انفصال التوأم الملتصق: متى يتفلسف الأديب ويتأدب الفيلسوف؟
ظل الأدب والفلسفة ممتزجين ومتصلين ببعضهما منذ بداية الفكر الإنساني وحتى العصور الحديثة، وذلك عندما بدأ لفظ «الأدب» يُستخدَم فقط للدلالة على الكتابة الخيالية والجمالية بعيدًا عن الأفكار التي تحتويها، في حين اقتصرت الفلسفة على استخدام اللغة العلمية التي تلتزم منهجًا معينًا بهدف الوصول إلى نتائج وبراهين محددة.
ومع ذلك لم تعدم الفلسفة، رغم هذا الانفصال عن الأدب، فلاسفة رفعوا معول الهدم، وبدلًا من التجريد واستهداف البراهين العقلية وحدها معتمدين على حواسهم في فحص التجارب والظواهر المتنوعة، اعتمدوا التجسيد والحدس والرؤيا كأدوات للوصول إلى نتائج فلسفية تكاد تقترب في تأثيرها من الأدب.
من هؤلاء كان «نيتشه» الذي لم يُخلِّص لغته الفلسفية من تأثيرها الجمالي والتعبيري، فوضع في أواخر القرن التاسع عشر كتاب «هكذا تكلم زرادشت»، وجعل له عنوانًا جانبيًّا شعريًّا أكثر منه فلسفيًّا، وهو: «كتاب للجميع وليس لأحد». حتى إن كثيرًا من القراء والأدباء قرأوا الكتاب باعتباره رواية فلسفية أكثر من كونه كتابًا في الفلسفة.
إضافة إلى فيلسوف الهدم نجد الوجودي الكبير «هيدغر» الذي شدد، في النصف الأول من القرن العشرين، على أننا «يجب ألا نمارس الفلسفة إلا في شكل قصائد». وفي محاضرته «هولدرلين وماهية الشعر» يؤكد فيلسوف الوجود أن «ماهية الشعر تجعل منه تأسيسًا للوجود، وماهية الإنسان أن يحيا شعريًّا على هذه الأرض»، موضحًا بهذه الكلمات ما قصده هولدرلين حينما قال: «وما يبقى يؤسسه الشعراء».
الشعر والفلسفة: معضلة التعريف
إذا تجاوزنا معضلتي تعريف الشعر والفلسفة وتحديد منبعهما، فإن معضلة أكبر ستواجهنا، وهي: ما طبيعة عمل الشعر والفلسفة؟
إن أكبر الصعوبات التي تواجه الفيلسوف والشاعر على السواء هي «تعريف الفلسفة والشعر». فَهُمَا كالحب والإيمان، لا تستطيع أن تعرفهما إلا بالتجربة: كي تعرف الحب ينبغي أن تقع فيه، ولكي تعرف الإيمان يجب أن تؤمن. كذلك لا بد من أن تتفلسف حينما تحاول أن تُعَرِّف الفلسفة، وتكتب الشعر كي تتمكن من أن تعطي تعريفًا له، على الرغم من أن هذه التعريفات تكون ذاتية في غالبية الأحوال، ومتغيرة ومتنوعة بتغيُّر التجارب وتنوعها.
ولعل هذا ما أراد أن يؤكده القديس أغسطينوس، في اعترافاته، حين قال: «إنْ لم يسألني أحد ما عن الموضوع، فإنني عند ذلك أعرفه، أما إن سألني عنه أحدهم، وأنا أود شرحه له، فإنني حينئذ لا أعرفه». فكل فيلسوف بإمكانه أن يُعرِّف فلسفته الخاصة، إذا نجح في ذلك أصلًا، وكل عاشق يحكي عن عشقه الخاص، وكل شاعر يكتب قصيدته التي تختلف بالضرورة عن قصائد غيره من الشعراء.
