فرقة «Pink Floyd»: هل رأيت الخنازير تحكم والكلاب تحرس والخراف ترعى؟
جعلنا جورج أورويل نقرأ عن الخنازير والكلاب والخراف في روايته «مزرعة الحيونات»، لكن فرقة «Pink Floyd» جعلونا نسمعها ونشاهدها من خلال ألبومهم «The Animals».
إنه الألبوم العاشر للفريق، والذي أنتجه أعضاؤه بأنفسهم وأصدروه في 21 يناير 1977، بعد تسجيله في استوديوهات «Britannia Row» في لندن.
«روجر ووترز»، العضو الأبرز في الفريق، كتب واختار جميع الكلمات والموسيقى لهذا الألبوم، باستثناء «الكلاب»، التي شاركه «ديفيد غيلمور» في تلحينها.
استمر الفريق في هذا الألبوم على نفس طريقة التكوينات الموسيقية الطويلة، ولكن بتغيير ملحوظ في أسلوب الموسيقى عن أعمالهم السابقة، وكان ذلك استجابة لحركة موسيقى «Punk Rock»، التي نمت شعبيتها في تلك الفترة. نال الألبوم وقتها مراجعات إيجابية من النقاد، وحقق نجاحًا تجاريًا كبيرًا.
آنذاك، بيعت أكثر من خمسة ملايين نسخة من الألبوم، الذي يوجه نقدًا قاسيًا للأوضاع الاجتماعية والسياسية في المملكة المتحدة أواخر سبعينيات القرن الماضي.
ما بين الرواية الستالينية والألبوم الرأسمالي
قصة الألبوم هي اندماج عدة أفكار مختلفة من مفهوم أورويلي، عن ثلاثة من الحيوانات الرئيسية في رواية «مزرعة الحيوانات»، وهي الخنازير والكلاب والخراف، التي تشكل طبقات المجتمع المختلفة.
الخنازير هم الحكام المستبدون وكبار رجال الأعمال الفاسدين، والكلاب هم المديرون وأصحاب الوظائف الرفيعة الانتهازيون، أما الخراف فهم القطيع الأكبر من الشعب، الذين يريدون البقاء في الخطوط الجانبية وتجنب المشاكل. وفي حين أن الرواية تركز على الستالينية، فإن الألبوم ينتقد الرأسمالية الحاكمة لبريطانيا آنذاك.
يتكون الألبوم من أربع أو خمس أغنيات بالنظر إلى أن «Pigs on the Wing» قُسمت إلى جزأين: يبدأ الألبوم بواحدة وينتهي بالأخرى، وتتداخل الثلاث أغنيات الأخرى بينهما، بحيث تصف كل أغنية نوعًا معينًا من أنواع الحيوانات الثلاثة المذكورة أعلاه: الكلاب والخنازير والخراف، على الترتيب.
If you didn't care
What happened to me
And I didn't care for you
We would zig-zag our way
Through the boredom and pain
Occasionally glancing up through the rain
Wondering which of the
Buggers to blame
And watching the pigs on the wing
مقدمة صوتية موجزة للغاية تفتح الألبوم، ومقطع صوتي مختصر، لتُشعر بالحنين والحب والمساواة بين طبقات المجتمع، وضرورة أن تتكاتف وتتحد، لأنه لو لم يحدث ذلك ستصبح حياتهم عبارة عن حركة عدمية مستمرة على طريقة «zig-zag» بين الملل والألم، إشارة لاستمرارية حركتهم غير المنتهية بين الشقاء والعبودية المفروضة عليهم من قبل السيد جونز في الرواية، والذي يمثل الأنظمة الدكتاتورية التي يجب عليهم أن يتحدوا ليثوروا ضدها.
