شرنا يأتي مما هو أبعد: التفكير في حوادث الإرهاب العالمية
مع مرور 20 عامًا على أحداث سبتمبر 2001، تبدأ هذه الأيام محاكمة المسؤولين عن المذبحة الكبرى التي وقعت في 13 نوفمبر 2015 في مواقع مختلفة من باريس، وذهب ضحيتها 130 قتيلًا وأكثر من 300 جريح ومصاب، والتي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته الكاملة عن تلك الفاجعة الدموية التي حلت بالمدنيين الباريسيين انتقامًا وردًا على المشاركة الفرنسية في الحرب الأهلية السورية.
أثار هذا الحدث الرهيب والصادم وسائل الإعلام الغربية، التي طغت عليها خطابات الحركات اليمينية المليئة بالكراهية والخوف من الإسلام، ليتسيد المشهد الإعلامي خطاب يتحدث عن كارثة دموية بطلها إسلام مأزوم وراديكالي يهدد العالم الغربي، وتعالت الأصوات عن التحدي الذي تشكله الجالية الإسلامية الرافضة للاندماج في المجتمع والثقافة الغربية.
وسط هذا الضجيج المنفعل الذي هز قلب العالم المتحضر كان هناك صوت هادئ وجريء لا يقف عند تلك الآراء المعلبة ولم ينجرّ وراء تلك الأطروحات السطحية والكسولة والمغرضة التي ملأت وسائل الإعلام الغربية، صوت يقدم قراءة تذهب بعيدًا في تحليلها لجذور الكارثة من خلال كشفها عن الأسباب الحقيقية، وذلك بربطها ببنية العالم المعاصر وهيمنة الرأسمالية، التي يُحملها المسؤولية الأولى عن هذا الحدث المروع الذي أدمى باريس، ذلك هو صوت الفيلسوف الفرنسي والمفكر اليساري الكبير آلان باديو، في محاضرة تحدث فيها عن أحداث 13 نوفمبر، وترجمتها إلى العربية مؤسسة مؤمنون بلا حدود في كتاب حمل عنوان «شرنا يأتي مما هو أبعد».
الرأسمالية المعولمة ودورها في ما يحدث
يستهل باديو محاضرته بتحليل بنية العالم المعاصر التي تهيمن عليها الرأسمالية المعولمة، وكيف أن ذلك أثر على الدول وأضعفها، وتأثير ذلك على سكان الأرض من خلال إنتاج ما يسميه «الذاتيات الارتكاسية»، والذي يقصد به «جماعات لها انحيازات سلوكية وأسلوب حياة ورؤية خاصة للعالم، أنتجتها هذه البنية». كما يبحث في ماهية الفاشية المعاصرة، ويسأل بعد ذلك: من هم القتلة؟ ولا ينسى أن يعلق على رد فعل الدولة الفرنسية، ليختم محاضرته بدعوة إلى سياسة تحرر مستقلة. هذه هي الخطوط والعناوين الرئيسية التي تبحثها محاضرته، وهي ما سنحاول تلخيصه في هذه المقالة.
يرى باديو أن هناك ثلاثة مخاطر أساسية أنتجتها أحداث نوفمبر: الخطر الأول هو السماح للدولة باتخاذ تدابير لا جدوى لها ولا يمكن القبول بها، تستغلها وتوظفها لمصلحتها الخاصة. ومن المؤكد أن الدولة وجدت نفسها في مقدمة المشهد، وهي بذلك استعادت وظيفة تمثيلية ترميزية وضمانة وحدة الوطن. ما يحاول باديو قوله هنا إن كثيرًا من تلك التدابير والإجراءات الاحترازية واشتداد سياسات المراقبة كانت على حساب انتهاك خصوصية الأفراد وحرياتهم.