ومع ذلك، فإذا تجاوزنا معضلة التعريف، وقلنا إنه مُرجَأٌ ومُؤجَّل دائمًا، فإن معضلة أخرى تواجهنا، وهي: ما هو منبع الشعر والفلسفة؟ إذ يجيبنا أفلاطون بأن «الدهشة هي منبع الفلسفة»، ويؤكد على ذلك أرسطو موضحًا أن الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف. ولكن أليست الدهشة أيضًا هي منبع الشعر والأدب والفن بشكل عام؟
وإذا تجاوزنا معضلتي تعريف الشعر والفلسفة وتحديد منبعهما، فإن معضلة أكبر ستواجهنا، وهي: ما طبيعة عمل الشعر والفلسفة؟
ففي دراسة نقلها إلى العربية حسونة المصباحي، يقول «جان بوفريه»، مترجم هايدغر إلى الفرنسية: «البون الشاسع بين الشعر والفكر قد يعود إلى أن الشعر كان موجودًا في حين أن الفكر لم يشرع بعد في التفكير، أو بالأحرى لم ينبثق الشعر إلا لكي ينحدر إلى الفلسفة، أي إلى الميتافيزيقا. الحوار مع الشعر لا يمكن أن ينطلق إلا من فكر بالكاد يكون متبلورًا». ثم يستشهد بوفريه بهايدغر الذي يقول: «مصير العالم يعلن عن نفسه في أعمال الشعراء من دون أن يكون قد ظهر وتجلى كتاريخ للكينونة».
الشعر هو الكلمات الأولى التي تنطلق من مخيلة الإنسان، أو هو «اللغة الأصلية للشعوب»، على حد تعبير هايدغر أيضًا. أي هو اللغة في حالتها الأولى وحُلَّتها البدائية قبل أن تخضع للاستخدام اليومي والتواصلي والنفعي. في حين يرى «جيل دولوز» «الفلسفة بتدقيق كبير هي الحقل المعرفي القائم على إبداع المفاهيم» دون الاكتفاء بالتأمل الذي هو حقل يسع كل الناس، وليس حِكرًا على الفلاسفة.
من هنا يمكننا أن نلخص الفرق بين طبيعتي الشعر والفلسفة (والتلخيص كالاختصار دائمًا مخل) قائلين إن الشعر يجعلنا نرى الكلمات والأشياء المألوفة في تجلياتها الأولى والمدهشة، في حين تجعلنا الفلسفة نرى الغريب مألوفًا، ما يمكننا من صياغة تلك الكلمات الغريبة والمدهشة في «مفاهيم».
قد يهمك أيضًا: إلى أين تأخذنا الفلسفة التجريبية؟
عداء الفيلسوف للشاعر
على الرغم من أن الفلسفة نفسها بدأت صياغتها بالشعر، وكانت في إرهاصاتها الأولى مجرد رد فعل على غموض الوجود ورهبته، ومحاولة شبه أسطورية للتعامل مع الكون وفك ألغازه، فإن هناك عداءً دائمًا ومتجددًا، واضحًا أحيانًا وخفيًّا أحيانًا أخرى، بين الفلاسفة والشعراء.
إن أكثر الفلاسفة عداءً للشعر هما أفلاطون ونيتشه على الرغم من أنهما أكثر الفلاسفة استخدامًا للغة الشعرية في كتاباتهما الفلسفية. فبينما اعتمدت رؤية أفلاطون للعالم على نظرية المُثُل التي هي أقرب إلى التصور الشعري والجمالي منها عن التصور المادي، نجد أن نيتشه حارب ميتافزيقا أفلاطون (المثالية)، بميتافيزيقا أخرى (إرادة القوة) لنكتشف أن القول الفلسفي، ككل محاولات القول الإنسانية، لن يستطيع الانفصال عن التعبير الشعري مهما حاول التحديد والتجريد وصدَّق في وهم العقلانية.
يوضح «كريستيان دومييه» أن الفكر لا يكون فلسفيًّا دائمًا، إذ تارة يكون فلسفيًّا، وأخرى شعريًّا، وطريقة التعامل مع اللغة هي سبب الالتباس.
