الجمعة البيضاء: أسرار نفسية وألاعيب تسويقية سوداء
ترتبط مواسم الأعياد بزيادة معدلات الشراء عامةً، وشراء الهدايا بشكل خاص، وهي الظاهرة التي تستفيد منها الشركات والمتاجر الخاصة، وحتى بعض المتاجر الحكومية ومراكز الشراء الكبرى. موسم عام ينطلق فيه الناس إلى الأسواق بأعداد كبيرة، وتحاول فيه الشركات تعويض خسائرها طوال العام بتقديم عروض للمشترين، ومحاولة اجتذابهم بشتى الطرق.
لكن عامًا بعد عام، يُطرح سؤال متكرر: هل هذه عروض حقيقية بالفعل، أم أنها حيل نفسية من الشركات للخروج بأقصى قدر من المكاسب دون تقديم خدمات صالحة للناس؟ وهل اندفاع الناس للشراء في هذه الأوقات، مثل الجمعة السوداء بالتحديد، قرار حكيم؟
لماذا هي جمعة «سوداء»؟
ابتكر التُّجار قصة لأصل تسمية الجمعة السوداء لإبعاد الوصف السلبي عنها، فقالوا إنهم يسجلون الخسائر بالحبر الأحمر بينما الأرباح بالأسود.
«الجمعة السوداء» هو اليوم الذي يلي يوم عيد الشكر، الذي يحتفل به الأمريكيون في الخميس الرابع من شهر نوفمبر، وبالتالي فإن يوم الجمعة السوداء يكون الجمعة الرابعة في الشهر ذاته. ويعتبر بمثابة إعلان عن بداية موسم التسوق، الذي يتزامن مع تخفيضات كبيرة في معظم المتاجر على اختلاف أحجامها وتخصصاتها.
بدأ مصطلح «الجمعة السوداء» في اكتساب شهرته العالمية خارج أمريكا مع مطلع الألفية الحالية، عن طريق مواقع التسوق الإلكتروني التي شاركت في التخفيضات هي الأخرى، حسبما يذكر موقع «لايف واير».
حصل اليوم التالي لعيد الشكر على تسمية «الجمعة السوداء» بدايةً من خمسينيات القرن الماضي، وترجع قصة تسميته إلى رجال الشرطة الأمريكيين، الذين أطلقوا هذا الاسم على ذلك اليوم في إشارة إلى حشود المحتفلين التي تخرج للتسوق، وتتسبب في حالة فوضى وحوادث في الشوارع، كانت أحيانًا تتطور إلى أعمال عنف، ما كان يعني بذل مجهود إضافي من الضباط.
شهد عام 1966 المرة الأولى لاستخدام المصطلح بشكل رسمي، حين ظهر في إحدى الإعلانات المطبوعة في مدينة فيلادلفيا الأمريكية، إلا أن المصطلح لم يحظَ بشهرته العالمية حتى بداية الألفية الجديدة، رغم أن بائعي التجزئة عارضوا في البداية استخدامه، خصوصًا أن وصف يوم بالأسود ورَد في التاريخ أكثر من مرة للحديث عن أحداث سلبية، وهو ما يناقض طبيعة المناسبة.
حاول التجار ابتكار قصة جديدة لتسمية الجمعة السوداء بهذا الاسم، في محاولة لإبعاد الوصف السلبي عنها، فقالوا إن يسجلون الخسائر بالحبر الأحمر، بينما الأرباح تُدوّن بالأسود، وبحلول الخريف يجد كثير من التجار سجلاتهم مليئة بالبيانات حمراء اللون، أي أن تجارتهم تخسر، ولا ينقذهم من تلك الخسائر سوى موسم التسوق، الذي وجدوا في إطلاق عليه تسمية «الجمعة السوداء» جانبًا إيجابيًّا مرتبطًا بتدوين الأرباح.
الجمعة السوداء في جلبابها الأبيض
كان من الطبيعي أن يتحايل التجار على مصطلح الجمعة السوداء في مجتمع مسلم، فتنكروا في جلباب أبيض باسم «الجمعة البيضاء».