الخطر الثاني يتمثل في غلبة الانفعالي في تقوية النزوعات الهوياتية، إذ نجد مفردات فرنسا وفرنسي تنطق من كل حدب وصوب: «يلزمنا بذل الجهد على وجه الخصوص ضد هذا المنزع الهوياتي، الذي يسيّج الحدث الرهيب داخل نوع من التمثلات الزائفة، وعلينا أن نتذكر أن جرائم القتل الجماعي من هذا القبيل تحدث كل يوم بعيدا عنا»، مذكرًا بجرائم من هذا النوع تقع في أماكن أخرى من العالم في الهند وسوريا وباكستان والعراق ونيجيريا ومالي وغيرها، لكن دون أن يثيرنا ذلك أو يستدعي اهتمامنا وتعاطفنا وانفعالنا الإنساني تجاهها.
ويستدل في هذا السياق بأن تصريح أوباما حين قال إن «هذه الجريمة المروعة ليست جريمة ضد فرنسا أو ضد باريس» قول جيد وعادل، لكن ما ينبغي ألا يفوتنا هو أن أوباما لا يصرح بذلك عندما يُقتل البشر بالعشرات والمئات في أماكن أخرى من العالم كالعراق وسوريا وباكستان والهند، وهو تصريح ينطوي إذًا على فكرة ضمنية ولكنها بينة، ترى أن «الإنسانية الضحية موجودة فقط في فرنسا، وبالتأكيد في الولايات المتحدة» أكثر منها في العراق وسوريا ونيجيريا، ويمكن القول حينئذ إن «الإنسانية تساوي الغرب».
أما الخطر الثالث فيتمثل في «تحقيق ما يرغب فيه القتلة، وهو إحداث أثر بالغ يجتاح واجهة المشهد على شاكلة فوضوية عنيفة مطردة، وخلق انفعال لدى محيط الضحايا يجعلنا غير قادرين على التمييز بين من ابتدر الجريمة ومن تلقاها، لأن الهدف من هذا العنف البغيض استثارة ذات مظلمة لدى الضحايا وعائلاتهم وجيرانهم ومواطنيهم، ذات مظلمة وفي الآن نفسه منهارة عصبيًا وميالة إلى الانتقام، تتشكل بسبب الطابع العنيف وغير القابل للتفسير الذي تتصف به نازلة الجريمة، لكنها أيضًا ذات متجانسة مع استراتيجية رعاة الجريمة، وتظهر هذه الذات المظلمة مؤهلة بدورها لفعل الأسوأ، ما سيُلزم بالتعامل معها كنظير لذات منظمي الجريمة».
بنية العالم المعاصر
ينتقل باديو بعد ذلك إلى الحديث عما يسميه ببنية العالم المعاصر، والتي يقسمها إلى ثلاث ثيمات أو محاور:
الثيمة الأولى هي انتصار الرأسمالية المعولمة وتمددها، الذي رافقته عدوانية دمرت المحاولات السابقة التي تبغي إدخال تدابير أخرى يمكن أن تخفف من وطأة توحش رأس المال، أشكال مغايرة يقول إن بإمكانها أن تكون منطق الرقابة الدولتية أو تنازلات لصالح النقابات واحترازات حيال الاحتكارات الصناعية والبنكية، وكذلك منطق التأميم الجزئي، وكل ذلك طاله نوع من التدمير المنهجي بما فيها الدول الاشتراكية.
نحن إذًا أمام منطق لرأسمال أصبح منفلتًا، يقوم على جدلية التمدد بفعل العولمة، والتي من خلال تمددها تتركز لتوجِد شركات بالتوازي مع عمليات الخصخصة تخلق كيانات عملاقة، شركات ضخمة عابرة للقارات تمتلك ميزانيات أكبر بكثير من الدول، وكل ذلك ينجَز على حساب سيادة الدول.
أما الثيمة الثانية لبنية العالم المعاصر فهي محصلة لما قلناه من إضعاف الدول وتحويلها إلى مدراء محليين لهذه البنية الدولية الشاسعة، فهذه القوة الرأسمالية تنفذ عبر الدول كما لو أنها مستقلة ومتسيدة في الوقت نفسه.
