المواعدة في المملكة: أين يبحث السعوديون عن الحب؟

ترجمات
نشر في 2017/06/13

الصورة: JosvdV

في السعودية، كما في عديد من دول المنطقة، تُمنع العلاقات العاطفية «غير الشرعية» على المستويين الرسمي والاجتماعي، لذلك يلجأ مواطنو المملكة المحافِظة بشكل متزايد إلى وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن العلاقات، ومن أجل التخطيط للمواعدات التي تحظرها البلاد.

في بلد يفرض قواعد صارمة للفصل بين الجنسين، يمكن للرجال والنساء غير المتزوجين الذين يختلطون ببعضهم أن يواجهوا بعض المضايقات، أو ما هو أسوأ من مجرد مضايقات، من السلطات.

تحدى السعوديون تقاليد مجتمعهم المتزمتة باستخدام الإنترنت للمغازلة والدردشة، ومنحتهم وسائل التواصل الاجتماعي مكانًا آمنًا نسبيًّا للبحث عن علاقات مؤقتة والعثور على أزواج محتملين، بحسب مقال نُشر على موقع «الواشنطن بوست».

الإنترنت يُشعل ثورة عاطفية

كيف يحاول الشباب السعودي مناورة الهيئة؟

يشعر السعوديون أنهم مقيدون بسبب التزام المملكة بالإسلام المتشدد، لذا لجؤوا إلى التخفي بحثًا عن الحب.

تحدث كاتب المقال مع فتاة سعودية تبلغ من العمر 23 عامًا، قالت إن كل صديقاتها يتحدثن مع شباب قابلوهن على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي نفسها تعرفت إلى واحد عن طريق فيسبوك، وتطورت علاقتهما لدرجة الخروج في لقاءات عاطفية ورحلات سرية بسيارته، لكنها تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها نظرًا لحساسية الموضوع.

رغم أن والدتها حاولت أن تقدمها إلى بعض الرجال بالطرق التقليدية، فإنها فضَّلت دخول علاقة عاطفية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تراها «أكثر حميمية، فأنا لا أريد أن يُدفع بي في علاقة مع شخص لا أعرفه».

يقول الكاتب إن السعوديين يشعرون بأنهم مقيَّدون بسبب التزام المملكة الصارم بالإسلام السُّني المتشدد، لذلك استخدموا تكتيكات التخفي سعيًا لتحقيق الحب.

اقرأ أيضًا: التفحيط حرام والتصوير شِرك: رحلة في مناهج الدين السعودية

قبل اختراع الإنترنت، كان الرجال يعلقون لافتات «للبيع» على سياراتهم وتحتها أرقام هواتفهم، في سبيل أن تلتقط أي فتاة الرقم وتتصل به، ممَّا يفتح بابًا للتعارف وربما ما هو أكثر. ومع التقدم التكنولوجي، استخدم السعوديون تقنية البلوتوث للتواصل مع الناس في المناطق المجاورة لهم.

لكن شبكات التواصل الاجتماعي تقدم مزيدًا من الفرص والخصوصية بحسب المقال، كما تنتشر الهواتف الذكية في كل مكان بين جميع الفئات العمرية ومستويات الدخل المختلفة، وقد أظهرت الاستطلاعات أن المملكة العربية السعودية التي يعيش فيها 22 مليون مواطن أحد أعلى معدلات استخدام تويتر ويوتيوب في العالم.

يورد الكاتب رأي عبد الرحمن الشقير، وهو عالم اجتماع في وزارة التربية والتعليم العالي السعودية ويكتب عن تاريخ العلاقات الجنسية في المملكة، يقول إن قنوات الاتصال الخاصة المتوفرة على وسائل التواصل الاجتماعي تساعد في تعزيز علاقات ذات مغزى، وهذا بدوره أدى إلى كثرة واضحة في اللقاءات الفعلية بين غير المتزوجين.

إذا أُلقي القبض على أحدهم في لقاء عاطفي غير شرعي، وهو ما كان يحصل بشكل أكبر أثناء وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تم تحجيم دورها، يواجه المحبون، خصوصًا النساء، وصمة عار اجتماعية وعقوبة قاسية من أُسَرهم، وحتى وقت قريب كان يتعيَّن عليهم أيضًا مواجهة الشرطة الدينية التي تراقب ليس فقط مراكز التسوق والمقاهي، بل منتديات شبكة الإنترنت كذلك.

قد يهمك أيضًا: لماذا تشعر المرأة العربية بالعار عند التفكير في الحب أو الجنس؟

كمائن عاطفية على وسائل التواصل الاجتماعي

شبكات التواصل الاجتماعي تؤدي إلى تحولات كبيرة في السعودية

يتجنب السعوديون استخدام «Tinder» وغيره من تطبيقات التعارف الشائعة، ويفضلون الأساليب الأقل ظهورًا.