مع رواج مصطلح الجمعة السوداء في مختلف أنحاء العالم لأسباب تسويقية بحتة، وجد المسلمون صعوبات في البداية لتقبُّل نعت عيدهم الأسبوعي، يوم الجمعة، باليوم الأسود. وبطبيعة الحال حدث نوع من الجدل أو الخلاف حول جواز إلصاق صفة السواد بيوم الجمعة، لذلك حصل «منشور» على فتوى رسمية من دار الإفتاء المصرية، مسجلة برقم مسلسل 463805 بتاريخ 26 نوفمبر 2017، بشأن استخدام مصطلح الجمعة السوداء، جاء نصها:
«لا ينبغي أن يطلَق على يوم الجمعة (الجمعة السوداء) أو غير ذلك من الأوصاف التي لا تليق بيوم الجمعة، فهذا الوصف يبعث على الشؤم ونفور الناس من ذلك اليوم، ويوم الجمعة يوم ذو دلالة خاصة مليئة بالتفاؤل، فقد فضّل الله سبحانه وتعالى هذا اليوم على ما سواه من بقية الأيام».
«فعن حذيفة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَضَلّ اللهُ عَنْ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السّبْتِ، وَكَانَ لِلنّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ، فَجَاءَ الله بِنَا فَهَدَانَا الله لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسّبْتَ وَالأَحَدَ. وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالأَوّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلائِقِ. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه».
«وعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثّقَفِيِّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ: أَفْضَلُ أَيّامِكِمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النّفْخَةُ، وَفِيهِ الصّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيّ مِنَ الصّلاةِ فِيهِ فَإِنّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيّ. قَالُوا: وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ يَقُولُونَ بَلِيتَ، فَقَالَ: إِنّ الله قَدْ حَرّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. أخرجه أبو داوود السّجستاني في كِتَابِ السُّنَنِ. والله أعلم».
كان من الطبيعي أن تتحايل بعض المتاجر التي لا ترغب في تفويت فرصة تحقيق مبيعات مرتفعة في ذلك اليوم، ليتسلل مصطلح الجمعة السوداء إلى المجتمع المسلم متنكرًا في جلباب أبيض، حاملًا اسم «الجمعة البيضاء».
أشقاء الجمعة البيضاء
هل يستفيد المستهلك من تخفيضات الجمعة السوداء بنفس القدر الذي يحققه أصحاب المتاجر ورجال الأعمال؟
بتزايد أعداد المشترين المقبلين بشراهة على العروض والتخفيضات، ظهرت مشكلة الفوضى أمام وداخل مقرات المحلات التجارية والمولات الكبيرة، فجاء حل عرض المنتجات على مواقع التسوق الإلكتروني، كتطور طبيعي وحل مناسب يحقق أقصى استفادة للبائعين، كما يقدم خدمة مضمونة للمستهلكين.
لم يقف انتشار مواسم التسوق الإلكتروني عند الجمعة السوداء الأمريكية وشقيقتها البيضاء لدى المسلمين، فقد وُلدت مواسم تسويقية أخرى من بينها «إثنين الإنترنت» أو «Cyber Monday»، وهو أول يوم إثنين يلي الجمعة السوداء، واستُخدم هذا المصطلح لأول مرة في 28 نوفمبر 2005، وتبعه في الظهور ما يسمى بالإثنين الأخضر، الذي ترجع فكرته إلى موقع التسوق الإلكتروني الشهير «eBay».
لكن تهافُت مواقع التسوق الإلكتروني ورجال الأعمال على استغلال مواسم التسوق، وعلى رأسها الجمعة السوداء، يجعلنا نلتفت إلى الأسباب الحقيقية وراء هذا الاندفاع، الذي قد يَخرج عن حدود المعقول نحو الشراء، وكذلك مدى انتفاعهم من الترويج لفكرة هذه الأيام، وهل يستفيد المستهلك منها بنفس القدر الذي يحققه أصحاب المتاجر ورجال الأعمال؟
لماذا نندفع نحو الشراء؟
«كيت يارو»، الباحثة في علم نفس المستهلك بجامعة غولدن غيت الأمريكية، حاولت الوقوف على الأسباب الحقيقية لنَهم الشراء عند أولئك الذين تمتلئ بهم المراكز التجارية يوم الجمعة السوداء، وعرض موقع «Popular Science» النتائج التي توصلت إليها. كانت المفاجأة أن كثيرًا من تلك الأعداد لا تنهال على المراكز التجارية بسبب عروض التخفيضات، بل بحكم العادة فقط.