تشعر أن المقدمة عولجت في اللحظات الأخيرة، وأنهم كانوا على عجلة من أمرهم، ولكن كان ذلك عن قصد، لتوفير أكثر من نهاية سعيدة «وهمية» وبداية أكثر من أي تأثير إيجابي حقيقي، فهي قصيرة للغاية وهشة بالمقارنة مع ملحمة النزيف الضخمة القادمة، والتي تستمر لمدة 40 دقيقة تقريبًا، لا تتنفس الحيوانات فيها شيئًا سوى الكراهية والحقد والاحتقار لجميع أبطالها. إنها تجسيد بالكلمات والموسيقى لشخصية الخنزير الحكيم «ماجور» في الرواية، الذي يقضي نحبه بعد ثلاثة أيام فقط من وصيته لحيوانات المزرعة، من أجل أن يثوروا لينالوا حريتهم.
كيف تحرس الكلاب؟
استكمالًا لمفهوم الألبوم الأورويلي، وبكلمات من العظة والسخرية، تركز الكلاب على عالم الأعمال العدواني والمنافسة بلا رحمة، وكيف يكون شكل رجال الأعمال ومديري الشركات وأصحاب الوظائف الكبرى في هذا المجتمع الفاسد.
You gotta be crazy, you gotta have a real need
You gotta sleep on your toes, and when you're on the street
You gotta be able to pick out the easy meat with your eyes closed
And then moving in silently, down wind and out of sight
You gotta strike when the moment is right without thinking
And after a while, you can work on points for style
Like the club tie, and the firm handshake
A certain look in the eye and an easy smile
You have to be trusted by the people that you lie to
So that when they turn their backs on you
You'll get the chance to put the knife in
يبدأ أول جزء بوصفهم بأنهم أنيقين، ذوي ياقات بيضاء، لهم طبيعة مفترسة وساحرة وأنيقة من الخارج: متمثلة في روابط الأندية التي يلتحقون بها. أما طريقتهم عند المصافحة فتكون بقوة وتملق، ونظرة معينة مع ابتسامة خادعة، ليُظهروا مدى الحب والامتنان الذي يكنونه للآخرين. ولكنهم خلف هذه الواجهة المنمقة، انتهازيون ينتظرون التقاط اللحم السهل، والضرب عندما تسمح لهم الفرصة، والطعن من الخلف لمن كانوا يبتسمون أمامهم.
إنها عبارة عن مزيج من فلسفات مكيافيلي في كتابه «الأمير»، و«سول إلينسكي» وسياسته التنظيمية لمحدودي الدخل، باعتبارهم مجموعة من الخراف.
And when you loose control, you'll reap the harvest you have sown
And as the fear grows, the bad blood slows and turns to stone
And it's too late to lose the weight you used to need to throw around
So have a good drown, as you go down, all alone
(Dragged down by the stone (stone, stone, stone, stone, stone
الجزء الثاني يوضح لنا الفراغ الذي يكتنف الكلاب بعدما يتقدم بهم العمر ويتقاعدون من أعمالهم، فيذهبون إلى الجنوب أغنياء وحيدين غير محبوبين، يعيشون بمفردهم ويموتون على الأغلب من السرطان. وعندما يفقدون السيطرة على حياتهم، سيجنون حصاد الذي زرعوه. ومع تزايد الخوف من الموت والمرض والوحدة، يتباطأ الدم السيئ بداخلهم ويتحول إلى حجارة، ولكن بعد أن فات الأوان ليفقدوا هذه الأوزان التي يحتاجون الآن إلى التخلص منها، والتي تكونت نتيجة أفعالهم السابقة، فيغرقون تحت وطأة أحجارهم، وتسحبهم الحجارة واحدًا تلو الآخر إلى الأسفل لتنتهي بموتهم.
يشير تعبير الغرق تحت وطأة حجر إلى طريقة التخلص من الكلاب في بريطانيا وقت صدور الألبوم، فعندما كانت الكلاب تشيخ وتسقط أنيابها، كانت تُعلق الحجارة إلى أعناقها، وتُرمى في الأنهار.
