90 عامًا من الأوسكار: كل ما تريد معرفته عن جوائز الأكاديمية

مي كامل
نشر في 2018/03/04

في الرابع من مارس يُقام حفل توزيع جوائز الأوسكار رقم 90، أرقى جائزة سينمائية في العالم.

هذا الرقم يحمل داخله 90 عامًا من الأحداث والتفاصيل والأفلام والأدوار، 90 عامًا من الأوسكار تطورت فيها السينما العالمية، واختلفت ظروف الحياة والسياسة والنقاد، واختلفت أذواق الجمهور والأفلام التي كانت أفضل الأفلام، فكيف بدأت جوائز الأوسكار؟ وكيف كانت تلك الأعوام التسعين وصولًا إلى الحفل الجديد؟

الأوسكار: مِن فكرة واقعية إلى تمثال رمزي

كيف يُصنع تمثال الأوسكار؟

في 11 مايو 1927، تأسست أكاديمية فخرية وليست تعليمية، سُميت «أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة» في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

تهدف الأكاديمية منذ نشأتها إلى تطوير الفنون السينمائية، وتضم ستة آلاف محترف مختص في صناعة الأفلام: إخراجًا، وتمثيلًا، وكتابة، وتصويرًا، ومكياجًا، وموسيقى، وغيرها من مجالات صناعة السينما المختلفة. تنظم الأكاديمية حفل توزيع جوائز الأوسكار، ومسابقات سنوية لطلاب السينما غير المتخرجين في الجامعات المختصة بالفنون السينمائية.

في نفس عام التأسيس، نظم أعضاء الأكاديمية حفل عشاء في فندق بيلتمور بمدينة لوس أنجلوس للاتفاق على طريقة تكريم صناع الأفلام وتشجيعهم على تطوير السينما، واتفق الأعضاء على تقديم تمثال الأكاديمية كجائزة للمبدعين في مجال السينما، من أجل التنافس والتطور وتقديم الأفضل بشكل دائم.

لا يوجد اتفاق بين المؤرخين على أصل تسمية التمثال، أو الجوائز الممنوحة باسم الأوسكار، فقد كان التمثال يحمل اسم «جائزة الأكاديمية للاستحقاق».

قدّم «سيدريك جيبونز»، الرئيس التنفيذي للفنون في مؤسسة «مترو غولدن ماير» للإنتاج السينمائي، أول تصميم لتمثال الأكاديمية على طراز الفن المعروف باسم «Art Deco»، والذي كان على شكل فارس يحمل سيفًا صليبيًّا طويلًا، ويقف على أُسطوانة عرض أفلام تمثل أرضية التمثال، وتتكون من خمس دوائر، كل دائرة تجسد قسمًا رئيسيًّا في صناعة السينما: التمثيل، والإخراج، والإنتاج، والكتابة، والمؤثرات التقنية.

بعد ذلك طلب جيبونز من النحات «جورج ستانلي» أن ينفذ التمثال بأبعاده الثلاثة، ليظهر شكل تمثال الأكاديمية منذ ذلك الحين وحتى الآن. صُنِعَ التمثال من البرونز الخالص المطلي بالذهب، وفي منتصف الثلاثينيات استُبدِلَ بالبرونز مادة البريتانيوم المكونة من خليط القصدير والأنتيمون والنحاس، ثم طُلي بطبقة عليا من الذهب الخالص عيار 24.

يصل ارتفاع التمثال إلى 35 سنتيمترًا، أما وزنه فيصل إلى 3.8 كيلوغرامات، ومنذ ذلك الحين تسلم الفائزون بالأوسكار 3048 تمثالًا.

لا يوجد اتفاق بين المؤرخين على أصل تسمية التمثال أو الجوائز الممنوحة باسم الأوسكار، فقد كان التمثال يحمل اسم «جائزة الأكاديمية للاستحقاق»، قبل أن تعتمد الأكاديمية لقبه الجديد «أوسكار» بشكل رسمي عام 1939.

سبب التسمية الشائع أنه سبب تسمية «الأوسكار» يرجع إلى «مارغريت هاريك»، أمينة مكتبة الأكاديمية، التي رأت التمثال لأول مرة فقالت إنه يشبه عمها أوسكار. في حين يقول بعضهم إن الممثلة الراحلة «بيت دايفيس» أطلقت هذا الاسم على الجائزة تيمنًا بزوجها الأول.

