سَطلة إيجابية: 8 مبدعين غيروا التاريخ تحت تأثير المخدرات
لا يؤمن عوض أن مهنته كتاجر مخدرات لها قيمة كبيرة. أنصحه بإعادة التفكير في الأمر، ساردًا له عدة أمثلة تبين أهمية السلعة التي يقوم ببيعها للناس.
تتضمن الأمثلة عددًا من القامات العلمية والأدبية، تناولت المخدرات وأسهمت في تطور البشرية. لم يميِّز منهم اسمًا، إلا أنه اندهش كيف لشخص «مسطول» أو «مِبَرشِم» أو «مسَطَّر» أن يكون صاحب مركز أو مكانة في المجتمع الذي يعيش فيه. قلت له إن عوامل كثيرة واعتبارات أكبر من نهاية فيلم «الكيف» المأساوية هي التي تحدد نظرة المجتمع لمثل هذا الشخص، وإن إسهاماته في المجتمع هي التي تتحدث عنه في نهاية الأمر.
كارل ساغان
عالم الفلك الأمريكي «كارل ساغان» (Carl Sagan)، الذي وُلد في نوفمبر 1934 وعاش حتى عام 1996، كان يدعم تناول الماريوانا كمحفِّز على الإبداع.
أوضح «ساغان» في مقال سابق، نشره تحت اسم مُستعار في 1971، أن تناوله الماريوانا للمرة الأولى جعله يُكنُّ تقديرًا خاصًّا للفنون بجميع أنواعها، إذ إن شعور النشوة الذي يصاحب تدخين المخدر مكَّنه من الوصول لدرجة كبيرة من فهم مقاصد الأدباء والفنانين والموسيقيين في أعمالهم، وخلق لديه رابطًا غير محسوس بينه وبين ما ينتجوه. يتمنى الرجل أن يتمكن العالم من تقنين القِنَّب؛ المخدر الذي يبعث قدرًا كبيرًا من السكينة في عالم مليء بالجنون والخطر، على حد قوله.
درس «ساغان» الفيزياء في جامعة شيكاغو، ونال شهادته فيها عام 1955، وتدرج في دراسته حتى حصل على شهادة الدكتوراه في علم الفلك والفيزياء الفلكية، وعمل محاضرًا وباحثًا في جامعة هارفارد حتى عام 1968، ثم انتقل إلى جامعة كورنيل لينال فيها درجة الأستاذ (بروفيسور) عام 1971.
كان «فرويد» يتناول جرعات قليلة من الكوكايين لمواجهة الاكتئاب وعُسر الهضم، ويحصل على نتيجة مذهلة.
كان يعتقد بأن الكون هائل الحجم إلى الدرجة التي تتيح إمكانية وجود حياة أخرى بعيدًا عن إطار الأرض، إن توافرت الشروط الملائمة للحياة في مكان آخر غير كوكبنا، وهو الأمر الذي لا يستبعده «ساغان» بالنظر إلى كونٍ يضم أعدادًا ضخمة من المجرات والنجوم والكواكب.
أسهم الرجل في إنتاج سلسلة علمية مكتوبة ومرئية بهدف تبسيط النظريات للجمهور ، وأبرز كتبه «نقطة زرقاء باهتة» عام 1994.
اقرأ أيضًا: في السحابة: لماذا تلجأ أعداد متزايدة من الناس لتجربة «السايكديليك»؟
سيغموند فرويد
كان عالم النفس النمساوي الأشهر يفضِّل الكوكايين على باقي المخدرات، واستخدمه في أبحاثه العلمية، وكتب عنه قائلًا إن المخدر سيكون له مستقبل كبير في مجال العلاج النفسي، إذ إنه كان يتناول جرعات قليلة منه لمواجهة الاكتئاب وعُسر الهضم، ويحصل على نتيجة مذهلة.
اقترح «فرويد» (Sigmund Freud) استبدال الكوكايين بالمورفين في العلاج النفسي، وشرح في المقال السابق كيف يسهم المخدر في علاج العديد من الأمراض النفسية والجسدية، بدرجات أقل من الإدمان الذي يسببه المورفين.
أسهم «فرويد» في تطوير مبادئ علم النفس والتحليل النفسي لتشريح النفس البشرية، وتُعد أبحاثه مراجع مهمة في مجال علم النفس حتى يومنا هذا.
