مساء الفل: يوم «فور توينتي».. حشاشو العالم يحتفلون والعرب ينتظرون الفرج
في يوم 20 إبريل من كل عام، يحتفل أهل الكيف من مدخني الماريجوانا والحشيش باليوم العالمي للماريجوانا، أو ما اصطُلح على تسميته «420» (فور توينتي)، إذ تُقام مهرجانات تدخين الماريجوانا والحشيش في أشهر شوارع دول العالم التي تشرِّع الماريجوانا.
فور توينتي: من أين أتت التسمية؟
يعود الرمز 420، الذي أطلقته مجموعة من الشباب يسمون أنفسهم «والدوز»، إلى تقليد قاموا به في إحدى المدارس الثانوية في شمال ولاية كاليفورنيا عام 1971. يدل الرمز على الساعة الرابعة وعشرين دقيقة (4:20)، وهو التوقيت الذي كان يجتمع فيه الشباب للبحث عن نبتة ماريجوانا نادرة، علموا عنها بواسطة خريطة وجدوها، عليها رسم باليد لموقع هذه النبتة.
كان أفراد عِصابة الشباب يجتمعون بشكل شبه يومي للبحث عن النبتة ولم يجدوها، لكنهم ظلوا يستخدمون اللفظ «فور توينتي» للحديث عن الماريجوانا، وسرعان ما انتشر هذا «الكود» كرمز سرِّي لشراء الحشيش أو الماريجوانا، واعتُمد 20 إبريل يومًا عالميًّا للماريجوانا.
تحمل بعض تجمعات «420» صبغة سياسية وتطالب بتقنين الحشيش.
في كل عام، يجتمع آلاف المدخنين في أماكن محددة بدول مختلفة للتدخين، ففي 2013 اجتمع نحو 80 ألف شخص من مدخني الماريجوانا في ساحة «دينفر سيفك بارك» بولاية كولورادو الأمريكية للاحتفال بشكل علني للمرة الأولى، بعد أن ألغت الولاية قانون تجريم استخدام الماريجوانا وسمحت بتعاطيها والاتِّجار بها.
ورغم منع القانون تدخين الماريجوانا في الأماكن العامة، إلا أن ذلك لم يردع المحتفلين عن تدخينها بشكل علني في تمام الساعة 4:20 مساءً، وتحت مرأى ومسمع قوات الشرطة، ووسط احتفالية موسيقية كانت الأضخم من نوعها في أرجاء العالم.
ويعد مهرجان «فور توينتي»، كما يسميه مريدوه، أحد مظاهر الثقافة المضادة (Counterculture)، إذ يجتمع الناس في هذا اليوم لاستهلاك وتدخين الماريجوانا، كما تحمل بعض التجمعات صبغة سياسية تطالب بتقنين الماريجوانا والسماح بتعاطيها.
ومن طرائف ثقافة «فور توينتي» أن إدارة المواصلات والطرق في ولاية كولورادو اضطرت إلى تبديل لوحة حساب مسافات على الطريق السريع كُتب عليها «الميل رقم 420» بسبب سرقتها مرارًا، واستبدلت بها لافتة أخرى كتب عليها «الميل رقم 419.99».
الحشيش والعرب: صراع المزاج والإنكار
وسط انتشار موجة تقنين تجارة واستخدام الماريجوانا والحشيش في العالم، باعتبارها مخدرًا بسيطًا يماثل درجة السكر بالخمور، رغم أن الحشاشين سيختلفون على ذلك بوصف الماريجوانا أو الحشيش أفضل من الخمر، إلا أن مطالبات عربية ظهرت في السنوات الأخيرة بتقنين إنتاج واستخدام الماريجوانا والحشيش في بعض الدول، لا سيما لبنان ومصر وتونس والمغرب.
شكَّل الحشيش صناعة مزدهرة خلال الحرب الأهلية اللبنانية، لكن الحكومة منعتها بعد الحرب.
في أكثر من نصف الولايات الأمريكية، أُقرت تشريعات للسماح باستخدام الماريجوانا لدواعٍ طبية أو ترفيهية، فيما تُصرِّح عديد من الدول باستخدام الماريجوانا والحشيش لأغراض طبية، مثل تركيا وأستراليا وإسبانيا وسلوفينيا والتشيك وكرواتيا، بينما تصرح بها بلاد أخرى مثل هولندا وأوروغواي وكندا وكولومبيا لأغراض ترفيهية، فيما ذهبت بعض الدول، كالبرتغال، إلى التصريح باستخدام المواد المخدرة كافة دون استثناء.
أما في العالم العربي، ففي ديسمبر 2014 دعا الزعيم الدرزي اللبناني البارز وليد جنبلاط إلى السماح بزراعة الحشيش في لبنان، مشيرًا إلى أن هذه الصناعة كانت تدر ملايين الدولارات خلال الحرب الأهلية. وقال جنبلاط في تغريدة له على تويتر: «آن الأوان للسماح بزراعة الحشيش، وإلغاء مذكرات التوقيف بحق المطلوبين في هذا الحقل».
كانت نبتة الحشيش اللبنانية، المعروفة بـ«نوعيتها الجيدة»، تشكل نواة صناعة مزدهرة إبان الحرب الأهلية (1975–1990)، وبعد الحرب نفذت الحكومة حملة للقضاء على زراعة الحشيش، ووعدت المزارعين بتوفير زراعات بديلة لكن هذا لم يتحقق، إذ لقي مشروع الأمم المتحدة للزراعات البديلة فشلًا ذريعًا في نهاية القرن العشرين، بسبب الفساد ونقص التمويل.
