بلجيكا × البرازيل: تحليليًّا، مشروع البطل مقابل بريق الأسماء
اقرأ الفقرة التالية وخمّن المنتخب الذي تنطبق عليه، هل هو البرازيل أم بلجيكا؟
العام 2014، قبل بداية كأس العالم بأيام. جماهير المنتخب تترقب البطولة المنتظرة بعد صبرٍ دام 12 عامًا، منذ آخر نتيجة إيجابية حققوها في مونديال كوريا واليابان عام 2002، الآمال مرتفعة تكاد تبلغ السماء، معلقة على أكتاف جيلٍ شابٍ جديد من اللاعبين، «هل سنفعلها هذه البطولة؟»
قد يذهب الأغلبية للإجابة عن السؤال بالبرازيل، لكن الفقرة السابقة تصف بلجيكا مثلما تصف البرازيل، مع اختلاف تعريف النجاح بالنسبة لكلٍ منهما.
بلجيكا بعد تأهلٍ منتظم لكأس العالم من 1982 لعام 2002، فشلت في الصعود للبطولة لدورتين على التوالي، ومنتخبهم الذي يخرج بانتظام من الدور الثاني على أفضل تقدير، مع استثناءٍ وحيد، عاد لمونديال 2014 بتشكيلٍ قوي شاب، هو ثالث أصغر منتخب في البطولة، رفع الطموح لتحقيق إنجازٍ يقارب ذلك الاستثناء، حين حققوا المركز الرابع في مونديال المكسيك عام 1986.
أما البرازيل التي وصلت لثلاثة نهائيات على التوالي بين 1994 و 2002، فازوا باثنين منهم، بهت أداؤهم وخرجوا من ربع النهائي في الدورتين التاليتين، قبل أن يعودوا في 2014 بتشكيلٍ ليس شاب، بحكم أنه ثامن أكبر منتخب، لكنه أفضل من 2010 حين كانوا الأكبر على الإطلاق. ولأن البطولة في البرازيل، كانت الجماهير تكاد تحتفل باللقب قبل صفارة بدء أول مباراة.
ما حدث بعد ذلك نعرفه جميعًا، خرجت بلجيكا على يد الأرجنتين في ربع النهائي بهدفٍ نظيف، لكنها نهاية أفضل من مذلة البرازيل على يد ألمانيا، الخسارة التي قد تكون لدى البرازيليين أسوأ من فكرة خسارة اللقب.
عودة لروسيا 2018
البرازيل تلاقي بلجيكا الآن في ربع نهائي مونديال روسيا، نعرف جميعًا أن البرازيل أتت لتنتقم مما حدث على أرضها في كأس العالم السابق، وبلجيكا تواجه مرحلة انتقالية بين كونها حصانًا أسود واعتبارها مرشحة للبطولة، فكيف يتجلى ذلك على تشكيل الفريقين؟
في اللحظة الحالية، لم يتغير تشكيل بلجيكا كثيرًا عن البطولة الماضية على الرغم من تغيير المدرب؛ 8 لاعبين فقط استُبدلوا من أصل 23 يمثلون القائمة النهائية للبطولة، وقوام التشكيل الأساسي لا زال به 6 لاعبين من أصل 11، شاركوا في أكثر من ثلثي الدقائق التي لعبتها بلجيكا في البطولتين السابقة والحالية.
على الناحية الأخرى، فالبرازيل تكاد تتبدل تمامًا، بتغيير 16 لاعب من قائمة كأس العالم الماضي، والإبقاء على 7 فقط، وينطبق ذلك على التشكيل الأساسي الذي لم يتبقَّ به سوى لاعبَين، شاركوا أيضًا في ما يقارب ثلثي دقائق البرازيل في البطولتين، كاد «مارسيلو» أن يكون ثالثهم لولا إصابته في الدور الأول.
هذه الإحصائيات تتوافق مع رغبة بلجيكا في أن تصبح أكثر ثقلًا، وأن تشق طريقها نحو أبعد مما حققوه في البطولة السابقة، اعتمادًا على الخبرات التي اكتسبها اللاعبون. وفي نفس الوقت، تتفق ثورة الاستبدال التي جرت في البرازيل مع المخاوف والـ«Insecurities» التي أصابتهم بعد البطولة السابقة.
حتى هذه اللحظة نحن متوافقون مع الرواية الشعبية للمباراة، اعتمادًا على تحليلٍ بسيط للقوائم، لكن ما الذي يختبئ تحت هذه الأرقام؟ ما الذي حققه الحرس القديم لكلا الفريقين منذ كأس العالم السابق؟ وهل اللاعبون الجدد لديهم ما يقدمونه بالفعل؟
تقييم الأعوام الأربعة
بشكلٍ مباشر، لدينا 6 لاعبين في بلجيكا، و2 في البرازيل، ومعهم مارسيلو المصاب، هم العناصر الباقية من مونديال 2014، ما الذي فعلوه منذ حينها:
1. بلجيكا
2. البرازيل
***
بإمكاننا القول أن جميع المخضرمين في الفريقين حققوا تطورًا في مسيرتهم، باستثناء أكسيل فيتسل المرتحل من روسيا للصين. بالنظر إلى الألقاب التي حققها اللاعبون، فإنجازات البرازيليين ملفتة للنظر، لكن معظم عناصره جديدة نسبيًّا، بعكس استقرار تشكيل بلجيكا مع تطور اللاعبين الذي يمنحهم ميزة عن البرازيل. لكن ماذا عن الآخرين؟
في بلجيكا، الثلاثي فيللايني ولوكاكو وميرتنز الذين شاركوا في البطولتين لدقائق طويلة، ومعهم الوجه الجديد كاراسكو. يُعاني فيللايني مع مانشستر، وانضم له لوكاكو حديثًا ليكون عنصرًا أساسيًا في الفريق، ويواصل ما فعله مع إيفرتون قبلها، ويصبح أحد أهم هدافي الدوري الإنجليزي. بجواره ميرتنز الذي أصبح هداف نابولي في إيطاليا، دون ألقاب هو الآخر، وأخيرًا كاراسكو الذي انتقل للدوري الصيني بعد مسيرة طيبة مع أتليتكو مدريد.
أما البرازيل فلديها باولينيو من الحرس القديم، الذي عاد من الصين ليلعب مع برشلونة، وبجواره العديد من الوجوه الجديدة الرائعة، مثل كوتينهو المنتقل من ليفربول لبرشلونة، وكاسيميرو شريك مارسيلو في رحلة مدريد، وميراندا مدافع انتر ميلان، وغابرييل خيسوس ثالث هدافي مانشستر سيتي، وأخيرًا أليسون حارس روما إلى نصف نهائي دوري الأبطال هذا الموسم.
بريق أسماء لاعبي البرازيل الجدد يبدو أكبر، واستمرار اعتماد بلجيكا على المشاركين القدامى مع ثبات التشكيل يبدو أكثر صلابة، واختيارهم الفوز على إنجلترا ليأخذوا الطريق الأصعب نحو النهائي يعكس ثقةً في صلابتهم.
هذا صراع بين بريق الأسماء الجديدة، وصلابة استقرار التشكيل. النتيجة النهائية للمباراة لا تعتمد على الأسماء ولا على ما حققه اللاعبون في مسيرتهم مع الأندية، لكننا لم نكن نحاول الإجابة على من الأحق بالفوز، كلاهما يستحق، ذلك متروك للمباراة.
المحرر الرياضي