طابت أوقاتكم: كيف حوَّل التليفزيون السياسة إلى عرض ترفيهي؟
في عام 1959، كتب السياسي الشاب «جون كينيدي» مقالًا بعنوان «القوة التي غيرت المشهد السياسي» لمجلة مغمورة تدعى «TV Guide»، تناول فيه أهمية التليفزيون وأثره في تغيير آلية العاملين بالحقل السياسي.
بعد أكثر من سنة، خاض الشاب ذاته معركة انتخابية جعلت منه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، فاز فيها بفضل عدة عوامل؛ أهمها تفوقه على خصمه «ريتشارد نيكسون» في سلسلة مناظرات تعد الأولى من نوعها من حيث البث التليفزيوني.
الجمهور الذي تحلَّق حول التليفزيون لمشاهدة مناظرات «نيكسون» و«كينيدي»، تحلَّق حوله مرة أخرى بعد ثلاث سنوات لمتابعة التغطيات الإخبارية لحادث اغتيال الأخير. ومثلما كان ميلاد «كينيدي» السياسي عبر التليفزيون، كانت وفاته أيضًا.
ورغم أن لحظة اغتياله نفسها لم يسجلها الإعلام، إلا أن التليفزيون قرر الاحتفاء به ورثاءه بشكل غير مسبوق. وللمرة الأولى في التاريخ، بثت قناة CBS تغطية حية لتبعات الحادث استمرت 55 ساعة، فيما بثت قناة ABC نحو 60 ساعة، و71 ساعة لـNBC، كلها كانت تغطيات متواصلة دون انقطاع ودون أي فواصل إعلانية. كان ذلك في فترة ما قبل ظهور قنوات CNN وعصر تغطيات الأربع والعشرين ساعة.
لكن، ما الأهمية التي رآها «كينيدي» في ذلك الصندوق مربع الشكل الذي تحولت بعده حياته السياسية، منذ ترشحه للرئاسة وحتى عقب اغتياله، لمجموعة من الشرائط المحفوظة في أرشيف التليفزيون الوطني الأمريكي؟ والأهم من ذلك، لماذا يحتاج سياسيو العالم للإعلام أصلًا؟
قبل التليفزيون: احتياج السياسة للإعلام
في تصوره للمدينة الفاضلة (Utopia)، رأى «أرسطو»، الفيلسوف اليوناني، أن التواصل المستمر بين جميع الأطراف الفاعلة في النظام، أي نظام، نموذج يجب تطبيقه. لكن السياسة كما أثبت لنا التاريخ ليست مجالًا للفضيلة؛ فالحاجة للتواصل السياسي غالبًا ما تكون أداة تضمن من خلالها الجهات الفاعلة غلبة أفكارها وهيمنتها على عموم الشعب.
ومع تطور كل دولة وتوسعها جغرافيًّا كانت عملية التواصل تزداد صعوبة؛ إذ تتطلب جولات دورية للقادة على المقاطعات، وهو أمر مكلف ماديًّا، عوضًا عن استهلاكه الوقت.
ما سبق أدى إلى ظهور الحاجة لتطوير وسائل بديلة عن التواصل المباشر، مكتوبة أولًا ثم مسموعة فيما بعد. وقبل ظهور الراديو في أوائل القرن العشرين، كانت الصحف، ولا تزال، أشهر وسيلة للتواصل بين الساسة والشعب؛ بنشر أخبار الدولة والقرارات السياسية أولًا بأول.
غير أن الصحف نفسها لم تكن بالأهمية ذاتها قبل اختراع أول آلة طباعة في القرن الخامس عشر، إذ كانت عملية النشر تتم بالطريقة اليدوية، وهو ما يؤدي لمحدودية عدد النُّسخ، وظهور اختلافات طفيفة بين النسخة وأختها، الأمر الذي تغيَّر تمامًا بعد اختراع الطباعة. وإلى اليوم، لا تزال الصحف المطبوعة تتمتع بمكانة خاصة في نقل الأوضاع السياسية، حتى مع ظهور الإنترنت وتقليل انتشارها.