اقرأ أيضًا: القواعد الخفية لجوائز الأكاديمية: كيف تتنبأ بالأوسكار؟

الأظرف المغلقة

تصنع شركة «PWC» كل عام نسخة أخرى من الأظرف المغلقة التي تضم أسماء الفائزين، لتكون إجراءً احتياطيًّا إذا ما حدث أي شيء للأظرف المختومة.

أول حفل لتوزيع جوائز الأوسكار كان في 16 مايو 1929 في فندق روزفلت في هوليوود، واستمر 15 دقيقة فقط، وكان الحضور وأعضاء الأكاديمية على عِلم مسبق بالفائزين، فقد اختير الفائزون قبل ثلاثة أشهر من الحفل.

وفي 1930، قرر أعضاء الأكاديمية أن يختاروا الفائزين سرًّا، ويرسلوا الأسماء بشكل سري إلى الصحف بهدف النشر في صبيحة حفل الأوسكار بعد إذاعته. وبالفعل استمر هذا الوضع إلى أن نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في 1939 أسماء الفائزين قبل عرض الأوسكار بيوم، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرار بأن تُختَم المغلفات التي تحتوي أسماء الفائزين بالشمع بدايةً من العام التالي، وهو ما حدث بالفعل منذ 1940.

بدأت شركة «PWC» عملها مع الأكاديمية منذ عام 81 عامًا ولا تزال مستمرة حتى الآن، وتعمل الشركة على حماية الأظرف وإيصالها من الأكاديمية إلى استوديوهات «دولبي» (كوداك سابقًا) حيث يقام الحفل كل عام، وتصنع الشركة كل سنة نسخة أخرى من الأظرف المغلقة احتياطًا، في حالة حدوث أي شيء للأظرف المختومة.

أول أوسكار

في أول حفل أوسكار، فاز الممثل الألماني «أميل جاننجز» بأول جائزة أوسكار أفضل ممثل في التاريخ، وهو ما أثار كثيرًا من الجدل بعد أن أكدت «سوزان أورليان»، الكاتبة في مجلة «Newyorker»، أن جاننجز لم يكن أول فائز بالأوسكار، بل إن «رن تن تن»، الكلب الألماني الذي أنقذه طيار أمريكي من فرنسا إبان الحرب العالمية الأولى عام 1918، هو أول فائز بالجائزة.

«رن تن تن» أحد أشهر كلاب السينما في هوليوود في فترة الأفلام الصامتة، وشارك في 27 فيلمًا، أربعة منها صدرت في عام 1929 وحده، وبالفعل حصد الكلب معظم أصوات أعضاء الأكاديمية لأفضل ممثل في الجولة الأولى من التصويت. وبعد فوزه، قررت الأكاديمية (تحت إشراف «لويس بي ماير»، رئيس «مترو غولدن ماير») أن منح كلب أول تمثال أسطوري مطلي بالذهب سيعطي انطباعًا خاطئًا عن جائزة الأوسكار ومكانتها، وبالفعل أُجريت جولة ثانية من التصويت على متنافسين من البشر فقط، ليفوز أميل جاننجز.

والت ديزني: حاصد الأوسكار الأكبر

تمثال الأوسكار الذي صُمِّم خصيصًا لوالت ديزني - الصورة: Loren Javier

في حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 1954، فاز والت ديزني وحده بأربع جوائز ليحقق رقمًا قياسيًّا، وحصل عليها في فئة أفضل فيلم وثائقي، وفيلمين قصيرين، وفيلم كارتون، ويعد والت ديزني أكثر من فاز بالأوسكار في تاريخ هوليوود، إذ ربح 26 جائزة أوسكار، حتى أن مقدم حفل جوائز الأوسكار الأشهر على الإطلاق «بوب هوب» قال ذات مرة في أثناء تقديمه للحفل ساخرًا: «إذا تبقى لدينا أيٌّ من هذه التماثيل، فلنرسلها إلى والت ديزني».

وفي 1939، حصلت «شيرلي تمبل»، وكانت تبلغ من العمر حينئذ 10 سنوات فقط، على جائزة فخرية لوالت ديزني، وكانت الجائزة تصميمًا جديدًا لتمثال الأوسكار واقفًا على منصة خشبية، وإلى جواره سلم خشبي من سبع درجات، يقف على كل درجة تمثال أوسكار صغير، تقديرًا لعرض ديزني المعروف باسم «سنو وايت والأقزام السبعة».

