كثيرًا ما يكون هذا المرض قادماً من أحد الوالدين أو أحد الأقرباء الذي يكون مصاباً بهذه الحالة.
ووجد الباحثون أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كان أكثر انتشارًا بين الذكور مقارنة بالإناث 14.5% مقابل 8 %
د. مارك وولرايش
الأستاذ الفخري في طب الأطفال التنموي والسلوكي في مركز العلوم الصحية بجامعة أوكلاهوما
دور السكريات
لطالما ألقى الآباء اللوم في بعض سلوكيات الأطفال كالقفز والارتداد عن الحائط على تناول الكثير من السكر، لكن الخبراء يقولون إنه لا يوجد حقيقة لذلك، وهو ما أكده مارك وولرايش، الأستاذ الفخري في طب الأطفال التنموي والسلوكي في مركز العلوم الصحية بجامعة أوكلاهوما الذي يقول: "تعد فكرة أن السكر سبب لفرط النشاط بمثابة أسطورة"، ومع ذلك فهو يعترف بأن هذا الاعتقاد لا يزال قويًا، ففي بعض الأحيان يكون من الصعب جدًا تغيير الانطباعات المتأصلة حول ما يؤثر على السلوك.
من تبلغ أعمارهم 12 عامًا فما فوق أكثر عرضة للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.. مقارنة بمن تقل أعمارهم عن 12 عامًا
أهم الدراسات
أجرى وولرايش دراسات في التسعينيات دحضت فكرة أن السكر يسبب اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) لدى الأطفال، وتضمنت هذه التجارب تجربة عشوائية مزدوجة التعمية وجدت أن السكر أو المُحلى الاصطناعي "الأسبارتام" لم يؤثر على السلوك أو الوظيفة الإدراكية بين الأطفال الذين أكد آباؤهم على أنهم حساسون للسكر، مقارنة بأولئك ذوي السلوك العادي، حتى عند تناول السكر.
الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كثيرًا ما يكون هذا المرض وراثياً من أحد الوالدين أو أحد الأقرباء الذي يكون مصاباً بهذه الحالة
تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، إلى أن السكر لا يجعل الأطفال يعانون من فرط الحركة، قائلة إن "الأبحاث لا تدعم وجهات النظر الشائعة بأن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يحدث بسبب تناول الكثير من السكر، أو مشاهدة الكثير من التلفاز، أو تربية الأبناء، أو المشكلات الاجتماعية والبيئية، وربما يستمر الآباء في إنشاء هذا الارتباط لأن الأطفال يميلون إلى أن يصبحوا متحمسين بشكل مفرط خلال أحداث معينة، كحفلات أعياد الميلاد، عندما تحتوي قائمة الطعام على عناصر عالية السكر، مثل الآيس كريم وكعكة عيد الميلاد وأكياس الهدايا".
لطالما ألقى الآباء اللوم في بعض سلوكيات الأطفال كالقفز والارتداد عن الحائط على تناول الكثير من السكر.. لكن الخبراء يقولون إنه لا يوجد تأكيد لذلك
كيف بدأ هذا الاعتقاد؟
يرجع بعض الخبراء أصول هذا الاعتقاد إلى عام 1973، عندما ربط اختصاصي الحساسية بنيامين فينجولد فرط نشاط الأطفال بتناول ألوان الطعام الاصطناعية؛ إضافة إلى المواد الحافظة؛ والساليسيلات، وهي مواد موجودة في النباتات والأطعمة، وتستخدم أيضًا في العديد من الأدوية، مثل الأسبرين.
على الرغم من أن السكر لم يكن من بين العناصر الغذائية التي انتقدها فينجولد، إلا أن العديد من الآباء ربطوا ذلك عن طريق الخطأ، لأن الكميات الكبيرة من السكر تسير جنبًا إلى جنب مع الأطعمة التي تحتوي على الأصباغ والمواد المضافة الأخرى.
مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة تحسم الامر وتؤكد: السكر لا يجعل الأطفال يعانون من فرط الحركة
وفي السنوات الأخيرة، ربطت الدراسات بين العديد من الأصباغ الاصطناعية، وفرط النشاط ومشاكل سلوكية أخرى لدى الأطفال، وخلص تقرير صدر عام 2021 عن مكتب كاليفورنيا لتقييم مخاطر الصحة البيئية، إلى أن بعض الأطفال الذين يستهلكون الأصباغ الغذائية تظهر عليهم هذه الآثار الصحية، على الرغم من أن الحساسية تجاهها تختلف بين الأطفال.
تحذيرات جدية
وعلى الرغم من إعفاء السكر في هذه الحالة، إلا أن هذا لا يعني أن الأطفال يمكنهم تناوله بلا مبالاة، كما يحذر الخبراء.
يقول دونالد هينسرود، الأستاذ المساعد في التغذية والطب الوقائي في كلية الطب في مايو كلينيك: "لا يمكن تبرير السكر من الآثار الصحية الضارة الأخرى، إنه يوفر سعرات حرارية إضافية ويزيد الوزن، مما يساهم في السمنة وربما أمراض القلب في وقت لاحق".
د. دونالد هينسرود
الأستاذ المساعد في التغذية والطب الوقائي في كلية الطب في مايو كلينيك
يمكن أن يكون السكر عاملا سلبيا في اتباع نظام غذائي متوازن لأن مذاقه جذاب للغاية، لكن السكر ليس له قيمة غذائية عالية، لذا فإن تناول الكثير من الأطعمة السكرية التي تحتوي على نسبة منخفضة من العناصر الغذائية المهمة الأخرى ليس فكرة جيدة، ولكن في النهاية هو ليس سبباً للإصابة بفرط الحركة والنشاط.