وفيما يبدو، فإن استخدام السياسيين الصحف للمخاطبة ألهم الشعب ابتكار وسيلة للرد. فمثلًا، في مصر ظهر ما يُعرف بالمنشورات في بدايات القرن الماضي، وكانت ورقًا يُكتب ويُوزع في الخفاء لمعارضة النظام الحاكم. ومثلما يتطور كل شيء، تطورت الحرب الورقية بين الشعب والحكومات لتأخذ شكلها الحالي، وصارت المعركة بين الصحف القريبة من النظام الحاكم وصحف المعارضة.
ورغم بلاغة التواصل المكتوب وجذبه عناصر عدة، فإن المشكلة الأساسية كانت في صعوبة مخاطبة أذهان البسطاء ممن يعجزون عن القراءة، وهو ما جعل أنظار الساسة، أو بالأحرى حناجرهم، تتجه نحو الراديو كوسيلة إعلامية فور شيوعه.
الراديو: لماذا احتاج الإعلام للسياسة؟
في حقيقة الأمر، لم يكن الراديو بريئًا تمامًا من الغزو السياسي الذي تعرض له. ففي عام 1920، ومع ظهور الراديو، حلمت شركة «ويستنغهاوس» (Westinghouse) بتأسيس إذاعة عامة للجمهور الأمريكي، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين «وارين هاردينغ» (Warren G. Harding) و«جيمس كوكس» (James M. Cox). ولم تجد «ويستنغهاوس» فرصة دعائية أفضل من تلك لضمان نجاح محطتها.
فمن جهة، شكَّل الراديو عنصر غواية للمرشحين؛ إذ بدلًا من التنقل بالقطار من مدينة لأخرى لإلقاء خطبهم الانتخابية، صار يمكنهم بسهولة أن يلقوها عبر الراديو. ومن جهة أخرى، فالتغطية الإذاعية للانتخابات أفضل ضمان لكسب مستمعين، حتى من قبل تدشين المحطة. ثمرة حلم «ويستنغهاوس» تمثلت في إذاعة KDKA، التي تعد أول إذاعة مرخصة حكوميًّا في العالم.
نجاح «ويستنغهاوس» التجاري بسبب الثورة التي أحدثتها محطة KDKA في عالم الاتصالات لتصبح الملعب السياسي، ألهم العالم كله؛ فبدأت بريطانيا إذاعتها الأولى عام 1922 في لندن، ثم انتشرت لباقي أنحاء المملكة المتحدة. ومع حلول عام 1925 غزت الإذاعة أوروبا كلها، وبالتبعية تغير شكل السياسة وآلية عمل السياسيين، لدرجة تكاد تتحول للهوس في بعض الأحيان.
فعلى سبيل المثال، تمادى المرشح الديمقراطي «ويليام مكادو» (William Gibbs McAdoo) في اعتماده على الراديو كمنصة سياسية عام 1928؛ لدرجة أنه تقدم بطلب للحصول على ترخيص تأسيس محطة إذاعية خاصة به في منزله بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية؛ لإلقاء خطب حملته الانتخابية من غرفة معيشته.
ثم جاء التليفزيون فتغيَّر كل شيء
بحلول عام 1930، كان الراديو قد أثبت نفسه أرضيَّةً صالحةً للملعب السياسي، إلى أن ظهر عنصر إلكتروني فريد من نوعه يدمج داخله كل مزايا الوسيطين البلاغي والسمعي، ويضيف لهما عنصر الصورة. كان لذلك من التأثير ما يكفي لتطل رؤوس السياسيين المتكلمة من داخل الصندوق المربع المسمى بالتليفزيون، وهو ما تسبب في إعادة هيكلة قواعد اللعبة السياسية بين الحكام والشعب.
لكن ما الذي وفَّره التليفزيون ولم يستطع الراديو تقديمه؟ وما التغيير الذي أدخله اختراع التليفزيون على المسرح السياسي؟
1. الكاريزما تحكم
بالعودة لمناظرة «كينيدي» و«نيكسون»، وبحسب القصة التاريخية، فبعكس «كينيدي» الذي بدا هادئًا وواثقًا من نفسه، كان «نيكسون» شديد التوتر بشكل واضح، حتى إنه بدأ في التعرُّق خلال المناظرة. يجادل السياسيون دومًا بأن الكاريزما التي تمتع بها «كينيدي» في أثناء المناظرة هي التي أمَّنت له فوزًا ميسورًا.