بول إيردوس
عالم الرياضيات المجري كان يتناول يوميًّا أقراص الأمفيتامين (Amphetamine)، التي تسبب حالة من النشاط المفرط، واشتهر بنشاطه الشديد واستيقاظه المبكر، والعمل لساعات طويلة على معادلات رياضية معقدة.
كان عالم الرياضيات الآخر «رونالد جراهام» (Ronald Graham) قلقًا بشأن تعاطي صديقه «إيردوس» (Paul Erdős) الزائد للأمفيتامين، وراهنه في 1971 على الامتناع عنه مقابل 500 دولار. قَبِل «إيردوس» الرهان وامتنع عن المخدر 30 يومًا، وربح المبلغ، لكنه أخبر صديقه أنه أدرك أنه ليس مدمنًا، غير أنه لم يتمكن من إنجاز العمل الذي كان يقوم به تحت تأثير الأقراص، إذ كان يستيقظ صباحًا وينظر إلى الورق الخالي دون فكرة واحدة عما سيقوم بعمله، ثم قال إن الرياضيات بذلك تأخرت شهرًا كاملًا.
عاود الرجل بعدها تعاطي الأمفيتامين واستأنف أبحاثه في الرياضيات، ليُسهم في تطوير العديد من النظريات الرياضية التي تدرَّس حتى اليوم، كما أسهم في تطوير التحليل الرياضي ونظرية الاحتمالات، التي تدرِس احتمال وقوع الحوادث العشوائية بمنهج رياضي، وحل نظرية «رامزي» التي تدرس ظروف ظهور النظام.
ستيف جوبز
«تناولي مخدر الـLSD كان أحد أهم ثلاثة أشياء فعلتها في حياتي»، يقول ستيف جوبز (Steve Jobs) إن التجربة كان لها أثر سحري عليه، ودفعته لتوسيع مداركه وخياله لآفاق ربما أدت في نهاية الأمر لتصميمه سلسلة حواسيب «آبل» و«ماكنتوش» في أواخر السبعينات، وفيما بعد، استطاعت شركته أن تجعل من جهاز «ماكنتوش» ثلاثة أجهزة محمولة: «آي بود» و«آي فون» و«آي باد».
بيل غيتس
أعلن مؤسس شركة «مايكروسوفت» لتطوير البرمجيات «بيل غيتس» (Bill Gates)، في لقاء سابق، تناوله مخدر الـLSD المسبب للهلوسة، إلا أنه أكد أن هذا حدث في فترة شبابه فقط.
قد يعجبك أيضًا: ترامب، غيتس، زوكربيرغ: هل يأتي النجاح بالوراثة؟
هانتر طومسون
الصحفي الأمريكي الذي طوَّر أسلوبًا جديدًا في الكتابة الصحفية في السبعينات، أسماه «جونزو» (Gonzo)، والذي اعتمد على القصة الصحفية التي يشارك فيها الصحفي نفسه، ويحكي كيف حصل عليها، لا عن الموضوع نفسه، ويعتمد على السخرية وإدخال الرأي الشخصي للصحفي واستخدام اللغة الدارجة، وهو ما تطور فيما بعد من خلال برامج الـ(Satire) الساخرة على التليفزيون.
اعتاد «طومسون» (Hunter S. Thompson) أن يبدأ يومه متأخرًا، بجرعات من الكوكايين والأسيد (Acid) والماريوانا، وإطلاق النار في حديقة منزله. كتب عددًا كبيرًا من التقارير الصحفية على طريقة «جونزو»، لم تلق في البداية قبولًا من مديري تحرير الصحف التي عمل بها، الذين رفضوا أسلوبه أكثر من مرة، إلا أن أحد هذه التقارير، «الخوف والاشمئزاز في لاس فيغاس» (Fear and Loathing in Las Vega)، تحوَّل إلى كتاب ثم أُنتج فيلمًا، ونال طومسون إثر ذلك شهرة واسعة.
كان سيد درويش، بحسب ما يُتدَاول عنه في الأوساط الموسيقية، يحب الحشيش والكوكايين.
غنيٌّ عن القول إن القصة تضمنت استخدام «طومسون» أغلب أنواع المخدرات بكثافة، في أثناء توجهه لمدينة لاس فيغاس الأمريكية لتغطية سباق دراجات نارية لإحدى الصحف.