رؤية عروض التخفيضات يحفز منطقة في المخ مسؤولة عن المكافآت، في حين أن مشاهدة الأسعار المرتفعة تحفز المنطقة التي تعالج الألم.
تقول يارو إن الناس تتسوق في ذلك اليوم لأنهم ببساطة يفعلون ذلك كل عام، حتى أصبح ذلك تقليدًا يفعلونه، فلا أحد يُجبر هذه الأعداد الغفيرة على الاصطفاف أمام فروع المتاجر، والوقوف لساعات طويلة ليس وراءه هدف نهائي بالحصول على السلعة، بل هو وسيلة للاجتماع مع العائلة في تلك المناسبة.
ترى الباحثة أنه في خِضَمِّ استمتاع بعضنا بهذا الموسم، الذي أصبح عادة، يستغل أصحاب المحال التجارية استعدادنا النفسي للوجود في أماكن التسوق لفترات طويلة، ويبهروننا بلافتات تحتوي على كلمة «مجانا» و«تخفيضات تصل إلى...»، فتجد نفسك في لحظة معينة تشتري لأحد والديك معطفًا دون حتى أن تفكر هل سيعجبه أم لا، لمجرد أن هناك تخفيضًا نسبته 60% على سعره، وقد تكتشف أهمية ربطة العنق لأول مرة في حياتك حين تجدهم يعرضون واحدة «مجانًا» لو ابتعت المعطف.
حيلة مشابهة تُؤتي ثمارها مع التسوق الإلكتروني، ففكرة عرض توصيل المنتج دون مصاريف شحن أثبتت نجاحها بنسبة كبيرة. بعض المواقع تشترط أن تشتري بمبلغ محدد للحصول على شحن مجاني، مما قد يدفعك إلى صرف أضعاف قيمة الشحن لشراء سلع لست في حاجة إليها، فقط للحصول على الشحن المجاني.
بصفة عامة، كلمتا «مجاني» و«مجانًا» لهما مفعول السحر على نفسية المستهلك.
كشف موقع «Dealnews» بعض الأسباب النفسية التي تدفعنا إلى الإقبال على الشراء تحديدًا في يوم الجمعة السوداء، من بينها أن رؤية لافتات العروض تحسّن الحالة المزاجية وتُدخِل عليك مشاعر الرضا والبهجة. يقول «جيمس موراي»، الأستاذ المساعد في جامعة شيكاغو، إن رؤية عروض التخفيضات من شأنها تحفيز منطقة في المخ مسؤولة عن المكافآت، في حين أن مشاهدة الأسعار المرتفعة تحفز المنطقة التي تعالج الألم.
تأتي فكرة «العروض السارية لفترة محدودة» كأحد أشهر الحيل النفسية لجذب مزيد من الزبائن. توضح «لاورا برانون»، الباحثة في علم النفس الاجتماعي بجامعة ولاية كنساس الأمريكية، أن التجار يركزون على فكرة أن تخفيضاتهم متاحة لفترة محدودة، وبحسب مبدأ الندرة الاقتصادية، فإن الرغبة في اقتناص الفرص تزيد كلما قلّت الفترة المتاحة فيها، وهو السر في أن معظم الإعلانات تحتوي على تعبير «الكمية محدودة».
يحقق التسوق الإلكتروني هدفه بإرضاء شريحة عريضة من المستهلكين الذين ينزعجون من الأماكن المزدحمة والضوضاء، ومع ذلك فإن رغبتهم في الشراء لا تهدأ، فيتنقلون بين صفحات مواقع التسوق الإلكتروني ويطالعون العروض من تطبيقات تلك المواقع، بل إن سهولة مطالعة السلع المختلفة تغريهم بمزيد من طلبات الشراء، تؤيدها عروض الشحن المجاني التي أسلفنا ذكرها.