Who was trained not to spit in the fan
Who was told what to do by the man
Who was broken by trained personnel
Who was fitted with collar and chain
Who was given a pat on the back
Who was breaking away from the pack
Who was only a stranger at home
Who was ground down in the end
Who was found dead on the phone
Who was dragged down by the stone
أما الجزء الأخير فيكشف لنا عدة جوانب من حياة الكلاب العملية وفلسفتهم عن الحياة، فيوجه لهم روجر الكلمات قائلًا: «إنني في حيرة من أمري، فأحيانًا أشعر بأن الخنازير تستغلكم ليس إلا، بأنكم مجموعة من العميان والخرس، تستمرون دائمًا في التظاهر بأن الجميع سيئون، فلا يوجد أصدقاء حقيقيون ولا حب في هذا العالم، الجميع قتلة، والنادرون عكس ذلك هم مجموعة من الخاسرين يجب عزلهم».
تختتم الأغنية بأن يوجه لهم روجر قائمة من الاتهامات: «ما أنتم سوى مجموعة من الكلاب المدربة من قبل الخنازير، فمن الذي تدرب على اغتنام الفرص وإطاعة رؤسائه واتباع السلوك الجيد ليُكافأ على ذلك؟ ومن الذي يعمل أكثر من الآخرين ويتعرف على الجميع ويقضي وقتًا أقل مع عائلته حتى يصير غريبا بينهم؟ وفي النهاية، من الذي يموت وحيدًا تحت وطأة الحجر؟».
عندما تحكم الخنازير
جنبًا إلى جنب مع الكلاب والخراف، تأتي الخنازير ضمن الثلاثة حيوانات الممثلة في الألبوم. تلك الأغنية الغاضبة التي كتبها روجر قاسية ومريرة، فالخنازير (ثلاثة أنواع مختلفة) تمثل الأشخاص الذين هم على قمة السلم الاجتماعي من الحكام والسياسيين والأثرياء وأصحاب الشركات الكبرى والسلطة الأخلاقية.
يوضح لنا روجر في الأغنية كيف تحولت تلك الطبقة من المجتمعات إلى خنازير أنانية مثيرة للاشمئزاز، تتغذى على بقية المجتمع وتشجعهم على المنافسة الشريرة والحيوانية في ما بينها، فكلما اشتدت المنافسة، أصحبت الخنازير أقوى وأكثر ثراءً وتحكمًا في مصير الآخرين.
تنقسم الأغنية إلى ثلاثة أنواع مختلفة من الخنازير، نوعان منها لا يزالان مسألة تكهن إلى الآن بالنسبة لي، إلا إن الثالث يمثل وبكل وضوح داعية الأخلاق والرقابة على التلفزيون والإعلام: «ماري وايتهاوس».
الخنزير الأول
Big man, pig man
Ha, ha, charade you are
You well heeled big wheel
Ha, ha, charade you are
And when your hand is on your heart
You're nearly a good laugh
Almost a joker
With your head down in the pig bin
Saying Keep on digging
Pig stain on your fat chin
What do you hope to find
?Down in the pig mine
You're nearly a laugh
You're nearly a laugh
But you're really a cry
لا يشير إلى شخص ما على وجه الخصوص، فهو يشير إلى كبار رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى، الفاسدين الذين لا يهتمون إلا بالربح فقط، والرؤساء المنافقين الذين يخدعون ويتواطؤون على المواطنين من أجل الوصول لأهدافهم، وصناع القرار وأعضاء الحكومة وطرقهم الفاسدة لاستغلال وظلم المواطنين، وتشجيعهم على الوطنية العمياء واتباع الأوامر دون تفكير، فيطلب منك الولاء الدائم ومواصلة العمل واتباع السلطة.