أحدث التليفزيون تغييرًا في منهجية تفكير السياسيين؛ فلم يعد شاغلهم الوحيد ما الذي سيقولونه، بل تطور ليشمل كيف ومتى سيقولونه
وفي ستينات القرن العشرين، انتشرت خرافة مفادها أن من استمعوا للمناظرة عبر الراديو هم من أيدوا «نيكسون» واعتقدوا بفوزه، بعكس من شاهدوها عبر التليفزيون ولاحظوا انفعالاته مقابل هدوء «كينيدي».
وسواء كان هذا خرافة أو حقيقة، تعلَّم «نيكسون» درسه جيدًا وأدرك أهمية الظهور الواثق، وبعد أعوام ثمانية، وقبل شهرين من فوزه في الانتخابات الرئاسية، وافق على الظهور بشكل سريع في البرنامج الأمريكي الساخر «Rowan & Martin's Laugh-In».
كانت تلك هي المرة الأولى التي يظهر فيها مرشح سياسي في برنامج كوميدي.
وبحسب تصريحه بعد ذلك، فإن الكاريزما التي أحدثها ظهوره في البرنامج كانت هدية سماوية أمَّنت له حضورًا كفيلًا بإنجاحه في السباق الرئاسي.
2. فن تقديم الكوارث
أحدث التليفزيون تغييرًا جوهريًّا في منهجية تفكير السياسيين؛ فلم يعد شاغلهم الوحيد ما الذي سيقولونه، بل تطور ليشمل كيف، ومتى يقولونه.
لسبب كهذا، اكتسب الخطاب قبل الأخير للرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك عام 2011 تعاطفًا واسعًا، ظهرت إثره مجموعات «أنا آسف يا ريس» لتعتذر عن المشاركة في مظاهرات 25 يناير المطالبة برحيله. كان السبب في ذلك اعتماده لغة جسد انهزامية أمام الاستنفار الشعبي، بعكس المعتاد.
ربما استلهم مبارك فكرة خطابه هذا من الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، فبعد بيان تنحيه الذي أعلن فيه مسؤوليته الكاملة عن هزيمة الجيش المصري في يونيو 1967، وكاستجابة؛ نزلت جموع الشعب بالآلاف تعاطفًا لتطالبه بالعدول عن قراره.
بالإضافة لذلك، فالتليفزيون جعل من القادة جزءًا من حياة المواطن اليومية لكثرة ظهورهم على الشاشة، وهو ما يجعل الشعب أكثر ارتباطًا بهم، وبالتالي أكثر قابلية لتصديقهم.
ربما لسبب مثل هذا صدَّق الأمريكيون رئيسهم «رونالد ريغان»، عندما كرر في خطاباته عدم وجود أي نية لديه لرفع الضرائب، لدرجة إرسالهم خطابات دعم وتأييد، رغم رفعه لها بعد ذلك. في الواقع، من مآخذ فترة حكم «ريغان» أنه رفع الضرائب على شعبه 11 مرة خلال السنوات الثماني التي حكمها، ومرة بعد مرة يقدم وعودًا، ومرة بعد مرة يبتلعها الشعب.
ربما يعجبك أيضًا: كريستين تشاباك: إليكم انتحارًا على الهواء مباشرة
3. إعادة تعريف التسلية
في عام 1868، لم يكن للأمريكيين حديث إلا أخبار الرئيس السابع عشر للولايات المتحدة المنتمي للحزب الديمقراطي «آندرو جونسون» (Andrew Johnson)، ومحاكمته وسحب الثقة منه من قبل الكونغرس الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون؛ لزعمهم تعديه على اختصاصات الكونغرس.
كانت تلك هي المرة الأولى التي يتعرض فيها رئيس لموقف مثل ذاك، ومن ثم اعتُبرت المحاكمة حدثًا تاريخيًّا حرص الجميع على أن يشهدوه، لدرجة سفر مواطنين من شتَّى أنحاء أمريكا إلى واشنطن العاصمة.
