داعب رضيعك ما شئت، ليس شرطًا أن يراك.. ماذا تعرف عن حواس الأطفال؟
زُرت عمتي منذ يومين، وهناك رأيت حفيدتها للمرة الأولى. كانت هشَّة للغاية، ولم تكن قد بلغت من عمرها أسبوعًا بعد. جلستُ على اﻷرض بجوار مهدها، وبدأتُ في ممارسة ما يفعله الكبار أمام الأطفال: حرَّكت عضلات وجهي بطريقة مضحكة، وأخذت أطلق أصواتًا غريبة من حلقي: «كوتي كوتي كوتي». نبهتني عمتي إلى أن عليَّ أن أقرِّب وجهي من الطفلة أكثر إذا أردت لها أن تراني. اندهشت: ألا تراني الآن؟
قد يتعكر مزاجه ويغضب لو اشتمَّ رائحة سجائر قريبة من الأم.
ما هي قدرات الطفل المولود حديثًا بالضبط؟ كيف يحُسُّ بالأشياء التي يلمسها؟ هل يسمع بوضوح؟ إلى أي مدى يمكنه الرؤية؟ وهل باستطاعتنا الأخذ بيده في ذلك الطريق؟ هل يمكن للوالدين تطوير قدراته؟
تابعنا على فيسبوك: منشور Manshoor
1. إني أشُمُّ رائحة سجائر!
تتطور حاسَّة الشم لدى الجنين مبكرًا، وقبل أن يخرج إلى عالمنا بثلاثة أشهر، يكون بإمكانه تمييز روائح المأكولات التي تتناولها والدته بسهولة، كما يعرف الروائح السيئة، وقد يتعكر مزاجه ويغضب لو اشتمَّ رائحة سجائر قريبة من الأم. وفيما بعد، عقب ولادته مباشرة، سيحاول الطفل الحركة ناحية ثدي أمه منجذبًا إلى رائحة اللبن هناك، وسيميِّز الفارق بين لبن والدته ولبن أي سيدة أخرى بسهولة عن طريق الشمّ.
كيف تنمِّيها؟
بعرض بعض الأشياء ذات الروائح القوية على الطفل وإخباره بأسمائها؛ مثل القهوة والأزهار والشامبو والمصنوعات الجلدية.
2. يبدو جلدُكِ ناعمًا.. هل استحممتِ قريبًا؟
اللمس حاسة أساسية تتكون لدى الجنين، ويستخدمها مبكرًا لمعرفة ملامح وجهه وما يحيط به داخل الرحم. وهو بعد لا يزال في عمر سبعة أسابيع، يصير فمه حساسًا للمس، وبعد أربعة عشر أسبوعًا يكون لجلد رأسه بالكامل قدرة على الشعور.
الباحثون في كلية فاندربيلت الأمريكية يثقون في أن الرُّضَّع يحبون التواصل مباشرةً مع أمهاتهم دون ملابس، فيما يُطلق عليه «الرعاية على طريقة الكُنغر» (Kangaroo care)، الأمر الذي يُحسِّن تنفسهم ويقلل فترات البكاء. ومن الشهر الرابع للسادس، يبدأ الطفل في الحركة والإمساك بالأشياء حوله للتعرف على ملمسها. أما بعد ثمانية أشهر، فيمكنه معرفة طبيعة الأشياء بمجرد اللمس دون النظر إليها.
كيف تنمِّيها؟
بعمل مساج للطفل، وإتاحة أشياء ذات ملمس متباين حوله كي يتفقدها متى أراد.
3. ذلك الضوء في بطن ماما
يتطور بصر الجنين تدريجيًّا خلال أول ستة أو سبعة أشهر من تكوينه، وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة قبل ولادته، يمكنه رؤية الضوء المحيط بوالدته من داخل الرحم، لكن ذلك يعتمد إلى حدٍ بعيد على مدى سطوع الضوء، وبدانة الأم، وسُمك ملابسها.
سيعتقد أنه عندما يُخفي أحد والديه وجهه بكفه ليلاعبه، لا يكون حاضرًا أمامه.
لا تكون عينا الطفل حادَّتي البصر حين يخرج من بطن أمه؛ فلا يمكنه رؤية الأشياء أبعد من مسافة 40 سنتيمترًا. وتكون الموجودات أمامه مشوَّشة وألوانها مختلطة إلا لو كانت قريبة للغاية. وتجده يركز النظر على عيني من يلاعبه معًا، فلو أغلق عينًا لابتعد الطفل بناظريه.