الخنزير الثاني: عن المرأة الحديدة، أو الشرطة، أو كليهما
Bus stop rat bag
Ha, ha, charade you are
You fucked up old hag
Ha, ha, charade you are
You radiate cold shafts of broken glass
You're nearly a good laugh
Almost worth a quick grin
You like the feel of steel
You're hot stuff with a hatpin
And good fun with a hand gun
You're nearly a laugh
You're nearly a laugh
But you're really a cry
يحلل بعضهم هذا الجزء بأنه كان إشارة مبكرة إلى «مارغريت ثاتشر»، التي كانت وزيرة الدولة لشؤون التعليم والعلوم من عام 1970 إلى 1974، ثم زعيمة حزب المحافظين بين عامي 1975 و1979 وقت كتابة الأغنية، وصارت بعد ذلك رئيسة وزراء بريطانيا من 1979 إلى 1990.
لقد كرهها روجر بسبب دعمها للخصخصة، والتصدي لمحاولات العاملين لرفع أجورهم، ومحاربة النقابات العمالية، وارتفاع التضخم ومعدل البطالة، ودخول حرب فوكلاند، وتأييدها تأثير قوى السوق على التمويل الحكومي للبحث العلمي وغيرها.
ووصفها بأنها باردة قاسية ذات حقيبة قذرة، تنتظر صعود القطار للوصول لمنصب سياسي أكبر، يعجبها شعور أنها صلبة (وذلك لوصفها بالمرأة الحديدية من قبل صحفية روسية)، وتجد متعة في إمساك مسدس وإطلاق النار على من يجادلونها في قراراتها، وعلى وجهها ابتسامة جيدة وشعور بالرضا. إنها حقًا لا تهتم بالآخرين، ولا تهتم إلا بالمنصب والمكانة التي تريد أن تصل إليها.
ألقت الشرطة القبض على 511 شخصًا من مشجعي الفريق، ووجهت إليهم تهمًا بحيازة الماريجوانا، وشرب القُصَّر للكحوليات، والانحراف الجنسي.
في عام 1975، نظم فريق «Pink Floyd» عدة جولات موسيقية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أهمها التي استضافها ملعب لوس أنجلوس الرياضي بولاية كاليفورنيا، وامتدت لخمسة أيام متواصلة بين 23 و27 من إبريل.
لكن الشرطة وقتها كان لها رأي آخر، وعلى رأسها قائد شرطة لوس أنجلوس آنذاك «إدوارد إم ديفيس»، لذي كان يكره موسيقى الروك وكل ما يتعلق بها من مظاهر.
في ذلك اليوم، ألقت الشرطة القبض على 511 شخصًا من مشجعي الفريق، ووجهت إليهم تهمًا بحيازة الماريجوانا، وشرب القُصَّر للكحوليات، والانحراف الجنسي، وهذه التهمة تحديدً وُجهت لمن لم تثبت عليهم تهمة تعاطي الكحول من القصر، والذين بلغ عددهم 181 قاصرًا. أُفرج عن الجميع في النهاية، وذلك لعدم وجود أي إثباتات على صحة اتهامات ديفيس.
يوجه لهم روجر الكلمات بأن شعور الصلابة يعجبهم، يحبون القوة عندما يمسكون مسدسًا أو بندقية، وينتظرون بشغف الأمر باستخدام أسلحتهم على المواطنين ليطلقوا عليهم الرصاص بسعادة بالغة. إنهم يحبون السلطة والوضع الاجتماعي الذي يعطيه لهم الزي الرسمي للشرطة، والذي يجعلهم يشعرون أنهم أكثر قوة ومكانة من الآخرين، لكنهم فقط مجموعة من الأشياء، كالمسدس والعصا والقبعة على رؤوسهم، ليس إلا.
الخنزير الثالث
كان الخنزير الثالث بكل وضوح داعية الأخلاق «ماري وايتهاوس، الإنجيلية الأخلاقية التي شرعت في وقف ما رأت أنه المد الملوث للمجتمع المتساهل، لا سيما على شاشات التلفزيون، وبشكل خاص على هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، لما تعتبره عدم وجود مُساءلة على الاستخدام المفرط للغة السيئة وصور الجنس والعنف والازدراء والكفر والعنف ضد الأطفال في برامجها.