أكد أفلاطون ضرورة طرد الشعراء من المدينة الفاضلة، فهم يعتمدون على الصور والمجازات والاستعارات بكثافة تجعل الفكر ينحرف عن العقلانية، إضافة إلى أن الشاعر يفضل العاطفة على العقل، وانعكاس الحقائق في صور مضللة بطريقة تجعله يبتعد عن الحقائق نفسها. وبهذا نجد أن المثالي الأول فصل بين الشعر والفلسفة فصلًا لا يقبل الاتصال، جاعلًا الفلسفة مختصة بالمعرفة والحقيقة، والشعر بالعاطفة والوهم.
يقول «كريستيان دومييه»، في كتابه «جنوح الفلاسفة الشعري» الذي ترجمته إلى العربية ريتا خاطر: «حين أصبحت الفلسفة أحد أنظمة الفكر عمدت مباشرةً إلى إدانة نقيضها المتمثِّل في أوباش الشعراء الدخلاء، إذ كانت ترى الشعر ينتمي إلى عالم الرؤية الخارقة مبعِدَةً إياه عن قضية الحقيقة العظمى التي تكرس نفسها لها».
وعلى الرغم من هذه الإدانة للشعر والشعراء من جانب الفلاسفة، يؤكد دومييه أن هذه الإدانة شُجِبَت في الواقع من خلال اللجوء المتكرر، في الخطاب الفلسفي بعامة، والسقراطي بخاصة، إلى الإحالات الشعرية والأسطورية.
يوضح دومييه أن الفكر لا يكون فلسفيًّا دائمًا، إذ تارة يكون فلسفيًّا، وأخرى شعريًّا، وطريقة التعامل مع اللغة هي سبب هذا الالتباس. فلا غنى لأي فيلسوف عن التعبيرات الشعرية لإيصال أفكاره لأن الفصل بين ما هو شعري وما هو فلسفي يبدو تعسفيًّا في غالبية الأحوال، والشاعر من جانبه لا يكاد يخلو ذهنه من فكر فلسفي يعتمده غالبًا في توثيق رؤيته، ما يجعلنا نردد مع الفيلسوف الإيطالي «جورجو أغامبين»: «يستوعب الشعر موضوعه من دون معرفته، بينما تعرف الفلسفة موضوعها من دون أن تستوعبه».
طبيعة عمل الشاعر والفيلسوف
هناك أفكارًا لا يمكن التقاطها إلا بالشعر، فالنفس الإنسانية، والتناقضات التي تحفل بها، تجعل مهمة اكتشافها باللغة العادية أمرًا بالغ الصعوبة.
إن الشعر لا يستخدم اللغة، ولكنه يخدمها، على العكس من النثر الذي تخدمه اللغة، وذلك وفقًا لـ«جان بول سارتر» في كتابه «ما الأدب». أي إن من يكتب الشعر لا يستسلم للاستخدام التقليدي للغة، وإنما يكون اهتمامه الأساسي بتفجير هذه اللغة وإعادة التعامل معها بما يُخرِجها من إطارها التواصلي إلى براحٍ جمالي متعدد التأويلات والدلالات والإيحاءات.
الشاعر يترك الواقعي إلى الخيالي، يحاور الحلم ويداعبه، بل يخلقه أحيانًا، يؤنسن الجمادات، ويجعل من كل ما هو صغير الشأن أسطورة في عين الرائي/السامع/القارئ. الشاعر يؤسس وجودًا آخر أكثر رحابة، وحياة خيالية، لكنها حيوية أكثر من حياتنا المعيشة.
بذلك نستطيع أن نقول إن الشاعر يخلق لغة أخرى غير تلك التي استهلكها البشر، لغة قد تصبح أكثر تواصلية من اللغة العادية شريطة أن يتعامل معها القارئ بحرية. إذ تتبدل وظائف الحواس، ما يجعل الأذن ترى، والعين تسمع، والصمت يتكلم، والكلام يخرس، أو يضلل في أفضل الأحوال.