يؤكد الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف في مكة، أحمد الغامدي، لكاتب المقال أن الهيئة تشعر بخطر وسائل التواصل الاجتماعي لأنها «تجعل من الصعب مراقبة الناس». 

يقول كثير من السعوديين إن الشرطة الدينية، قبل تقليص صلاحياتها، كانت تلجأ بدرجة متزايدة إلى الابتزاز والعمليات الخداعية التي ينفذها عملاء سريون، بالإضافة إلى ممارسة الضرب في الأماكن العامة.

يورد المقال أيضًا أن تركي، وهو موظف في وزارة حكومية يبلغ من العمر 35 عامًا، اتهم هيئة الأمر بالمعروف باستخدام امرأة لنصب فخ له على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلَّق قائلًا إنهم «يصبحون أشد جنونًا كل يوم».

تحدث تركي إلى كاتب المقال بشرط عدم كشف اسمه الأخير، فقال إنه بدأ يغازل امرأة مجهولة على تطبيق سناب شات قبل عام رغم زواجه، وحين حاول أن يلتقيها اكتشف أنها تعمل لصالح الهيئة، فاعتُقل وطلبت زوجته الطلاق بعد زواج استمر لعشرة أعوام وأثمر طفلين.

قد يعجبك أيضًا: ربما لم نُخلق لنحب مرة واحدة فقط

يتجنب السعوديون إلى حدٍّ كبير استخدام «Tinder» وغيره من تطبيقات التعارف الشائعة في الغرب، ويفضلون أساليب المواعدة الأقل ظهورًا.

يحاول الشباب في السعودية جذب انتباه مَن يثير اهتمامهم على موقع إنستغرام عن طريق الإعجاب بالصور، وبعد ذلك الدخول في محادثة خاصة على تطبيق واتس آب، ثم ربما تبادل الصور على سناب شات عندما يشعرون بالارتياح تجاه بعضهما.

قد يهمك أيضًا: كيف يمكن للإنترنت أن يُحدث ثورة حقيقية في حياتنا؟

«نشعر بمزيد من الثقة»

الصورة: randyvan

يبدو أن الوساطة الزوجية التقليدية تبدو غير ضرورية للشباب السعوديين في عصر التواصل الاجتماعي.

«كلنا نعرف أن الأمور تصبح أكثر جديةً وخطورةً على سناب شات»، هكذا تحدثت ديما، الفتاة ذات التسعة عشر عامًا التي تدرس في جامعة بالرياض.

في ساحة لتناول الطعام بأحد المراكز التجارية الشهيرة في العاصمة، جلست ديما، مرتديةً الملابس المفروضة على النساء في السعودية، تصف لكاتب المقال حديثها مع ثلاثة رجال تعرفت إليهم مؤخرًا على تويتر وإنستغرام، وانجذبت إلى أحدهم فدعاها لركوب سيارته، لكنها شعرت بالقلق ممَّا يمكن أن يحدث إذا استجابت.

شجعتها صديقتها سارة، وهي طالبة جامعية تبلغ 18 عامًا، على التفكير في العرض. وترى سارة أنه «يجب علينا أن لا نشعر بالخجل ممَّا يُعد سلوكًا عاديًّا في أي مكان آخر». 

حسناء القنيعير، الكاتبة المتخصصة في قضايا المرأة التي تعيش في الرياض، تقول إن تمكين المرأة هو العامل المسؤول جزئيًّا عن شعبية التعارف عن طريق الإنترنت، والارتفاع الواضح في نسبة اللقاءات الفعلية التي يمكن أن تنجم عن ذلك.

حققت المرأة السعودية تقدمًا مهمًّا وتدريجيًّا في التعليم والقوى العاملة، رغم أنها لا تزال ممنوعة من قيادة السيارات، وتحتاج إلى إذن من ولي أمرها لاستخراج جواز سفر أو مغادرة المملكة.

اقرأ أيضًا: كيف تحيا المرأة السعودية تحت ولاية الرجل؟

تشير القنيعير إلى أن النساء «أصبحن أكثر ارتباطًا بالعالم الخارجي ويشعرن بمزيد من الثقة»، ممَّا جعل دور الزيجات التقليدية أقل أهمية.

يبدو أن الوساطة الزوجية التقليدية تبدو غير ضرورية بالنسبة للشباب السعوديين في عصر التواصل الاجتماعي، مثل محمد ذي الخمسة وعشرين عامًا، الذي يتساءل: «لماذا أدفع المال لخاطبة بينما يمكنني مقابلة الفتيات عبر الإنترنت؟».

ترجمات