آمنت ماري بأن هيئة الإذاعة البريطانية يجب أن يكون لها دور تبشيري، وذلك في الدعوة إلى «الإيمان بالله والحفاظ عليه، وإعادته إلى قلوب المواطنين، ونشر القيم الوطنية»، ودعت إلى فرض رقابة على السلوك باستخدام معاييرها الأخلاقية، وذلك على منصات الإعلام المختلفة خصوصًا التلفزيون، فأسست الرابطة الوطنية للمشاهدين والمستمعين (NVAL) المعروفة حاليا باسم «Mediawatch-UK»، لتكون الوسيلة التي يمكن من خلالها تحقيق ما تراه مناسبًا للجميع.
Hey you, Whitehouse
Ha, ha, charade you are
You house proud town mouse
Ha, ha, charade you are
You're trying to keep our feelings off the street
You're nearly a real treat
All tight lips and cold feet
?And do you feel abused
You got to stem the evil tide
And keep it all on the inside
Mary you're nearly a treat
Mary you're nearly a treat
But you're really a cry
بكلمات من التهكم والسخرية الشديدة وتغيير نبرة الصوت، تشعر وكأن روجر يوجه لها الكلمات خلال ممارسته الجنس، يقول لها بشكل مباشر: «يا وايتهاوس، إنك حقًا مهزلة، إنك فأر مدينتنا الذي تملكه الحكومة لكي تسيطر على عقول المواطنين وتوجهاتهم. هل تشعرين بأنه يجب عليك إملاء الأخلاق على الآخرين؟ إبقاء مشاعر الناس بعيدة عن الشارع؟ فرض رقابة على التعبير الشخصي بسبب آراءك الأنانية؟ أن الجميع يجب أن يوافقون على معاييرك؟».
يسأل روجر عما إذا كان كل هذا الدعم للرقابة ونشر القيم المحافظة التي تريدها يرجع إلى طفولة قاسية ومسيئة، إذ لقنها إياها بدرجة أكبر جيل آخر من الخنازير.
يقول لها: «لديك آراؤك، وكل الناس لديهم آراؤهم، لا أحد يجبرك على مشاهدتها أو الاستماع إليها، ابقِ بعيدة عن الاستماع لهذه الآراء ولن تتعرضي للإيذاء كما ترين، ولذلك يتعين عليك وقف موجة الشر هذه، أو الأفضل: أبقِ كل أفكارك في الداخل بعيدة عن الجميع»، وينهيها بمزيد من السخرية والاستنكار مع ذكر اسمها: «تعتقدين يا ماري أنكِ علاج، لكن ما أنتِ إلا صرخة بكاء».
في عام 2017، وخلال جولة روجر «Us + Them Tour»، شُغلت الأغنية بالكامل مع صور مناهضة لترامب وأُطلق عليها «Trump is a pig»، أي ترامب خنزير.
ورغم أن أغلب ردود الفعل على تلك الصور كانت إيجابية، فإن بعض المعجبين صرخوا ضد روجر، وغادر آخرون الحفل. وكان رد روجر على هؤلاء المنتقدين: «أجد أنه من المستغرب بعض الشيء أن أي شخص كان يستمع إلى أغانيَّ طوال هذه السنين دون فهم. أيًا كان، هذا ليس من شأنكم. إذا لم يعجبكم ما أفعله، اذهبوا لمشاهدة كاتي بيري أو كارداشيان».