الحيل السوداء في الجمعة البيضاء
الحلقة الأخطر في سلسلة انسياق المستهلكين وراء سراب الجمعة البيضاء هي الحيل التسويقية، التي يمارسها أصحاب المحال التجارية والبائعون بشكل عام للإيقاع بالعميل وتحقيق المصلحة من ورائه. شرحت مجلة «ذي أتلانتك» حقيقة تلك العروض، وكيف يُخدَع المستهلكون تحت مظلة هذا الموسم الشرائي.
لتوضيح فكرتها، ضربت المجلة مثلًا بمعطف معروض في أحد المتاجر، ومن المفترض أنه ضمن عرض تخفيضات. يحصل بائع التجزئة على المعطف من الشركة المصنِّعة بمبلغ 14.5 دولار، ويعرضه في الأوقات العادية بسعر 50 دولارًا، أي بزيادة عن سعر تكلفته بنحو 70%، وفي فترات التخفيضات يُباع بسعر 44.99 دولار، أي أنه حتى بعد التخفيض يحقق هامش ربح كبير للغاية.
لا يتوقف الأمر على المحافظة على هامش ربح مرتفع، بل إن بائعي التجزئة يستخدمون مجموعة من الحيل حتى يُظهروا أن تخفيضاتهم هائلة، منها رفع أسعار السلع قبل موسم التخفيضات بأيام، وبذلك يتوهم المستهلك مع رؤية التخفيض أن المبلغ الذي وفره أكبر. ورصدت صحيفة «وول ستريت جورنال» في عام 2012 زيادةً في أسعار 1743 سلعة بنسبة تصل إلى 8% قُبيل عيد الشكر، بل إن الزيادة في أسعار ألعاب الأطفال وصلت قبل الجمعة السوداء إلى نحو 23%.
تحقيق أجراه موقع «The Balance» يخلُص إلى أن طريقة الإعلان عن التخفيض تلعب دورًا حيويًّا في خداع المستهلكين.
بحسب التحقيق، يدرك البائعون جيدًا أنك قد تشتري منتجًا ما لمجرد نسبة التخفيض العالية على سعره، فيعتمدون على اللعب بتلك الفكرة، فتجد إبداعات في طريقة عرض السعر المخفض، فمنهم من يكتب «كان بـ100 دولار، والآن بـ60 فقط». ربما لا تشتري سلعة بسعر 99.99 دولار، لكنك قد تندفع نحو نفس السلعة إن كان السعر مقترنًا بعبارة «بعد خصم 50%». السعر نفسه والسلعة ذاتها، لكن إدراكك أنت لها اختلف.
حذّر التحقيق من أن عديدًا من المتاجر تستغل يوم الجمعة السوداء للتخلص مما لديها من مخزون سلع لم تَبعها لأسباب مختلفة، مثل أن يكون بها عيب غير ظاهر، أو أنها بيعت ثم أعيدت إلى المتجر مرة أخرى، أو أنها ببساطة صارت غير مواكبة لأحدث الإصدارات من فئتها. فقد تنبهر بطابعة منخفضة الثمن، لكن الصدمة تحدث بعد شرائها عندما لا تتمكن من إعادة ملئها بالحبر لأنها من موديل قديم.
توحُّش نزعة الاستهلاك
سلطت صحيفة «هافينغتون بوست» الضوء على ظاهرة توحش الإقبال على الشراء، التي تتزايد عامًا بعد عام في موسم الجمعة السوداء، وذكرت أنه رغم أن التسوق والاستهلاك يدفعان الاقتصاد إلى الأمام، فإنهما في الوقت ذاته يتدخلان في حياتنا بشكل غير محبذ.
أعلن موقع «جوميا» مصر أن مبيعات أول ساعة في الجمعة البيضاء تساوي مبيعات خمس أيام عادية كاملة.
تلعب مواسم التسوق، مثل الجمعة السوداء، على الطبيعة التنافسية في الإنسان، وهو ما يجعل عملاء المراكز التجارية يكادون يتقاتلون أمام أرفف المعروضات، وكل واحد منهم يحرص على أن يشتري جهاز «بلاي ستيشن» أحدث من جاره، وموقد كهربي به كماليات أكثر من صديقتها، حتى يتحول المتجر إلى ما يشبه لعبة كرة القدم دون قواعد، ويؤدي إلى حوادث عنف تطورت إلى قتل في بعض الأحيان.