مع نهاية شهره الأول، تتطور مساحة الرؤية إلى أقل من متر بقليل، وقبل بلوغه ثلاثة أشهر، قد يحدث أن تتقاطع عيناه مسببتان قليلًا من الحَوَل، لكن هذا ليس شيئًا مُقلقًا؛ فبعدئذٍ سيمكنه التركيز على الأشياء بعينيه معًا. قبل الشهر الرابع، قد يخلط الطفل بين بعض الألوان، لكن عقب سبعة أشهر في الحياة، سيَعي حقيقة أنه كلما كبُر حجم الأشياء زاد قربها منه، وقبل ذلك سيعتقد أنه عندما يُخفي أحد والديه وجهه بكفه ليلاعبه، لا يكون حاضرًا أمامه. وبنهاية عامه الأول، سيصبح بصره ثاقبًا كالبالغين.
كيف تنمِّيها؟
بتوفير لعب ذات ألوان زاهية ومختلفة، وبحمل الطفل قريبًا من وجهك، كي تمنحه فرصة ليرى الفوارق بين الألوان في ثنايا الوجه. وكذلك بمساعدته في تنسيق المسافات بين عينيه ويديه بممارسة ألعاب مثل «لاعبيني وألاعبك»، التي تعتمد على الجلوس قبالة الطفل، وتبادل التصفيق على يديه مع إيقاع معين.
4. تكلَّم.. حتى أراك
سيفرح بقدرته على تمييز صوته الخاص، وسيحاول سماعه لأطول فترة ممكنة.
يُصغي الجنين للأصوات خارج الرحم، ويصير قادرًا على تمييز صوت أمه عقب 20 أسبوعًا فقط من بداية تكوينه. تكون الذاكرة السمعية قوية جدًّا لديه، وأقوى منها حتى عند البالغين. قد يتذكر الطفل بعد ولادته بعام مثلًا مقطوعة موسيقية بعينها عُزفت بالقرب منه حين كان لا يزال في بطن أمه، كما قد يتحرك الجنين خلال آخر ثلاثة أشهر قبل ولادته ناحية الأصوات التي يسمعها من خارج بطن الأم.
وفي عمر شهرين، سيستجيب الرضيع لأصوات الأبوين ويحاول الرد عليها بهمهمات غير مفهومة، لكن الهمهمة ستتحول إلى تمتمة ردًّا على الأصوات بعد أربعة أشهر. وحين يصير عمره خمسة أشهر، قد يصير ثرثارًا؛ ذلك أنه سيفرح بقدرته على تمييز صوته الخاص، وسيحاول سماعه لأطول فترة ممكنة. ومع إتمام العام، سيبدأ في قول كلماته الأولى، مثل ماما وبابا.
كيف تنمِّيها؟
يحب أغلب الأطفال ما يُطلق عليه «الضجيج الأبيض» (white noise)؛ مثل صوت شفرات المروحة خلال دورانها، والكهرباء الاستاتيكية التي يصدرها الراديو؛ فهي تُشعرهم بالراحة لأنها تذكرهم بما يصلُهُم من أصوات مكتومة داخل الرحم. سوى ذلك، لا يميل الأطفال عادةً إلى السكون، لكن تساعدهم الموسيقى وأغاني المهد على النوم.
5. سبانخ؟ أريد حلوى!
يفضِّل الحلو على المالح، ويميل للحلويات والفواكه أكثر من الخضراوات ذات النكهات القوية.
تبدأ براعم التذوق على اللسان في النمو بعد سبعة أسابيع في الرحم، وتصير تامة الاكتمال مع الولادة، لكن الجنين يبدأ في تجربتها خلال الأشهر الثلاثة الثانية من الحمل، عن طريق تذوق السائل الجنيني حوله. يولد الطفل بنحو عشرة آلاف برعم تذوق، ويبدأ في فقدها مع الوقت حتى تتلاشى تمامًا بين 40 و50 عامًا للنساء و50 إلى 60 عامًا للرجال.
يفرِّق الرضيع بسلاسة بين الطعوم المختلفة، ويفضِّل الحلو على المالح. يمكنه بدء تناول طعام البالغين حين يبلغ ستة أشهر، ويميل للحلويات والفواكه أكثر من الخضراوات ذات النكهات القوية. وقد يكون الأطفال الذين يرضعون من أثداء أمهات يتبعن نظامًا غذائيًّا متنوعًا خلال الحمل أكثر انفتاحًا على أنواع أكلات مختلفة؛ لأن حليب الأم يتغير طعمه بتغير الطعام الذي تتناوله، بحسب الباحثين في مركز «مونيل» الأمريكي للكيمياء.
كيف تنمِّيها؟
بتناول الطعام أمام طفلك وإبداء الاستحسان دومًا؛ يجعله هذا متحمسًا لتجربة ما تأكل منه، وبالتالي معرفة مذاقات أكثر.
يحيى