لماذا لا تثور الخراف؟
Hopelessly passing your time in the grassland away
Only dimly aware of a certain unease in the air
You better watch out
There may be dogs about
I've looked over Jordan, and I have seen
Things are not what they seem
What do you get for pretending the danger's not real
Meek and obedient you follow the leader
Down well trodden corridors into the valley of steel
What a surprise
The look of terminal shock in your eyes
Now things are really what they seem
No, this is no bad dream
تفتح الأغنية على مجموعة من كلمات التوبيخ العنيفة الموجهة للخراف، فهي جحافل عديمة العقل، غير قادرة على التفكير المعقد، ليس لديها الوسائل الفكرية الكافية لحماية أنفسها من بطش الحيوانات الأخرى، أو الخروج من حالة الضعف والخوف التي تتملكها. إنها مطيعة فقيرة عمياء ساذجة، تتبع الخنازير وتهرب من بطش وظلم الكلاب، ولكن كل هذا دون جدوى، ففي النهاية تُقاد إلى وادي الصلب، لتتحول إلى شرائح من لحم الضأن.
تتمنى الخراف أن تبدل أماكنها مع الكلاب، لكنها تثق في حكمة الخنازير وتشريعاتها، وفي الوقت نفسه تخاف من أن تلومهم الخنازير عند وقوع المشاكل للمجتمع، لأنه وفقًا لهذه اللعبة، عندما تحدث المشاكل تُلام الكلاب، التي بدورها تحمل الخراف النتائج دون أن تدري.
تخشى الخراف من أن تُلام ممن تسببوا في معاناتها، لكنها ترضى بأن تتحمل نتائج مشاكلها، بينما تتمنى الكلاب أن تتمكن من تبادل أماكنها مع الخنازير، لكنها تخشى منهم أيضًا، نظرًا لأنهم من وضعوا قواعد اللعبة ولن يخاطروا بالخروج عليها. ولو حدث ذلك، فسوف تدعم الخراف الخنازير وتصب نقمتها على الكلاب، وذلك لأنه وبشكل مباشر، الكلاب هي من يواجه الخراف وليس الخنازير. وسيزداد تأييد الخراف للخنازير نظرًا لاعتبار الكلاب خائنة.
تعيش الخراف في عالم مخيف لا يتحسن أبدًا، بل يزداد سوءًا يومًا بعد الآخر، وكل هذا عن طريق خداع الخراف وتهديد الكلاب، لذلك تلجأ إلى أشياء مثل الدين وغيرها لتساعدها على تقبل تلك المآسي.
The Lord is my shepherd, I shall not want
He makes me down to lie
Through pastures green He leadeth me the silent waters by
With bright knives he releaseth my soul
He maketh me to hang on hooks in high places
He converteth me to lamb cutlets
For lo, He hath great power, and great hunger
When cometh the day we lowly ones
Through quiet reflection, and great dedication
Master the art of karate
Lo, we shall rise up
And then we'll make the bugger's eyes water
Bleating and babbling we fell on his neck with a scream
هذا الجزء هو تجلٍ لذكاء وإبداع روجر غير المحدود، فهو محاكاة ساخرة للمزمار الثالث والعشرين «الرب راعي فلا يعوزني شيء» في المسيحية، وذلك على لسان النبي داوود في سِفر المزامير. هذا المزمور مليء بالتعزيات وكلمات الحب والفرح عن الله، ولكنه تحول إلى محاكاة إبداعية عن طريق مشفر صوتي يتحدث به لاعب الدرامز «نيك ميسون»، فتسمع الكلمات تحت الموسيقى بصوت آلي مشوه مصحوب بصوت الخراف في الخلفية.
يخبرنا ميسون أن «الرب هو الراعي الذي يقودنا نحو المراعي الخضراء تحوطنا الكلاب، هو من أطلق أرواحنا بالسكاكين اللامعة، وجعلنا معلقين بخطاطيف فوق أماكن مرتفعة، ليحولنا إلى شرائح من لحم الضأن». هذا التشفير الصوتي كان مقصودًا، إذ إنه تحدٍ لوايتهاويس وقانون التجديف (ازدراء الدين) في المملكة المتحدة، الذي أُلغي عام 2008.
