علاقة واحدة ربما لا تكفي: هذا ما لا يخبرنا به العلم
رغم وجود كثير من الأبحاث عن العلاقات العاطفية والجنسية، لكن حتى الآن لا تزال الآراء متفاوتة بشأن فكرة الحبيب الواحد أو «أحادية الشريك» (Monogamy) لدى البشر. ومؤخرًا، ترى آراء عدة أن اتجاه أبحاث كثيرة إلى تأكيد ميل البشر نحو حبيب واحد فقط ربما يكون نابعًا من ميل أصحاب الأبحاث أنفسهم إلى هذه الفكرة، حتى لو بدافع مجاراة المجتمع.
لكن لو أزلنا عوامل الميل البشري من هذه الأبحاث، إلى أي نتيجة سنصل؟ هذا ما يحاول مقال نُشر على موقع «كوارتز» معرفته.
هل حبيب واحد أفضل؟
تميل مجتمعات كثيرة إلى فكرة الزوجة الواحدة والزوج الواحد، ويعود هذا بحسب كاتبة المقال إلى ميراث النظام البطريركي، وهو نظام يشدد على قيمة الأسرة وسيطرة الأب، الذي يُوَرِّث مقاليد التحكم في الأسرة وأملاكها إلى ابنه، وعليه بالتالي إعلاء قيمة الزوج الواحد حتى تكون التراتبية في الأسرة واضحة.
فكرة الحبيب الواحد متأصلة في معظمنا، فنحن لا نشعر أنها اختيار أفضل، بل هي الاختيار الوحيد.
اقرأ أيضًا: فتوى داروين في تعدد الزوجات: علم النفس التطوري والسلوك الجنسي للبشر
بدأ بعض الباحثين من جامعة ميشيغان الأمريكية في إجراء أبحاث لمعرفة مدى تدخل الميل البشري، حتى ولو بدون قصد، في نتائج الأبحاث التي تؤكد تفضيل البشر الحبيب الواحد، وتوصلوا إلى أن المشكلة تكمن في طريقة إجراء الدراسات.
ينقل المقال عن «تيري كونلي»، رئيسة المجموعة البحثية، قولها إن «فكرة الحبيب الواحد أصبحت متأصلة في معظمنا، لهذا فإن الإيمان بها أمر مسلَّم به، فلا نشعر أنها اختيار أفضل، بل هي الاختيار الوحيد».
من أجل التأكد من انحياز قسم كبير من الأبحاث والدراسات نحو فكرة الحبيب الواحد، حاول الباحثون النظر في عدد من هذه الدراسات لنقدها وإعادة قراءتها.
كلمات الحب ليست محايدة
كانت البداية مع عدد من الأبحاث التي وجدت أن أحادية الحبيب تدعم قوة العلاقة. وكمثال، يوجد اختبار معروف باسم «مقياس الحب العاطفي» ظهر في الثمانينيات، وكان يُستخدم لقياس مدى الارتباط في العلاقة بين الطرفين. من بين أسئلة هذا الاختبار، يوجد سؤال عن مدى شعورك بالغيرة إذا عرفت أن حبيبك يحب شخصًا آخر، وكلما ارتفع مقياس غيرتك، حصلت على درجة أكبر في مقياس قوة العاطفة.
لكن العلاقات غير الأحادية لا تلغي الغيرة، إذ يمكن أن يسمح طرف للآخر بحب شخص غيره، لكن هذا لا يعني أنه لا يشعر بالغيرة في الوقت نفسه، لهذا لا تصلح الغيرة هنا لقياس قوة العاطفة.
ترى الدراسة أيضًا أن المفردات المستخدمة في استطلاعات الرأي الخاصة بالعلاقات ليست محايدة، لأن استخدام «الإخلاص» مقابل «الخيانة» أمر منحاز بوضوح، كما يُشار إلى الطرف الآخر أحيانًا بـ«المعتدَى عليه» أو «الطرف المَخُون»، وجميعها مفردات تحمل صدًى أخلاقيًّا واضحًا، لكنها تُستخدم رغم ذلك في الدراسات الأكاديمية.
سماحنا للعاطفة بتوجيه أفكارنا يبتعد بنا عن التفكير المنطقي.
بحسب المقال، تواجه كونلي في بحثها بخصوص تعدد العلاقات مقاومة من الباحثين الذي يميلون إلى العلاقات الأحادية، وبعض هؤلاء تحركه العاطفة أكثر من أي شيء آخر.
في إحدى دراساتها، لاحظت كونلي أن الأفراد الذين يتبنون فكرة تعدد العلاقات يمارسون الجنس بشكل آمن أكثر من أصحاب العلاقة الأحادية الذين يخونون أحباءهم سرًّا. وقد وصف أحد من راجعوا هذه الدراسة بأنها «غير مسؤولة»، ووصف باحث آخر العلاقات المثلية بأنها قد «تنحدر» أحيانًا لتصبح علاقات متعددة.
لهذا ترى كونلي أن سماحنا للعاطفة بتوجيه أفكارنا يبتعد بنا عن التفكير المنطقي.
قد يهمك أيضًا: ربما لم نُخلق لنحب مرة واحدة فقط
تعددت العلاقات والحب واحد
يصعب الوصول لنتيجة علمية عن أفضل أشكال العلاقات طالما هناك ميل نحو العلاقات الأحادية.
بناءً على استطلاعات الرأي في دراسة جامعة ميشيغان، فإن الأداء العام في مفردات العلاقة يتفق في العلاقات الفردية والمتعددة. والمقصود بالمفردات: الغيرة والعاطفة والرضا العام وغير ذلك، وهذا بعد إجراء مسح لألفي شخص أعمارهم أكبر من 25 عامًا، بينهم 617 شخصًا لديهم علاقات متعددة، والعلاقة الأولى مع شخص من جنس مختلف عنهم.
قد يعجبك أيضًا: العالم يتجه إلى العزوبية
ترى كونلي أن الأشكال المختلفة للعلاقات، بخلاف العلاقة الأحادية، بدأت بالتحول إلى علاقات طبيعية في بعض المجتمعات، ولكن حتى الآن تذهب الدراسة التي تُشرف عليها إلى أن فرضية تفوُّق العلاقات الأحادية على العلاقات الأخرى لا زالت هي الفرضية السائدة في الأبحاث التي تختص بالحب والعلاقات.
لهذا، سيظل من الصعب الوصول إلى نتيجة علمية واضحة عن أفضل أشكال العلاقات، طالما ظل هناك مَيْل نحو العلاقات الأحادية.
أندرو محسن