لكن حتى مع امتلاء جميع مقاعد مجلس الشيوخ، لم يتمكن من متابعة الحدث أكثر من ثلاثة آلاف مواطن؛ بسبب محدودية المقاعد في قاعة المجلس. تم تفادي ذلك في محاكمات أخرى يفصلها قرن ونصف عن «جونسون»، ليشهد العالم كله محاكمات صدام حسين ومبارك، قبل أن يمنع القضاء المصري بث محاكمة الأخير بالتأكيد «حرصًا على الصالح العام».
لا يختلف هذا كثيرًا عما فعلته «ويستنغهاوس» في مطلع القرن الماضي لضمان نسبة متابعة عالية، الفارق الوحيد أن الرابح الأكبر هنا هم القادة: القوات الأمريكية في حالة العراق، والمجلس العسكري في حالة مصر، وبمكاسب أكبر من مجرد توفير الوقت والطاقة، بل يتعدى ذلك لمنح القادة الحاليين نزاهة ومصداقية بالطريقة السهلة، ومن خلال تسلق ظهور سابقيهم المنحنية.
أو بشكل آخر: «نقدم لكم خدمة توصيل محاكمات القرن للمنازل، سندعوكم لحجراتنا المغلقة، وفور انتهاء الغرض، سنخرجكم منها بدعوى الصالح العام».
4. العالم كله يشاهد
حق متابعة ما يحدث داخل الحجرات المغلقة دفع الصحفي والناشط الأمريكي «براين لامب» (Brian Lamb) لإنشاء محطة متخصصة في السبعينات أسماها C-SPAN، تنقل وقائع جلسات الكونغرس الأمريكي بمجلسيه؛ النواب والشيوخ. ورغم سماح الكونغرس للكاميرات بالتصوير، حرص «لامب» على التحكم بما يُعرض، أو بصيغة أكثر وضوحًا: حرص على التحكم بكاميرا المحطة وما تصوِّره، فكان يركز على وجه النائب المتكلم فقط، بينما الحالة الوحيدة التي يعرض فيها القاعة بأكملها هي لحظة التصويت.
وفي يونيو 2016، عندما قرر النواب الديمقراطيون الاعتصام داخل الكونغرس؛ اعتراضًا على رفض الجمهوريين قرارًا بالحد من تشريع حيازة الأسلحة، فشلت كاميرات محطة C-SPAN في تصوير الاعتصام، الأمر الذي اضطرها للإعلان عبر تويتر عن عدم استطاعتها التحكم بما تبثه الكاميرات.
سياسة الكونغرس ما هي إلا تجلٍّ آخر لتأثير التليفزيون على إعادة هيكلة قواعد الملعب السياسي بشأن الحريات، فالعالم من حقه أن يشاهد، إلا أنه سيشاهد فقط ما يسمح به القادة.
أمر مشابه يحدث في الأردن والكويت؛ إذ تُمنتَج جلسات مجلس النواب والأمة قبل بثها «لتظهر بأجمل صورة». أما في دولة أكثر ارتجالًا مثل مصر، كان التليفزيون على مر العقود شاهدًا مهازل تحدث تحت قبة مجلس الشعب، ما بين اتهامات متبادلة بين النواب، وحتى وصلات سباب غير منقطعة وشجارات بالأيدي، وهو ما انتهى لمنع بث جلسات المجلس نهائيًّا اليوم؛ لاستيعابهم أخيرًا أن العالم كله يشاهد.
ولأن «العالم كله يشاهد»؛ لجأ متظاهرو ولاية شيكاغو الأمريكية، المعترضون على دور دولتهم في حرب فيتنام، للاحتماء بقوة الصورة الخبرية خلال أحداث الشغب التي رافقت انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي عام 1968، عن طريق ترديد شعار (The whole world is watching) عندما حاولت قوات الأمن تفريقهم بالعنف.