يعمل مروجو تلك المواسم التسويقية على تعزيز رغبتنا في الثروة المادية، التي تعني في البداية أننا نريد أشياء بعينها، ثم تتحول هذه الرغبة مع الوقت إلى حاجة، وهكذا يكون من المنطقي جدًّا أن نشعر بالإحباط إذا حلت الجمعة البيضاء في العام التالي ووجدنا نفس الأشياء المعروضة ولم تُرضِ تطلعاتنا المتزايدة.
من هذا المنطلق، من الطبيعي أن تشهد المبيعات زيادات ملحوظة على مدار السنوات الأخيرة، ورصد موقع «The Balance» تلك الزيادة على مدار 15 عامًا، بحسب إحصائيات الاتحاد الوطني الأمريكي لبيع التجزئة، وتوصل إلى أن هناك زيادة سنوية في المبيعات بمتوسط 3.5% في الفترة من 2002 حتى 2008، وبعد وقوع الأزمة المالية العالمية عام 2008 صارت الزيادة بمتوسط 2.5%.
في الولايات المتحدة، شهدت الجمعة السوداء عام 2017 زيادة في المبيعات على المواقع الإلكترونية مقارنةً بمبيعات المراكز التجارية، فزادت مبيعات المواقع بنسبة 18% عن 2016، فيما انخفضت مبيعات المراكز التجارية وفروع المتاجر بنسبة 4%، وبلغ إجمالي المبيعات يومي عيد الشكر والجمعة السوداء 682 مليار دولار.
للمنطقة العربية نصيب كذلك من قفزة مبيعات الجمعة البيضاء، إذ أعلن «جوميا مصر»، أحد أشهر مواقع التسوق الإلكتروني في المنطقة، أن مبيعات أول ساعة في الجمعة البيضاء تساوي مبيعات خمسة أيام عادية كاملة، وبلغ عدد الزوار في تلك الساعة مليونًا، والطلبات المسجلة 20 ألفًا.
ماذا نفعل؟
يمكنك إعداد قائمة بالسلع التي تريد شراءها، حتى لا تدخل في دوامة إغراءات عروض المحال التجارية والمواقعة الإلكترونية.
ندرك الآن حجم محاولة الخداع الذي تعرضنا وسنتعرض له في الأعوام المقبلة خلال الجمعة السوداء/البيضاء، فوجود حيل نفسية وراء عمليات التسويق يزيد الأمور تعقيدًا، في ظل تزايد النزعة الشرائية والاستهلاكية.
تفاديًا للمرور بنفس التجربة، ابحث جيدًا عن أسعار المنتجات في الفترة السابقة لمواسم التخفيضات، لمعرفة ما إذا كان سعرها الحالي بعد التخفيض فرصة حقيقية للشراء أم لا، وهناك مواقع تقدم خدمة المقارنة بين أفضل الأسعار تجنبًا للوقوع ضحية للاحتيال، منها «Best Buy» في أمريكا وكندا والمكسيك، و«Yaoota!» في مصر.
يمكنك كذلك إعداد قائمة بالهدايا والسلع التي تريد شراءها مبكرًا، حتى لا تدخل في دوامة إغراءات عروض المحال التجارية والمواقعة الإلكترونية. وتتكامل تلك النصيحة مع سابقتها، إذ أن تحديد احتياجاتك قبل الجمعة البيضاء سيعطيك فكرة عن حقيقة أسعارها قبل التخفيض، وبالتالي فرصة أكبر للحكم ما إذا كان العرض حقيقيًّا أو وهميًّا.
بصفة عامة، لا تزال الأمور تحت سيطرتنا، فنحن من نحدد ماذا نشتري وفقًا لاحتياجاتنا الشخصية وليس وفقًا لما يريده لنا أصحاب المتاجر، أي أن المشكلة تبدأ وتنتهي عند قرار نتخذه نحن، قرار فارق في تحويل المواسم التسويقية من أوقات يحقق فيها أصحاب المال أرباحًا طائلة، إلى مواسم نحقق منها نحن استفادة لا تتعارض مع مصلحة المتاجر.
أيمن محمود