يقودنا هذا بدوره في تحليل باديو إلى الثيمة الثالثة، والتي هي الممارسات الإمبريالية الجديدة. فبعد الحربين العالميتين مثلًا يذكر أنه كانت هناك حروب التحرير الوطنية في الستينيات والسبعينيات، والتي أدت إلى انتهاء ما يدعى بالاستعمار، وعلى الرغم من ذلك، ترافق تدبير الملكيات المحمية للشركات وتأمين مصادر الطاقة وخطوط إمدادها مع نشاط عسكري مطرد تمارسه الدول الغربية.
يمكن إيجاز ذلك في قول باديو بأن «بنية العالم المعاصر خاضعة لهيمنة الرأسمالية المعولمة، ثم هناك توهين استراتيجي للدول، بل يمكن القول سيرورة إهلاك رأسمالي لها، وأخيرًا نحن بصدد ممارسات إمبريالية جديدة تسمح وتشجع أيضًا، في سياقات معينة، على فرم وإفناء الدول».
هذه البنية المهيمنة على العالم المعاصر التي ذكرناها كان لها تأثيرها الكبير على خلق تفاوت غير مسبوق في التنمية يصل لحد التوحش، ويقدم باديو مصداقًا لذلك أرقامًا يقول إن على الجميع أن يكون على علم بها، أرقام تخفي ما يدعوه بمنطق الطبقة، وهو منطق صارم للغاية.
نسبة 50% من سكان العالم تمثل كتلة فقيرة ولا تملك شيئًا.
نسبة 10% من سكان العالم تمثل أوليغاركية عالمية تستحوذ على 86% من الخيرات.
في حين أن نسبة الـ40% المتبقية تشكل الطبقة الوسطى، وتملك ما نسبته 14% من الخيرات الدولية.
ولذلك يقول إن هذه الجريمة ذات دلالة صادمة، كونها تضرب الطبقة الوسطى في أوروبا، والتي هي البطن الرخو للرأسمالية المعولمة، كما يترتب على هذه الرأسمالية المعولمة على الشعوب أن تلك الكتلة البشرية الفقيرة (50% من سكان العالم الذين لا يملكون شيئًا) هم بمنطق الرأسمالية يساوون صفرًا، لأنهم لا يعملون ولا ينتجون، وبالتالي لا يستهلكون. وهناك حاليًا في العالم ما يقارب المليارين من البالغين الذين لا يستهلكون ولا ينتجون، وهم عدم أو أناس غير موجودين بهذا المنطق.
الغربيين فرحون جدًا بأنفسهم، فإلى عهد قريب كانوا أسياد العالم، واستطاع الفرنسيون والإنجليز مستندين إلى عنف صريح أن يستحوذوا على خريطة العالم كلها خارج أوروبا.
يقول باديو إن المناطق التي تغيب عنها الدولة أو التي دُمرت من طرف الضواري الغربية، تضم ملايين البشر الذين يملؤون هذا الفراغ من جانب الدولة، ويترك بالتالي تلك الحشود الغفيرة المتخلى عنها بيد العصابات المسلحة والمتوحشة، التي تجندهم وتنغمس في ذات الوقت في السوق العالمي كما هو الحال في مثال تنظيم داعش، الذي يبيع قوافل من الشاحنات المحملة بالبنزين عبر التراب التركي. وداخل هذا السياق يلفت باديو إلى ظهور العصابات المسلحة الفاشية والمصطبغة باللون الديني.
نتائج الإمبريالية الغربية والرأسمالية
يرى باديو أن هذه البنية المهيمنة على العالم المعاصر أنتجت ثلاث ذاتيات ارتكاسية:
الذاتية الغربية: هي الطبقة الوسطى التي تقتسم 14% المتبقية من الأوليغاركية المهيمنة، وهي مركزة بدرجة كبيرة في البلدان الأكثر تقدمًا، وتتميز باعتدادها الكبير بذاتها، والتي يصفها باديو بقوله إن «الغربيين فرحون جدًا بأنفسهم، فهم معجبون للغاية بذواتهم». ومن المؤكد أن هناك كبرياء تاريخي ما يتخفى وراء ذلك، فإلى عهد قريب كان الغربيون أسياد العالم، وحينذاك وبمجرد فعل تحويز الأملاك، استطاع الفرنسيون والإنجليز مستندين إلى عنف صريح أن يستحوذوا على خريطة العالم كلها خارج أوروبا. وما تبقى من هذه السلطة الإمبريالية المباشرة والواسعة هو تمثل للذات يجعلها كما لو أنها على نحو ما ممثلة للعالم الراهن، ومبدعة ومدافعة عن شكل الحياة المعاصرة.
