يعني قلبها مال: لماذا تنجذب الفتيات إلى الشاب المرح؟
نشرت «ماري لويز كوان» و«أنطوني ليتل»، من جامعة ستيرلينغ في إسكتلندا، واحدة من الدراسات النفسية الأكثر شمولًا عن دور الفكاهة في انجذاب الفتيات نحو الشباب. أوضحت الدراسة سبب العلاقة بين المرح وخفة الظل وإعجاب الفتيات بالشباب، كما اكتشفت دراسة سابقة أن الرجال يميلون إلى الفكاهة والمرح، وهي أمور تحبها النساء وتبحث عنها في أي رجل.
لكن لماذا وضع العلم الفكاهة باعتبارها العنصر الأساسي لانجذاب المرأة نحو الرجل قبل أي مميزات أخرى؟ ولماذا يؤدي كشف علماء النفس لهذا الأمر إلى إحداث فارق هائل في ديناميكيات المغازلة بين الرجل والمرأة، بالنظر إلى مَن يتمتع بروح الدعابة والفكاهة أكثر من الآخر ومن الذي يضحك: الرجال أم النساء؟
طرح مقال منشور على موقع «سايكولوجي توداي» هذه الأسئلة وحاول اكتشاف إجاباتها.
العلاقة بين المرح والمغازلة
كشفت الأبحاث أن محاولة إمتاع نفسك، أو أن تجعل شخصًا يعبِّر عن شعوره بالمرح والتسلية، مؤشر قوي على الانجذاب الرومانسي بحسب المقال، وبعبارة أخرى: يمكن قياس مدى رغبتك في البقاء مع شخص آخر بقياس كمية الضحك في أثناء المزاح بينكما.
تقول نظرية التطور إن المرء لا يرغب في أشياء من قبيل الصدفة، بل إن هناك قيمة نفعية دائمة تعود علينا من الأشياء التي نرغب فيها. وتركز النظرية على مستوى اللاوعي، إذ ينتبه الفرد إلى الخصائص التي من شأنها أن تساعده في نقل جيناته الوراثية إلى الأبناء.
هذا ما يفسر، كما يرى المقال، تفضيل النساء للرجال الأكبر سنًّا والأطول قامةً، وميل الرجال إلى النساء الأصغر سنًّا لأنهن أكثر خصوبة وقدرة على الإنجاب.
يشير المقال كذلك إلى أن الشخص الجذاب جسديًّا يراه الآخرون أكثر مرحًا، وبعبارة أخرى: يمكن أن تعتقد أنك تنجذب إلى شخص معين لأنه يجعلك تضحك فقط، لكن الحقيقة أنك معجب به وهذا ما يجعلك تضحك.
خفة الدم ميزة وراثية
يمكن عند معرفة حقيقة ما يحدث من منظور العلاقة الوثيقة بين المرح والمغازلة أن نحسِّن عملية «اختيار الحبيب». ورغم كل شيء، فإن أحد أسباب استخدام الكحول والمخدرات هو الاعتقاد أنها وسائل تساعد في جذب اهتمام الفتيات أو الشباب على حد سواء، عبر الشعور بالمتعة والمرح والضحك.
من المهم التمييز بين خفة الظل والنكات المحفوظة التي لا تكون فعالة لدى معظم النساء، ولا تُظهر ذكاء قائلها.
تؤكد أحدث الأبحاث أن الرجال يفضلون النساء اللاتي يقدِّرن الفكاهة بدلًا من النساء اللاتي يتمتعن بروح الفكاهة، في حين تفضل النساء الدخول في علاقة مع رجال يتمتعون بروح مرحة وخفة ظل.
تتطلب التحديات العقلية المختلفة، والمرتبطة بكون الشخص فكاهيًّا وخفيف الظل، العديد من القدرات مثل التفكير المجرد، وتقدير وفهم عقل الجمهور، ومهارات لغوية متقدمة للغاية، وقدرة عالية على الإبداع، وكل هذا يعني أن روح الدعابة تكشف مدى سرعة عمل عقل هذا الشخص، بحسب المقال. ولأنه من الصعب أن يكون الشخص فكاهيًّا وخفيف الظل، فإن هذه الخصلة تصبح دليلًا على جودة صفاته الوراثية.
اقرأ أيضًا: كيف تتأثر نظرة النساء إلى وسامة الرجل بظروف البيئة؟
الدعابة العفوية
يفشل عديد من الرجال في فهم ما تقدِّره النساء حقًّا في الفكاهة، إذ يشعرون أنها مفيدة كعنصر لجذب الفتيات، لذلك يلقون النكات المحفوظة خلال حديثهم، بما فيها النكات الجنسية التي يحفظونها، وهذه النكات لا تعكس جودة الصفات الوراثية مثلما تفعل روح الدعابة العفوية، وفق دراسة يورد المقال نتائجها.
جادلت هذه الدراسة بأنه من المهم التمييز بين خفة الظل (النكات العفوية التي تناسب سياق المحادثة تكون مُضحكة حقًّا وتتطلب معدل ذكاء مرتفع)، وبين النكات المقررة سَلفًا، والتي عادةً ما تكون غير فعالة لدى معظم النساء ولا تُظهر ذكاء قائلها.