قد يهمك أيضًا: «الأوسكار» ثوريًّا: 5 لحظات نادرة من الخروج عن النمط

أوسكار أقصر دور في التاريخ

«بيتريس سترايت» تفوز بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة

يعتقد كثيرون أنه كي تفوز بالأوسكار عليك أن تبذل مجهودًا خرافيًّا وتظهر لأطول فترة ممكنة خلال الفيلم لتؤثر على الجمهور والنقاد، لكن الواقع أبسط من هذا بمراحل، فقد فاز الممثل «أنطوني هوبكينز» بأوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم «Silence of the Lambs» رغم أنه لم يظهر على الشاشة إلا 16 دقيقة فقط.

كذلك، حازت الممثلة الراحلة «بيتريس سترايت» أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم «Network» عام 1976، رغم ظهورها لمدة خمس دقائق و40 ثانية فقط في الفيلم، وهي صاحبة الرقم القياسي لأقصر أداء في تاريخ الأوسكار.

المرأة والأوسكار

إذا اعتبرنا المرأة من الفئات المظلومة في هوليوود، فكونك امرأة سوداء يعني أنك من الفئة المظلومة بشدة.

أغلب أعضاء الأكاديمية من الرجال، كما هو حال صناعة السينما في هوليوود، لذا لم تترشح امرأة لأوسكار أفضل مخرج قبل الإيطالية «لينا ويرتمولر» عام 1977 عن فيلمها «Seven Beauties»، أما «كاثرين بيغلو» فكانت أول سيدة تفوز بأوسكار أفضل مخرجة عن فيلمها «The Hurt Locker» عام 2010.

إذا اعتبرنا المرأة من الفئات المظلومة في هوليوود، فكونك امرأة سوداء يعني أنك من الفئة المظلومة بشدة، لذا تعد «هالي بيري» أول امرأة سوداء تحصل على أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «Monster’s Ball» عام 2002، فقد سبق وحصلت ممثلات سمراوات على الجائزة في فئة الأدوار الثانوية، لكن بيري كانت الأولى في فئة أفضل ممثلة رئيسية، وحين تسلمت الأوسكار قالت جملتها الشهيرة: «هذه اللحظة أكبر مني».

أخطاء لا تُنسى

كثير من مواقف الأوسكار التي وقعت خلال الـ90 عامًا لا تُنسى، لعل أشهرها سقطات الفنانين والفنانات، فلم تكن «جنيفر لورانس» أول ممثلة تقع وهي تتسلم الجائزة في 2013، لكنها بالتأكيد الممثلة الوحيدة التي وقعت مرة ثانية في العام التالي.

من الأخطاء أيضًا تلك التي وقعت عام 2017 وقت إعلان فوز فيلم «La La Land»، حين صعد طاقم العمل لاستلام الجائزة واستعدوا لإلقاء كلمتهم، قبل تفادي الخطأ وإعلان فوز فيلم «Moonlight»، الأمر الذي أدى إلى إحراج كبير، لكن هذا لم يكن الأول من نوعه.

ففي عام 1934، خلال الدورة السادسة لحفل الأوسكار، حاول «ويل روجرز»، المسؤول عن تقديم الجائزة لأفضل مخرج، تلطيف الأجواء بإلقاء عبارة ودية لصديقة المخرج «فرانك كابرا»: «فرانك، تعال واستلم الجائزة». حينها ظن كابرا أنه فاز بجائزة أفضل مخرج، وتوجه إلى المسرح مبتسمًا ومستعدًّا لإلقاء كلمته، قبل تصحيح الخطأ وإعلان ذهاب الجائزة إلى زميله ومنافسه المخرج «فرانك لويد»، ما أثار موجة من الضحك داخل المسرح.

لاحقًا، قال كابرا إنه لم ولن ينسى ذلك الموقف المحرج، فقد قام من مقعده مبتسمًا واثقًا من نفسه وهو يردد في ذهنه الكلمات التي سيلقيها على الجمهور، قبل أن يفاجأ بأنه ليس الفائز.

وفي 1959، في الدورة الحادية والثلاثين من الأوسكار، انتهى برنامج الحفل قبل موعده بـ20 دقيقة. وبما أن الجدول الزمني لتوزيع الجوائز كان موضوعًا مسبقًا، فلم يكن أمام مقدم الحفل «جيري لويس» أي خيار سوى الارتجال، فقدم عرضًا غنائيًّا اختتم به الحفل برفقة الفائزين بالجوائز في تلك الليلة دون تخطيط.

سيظل الأوسكار الحفل السينمائي السنوي الذي ينتظره العالم أجمع، بكل ما يقع فيه من حوادث وطرائف وسقطات، وربما لحظات تاريخية لا تُنسى، فالهدف من هذا الحفل التنافس من أجل تطوير السينما وتقديم الأفضل، وهو ما يحدث فعلًا عامًا بعد آخر.

مي كامل