إنو.. ع أساس.. طق حنك.. فاهمني؟ ما هي لوازم الكلام وكيف نتخلص منها؟
لكثير من الناس «لازمة» كلامية تصحب حديثهم باستمرار ودون قصد، وتأتي عادةً على هيئة ألفاظ تتنوع بين استفهام واستطراد، مثل «اللي هو..»، «ما بعرف»، «يعني..»، «شسمَه؟»، «وكذا..»، «تمام؟»، «فاهم؟».
ينزعج كثيرون من هذه اللوازم لأنها تجعل حديثهم يبدو أقل ثقةً، كما أنها إن زادت تتحول إلى عامل تشتيت يجعل متابعة الكلام أصعب.
ورغم اعتقاد أغلبنا أن هذه الظاهرة ليس فيها ما يستحق الدراسة ولا الاهتمام، فإن بعض العلماء ومدربي التواصل كرَّسوا وقتًا لدراستها، ومن هؤلاء خبيرة التواصل ومدربة الخطابة «ليزا مارشال»، التي شرحت رأيها بشأن لوازم الكلام وأنواعها وطرق التخلص منها في مقال على موقع نيويورك تايمز.
لكن، إنزين، ما لوازم الكلام بالضبط؟
تزيد اللوازم عادةً عندما نكون قلقين، كما يحدث في مقابلات العمل.
بحسب المقال، يصف خبراء التواصل كلمات مثل «عم قُلَّك» و«يعني» و«لأنو» و«طيب» و«إنزين» وأشباهها بأنها تؤدي أكثر من وظيفة، فهي أحيانًا «محددات للكلام»، توضع لفصل الجملة إلى نصفين كل واحد مستقل عن الآخر، وتُستخدم مثل فاصلة للاستراحة أو أخذ النفس، وأحيانًا للتفكير في ما ينبغي أن نقوله بعد ذلك.
تعمل اللازمة كذلك لمنع مقاطعة الحديث، فهي تبعث إشارة إلى المستمع مفادها أنني على وشك قول شيء ما، وعليك بالتالي أن لا تقاطعني حتى أنتهي. وإضافةً إلى ذلك، ربما تُستخدَم اللازمة للتشديد على جزء من الحديث، كما لو كنت تضع تحته خطًّا في كلامك، فيمكنك مثلًا ملاحظة أن قول «اللي هو..» يتبعه عادةً جزء أساسي من الحديث.
تزيد اللوازم عادةً عندما نكون قلقين، كما يحدث في مقابلات العمل أو الحديث أمام جمهور، لأن التوتر يدفعنا إلى الحديث بسرعة، ممَّا يجعلنا بحاجة أكبر للوازم الكلام من أجل تنظيم التنفس وإبطاء إيقاع الحديث، حتى لا يسبق كلامنا تفكيرنا.
قد يهمك أيضًا: لماذا نزداد قلقًا يومًا بعد يوم؟
طيب.. ما مشكلة اللوازم إذًا؟
تبدأ المشكلة عندما تزيد اللوازم بدرجة مزعجة، إذ ربما تؤدي عندئذ إلى تشتيت الانتباه عمَّا تحاول قوله فعلًا، أو تجعلك تبدو غبيًّا أو متوترًا دون داعٍ.
تُقارن ليزا مارشال هذه اللوازم بالألفاظ البذيئة، التي ترى أن استخدامها من آنٍ إلى آخر قد يخدم التعبير، لكن المبالغة تؤدي إلى إفقادها معناها، وتجعل المتحدث يظهر كشخص بليد أو فقير في قدرته على استخدام اللغة.
ربما كان بدء الكلام بـ«والله..» يبدو ذكيًّا في الماضي، لكنه لم يعد كذلك الآن.
تشير مارشال كذلك إلى أن المواقع التي تأتي فيها لوازم الكلام تؤثر على رؤية الآخرين للمتحدث، فهم يميلون إلى رؤية الشخص الذي يُكثر من وضع لوازم كلامية قبل التعبير عن فكرته كما لو كان مهزوز الثقة، أو غير مستعد للحديث، أو متواضع القدرات، لكن أحكامهم تأتي أخف إذا استخدم المتحدث اللوازم وسط الكلام.
لا ينطبق هذا بالطبع على المتحدثين الذين اكتسبوا سمعة طيبة بالفعل، فمهما أكثر هؤلاء من استخدام لوازم الكلام سيراها الناس كأنها سمات فردية خاصة بهم، ولا تشير إلى ضعف في القدرات أو الثقة بالنفس.
لكن المبتدئين في أي مجال يَظهرون أقل مصداقيةً إذا أكثروا من استخدام اللوازم، وهنا بالذات تكمن مشكلتها، رغم أن اللوازم تخضع بالطبع لتحولات ثقافية أحيانًا، فربما كان بدء الكلام بـ«والله..» مثلًا يبدو ذكيًّا في الماضي، لكنه لم يعد كذلك الآن.
اقرأ أيضًا: 5 أسئلة ستجعلك تدور حول ذاتك.. لحظة، ما هي ذاتك؟
هل يمكن.. أقصد.. كيف نتخلص من اللوازم؟
لحظة من الصمت أفضل من لفظ يقتحم الكلام ويشتت المستمع.
تدعونا ليزا مارشال إلى إدراك أننا ربما نحتاج إلى التخلص من هذه العادة إذا كانت تؤدي إلى إظهارنا في صورة أشخاص مهزوزي الثقة، كما ترى أننا ينبغي في كل الأحوال أن نضع المسألة في اعتبارنا، لكي نفهم على نحوٍ أفضل كيف نقدم أنفسنا إلى الآخرين وكيف يروننا.
كمدربة للخطابة، تقترح مارشال على عملائها تسجيل محادثاتهم ثم إعادة الاستماع إليها لمدة خمس دقائق يوميًّا طَوَال أسبوعين، حتى يدركوا بالضبط أين تقع مشاكلهم في التواصل. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب منهم الهدوء والاسترخاء، وأخذ نفس عميق بعد الانتهاء من التعبير عن الفكرة، لأن التركيز على التنفس سيجعل استخدام اللوازم أصعب.
يمكن كذلك استبدال وقفات صامتة قصيرة بهذه اللوازم. ورغم أن هذا قد يكون مربكًا أو غريبًا في البداية، إلا أن لحظة من الصمت قد تكون أفضل كثيرًا من لفظ يقتحم الكلام دون داعٍ ويؤدي إلى تشتيت المستمع.
ربما تكون حلول مارشال مستَغرَبة أو غير واقعية، لكنها ستصير جادة للغاية قياسًا إلى ما اقترحته أستاذة اللغويات «إميلي تاكر برودومو»، التي ترى وجوب تطوير تطبيق للهاتف المحمول يصدم صاحبه بالكهرباء كلما استخدم لازمة كلامية.
يبدو أن بعض الناس، يعني، يكرهون هذه اللوازم فعلًا.
أحمد الشربيني