ولأن «العالم كله يشاهد»؛ بثَّ التليفزيون المصري، أو ما يُعرف بتليفزيون الدولة، مقاطع مسجلة لكورنيش النيل خاويًا تمامًا، بينما يُستخدم العنف لفض المتظاهرين في أثناء ثورة 25 يناير 2011؛ لأن الدولة آنذاك لم تُرِد للعالم حقًّا أن يشاهد، الأمر الذي اختلف في أحداث 30 يونيو 2013، ربما لأن رغبة الشعب توافقت مع رغبة الدولة هذه المرة؛ فسُمح ببث التظاهرات المطالبة بإقالة الرئيس الأسبق محمد مرسي؛ لأن الحكومة، هذه المرة، أرادت للعالم كله أن يشاهد.
اقرأ أيضًا: الأخبار تصيبك بأعراض الصدمة النفسية.. والعلاج تخصيص «وقت للنكد»
ما بعد التليفزيون: الإعلام البديل
ربما لم يحقق التليفزيون تصوُّر «أرسطو» السابق ذكره عن التواصل المستمر بين جميع الأطراف الفاعلة في النظام، إلا أن العالم الذي لا يكف عن التغيير أهدانا في نهاية القرن الماضي اختراعًا آخر، أحدث ثورة جذرية في مفهوم التواصل وقواعده. فمثلما ظهر التليفزيون في بدايات القرن ليقدم نفسه بديلًا للإذاعة؛ جاءت الشبكة العنكبوتية لتتولى الدفة هي الأخرى.
ما لا يمكن لأحد إنكاره أن ظهور الإنترنت غيَّر من الشكل التقليدي للإعلام. فبالإضافة لتأثير الصحافة الإلكترونية وتسببها في تراجع المطبوعة بشكل ملحوظ، لدرجة توقف بعض الصحف عن إصداراتها الورقية، مثلما فعلت جريدة السفير اللبنانية مؤخرًا، أسهم الإنترنت أيضًا في تحويل أنظار الناس عن التليفزيون. ببساطة، لم يعد هو المصدر الوحيد لاستقاء المعلومات.
وغير هذا وذاك، وفَّرت الشبكة العنكبوتية منصات رقمية لتبادل الآراء؛ فأتاحت فرصًا يومية للحوار المتبادل، يتضمن السياسة بالتأكيد، الأمر الذي تسبب في تغيير شكل الحوار من فردي لجماعي، وبدلًا من وجود رجل واحد يخاطب الملايين، تحوَّل الأمر لملايين يخاطبون فردًا واحدًا ويحاكمونه إذا لزم الأمر، وهو ما حدث في ثورات تونس ومصر التي بدأت بدعوة عامة على «فيسبوك».
العنصر الأهم في ظهور الإنترنت أنه خلق منصة شعبية لا يمكن للسياسيين السيطرة عليها، فهي ملك للجمهور وحده، تكشف أكثر مما تخفي، ولا تلعب الكاريزما الدور الرئيسي فيها. ربما لسبب مثل هذا لجأ بعض حكام العالم لفرض رقابات حكومية على الإنترنت، تصل للحظر التام لمنصات «فيسبوك» و«تويتر» في دولة مثل الصين.
قد يهمك أيضًا: خبير سابق في غوغل يرصد هوسنا بوسائل التواصل الاجتماعي
هل يتهاوى التليفزيون؟
أغلب الأمر أن هذا غير صحيح. ربما يفقد التليفزيون قليلًا من بريقه، إلا أن الجهاز الذي شهد صعود أنظمة وتهاويها، ولحظات دخول التاريخ ولحظات السقوط في حاويات قمامته، وصنع من بعض القادة نجومًا ومن آخرين مهرجين، الجهاز الذي شهد كل ذلك من الصعب انهياره، ربما لأنه صناعة تسلية بالأساس، والجمهور يريد التسلِّي.
وما دام التليفزيون مستمرًّا في تقديم نفسه كمسرح للأحداث السياسية؛ الهرج والهزل والترقب والجبروت والهزيمة، سيحرص الجميع على التجمع حوله للمشاهدة، حتى إن تشككوا في مضمون ما يرونه، وحتى إن لم يصدقوا من الأساس، سيظل العرض مستمرًا طالما هناك جمهور مستمتع بالمشاهدة.
إسراء مقيدم