يدور هذا الجزء حول كيف أن الأغنام هم الأشخاص الذين يشكلون معظم سكان العالم، أولئك الذين يحاولون أن يكونوا متدينين صالحين، كل شيء يتمحور حول الركوع والطاعة العمياء والحياة البريئة والابتعاد عن التفكير.
تجدر الإشارة هنا إلى ما فعله فريق «Pink Floyd» بالموسيقى، ففي نهاية كل آية من هذا الجزء، تُقطع بصوت حاد ومختلف، أكثر حدة وخوفًا من الذي قبله، ليُظهروا لنا المذبحة التي تتجه إليها الخراف تدريجيًا. وبصفة عامة، تتجه الموسيقى في هذه الأغنية نحو الجري، إشارةً إلى الجري نحو الجحيم الذي تذهب إليه الخراف باتباع الخنازير تقودها الكلاب.
Bleating and babbling we fell on his neck with a scream
Wave upon wave of demented avengers
March cheerfully out of obscurity into the dream
Have you heard the news?
The dogs are dead
You better stay home
And do as you're told
Get out of the road if you want to grow old
في الأخير، يظهر لنا إدراك الخراف لحقيقة أنها تُقاد إلى الجحيم لتُذبح، فتتعلم فنون الكاراتيه وتتخلص من الكلاب التي تضطهدها.
إنها إشارة إلى الثورة وحلم الحرية والمساواة وبزوغ قادة جدد لا يستغلون الناس، ولكن بمجرد توليهم السلطة وتأسيس نظام جديد، تكتشف أنهم لا يختلفون عن الذين ثاروا عليهم في شيء، وأحيانًا يكونون أكثر استبدادًا وظلمًا من الذين سبقوهم، فيكرر القادة الجدد ما كان يحدث مرة أخرى، ويأمرون الآخرين باتباع الأوامر وعدم الخروج من المنازل والمشي بجانب الطريق، لكي يتمكنوا من الحياة ويتجنبوا الموت.
الخنزير الذي أوقف الطيران
فكرة الغلاف كانت لروجر ووترز، والتصميم للمصمم الشهير «ستورم ثورغرسون»، الذي صمم عدة أغلفة للفريق، أهمها غلاف ألبوم «Dark Side of the Moon».
جاءت الفكرة لروجر عن طريق اعتياده قيادة السيارة إلى منزله بشكل مستمر عبر محطة كهرباء باترسي الموجودة على الغلاف، فصمم روجر وثورغرسون خنزيرًا يبلغ طوله 12 مترًا، قابلًا للنفخ بغاز الهيليوم، ليطفو فوق محطة الكهرباء، التي تمثل مأوى الكلاب والخراف من الخنزير الذي يحوم فوقهم.
في ديسمبر 1976، وخلال التقاط صور الغلاف، تحرر الخنزير وطار فوق مطار هيثرو، مما تسبب في حالة من الذعر تسببت في إيقاف حركة الطيران. لوحق الخنزير من الطيارين إلى أن هبط في مزرعة، واستعيد من مزارع محلي. والمثير للسخرية أن هذا المزارع كان غاضبًا، لأن الخنزير أصاب أبقاره بالخوف والذعر.
نرى أن روجر ووترز وفريق «Pink Floyd» قدموا لنا تحفة إبداعية وتصويرًا لأفكارهم بالكلمات والموسيقى بطريقة أكثر من رائعة، سواء اختلفنا أو اتفقنا معها، فجزء من القيمة الحقيقية وراء الفن على أي حال هو أنه لا يتعين علينا الاتفاق مع أفكار الفنان المطروحة في أعماله، بل ما يهم هو مدى قدرة الفنان على التعبير عن أفكاره ومعتقداته من خلال الأعمال الفنية، ويجتاز الألبوم ذلك بنجاح مبهر.
مصطفى مجدي