ومنذ ذلك الحين، تتكرر المواجهات بين السلطة والمزارعين الذين يطالبون بتشريع زراعة الحشيش، التي تجد أرضًا خصبة لها في منطقة البقاع شرق لبنان، وهي المنطقة التي يتحصن بها تجار الحشيش.
وفي 2015، طرح رئيس رابطة تجار السجائر بالغرفة التجارية المصرية، أسامة سلامة، مقترحًا للحكومة بتقنين تجارة الحشيش أُسوة بالدول الأخرى، ممَّا أثار ردود فعل عديدة في مختلف الاتجاهات المؤيدة والمعارضة.
ويقول سلامة إن الرابطة تقدمت للحكومة بمقترح «علمي واقتصادي لمساعدتها في اتخاذ قرار تقنين مخدر الحشيش»، مؤكدًا أن تقنين تجارته سيوفر للدولة نحو 45 مليار جنيه سنويًّا.
اقرأ أيضًا: كيف تسبب طبيب مصري وضابط إنجليزي بمنع الحشيش في إسرائيل؟
محاولات السماح بـ«الكيف» في المغرب
«تقنين الحشيش سيحسن من سمعة المغرب»، عبد الحكيم بن شماس.
لا يختلف الوضع في المغرب كثيرًا عنه في لبنان، إذ حاول بعض الناشطين والأحزاب السياسية في السنوات الأخيرة تشريع الحشيش باعتباره مصدر قوت عديد من الأسر الريفية العاملة في الزراعة شمال البلاد، وتماشيًا مع الموجة العالمية في تشريع الحشيش بوصفه مصدر دخل إضافي للبلاد، كما يمكن استغلاله في التصدير إلى الدول الأخرى.
قوبلت تلك الاقتراحات بالرفض من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وحزبه الحاكم ذي التوجه الإسلامي، ممَّا فجَّر جدلًا واسعًا في البلاد.
قال بنكيران في جلسة برلمانية في يوليو 2015 إنه طالع دراسة تؤكد أن 2% فقط من الحشيش يُستعمل لأغراض طبية وصناعية، ممَّا دعا عبد الحكيم بن شماس، من حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض، إلى الحديث لقناة «CNN عربية» مطالبًا بنكيران بنشر تلك الدراسة لتأكيد كلامه، لأن «ندوة دولية نظمناها قبل مدة وشارك فيها خبراء أكدت إمكانية استعمال نبتة الحشيش لخلق اقتصاد بديل، قائم على تحويلها إلى أغراض طبية وصناعية».
وأضاف بن شماس: «إذا كان بنكيران يريد منع زراعة الحشيش، فليعطنا بديلًا في منطقة فقيرة يعاني 50 ألفًا من سكانها من المتابعات القضائية بسبب زراعتهم هذه النبتة»، مشددًا على أن حزبه لا يدعو إلى استهلاك المخدرات بل إلى التشدد في محاربتها، لكنه يطالب بتقنين الحشيش لاستخدامات مشروعة، ومن أجل تحسين ظروف المزارعين الذين «يعيشون في سجن كبير بينما تغتني لوبيات المخدرات»، مشيرًا إلى أن تقنين الحشيش سيحسن من سمعة المغرب، الذي يأتي ثانيًا على رأس زارعي الحشيش بعد أفغانستان.
يمكن معرفة مدى جدية المغاربة في الوصول إلى تشريع الحشيش بمعرفة أن هناك ما يسمى «الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للكيف»، وهو ائتلاف مكون من ناشطين وسياسيين يجمعهم هذا الهدف.
قد يهمك أيضًا: كيف أسهمت المخدرات في تطور البشرية؟
تونس «الخضراء»
سيكتفي الحشاشون العرب بمتابعة احتفالات اليوم العالمي للحشيش عبر التليفزيون وتمرير «الجوينت» فيما بينهم.
بدأت في تونس نقاشات مطلع عام 2015 حول تقنين الحشيش، أو «الزطلة» كما يسميها التونسيون، بعد أن أدت العقوبات المشددة ضد المستهلكين إلى الزج بآلاف الشباب في السجون، التي اكتظت إلى الحد الذي أصبح معه قانون التجريم نفسه مشكلة مجتمعية أكبر من «الزطلة» ذاتها، وهو ما دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى الدعوة لوقف تطبيق القانون ومعاقبة المخالفين للمستهلكين لأول مرة، لحين إقرار قانون جديد يُنظر حاليًا في لجان البرلمان.
ينتقد البعض القانون الجديد لإبقائه على عقوبة السجن، على عكس قانون قُدِّم في عام 2015 واستبدل بعقوبة الحبس غرامات مالية أو العمل في خدمة المجتمع لفترات محددة، وهو ما قد يكون مناسبًا أكثر لعقوبة استهلاك الحشيش.
ورغم انتشار الحشيش في عديد من الدول العربية بشكل كبير، وانتشاره كذلك في مختلف أوجه الثقافة (أفلام، وموسيقى، وغيرها من الفنون)، إلا أنه يبدو أن البعض لا يزال يحرص على إبراز ثوب «العفة والطهارة» في حالة أقرب إلى إنكار الواقع الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية، بينما يرغب آخرون في حرمان الناس استنادًا إلى معتقداتهم الأخلاقية فيما يشبه الوصاية.
الحقيقة الواضحة هي أن العديد من مستخدمي الماريجوانا والحشيش في العالم سيحتفلون اليوم، كلٌّ على طريقته: الغرب سيدخنون الماريجوانا في الساحات والحدائق العامة، فيما سيكتفي الحشاشون العرب بمتابعة الاحتفالات عبر التليفزيون، وتمرير «الجوينت» فيما بينهم.
مساء الفل.
فريق منشور