نحن إذًا إزاء طبقة تقوم على تناقض كبير وعلاقة جدلية بين اعتداد بالذات من ناحية، وخوف ثابت لطالما لعبت عليه الحكومات الديمقراطية في إدارة ذلك الخوف، بإيعازه إلى الحشود المحرومة وممثليها المحليين من قبيل العمال الوافدين من الخارج وأبنائهم اللاجئين وساكنة الأحياء المهمشة والمسلمين المتعصبين.
ذاتية الرغبة في الغرب: الرغبة في امتلاك وتشارك حياة الرفاهية والثراء الغربي، والتي تظهر في تقليد أسلوب وسلوك الحياة الطبقة الوسطى، وكذلك في ظاهرة تدفقات الهجرة.
الذاتية العدمية: ترغب في الانتقام والتدمير، وتكون مقترنة بالمغادرة والمحاكاة السلبية، وهذه الرغبة في التدمير والانتقام يعبر عنها باديو بميثولوجيا رجعية، ونزعة تراثية تلجأ إلى حمل السلاح ضدًا لنمط الحياة الغربية وللرغبة في الغرب.
يرى باديو أن «الذاتية الراغبة في الغرب وذاتية الانتقام والتدمير تشكلان زوجًا متجاذبًا، نسخة موجبة وأخرى سالبة، تدور حول ما تمارسه السيطرة الغربية من غواية».
وفي هذا السياق الذي «لا يطرح رؤية مغايرة لبنية العالم»، نشأ ما يسميه بالفاشية المعاصرة التي تتموقع داخل السوق العالمي، والتي تمثل آثارًا لتلك الحدود البنيوية التي رسمتها الرأسمالية المعولمة.
هذا التحول من الفاشي ومن رغبة في الغرب إلى عداء له يقول إنه «ناتج عن بَون شديد بين رغبة في الغرب لأبعد الحدود، عوضها بردة فعل عدمية وقاتلة». وفي نفس السياق يعرف الفاشية باعتبارها نوعًا من غريزة الموت المعبر عنها في لغة هوياتية، وأن الدين هنا لا يعدو أن يكون لباسًا، فهو ليس عمق القضية، بل فقط إحدى صور تذويتها، ولكن ليس بأي حال مضمونها الواقعي، بل إن هذا الأخير، الذي تمنحه شوائب الخرافة الدينية تعبيره الهوياتي، إنما يُشتق من الرغبة مطلقة الوجود في الغرب، سواء على شاكلتها الصريحة والمؤكدة، أم في صورتها المكبوتة والقاتلة. والفاشية كما يقول هي ما يؤسلم، وليس الإسلام هو من يضفي الطابع الفاشي.
من هم القتلة إذًا؟
في جوابه عن سؤال من هم القتلة، يقول إن «قتلة وقتنا الراهن نتجوا بشكل ما عن الرغبة المحبطة في الغرب، عن كيانات تقوّمها هذه الرغبة. فهم يعتقدون أن ما يعتمل فيهم هو انفعال مضاد للغرب، بينما هم ليسوا سوى أعراض عدمية للفراغ الأعمى للرأسمالية المعولمة، ولعدم كفاءتها وعجزها عن أن تأخذ الجميع في حسبانها داخل العالم الذي تصطنعه.
ويؤكد ذلك بقوله: «إنهم شباب صغار السن ما بين العشرين والثلاثين، ينتمون في أغلبيتهم إلى الهجرة العمالية، من الجيل الثاني أو الثالث. هؤلاء الشباب يعدون أنفسهم دون أي أفق، ولا منصب جيد يمكن أن يصلوا إليه. حتى أولئك الذين تلقوا القليل من التربية والحاصلين على البكالوريا، يعيشون داخل المنظور نفسه، لا مكان لهم، أو على أي حال لا مكان يوافق رغبتهم. إنهم شباب ينظرون إلى أنفسهم على الهامش، سواء بالنسبة إلى الإجراء أو بالنسبة إلى الاستهلاك أو آفاق المستقبل، وما تقترحه عليهم الفاشية هو خليط من البطولية القربانية والإجرامية».