سيد درويش
الموسيقي الأشهر على الإطلاق في العالم العربي، والذي تمكن من نقل الموسيقى العربية والمصرية إلى مكانة مهمة؛ بخلط التراث التركي والفارسي والعربي، والتوجه بأعماله الغنائية نحو المجتمع ومشاكله، بدلًا من الحب والهجر اللذين اشتهرت بهما أغاني الفترة التي عاش بها.
رفض نجيب محفوظ مساواة الحشيش بمخدرات أخرى تدمر الجسد كالهيروين.
كان سيد درويش، بحسب ما يُتدَاول عنه في الأوساط الموسيقية، يحب الحشيش والكوكايين، حتى إنه غنى للاثنين، وذكرهما الشيخ زكريا أحمد أيضًا في أغنيتي : «الحشاشين التحفجية» و«الكوكاينجيَّة».
قيل إن وفاة درويش كانت نتيجة جرعة زائدة من الكوكايين، يوم وصول الزعيم سعد زغلول من منفاه إلى مصر، لكن آخرين ينفون ذلك، ويؤكدون أنه اغتيل بسبب مواقفه السياسية.
نجيب محفوظ
في حواره مع رجاء النقاش، يرفض الأديب العالمي نجيب محفوظ مساواة الحشيش بالمواد المخدرة الأخرى التي انتشرت مؤخرًا؛ مثل الهيروين، إذ يرى أن الهيروين من المواد التي تدمر الجسم وتقضي على عقول الشباب.
ويضيف محفوظ: «ربما كان سيد درويش من أوائل الذين تنبهوا إلى هذا الفارق، فعندما لحَّن أغنية عن الكوكايين هاجمه بشدة وحذر من خطورته. وأذكر أن عددًا من كبار الكتاب السياسيين؛ مثل عباس محمود العقاد، شنوا حملة شديدة على تعاطي الكوكايين عندما بدأ في الانتشار فترة ما بين الحربين العالميتين. وعندما غنى سيد درويش للحشيش في أغنيته المعروفة عن الحشاشين لم يهاجمه أحد، وكانت كلمات هذه الأغنية فيها نوع من البهجة والسخرية. ولا يقف سيد درويش ضد الحشيش إلا عند الشدائد والأزمات الوطنية. وأقول هنا إنه يجب إعادة النظر في العقوبة الخاصة بالحشيش، فربما تؤدي إلى التخفيف من خطر المخدرات وصفوف الإدمان الرهيبة الأخرى».
ويؤكد الرجل الفائز بجائزة نوبل في الأدب أن الحشيش كان نِعم الصديق للشعب المصري؛ لأنه «خفف عن الناس المرارة التي يعيشونها في نهارهم، وكان بمثابة المُسكِّن للأوجاع في الليل»، مشيرًا إلى أن ما ساعد على انتشار الحشيش بين جماهير الشعب، خصوصًا الطبقات الفقيرة، أنهم لا ينظرون إليه نظرة التحريم الديني التي يرونها في الخمر، فالإنسان المصري لديه استعداد لأن يدخن الحشيش ولكن لا يتناول البيرة مثلًا، رغم أنها أخف أنواع الخمور؛ وذلك لاعتقاده أنه لا يوجد نص ديني قاطع يحرِّم الحشيش بالتحديد.
قد يهمك أيضًا: هل يُغني فيسبوك وتويتر عن قراءة المتنبي ونجيب محفوظ؟
عندما سردتُ لعوض كيف أثَّرت المخدرات في عدد من القامات العلمية والأدبية؛ اندهش، لم يتمكن من الاستيعاب الكامل لفكرة أن عالم نفس كبيرًا كان «شمَّام» بودرة، أو أن كاتبًا عظيمًا كان حشاشًا، لكنه سألني: إذا كان هؤلاء يتعاطون المخدرات وأحبهم العالم، فلماذا إذًا تُجرِّمه الدول والحكومات؟
أبتسم وأقول له إن هذا موضوع آخر، إلا أني أتذكر ما قاله مغني الريجي الجامايكي الشهير «بوب مارلي» (Bob Marley)، الذي أحب تدخين نبات القِنَّب بشدة، من أن المخدر يسبب حالة من السلام والسكينة، وأيضًا حالة من التمرد على الحروب التي تعم العالم، ولهذا فإن الأنظمة التي تحكم العالم تخشاه وتتعنت في تقنينه؛ حتى لا يثور عليهم مَن يتناوله ويطالب بتحقيق السلام.