أبو هلالين: ماذا تعرف عن المخدر المفضَّل في الخليج؟
للشعوب أمزجة مختلفة في ما يتعلق بالمخدرات، فقد احتجزت قوات حرس الحدود السعودية في شهر يوليو 2017 رجلًا سودانيًّا بتهمة محاولة تهريب أكثر من نصف مليون قرص من مخدر «الكبتاغون» من الأردن إلى المملكة على ظهر جمل، بحسب مقال منشور على موقع «الإيكونومست».
يُعتبر مخدر «الكبتاغون»، واسمه العلمي فينيثايلين، الأكثر شعبيةً في منطقة الجزيرة العربية وفقًا للمقال، الذي يستعرض مظاهر شعبية هذا المخدر واتساع سوقه، ويتطرق إلى استخداماته المزعومة في الاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية والعالم.
كبتاغون: من علاج إلى مخدر محظور
استُخدم الكبتاغون في البداية كعلاج لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، قبل أن تحظره الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1981 وتتبعها معظم دول العالم، بعد أن اتضح أنه يسبب الإدمان وله خصائص أخرى فتاكة، من ضمنها أنه يسبب الاكتئاب الشديد، والأرق، وسوء التغذية، وتسمم القلب والأوعية الدموية.
يتزايد الطلب على المخدرات في المنطقة العربية، وتضاعفت كمية الكبتاغون والكريستال ميث نحو أربع مرات مقارنةً بالعام السابق.
أحيانًا يكون الفينيثايلين المكون الأساسي في المواد المهربة إلى السعودية وغيرها من دول الخليج، لكن كثيرًا من تلك المواد المهربة لا يعدو أن يكون منشطات أو أمفيتامينات بحسب المقال، وبعض ما يباع تحت اسم «أبو هلالين» (بسبب حرفي «C» على الأقراص) يحتوي على نسبة بسيطة ولكن مركزة من الكافيين.
سوق المخدرات في الجزيرة العربية واسع، فوفق تقرير الأمم المتحدة العالمي للمخدرات الصادر حديثًا، ضبطت السلطات السعودية أكثر من 11 طنًّا من الأمفيتامينات عام 2015، وهي كمية لا تتضمن مخدر الإكستاسي (منشط قوي)، وتظل هذه الكمية من المخدرات ضخمة حتى وإن كانت أقل ممَّا صُودر في العام السابق، فهي تمثل ثلث ما ضُبط في الولايات المتحدة، التي يبلغ عدد سكانها 10 أضعاف سكان السعودية.
اقرأ أيضًا: أبو الحشيش: الرجل الذي اكتشف سر لذة القِنَّب وقدراته العلاجية
بحسب المقال، يتزايد الطلب على المخدرات بقوة في المنطقة، ففي شهر مارس، أعلن المدير العام لإدارة مكافحة المخدرات في الإمارات العربية المتحدة أن كمية الكبتاغون المضبوطة، الأصلي منها والمزيف، ومخدرالكريستال ميث (الشكل المسحوقي للأمفيتامينات)، تضاعفت نحو أربع مرات مقارنةً بالعام السابق.
دور الكبتاغون في أزمات المنطقة
حسب تحقيق لجامعة جورج واشنطن، فالفصيل الوحيد المنخرط في إنتاج الكبتاغون بانتظام هو «حزب الله».
يعتبر الكبتاغون (الأصلي والمزيف) مخدرًا من صنع الإنسان، وعلى عكس المخدرات المستخلصة من النباتات، فإن المخدرات المصنعة نادرًا ما تتميز بخصائص فريدة، ولا يتطلب تصنيعه كذلك سوى معرفة بسيطة بالكيمياء.
كثيرًا ما يسافر الكبتاغون المزيف إلى الخليج بطرق طويلة وملتوية، فقد اكتشف مسؤولو الجمارك الفرنسية الذين صادروا 750 ألف قرص مخدر مهرب من لبنان أن المخدرات المضبوطة كانت متجهة إلى السعودية عبر جمهورية التشيك وتركيا.
من المعروف أن الكبتاغون المزيف يُنتج في جنوب شرق أوروبا، وأصبحت سوريا التي مزقتها الحرب مؤخرًا مصدرًا له كذلك، ويشير المقال إلى تحقيق أجراه معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن عام 2015، خلص إلى أن الفصيل الوحيد المنخرط في إنتاج الكبتاغون بانتظام هو «حزب الله».
بعض المارقين التابعين لنظام بشار الأسد والجيش السوري الحر يصنعون الكبتاغون، لكن الفصائل الجهادية الأكثر تشددًا، أي داعش وجبهة النصرة (المعروفة الآن باسم جبهة فتح الشام)، لم تستفد من الكبتاغون وفق التحقيق، بل إن داعش أعدمت مهربي مخدرات مزعومين ودمرت مصانع تنتج المخدرات.
رغم ذلك، فأحد الآثار المعروفة لاستخدام الكبتاغون الحقيقي هو تخدير إحساس التعاطف، وثَمَّة شكوك في أن داعش تعطيه لمحاربيها، ففي عام 2014، قال أحد المقاتلين المراهقين المنتمين إلى داعش بعد اعتقاله إنه أُعطي أقراصًا جعلته يدخل المعارك غير عابئ بالموت، ويعتقد كاتب المقال أن هذه الأقراص قد تكون كبتاغون حقيقيًّا.
أصبح الكبتاغون كذلك مثار شك بعد الهجمات التي ضربت باريس في 2015، بحسب المقال، إذ علق كثير من شهود العيان على «النظرات الباردة» التي رأوها في عيون القتلة، الذين بدوا كأموات قاموا من قبورهم، لكن التحاليل أظهرت في ما بعد أنهم لم يتعاطوا مخدرات.
من يفضل الكبتاغون؟
اقرأ أيضًا: كيف أسهمت المخدرات في تطور البشرية؟
يتساءل الكاتب عن سر تعاطي شعوب المنطقة للكبتاغون، رغم أن الإسلام يحرم تعاطي المخدرات باعتبارها مُذهبة للعقل، ثم يشير إلى رأي أستاذ علم النفس البريطاني «جاستين توماس»، الذي يرى أن الكثير من المتعاطين يعتقدون أو يتظاهرون بالاعتقاد أن الكبتاغون دواء.
تروج هذه الكذبة بسبب تسويق بعض منتجي المخدر لمنتجهم في عبوات تشبه عبوات الأدوية العادية، ممَّا يجعل مشتريه لا يشعر أنه يفعل شيئًا حرامًا أو خطأ، وهكذا ينتشر الكبتاغون في الخليج ويُستهلك على نطاق واسع، رغم التحريم والتجريم.
دينا ظافر