حين نفذا الدراسة، كان هدف ماري لويز كوان وأنطوني ليتل حل هذه الألغاز في العلاقة بين خفة الظل والمغازلة، فقدما بعض الصور الفوتوغرافية ومقاطع صوت وفيديو لمشاركين يلقون النكات بطريقة عفوية، ووضعوا تصنيفات لخفة الظل والجاذبية.
وجد الباحثان أن انجذابنا الجسدي نحو شخص ما يجعلنا نراه مرحًا أو فكاهيًّا، والفكاهة إشارة تعبِّر عن الرغبة الرومانسية، فإذا كنا نجد شخصًا جذابًّا واكتشفنا لاحقًا أنه خفيف الظل، فسيزداد اهتمامنا به.
استراتيجية الفكاهة والحب
تساءل الباحثون عن سبب استمرار الرجال في استخدام أساليب المغازلة التي لا تحظى بشعبية كبيرة لدى النساء.
تشير الدراسات التي يورد المقال نتائجها إلى اختلافات مثيرة للاهتمام في تلقِّي الدعابة، اعتمادًا على ما إذا كان الشخص يريد علاقة لفترة طويلة أو علاقة قصيرة المدى، فالرجال يحبون أن تتمتع النساء بروح الدعابة والمرح في بداية العلاقة، لأن هذا يدل على الحب والقبول بين الطرفين، خصوصًا في العلاقات قصيرة المدى.
إذا ارتبطَتْ خفة الظل والفكاهة عند الرجل والمرأة بالغزل، فإن غزل الرجال يبدو أقل جاذبيةً للنساء اللاتي يردن علاقة طويلة الأمد، وقد يكون هذا لأن الفكاهة تخلق انطباعًا بعدم جدية الرجل، وتشكك في استعداده للالتزام بتلك العلاقة.
لذلك، يرى الرجال والنساء أن تقدير الفكاهة أمر مهم للغاية في العلاقات المؤقتة قصيرة المدى، لكنه يصبح أقل جاذبيةً في العلاقات طويلة المدى، خصوصًا حينما تبدأ المرأة بالتفكير إن كانت ترغب في رجل ساخر.
تشير هذه النتائج عن الفكاهة والحب إلى أن استراتيجية المغازلة المُثلى للرجل تكون باستخدام الدعابة في المراحل المبكرة من العلاقة من أجل «جذب» المرأة، على أن يصبح الرجل أكثر جديةً وأقل فكاهةً مع تطور العلاقة.
أما للمرأة، فإن الاستراتيجية الأفضل هي أن تجد رجلاً ممتعًا ومرحًا، بخاصةً في بداية العلاقة. وقد يكون من المفيد للمرأة أن تلاحظ وتحلل ما الذي يجعلها تضحك: هل هي سرعة الرجل وقدرته على الرد بخفة ظل في الموقف الذي يجمع بينهما؟ أم أنه يعتمد على نكات حفظها مسبقًا وجمل جذابة قد يكون أخذها من مواقع الإنترنت؟
قد يهمك أيضًا: فلسفة الضحك: كيف يضحك السعوديون؟
تلاشي روح الدعابة
تساءل الباحثون كذلك، بحسب المقال، في أثناء دراستهم للمحادثات بين الرجال والنساء عن السبب الذي يدفع الرجال إلى الاستمرار في استخدام كثير من أساليب المغازلة التي يعرفون أنها لا تحظى بشعبية كبيرة لدى أغلب النساء، مثل النكات الفظة، والمجاملات الخاوية، والتلميحات الجنسية، وتعجبوا من حقيقة أن هذه الاستراتيجيات لم تكن تهدف إلى إثارة إعجاب المرأة، بل إلى فحص ما إذا كانوا على استعداد لإقامة علاقات سريعة بسهولة.
تتوقع ماري لويز كوان عدم وجود اختلاف بين المثليين وغيرهم في تفضيل الدعابة والفكاهة في الحبيب، إذ أن الدوافع التي تأخذنا لهذا الاتجاه دوافع وراثية قوية في مخزوننا العقلي، تدفعنا إلى الاستجابة لمواقف معينة بطريقة محددة، وقد تكون قوية ولها تأثير كبير بغض النظر عن توجهاتنا الجنسية.
لذلك، قد يرغب كلٌّ من الرجال والنساء، حسب المقال، في التفكير في تلك الاحتمالية، خصوصًا في بداية العلاقة، وذلك لأنهم يدخلون علاقة بسبب الانجذاب الجسدي بينهم، وهذا سبب أن كل ما يقولون في بداية العلاقة يبدو ممتعًا ومسليًا للغاية، وبمجرد أن تتلاشى هذه الرغبة الأولية، تصبح النكات سخيفة دون معنى وغير مضحكة على الإطلاق.
لكل هذه الأسباب، يبدو أن التوقيت مهم للغاية عندما يتعلق الأمر بالفكاهة، والعلاقة بين الفكاهة والمغازلة.