كيف تتحدث مع طفلك عن «كورونا»؟
الأزمة الذي أحدثها فيروس كورونا الجديد «كوفيد-19» أدت إلى كثير من الأحداث دوليًا، وإلى حالة من الهياج العام على كل المستويات. معظم الدول تمنع التجمعات البشرية بكل أنواعها، بل إن بعضها منع الخروج من المنزل. أُلغي السفر من وإلى العديد من البلاد، ومُنعت الأنشطة والفعاليات، وأُلغيت الدارسة وأُعلن عن الكثير من الإجراءات الوقائية والاحتياطات اللازمة للحد من انتشار الفيروس.
إذا فتحت التلفزيون ستجد من يحدثك عن كورونا، إذا تصفحت الإنترنت سترى أن أغلب المنشورات والتغريدات تناقش الوباء، وإذا تحدثت مع أحد أصدقائك عن أي شأن من شؤون الحياة بشكل أو بآخر سيحظى الفيروس بحيز لا بأس به من حديثكم.
هل يتأثر الأطفال بما يحدث؟
وسط كل تلك الأحداث يقف الأطفال غير واعين بشكل كامل بما يحدث، ويرون آباءهم وأمهاتهم قد اختلفت تصرفاتهم وأصبحوا أكثر خوفًا وقلقًا ربما بشكل هستيري لم يشهدوه من قبل.
وكما أننا نحن الكبار في حالة من الهلع، فالأطفال أيضًا يتابعون ما يحدث ويشعرون بأن هناك أزمة وتهديدًا كبيرًا قد لا يفهمونه بشكل كافٍ، ولكن بالطبع يعيشون في حالة التوتر والقلق مثلنا. أضف إلى ذلك أن كثيرًا من الأطفال والمراهقين متصلون بوسائل التواصل الاجتماعي ويشاهدون وسائل الإعلام التي تنشر قدرًا هائلًا من المعلومات المغلوطة حول المرض، مما يزيد من توترهم وقلقهم.
ولأن ما يحدث سيؤثر بشكل سلبي على الحالة النفسية لأطفالنا، أوضحت منظمة الصحة العالمية ومركز مكافحة الأمراض (CDC) ومؤسسة Child Mind Institute مجموعة من الإرشادات للتحدث حول فيروس كورونا مع الأطفال:
قبل فتح باب النقاش
- تعامل مع توترك أولًا: من غير المحتمل أن تستطيع التعامل مع توتر طفلك وأنت بالأساس متوتر. لذا يجب عليك أولًا أن تتعامل مع قلقك حول الإصابة وتتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة دون القلق الزائد. كذلك تجنب المعلومات المغلوطة أو التي تحمل طابع التهويل أو المبالغة، والتي قد تؤدي إلي زيادة في مستويات الخوف دون أي فائدة حقيقية من ذلك، واعلم أن الأطفال لن يستمعوا فقط لما تقوله، بل أيضًا إلى كيف تقوله، فاحرص أن تستخدم نبرة هادئة خلال حديثك.
- لا تخشى أن تناقش الموضوع مع أطفالك: من المتوقع أن الأطفال قد سمعوا لفظ كورونا في وسائل الإعلام، أو حتى في الأحاديث اليومية العادية، والأمر قد يكون مبهمًا ومربكًا بالنسبة إليهم، فدورك كمربٍ أن تحرص أن تناقش الأمر بهدوء وبمعلومات صحيحة مع طفلك لتقلل من توتره.
خلال تقديم المعلومات بشأن كورونا
- اشرح لهم بهدوء واستخدام معلومات صحيحة، حتى لا تترك العنان لخيالهم في تصور ما يحدث. وأكد لهم دائمًا أنه بالإمكان الوقاية من الإصابة باتباع الاحتياطات الصحية، من غسيل الأيدي المستمر وعدم لمس الوجه وغيرها من الإجراءات الوقائية.
- تكلم مستعينًا بالحقائق، وتجنب النبرة المهولة للأحداث والتي تظهر في بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. أكد لهم أنه باتباع الإرشادات الوقائية المناسبة سنحمي أنفسنا من الإصابة، واحرص أن تعلمهم طرق الوقاية بشكل واضح وصحيح مستخدمًا وسائل تجذب انتباه الأطفال.
- تحدث معهم بلغة مبسطة يفهمونها، ولا تشرح لهم الموضوع كاملًا في مرة واحدة، بل على عدة مرات حتى لا تتسبب كثرة المعلومات في أن يرتبكوا أكثر، وأجب أسئلتهم التي تحيرهم حتى يطمئنوا.
التعامل مع الآثار النفسية لكورونا على الأطفال
- لا تفترض أن الأطفال لن يتأثروا بما يحدث لأنهم لا يفهمونه بشكل كامل، بل على العكس، توقع أن تظهر عليهم أعراض مختلفة للقلق والتوتر تتباين من طفل لآخر. فهناك طفل يدخل في حالة غضب وهياج، وآخر يدخل في حالة من الانعزال عن الجميع، وثالث قد تظهر استجابته في صورة بلل لفراشه ليلًا، وصور أخرى متعددة للتفاعل مع ما يحدث حولهم.
-
إدراكك وتقبلك لفكرة أن طفلك خائف هو أول خطوة لاحتواء مخاوفه وقلقه، يلي ذلك أن تستمع لتلك المخاوف بانتباه شديد، حتى لو بدت أحيانًا غير عقلانية بالنسبة لك، وتفهّم ما يمر به طفلك وأشعره بحبك له وامنحه مزيدًا من الوقت والاهتمام.
- كن مع طفلك بشكل مستمر، وطمأنه بأنك ستظل معه دائمًا، لأن فكرة الانفصال عن الوالدين من الأفكار التي تؤرق الأطفال عمومًا. ومما يزيد تلك الفكرة في وقت الأزمات، مثل أزمة كورونا، أن الطفل يبدأ في التفكير في سيناريوهات مثل «ماذا لو أصيب أبي أو أصيبت أمي أو أحد إخوتي بالفيروس؟ هل هذا يعني أني لن أراهم مجددًا؟»، وهذا كفيل بأن يجعله يشعر بالقلق المستمر إزاء تلك الفكرة. وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنه حتى في حالة إصابة أحد أفراد العائلة بالفيروس وعزله في المستشفى، يجب أن يحدث اتصال مستمر مع الطفل عن طريق الإنترنت أو الهواتف المحمولة.
- حاول بقدر الإمكان الحفاظ على روتينهم اليومي وأنشطتهم المحببة، وإذا تعذر فعل أحد تلك الأنشطة، حاول توفير بديل مناسب.
- احرص على الإشراف على ما يشاهدونه من أخبار ومقاطع فيديو في ما يخص كورونا، ويفضل أن يكون المربي هو مصدر المعلومات بالنسبة للطفل، حتى تتأكد أن ما يصله من معلومات يصل بشكل صحيح بعيدًا عن المبالغة أو التهوي
في الأزمات تصير مشكلات القلق سمة عامة، لذلك فالمحافظة على التوازن النفسي أمر في غاية الأهمية، خاصة إذا ماكان القلق قد استهدف طفلًا، حفظ الله أطفالنا جميعًا لنعبر هذه الأزمة بسلام.
إسراء طارق بدر