إن اللغة، في غالبية استخداماتها اليومية، قد تبدو غير قابلة للإبداع، فهي توهم المتكلم والسامع معًا بأنها تنقل دلالات منطقية محددة متعارَف عليها، ما يؤدي إلى جمودها الذي يفضي بدوره، مع مرور الوقت، إلى جمود الفكر الإنساني. ولا مخرج من هذا المأزق إلا باشتغال الشاعر على هذه اللغة بما يسمح بتجديدها الذي يفضي بدوره، مع مرور الوقت، إلى تجديد الفكر الإنساني.
إضافة إلى ذلك، فإن هناك أفكارًا وحدوسًا لا يمكن التقاطها إلا بالشعر، وكذلك هناك تعبيرات إنسانية من المستحيل أن توجد إلا بواسطة اللغة الشعرية. فالنفس الإنسانية، على سبيل المثال، والتناقضات التي تحفل بها، تجعل مهمة اكتشافها باللغة العادية أمرًا بالغ الصعوبة. ولعل هذا ما جعل هيدغر يشير إلى أن الفكرة التي سبق لأرسطو أن عبَّر عنها في كتابه «فن الشعر» تظل صحيحة دائمًا: فالإبداع الشعري أكثر صدقًا من البحث المنهجي في الموجود.
ليس الشعر فقط الأكثر صدقًا من البحث المنهجي في الموجود. الرواية أيضًا تمتلك نفس الخاصية من وجهة نظر «ميلان كونديرا» الذي رأى، في كتابه «فن الرواية»، أن تشبيه الفلسفة بالرواية غير ملائم لأن الفلسفة تُطوِّر منظومة من الأفكار والمفاهيم في عالم تجريدي من دون شخصيات ولا مواقف، مشددًا على أن قوة التأليف عظيمة في الرواية، ما يجعلها أقرب إلى الشعر والخيال والفلسفة والحكمة والمقال مجتمعين.
من جانبه، أكد نجيب محفوظ، في رده على العقاد، أن «القصة شعر الدنيا الحديثة». موضحًا أن «مرونة القصة واتساعها لجميع الأغراض جعلها أداة صالحة للتعبير عن الحياة الإنسانية في أشمل معانيها».
هل نستطيع الفصل بين الأدبي والفلسفي؟
يقول «ديديرو»: كان الحكيم فيلسوفًا وشاعرًا وموسيقيًّا. فانحطت هذه المواهب بانفصالها عن بعضها.
إذا كان «الأدب مكبوت الفلسفة»، كما عبَّر عن ذلك «بيار ماشيري»، فإن الفلسفة، في بعض صورها، هي مَنْهَجَةُ الأدب، ووضع أفكاره في أطر معيارية. إذ حدث ما يشبه الاتفاق بين الفلاسفة ومنظري الأدب على أن العقل هو الذي يسيطر على الفلسفة/الفكر، بينما يوجِّه الحدس والانفعال الشعر بشكل خاص، والأدب بشكل عام.
يؤكد «بيار ماشيري»، في كتابه «بم يفكر الأدب؟»، أن الأدب والفلسفة ظلا ممتزجين امتزاجًا معقدًا. هكذا كانا إلى أن أقام التاريخ بينهما نوعًا من القِسمة الرسمية.
حدث هذا، بحسب ماشيري، في أواخر القرن الثامن عشر عندما بدأ لفظ «الأدب» يُستخدَم بدلالته الحديثة. وأشار المؤلف، في هامش الكتاب، إلى أن هذه الفترة تقع بين 1760 عندما أصدر «ليسينغ» (Lessing) مجلة «Briefe die neueste literatur betreffend»، و1800 حين ظهر مؤلف «مدام دو ستايل» «الأدب بالنظر إلى علاقته بالمؤسسات الاجتماعية».
