الخطاب المُنقذ
آخر العلاج الكي إنقاذًا للوطن من ورم شوه ديمقراطية تأسست رائدة لتكون معلمًا، حلٌ و تجميدٌ ومهلةٌ وورشةٌ للإصلاح وإعادة تصويب المسار لتكون المؤسسة البرلمانية ملتزمة لحدود سلطتها واختصاصاتها، وفيةً لجوهر رسالتها، داعمةً للاستقرار لا مهددةً له، محفزةً للتنمية لا معطلةً لها.
هكذا رسم الخطاب الأميري العناوين الكبرى للسنوات الأربعة القادمة وترك التفاصيل للأيام التي ستلي التشكيل الحكومي، ما يعني انطلاق مرحلة من تحول البلاد إلى ورشة واسعة للنظر في ثغرات الديمقراطية التي نفذ منها الانتهازيون والمتربصون، و استغل "بشتها" الكافرون بقيمها، وحاد عنها الطفيليون الذين "شفطوا" الغلة وانتسبوا عنوةً إلى الملة.
إن النظام الدستوري الذي تأسس ليكون شراكةً وتعاونا بات الآن وقتًا مستقطعاً لإدراك مخاطر الانحرافات والتجاوزات واستدراك ما فاتنا على دروب التطوير، ما يستلزم منا مساهمة عاقلة لاستعادة عافية المؤسسات وتوازن السلطات عبر تشخيص مكامن الخلل العلل وصياغة الوصفة العلاجية لأمراض ممارستنا الديمقراطية.
سجل الوطن سيدَون في صفحاته أن العاشر من شهر مايو لسنة 2024 يؤرخ لثورة تصحيحية لأوضاع لم يكن بالإمكان الحياد إزاءها أو تجاهل مآلاتها، فمصير البلاد لا يحتمل ترددًا حتى لا تفرط السبحة و يتناثر الوطن شظايا -لا سمح الله-، فإما أن الآن أو أبدًا، وقد حان الوقت لنبدأ من حيث انتهى إليه الوضع السياسي من انسداد، لأن الأمر لا يتسع إلا ضاق، وسمو الأمير قرر أن يحرر الوطن ممن ضيقوا عليه أفقه الواسعة مستحضرًا قول المتنبي:
وتكبر في عين الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم
ما بعد العاشر من مايو لن يكون كما قبله بكل المقاييس التي تستنهض الهمم لتوفير الأجواء الإيجابية لرفع منسوب الأمل في حكومة تستثمر في الكفاءات و ةالأفكار و المبادرات وتكون أولوياتها التي إجمالها فيما يلي:
-توافر برنامج حكومي شامل ومفصل يعالج القضايا الأساسية التي تهم المواطن مباشرة مثل الإسكان، وتوفير الوظائف للخريجين، والتعليم، والصحة، ومعالجة ملف البدون.
-توافر برنامج حكومي مفصل للإصلاح الاقتصادي والمالي ومعالجة الاختلالات الهيكيلية التي تعاني منها الكويت، مع ضرورة توفير شبكة أمان اجتماعي لحماية أصحاب الدخول المتدنية من آثار تلك الإصلاحات.
-تبني معايير الحوكمة على كافة القطاعات الحكومية مع تفعيل مبدأ الثواب والعقاب للمتميزين والمقصرين على التوالي.
-معالجات حازمة وجادة لملفات الفساد وإعادة هيكلة آليات مواجهة هذه الآفة لتكون الآليات ذات كفاءة أكبر وعبئ أقل على الدولة.
-توافر حكومة ذات عناصر قوية بمعايير مهنية على مستوى عالي من الحرفية لتنفيذ برامج التنمية والإصلاح.
أان يكون تنفيذ هذه البرامج خلال فترة زمنية قياسية ليشعر المواطن بالفرق الإيجابي لهذا الخيار.
-التنسيق مع بعض التيارات السياسية والشخصيات المؤثرة بغية إطلاعهم على خطوات تنفيذ هذا الخيار والبرنامج الحكومي الإصلاحي.
-تفعيل الإجراءات التنفيذية الخاصة بفتح ملف الجناسي المزورة وازدواجية الجنسية في أسرع وقت.
هذا غيض من فيض المهام الحكومية التي يتطلع الشارع السياسي ليراها عينا لا حبراً على ورق، في عهد يتجدد فيه العهد بخدمة مصالح الكويت و أجيالها القادمة في ظل متغيرات من حولنا تتفاعل في حاضرنا و مستقبلنا.
إن استثمار السنوات الأربعة القادمة فيه أكثر من فرصة لاستدراك ما ضاع منا في زحمة توالي الأحداث و تعالي الصخب، سنوات السكون الحكومي ستكون أهم رهان في منعرج حاسم من تاريخ بلادنا، وكلنا يقين بأننا قادرون على رفع التحدي تحت راية أميرنا المفدى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح -حفظه الله ورعاه-