ترامب، غيتس، زوكربيرغ: هل يأتي النجاح بالوراثة؟

سحر الهاشمي
نشر في 2016/11/28
بيل غيتس صغيرًا بين أفراد عائلته

نعيش اليوم عصر ريادة الأعمال والمشاريع القائمة على قصص نجاح تطبيقات تكنولوجية مبتكرة ومنصات التمويل الجماعي، لذا فإن خريجي كليات إدارة الأعمال والتجارة باتوا يتجهون في السنوات الأخيرة مباشرة إلى العمل لحسابهم الخاص والسعي لإطلاق مشاريع فردية، على خطى بيل غيتس (مايكروسوفت)، ومارك زوكربيرغ (فيسبوك)، وإيفان شبيغل (سناب شات)، وتوري بورش (صاحبة العلامة التجارية)، بدلًا من الاعتماد على الأسلوب التقليدي للعمل.

ولكي تزدهر تلك المشاريع، فإن وصفة النجاح الافتراضية تتضمن:

  1. الحاجة إلى تمويل مادي كبير (وهو ما نشير إليه برأس المال).
  2. شبكة واسعة من العلاقات المفيدة، لتسهيل التفاوض والوصول إلى الأهداف بأقل قدر ممكن من الجهد والمال.
  3. القدرة على تحمل الخسائر المتوقعة في أسوأ الأحوال، فبعض أصحاب المشاريع لا يجنون رواتب لفترة من الزمن، قبل أن يثمر المشروع عن أرباح حقيقية.
  4. الاعتماد على المدخرات الشخصية ومساعدات الأهل والأصدقاء.

الأثرياء:  أكثر نرجسية وأوفر حظًا

«دونالد» ووالده «فريد ترامب»، أحد أشهر ملّاك العقارات في نيويورك

وراثة المال هي الطريق الأسهل لإنجاح المشاريع الناشئة.

إلا إن هناك عاملًا جديدًا كشفه أحد الأبحاث أخيرًا؛ إذ رأت دراسة قام بها باحثون في جامعة «كينغز كوليج» البريطانية أن المورثات الجينية هي العنصر الحاسم للنجاح أو الفشل، مبينة أن 37% إلى 48% من الميول التي يمتلكها الأشخاص لعالم التجارة لا تأتي إلا بالوراثة، وتلعب صفات وراثية مثل الإصرار والتحكم بالنفس والانفتاح على تجارب جديدة دورًا بارزًا في التأهل للنجاح بشكل غير مباشر.

يشير الباحث «روس ليفن» من جامعة بيركلي إلى أن وراثة المال هي الطريق الأسهل لإنجاح المشاريع الناشئة؛ لأن مع المال الطائل تأتي شبكة الأمان، التي تضمن للمشاريع التمويل الجيد والعلاقات المتعددة والقدرة على تحمل الخسائر، وبالتالي ترتفع نسبة المخاطرة التي يقدم عليها صاحب المشروع، وهكذا تزداد فرص النجاح لمن ورثوا أموالهم؛ بسبب تغطية حاجاتهم الأساسية من المشاريع، فيصبح الطريق للإبداع أسهل عليهم من نظرائهم غير المحظوظين، الذين يدخلون عالم المشاريع الناشئة من الصفر.

كما يرى موقع CNN Money أن أبناء الأثرياء هم الأوفر حظًا في تحقيق مشاريعهم، من أبناء الطبقتين المتوسطة والفقيرة؛ بحكم صفات يشتركون فيها، مثل الدقة في المواعيد، والعمل لساعات طويلة، وإدمان العمل، والثقة بالنفس التي تصل لحد النرجسية.

طبع أم تطبّع؟

«مارك زوكيربيرغ» خلال سنوات دراسته في هارفارد

يضيف الأخصائي النفسي «جيمس غوت فرشت»: «يتميز بعض زبائني من أصحاب الثروات الطائلة بشخصيات نرجسية ظاهرة؛ لذا فهم يشعرون بالتميز على الدوام، ويسعون للمدح الطائل من محيطهم الخاص؛ بسبب الشعور العالي بالاستحقاق وقلة التعاطف تجاه الآخر».

قد تكون مجموعة من الموروثات الجينية التي يرثها الشخص من أحد أبويه أو كليهما هي السبب الأساسي في جعله قائدًا ناجحًا أو محبًا للمغامرة أو مخططًا جيدًا للمشاريع، ولكن في حالة الجمع بين الصفات التي يكتسبها الشخص من محيطه البيئي مع الـDNA الموروث، فإن تلك خلطة سرية للوصول إلى العقل المثالي لإدارة المشاريع.

الشغف للعمل التجاري لا يورَّث.

ولكن ماذا يحدث في حالة الأشخاص الذين لم يحظوا بأُسر ثرية على الإطلاق؟

هل عليك أن تدرس ريادة الأعمال؟

يرد البروفيسور الجامعي «جوليان لانغ» على هذا التساؤل فيقول: «إن ريادة الأعمال هي علم يدرس بحد ذاته، فمهما ورث الأشخاص السمات الصحيحة التي تضمن النجاح، فإن الشغف للعمل التجاري لا يورَّث، وبما إنني أدرِّس في مجال إدارة الأعمال منذ 20 عامًا، فحسب خبرتي، يكتشف العديد من الأشخاص شغفهم بالمجال في أثناء فترة التحصيل العلمي، أما بالنسبة للصفات الإدارية المطلوب توافرها في قائد المشروع، مثل المخاطرة و القدرة على استغلال الفرص وقت الظروف الصعبة وغيرها، فتأتي بالتجربة والخبرة العملية. لذا، باعتقادي أن رواد الأعمال يمكن صناعتهم وتدريبهم عن طريق العلم والتجربة و القدر المطلوب من الشغف».

الدافع الأساسي الذي يميز أصحاب المشاريع الصغيرة الذين لا يمتلكون تلك «الجينات المورثة»، هو الشغف لتحقيق الحلم.

ما تطرق إليه البروفيسور حول أهمية الانتساب إلى برامج الماجستير الإداري (MBA)، هو فرص ذهبية تتيح المجال لتعلُّم مهارات مهمة للراغبين في خوض مجال إدارة المشاريع المستقلة، وبالتالي تساعد الخريجين على تحقيق أحلامهم المستقبلية بشكل أسرع، عن طريق اكتساب المهارات اللازمة وتوسيع دائرة التعارف المهني، إلا إنها بالتأكيد لا توفر الاحتكاك والتجربة الكافيين لصقل الشغف وبلورة القدرات القيادية، والتي لا تأتي إلا عن طريق التجربة كما أشرنا.

قد يطول الخلاف بشأن ما إذا كان الذكاء التجاري في الشخص الناجح عائدًا إلى المورثات الجينية أو التحضير الدراسي؛ لأنه في الحقيقة بمثابة الاختيار بين عاملي الخبرة والحدس، وكلاهما لا يقل أهمية عن الآخر. يبقى أن نشير إلى إنه بالرغم من اختلاف دوافع النجاح لدى الأشخاص، إلا إن الدافع الأساسي الذي يميز أصحاب المشاريع الصغيرة الذين لا يمتلكون تلك «الجينات المورثة»، هو الشغف لتحقيق الحلم.

سحر الهاشمي