من جانبه، يقول «ديديرو» (Diderot) إن الحكيم في ما مضى كان فيلسوفًا وشاعرًا وموسيقيًّا. لقد انحطت هذه المواهب بانفصالها عن بعضها. دائرة الفلسفة ضاقت، والشعر افتقد الأفكار، وافتقرت الأناشيد إلى القوة والعزم، والحكمة التي حُرِمَت من هذه الأعضاء لم تعد تُسمِع الشعوب السحر ذاته. موضحًا أن «الشعر يفترض حماسة تكاد تصدر عن الوحي الإلاهي. تطرأ على الشاعر أفكار عميقة يجهل مبدأها ونتائجها، في حين أنها ثمرات تأمل طويل عند الفيلسوف الذي يتعجب لذلك ويهتف: ما الذي أوحى إلى هذا المجنون بهذا القدر من الحكمة؟».
من الواضح أن ديديرو يتحسر على الزمن الذي كانت الحكمة فيه تجمع بين الشعر والفلسفة، ولا تفصل بشكل واضح بين العلم والفن، غير أن «كانط» (Kant) يقف على الجانب الآخر مؤيدًا هذا الانفصال، إذ يقول: «لا توجد علوم جميلة، فقط هناك فنون جميلة... إن علمًا يصبو إلى أن يكون جميلًا هو لغو لأننا إذا سألناه، باعتباره علمًا، عن مبادئ وبراهين، فلن نحصل إلا على كلام جميل».
لكن ما الذي يمنع الأدب من أن يكون ذا طابع فلسفي؟ وما الضرر في أن يقود العقلُ الأدب، وأن يحيط به الفكر؟ يجيب «كروتشه» (Croce) عن هذين التساؤلين بأن الظاهرة الفنية، بسبب طابعها الماقبل عقلي، تمثل الحدس المباشر المتحرر من أي تبعية لجهة اتخاذ موقف أيديولوجي أو نظري: فعل الخلق يعبر عن نفسه مباشرة في كلية الأثر الصافية، حيث الحدس والانفعال يسيطران سيطرة مطلقة في غياب التمييز بين الشكل والمضمون.
إن هذا الفصل بين الفلسفة والأدب، بما يؤدي إلى أن يكون العقل حِكرًا على الفسلفة، والحدس حِكرًا على الأدب، أراه فصلًا تعسفيًّا. فلا أحد يستطيع أن يفكك خطابًا واحدًا، سواء كان أدبيًّا أو فلسفيًّا، ليفصل فيه العقل عن الحدس بطريقة بسيطة وواضحة. فما هو تأملي وحدسي لا يمكننا تَلقِّيه وتقييمه إلا عن طريق العقل، وكذلك كل ما هو عقلي، لا نستطيع أن نفككه ونستوعبه من دون حاجة إلى طاقة حدسية وتأملية تجعل تقييمه أمرًا ممكنًا.
من هنا نخلص إلى أن وجود خطاب فلسفي بحت، وآخر أدبي أو شعري بحت، مجرد وهم. والحقيقة أن هناك عددًا من الخطابات المتداخلة التي لا يوضحها إلا التوجه العام للكاتب، والمسار الإبداعي الذي اتَّبَعه، والأدوات التي استخدمها في بناء خطابه وتشكيله.
الأكثر من ذلك أننا إذا فصلنا، بشكل متعسف، بين المعرفة باعتبارها خاصية فلسفية، والوجود باعتباره خاصية شعرية، فإننا نكون قد أوقعنا أنفسنا في حالة من عدم التوازن في أفضل الأحوال، إن لم تكن حالة العدمية الكاملة التي يكون سببها تلك الرغبة العارمة في المعرفة، والتي قد تنسينا الوجود نفسه، كما عبَّر عن ذلك الفيلسوف الدنماركي «سورين كيركغارد».
إن الفلسفة تقع في منزلة بين منزلتي الاستخدام الشعري واليومي للغة. لنقول في النهاية إن كل شاعر متفلسف بالضرورة، وإن كان متفلسفًا من دون «مفاهيم»، في حين أن الفيلسوف لا غنى له عن الشعر كرؤية مختلفة للعالم، ولكن من دون أن يكتب «القصائد».
محمد منصور