كيف تتصرف مرتدية «المايوه» إذا أوقفتها الشرطة؟
مع كل موسم من مواسم الحياة في الكويت، تظهر ممارسات يثار حولها الجدل، موضوعات جدلية أزلية ولها في الوقت ذاته ارتدادات اجتماعية، الصراع الدائم بين المحافظين والمنفتحين، والصراع السياسي بين الليبراليين والإسلاميين، فمن صخب المخيمات في الشتاء إلى اللغط الدوري حول الجُزر والشاليهات في الصيف.
امتد هذا اللغط بشكل أكبر منذ أن انطلقت فكرة تطوير فيلكا وسائر الجزر، ورؤية «الكويت 2035» التي تشمل مشروع مدينة الحرير، الذي تضمن معيشة ليبرالية حرة متحررة وقوانين خاصة تختلف عن المعمول بها في يابسة الكويت.
قوبل هذا برفض من النواب الإسلاميين ومنهم محمد الدلال، إذ قال: «الكويت طبيعتها وهويتها عربية إسلامية ويغلب عليها الطابع المحافظ. وهناك نصوص دستورية، سواء كانت المادة الثانية من الدستور التي تتعلق بالشريعة الإسلامية أو النص المتعلق باحترام ومراعاة الآداب العامة، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك انفتاح غير مسؤول، انفتاح يخالف هذه النصوص الدستورية».
ومع أزمة كورونا وحبس الناس في منازلهم بفضل حظر التجول الكلي، صارت الحاجة ملحة للخروج والتنزه وزيارة الشواطئ في صيف الكويت الحار، خاصة مع بداية المرحلة الثانية من عودة الحياة الطبيعية وعودة الحظر الجزئي، فعادت الصراعات نفسها للظهور إثر انتشار مرتديات ملابس السباحة «المايوه» على الشواطئ، والتي اعتبرها التيار المحافظ مخالفة للآداب العامة ومستفزة لعادات المجتمع.
القانون الخانق
قدم النواب عادل الدمخي ومحمد الدلال وعبد الله الكندري اقتراحًا بتشديد الرقابة على البحر والشواطئ لمنع ما أسموه «الملابس الفاضحة»، فما السند القانوني الذي يعتمد عليه هؤلاء النواب؟
يبدو أن نص المادة 198 من قانون الجزاء، والتي أصفها بالقادمة من القرون الوسطى، قد قررت أن تكون السوط الذي يتزين به أصحاب الفكر السياسي القمعي. فهذا النص القانوني لمن لا يعرفه هو النص الذي أسهم في تجرؤ السيدة التي صورت فتاتين على الشاطئ مؤخرًا، وانتشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ولعبت دور المُخبر للإبلاغ عمن كن يمارسن حياتهن الطبيعية في مكان قصي بعيدًا عن التجمعات، فقط لكونها غير موافقة على ما يرتدينه، وهو لبس البحر على البحر.
«فعل فاضح علني» هي تلك الجريمة التي لا يضبطها شيء، تتغير بتغير المكان، تبدل جلدها كل حقبة، تتوسع حسب المزاج السيئ، وتضيق عندما تُهمل بما هو أهم منها. كيف صار لبس رداء البحر جريمة؟ ومن قرر أن ارتداءه مباح على الأجنبيات وجريمة على المواطنات؟
من يحمي الناس من طلبات السلطة الإدارية غير القانونية؟ ومن يضبط سلوك الشرطة لو منعوا أحدًا من ارتياد الشاطئ أو طلبوا من أحد ارتداء ملابس مختلفة؟ من سمح للشرطة المدنية بأن تعمل عمل الشرطة الدينية؟ هل تكون هذه هي الانطلاقة غير الرسمية لدمج المؤسستين الدينية والأمنية في الكويت؟ هل تتحول الشرطة إلى شرطة أخلاق مثل الحال في إيران؟
القانون ليس في صف النساء: ما العمل؟
تكمن المشكلة هنا في أن العبارات المطاطية التي يحتويها القانون مثل «مخالفة الآداب العامة» و«مخالفة النظام العام» وغيرها، يمكن تجييرها بسهولة في صف صاحب السلطة ضد من يرتدين ملابس البحر.
إذًا، كيف يمكن للفتاة أن تتصرف إذا ما أوقفها رجل شرطة أو طلب منها تغيير ملابسها؟ أو كيف تتفادى ذلك؟
- الابتعاد عن أماكن التجمعات: وجود مرتديات ملابس البحر على شواطئ مليئة بالناس قد يتسبب بسهولة في الإبلاغ عنهن، لذلك كلما ارتادت الفتيات شواطئ تقل فيها التجمعات يمكنها تفادي البلاغات.
- حدة الكلام: يُنصح دائمًا بتقليل حدة الحديث مع رجال الشرطة منعًا للتصعيد، خاصة أن القانون ليس في صالح الفتاة. ويمكن التمسك بكون الملابس غير مخالفة للآداب العامة، إذ أن ارتداءها يحصل في المكان المخصص لها، وباعتبارها حرية شخصية لا تضر أحدًا.
- التعرض للمضايقات: كثير من الفتيات في الشوارع يتعرضن للمضايقات أو التحرش من قبل بعض رجال الشرطة، وفي حال مرتديات ملابس البحر واعتبار القانون لهن فاعلات فعل فاضح، قد يتمادى بعض رجال الشرطة في المضايقات، لذلك أنصح وبشدة في حال وجود مضايقة أو تحرش تسجيل الحدث عبر الهاتف لإبلاغ جهاز الرقابة والتفتيش وتقديم شكوى بحق المتحرشين.
- الإبلاغ بالتهمة: من حق الفتاة أن تعرف التهمة التي يوجهها لها رجل الشرطة، والسند القانوني لهذا الاتهام، قبل التوجه للمخفر. فإذا قُبض عليها دون توجيه اتهام، يمكنها الشكوى لجهاز الرقابة والتفتيش لعدم اتباع رجل الشرطة للإجراءات الواجبة عليه.
- تغيير الملابس: لا يحق لرجل الشرطة طلب تغيير الملابس دون توجيه اتهام بشكل رسمي والتوجه للمخفر، إذ أنه لا يحق له تنفيذ حكم من نفسه دون تسجيل قضية وإتمام كامل الإجراءات اللازمة.
- الذهاب للمخفر: لا يحق للفتاة رفض الذهاب للمخفر إذا ما وجه لها الشرطي الاتهام، إذ أن هذا سيوقعها في مشكلة قانونية وإلقاء القبض القسري، مما قد يتسبب في تشدد رجل الشرطة أو المحققين معها.
- التعهد أم القضية: إذا ما عرض المحقق في المخفر توقيع تعهد للفتيات دون تسجيل قضية فهذا في صالحهن، خاصة مع صعوبة التصعيد في مجتمع يلقي اللوم على الفتاة، لكن لو قررت الفتاة أو المحقق تسجيل قضية، فينصح باستدعاء محامٍ قبل بدء التحقيق للتأكد من سلامة الإجراءات وتقديم المساعدة القانونية.
كل ما نتمناه أن نصل إلى المرحلة التي نتقبل فيها اختلافات أفكارنا وأسلوب حياتنا، واعتبار هذا المجتمع متنوعًا بأفراده وأفكارهم وانتماءاتهم، ولا يضر ذلك المجتمع ككتلة، بل يغنيه ويهديه هدية التسامح والتفهم.
فهد سالم