«ولأنه قد تقرر لدى هؤلاء الشبان الفاشيين أن حياتهم بلا قيمة، ولأنهم ينظرون إلى حياتهم الخاصة على هذا المنوال، فإن حياة الآخرين تصبح بلا قيمة، وهي العدمية فعلًا ما يوجد في أصل كل هذا، وينعقد العزم على تبديد الحياة في بطولية هزلية ومصطنعة بقدر ما هي إجرامية، والتي أعتقد بوجوب تسميتها بالجريمة الجماهيرية الرهيبة. ومن ضمن النقاط الأكثر شناعة فيها، كون المجرم يدخل هو نفسه أيضًا تحت طائلة الجريمة. إننا في حضرة صورة إجرامية انتحارية تصل إلى المنتهى بغريزة الموت، حيث لا يوجد أي شيء، لا الضحايا ولا القتلة».
يعلق باديو على رد فعل الدولة الفرنسية بقوله: «لم تعد فرنسا الآن ممثلة لائقة لأن تكون المكان المفضل للتقليد الثوري، بل هي بالأحرى تتسم بوجود مجموعة فريدة من المثقفين الهوياتيين. كما أنها أشهرت نفسها بشيء لم يُتخذ في أي مكان آخر، بإصدارها قوانين واضحة التمييز تتعلق بفقراء هم في الحقيقة صنيعتها. هي قوانين الحجاب الإسلامي، وهي قوانين الوسم والعزل العنصري، ومن المقصود بها؟ فقراء جماعات معسرة لها دينها. لماذا هاجر نحونا الكثير من سكان العالم الثالث؟ ألسنا من ذهبنا نبحث عنهم ونستجلبهم؟».
«أما في ما يخص الحرب، فإن الأمر جلي للعيان. ليس "البرابرة" من أعلنها، بل الدولة الفرنسية التي ذهبت خلف قاطرة الشركات، وأحيانًا الأمريكان لأجل المشاركة في الشؤون الإمبريالية الغامضة، وعمليات التحييز، وتدمير الدول». ما يقوله باديو أن هذه الوضعية من إضعاف الدول وتدمير الحياة الاجتماعية كوّنت ذاتية هؤلاء الفاشيين الشباب.
في نهاية محاضرته، يدعو آلان باديو إلى استعجال استراتيجي مطروح على الجميع، ويقول إنه عمل، عمل الجميع، وهو عمل الفكر، وهو أيضًا فعل ومسار الذهاب ورؤية ومعرفة الآخر الذي يحدثونكم عنه، ما حقيقته فعلًا، العمل على تلقي فكره وأفكاره، ورؤيته للأشياء، وإدماجه هو وأنتم في الوقت ذاته داخل رؤية استراتيجية لمصير البشرية وقدرها، لها القدرة على محاولة جعل تاريخ الإنسانية المنحرف يغير من وجهته، وينتزع نفسه من الشر الكثيف الذي يغوص فيه حاليا».
وهذا القول لباديو هو الخلاصة النهائية لمحاضرته: «ألمنا يأتي مما هو أبعد من الهجرة، أو الإسلام، أو الشرق الأوسط المدمر، أو إفريقيا الخاضعة للنهب ... شرُّنا مرده إلى الهزيمة التاريخية للاشتراكية، ولذلك يأتي من بعيد».
إن قراءة باديو التحليلية العميقة التي تمتد للجذور في محاولة لفهم أسباب الجريمة الإرهابية في باريس، هي قراءة جريئة وشجاعة من عين فاحصة، وتنظر للبعيد وتصوب نحو الوحش الحقيقي، وهي دون شك جديرة بالاطلاع لمحاولة فهم أسباب الإرهاب الإسلامي وجذوره.
أمل السعيدي داوود سليمان