«جين غودال»: تجوب العالم من أجل الحيوانات رغم تجاوز الثمانين
تقضي «جين غودال»، العالمة المتخصصة في علوم الرئيسيات والأنثربولوجيا، التي أتمت في 2017 عامها الـ83، قرابة 300 يوم من الـ365 في العام في سفر متواصل، بهدف دراسة التفاعلات الاجتماعية والأسرية للشمبانزي.
تعتبر غودال أكثر العلماء خبرةً في هذا المجال، ويعتبرها كثيرون مثلًا أعلى، ويُحتفى بها من الأكاديميين والهواة على حد سواء، وهنا نستعرض أفكارًا ناقشتها خلال حوار لها مع مجلة «Scientific American».
جين غودال: تشابهات بين البشر والشمبانزي
في عام 1965، عرضت «National Geographic» فيلمًا وثائقيًّا عن غودال باسم «Miss Goodall and the Wild Chimpanzees»، أسهم في شهرتها وسلط عليها الضوء، واستغلته هي في تمويل أبحاثها في تنزانيا، وعملت على تشجيع اهتمام الأطفال بالبيئة، ووضع برامج لمكافحة الفقر في المناطق المحيطة بالمحميات الإفريقية، وتعزيز الإشراف البيئي، وسيُعرض كذلك فيلم جديد بعنوان «JANE»، يُسلط الضوء على المراحل الأولى من حياتها الوظيفية.
رغم الجهد الذي تبذله لمواصلة تحقيق العدالة الاجتماعية، فإن غودال لا تزال تحتفظ بمثاليتها، وترى أن كل فرد قادر على إحداث تغيير كل يوم، واختيار نوع التغيير الذي سيُحدثه.
اقرأ أيضًا: تماسيح بحيرة ناصر: تجارة محرمة تُدر ثروة على الصيادين
بمساعدة الشمبانزي، نحن نساعد البشر
تعتقد غودال أن رعاية الحيوانات ينشط السياحة البيئية، ويجلب الأموال للبلدان الفقيرة، ويوفر فرص عمل للسكان المحليين.
انتقد كثيرون اهتمام غودال برعاية الحيوانات في الوقت الذي يعاني فيه البشر، لكنها ترى أن العالم قد ينهار دون وجود الحيوانات، وبمساعدتهم فإنها تساعد البشر أيضًا، مما يخلق مناخًا بيئيًّا صحيًّا.
تعتقد الباحثة أن إهمال تحسين حياة البشر الذين يعيشون قريبًا من الشمبانزي في إفريقيا، كفيلٌ بتخلي البشر عن محاولة الحفاظ على تلك الحيوانات، إذ يُسهِم أحد أكبر خططها في إفريقيا في العمل على تحسين حياة البشر في 52 قرية حول حديقة «غومبي الوطنية» في تنزانيا، بالإضافة إلى برامج مماثلة في أوغندا والكونغو والسنغال وبوروندي.
يُسهِم ذلك أيضًا في تنشيط السياحة البيئية، وجلب الأموال لحكومات تلك البلدان، وتوفير فرص عمل للسكان المحليين، وتعليم الأطفال بشكل أفضل، إلا أن غودال ترى أن مضاعفة أعداد السياح قد يؤدي إلى تلف البيئة والحيوانات، لذا يجب أن تُتابع بعناية، وأن لا يقف الجشع عائقًا في طريق الاستدامة.
ووفقًا لغودال، نحن نتجه نحو كارثة مناخية، ويجب علينا التوقف عن استخدام وحرق مزيد من الوقود الحفري، والاعتماد بدلًا من ذلك على الطاقة المتجددة، فتزايد رغبة البشر في أكل مزيد من اللحوم، وحرق الغابات، وجمع ملايين الحيوانات في مزارع، ومعاملتهم كأنهم مجرد أشياء، كل ذلك سيُفضي حتمًا إلى كارثة.
اقرأ أيضًا: نعم، تغير المناخ يؤثر في البيئة، لكن كيف سيغير سوق العمل؟
التكنولوجيا لخدمة الحيوانات في تنزانيا
في الولايات المتحدة الأمريكية، ينشط عدد من العلماء سياسيًّا في استجابة للأحداث الجارية، بينما يعتقد آخرون أن العلماء يجب أن يظلوا بمعزل عن السياسة، غير أن غودال تؤمن بأن الأجيال القادمة مدينة للعلماء الذين يساعدون في توعيتهم، إذ دفعت سياسات إدارة ترامب عديدًا من العلماء إلى التحدث عما يدور في المجال السياسي.
ما زالت غودال قادرة، رغم بلوغها 83 عامًا، على السفر والتنقل بين البلدان لتأدية رسالتها.
لا تعتبر غودال نفسها عالمة، غير أن لديها فريق بحثي في غومبي، يستخدم أحدث التقنيات العلمية للحفاظ على البيئة، لكنها ترى أن إسهامها الأهم هو تعليم السكان المحليين والمتطوعين كيفية استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، لتسجيل ما قد يضر بصحة غاباتهم مثل قطع الأشجار بصورة غير شرعية، أو صيد الحيوانات الجائر، أو استهداف الحيوانات المعرضة للانقراض وغيرها، حتى يتمكن قادة القرى من اتخاذ قرارات.
ترى غودال أن هناك صلة عميقة بين البشر والحيوانات، فوجود كلب كحيوان أليف يمكن أن يُسهِم في تقليل الضغط، وتقول نادمةً إنها لا تقدر على اقتناء حيوان أليف لسفرها المتكرر، لكنها تشدد على أننا لن نستطيع الحياة على كوكب الأرض بسلام ما لم نتحمل مسؤوليتنا تجاه الحيوانات.
قد يهمك أيضًا: كيف تنقذ الفئران والكلاب مرضى السل والسرطان؟
غودال: وُهبت نعمتان
لا تفكر غودال في التقاعد رغم كبر سنها، وترى أنها وُهبت نعمتان:
- صحتها، فما زالت قادرة وعمرها 83 عامًا على السفر والتنقل بين الدول لأداء رسالتها
- التواصل مع الآخرين، فامتلاكها لأحفاد، وحبها للحيوانات، واعتقادها بأهمية وجود الروح في علاقتنا مع الطبيعة، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، هو ما تريد نشره بين الناس لإضفاء تغييرات بسيطة على حياتهم
وتعبيرًا عن معتقداتها الدينية، كررت جين غودال أكثر من مرة أنها تؤمن بوجود خالق، أو قوة روحية عظيمة، تدفعها دائمًا لفعل ما تراه خيرًا للبشرية والناس.
أحمد حمدي مسلَّم