بعد إعلان موت المؤلف والأدب والناقد: البقاء للقارئ
كانت البداية مع «موت الله»، فبعد أن أطلق نيتشه صيحته الشهيرة: إن «الله مات»، توالت الصيحات التي تعلن وفاة المؤلف والناقد والأدب. وكأنَّ من أتى بعد فيلسوف «إرادة القوة»، تصوَّر النص الأدبي عالمًا متكاملًا خلقه مؤلف/إله، وبموت الله مات المؤلف، وبقي النص/العالم في حوزة الإنسان/القارئ يفسره كيفما يشاء، ويعيد تأويله وتَلقِّيه بإمكانياته الذاتية، من دون دعم خارجي أو عونٍ من قوى عليا.
المرحلة الرومانسية وضعت المؤلف في الصدارة، فهو الذات الشاعرة التي تعاني ويلات العالم ومآسيه، ووحده القادر على سبر أغوار النفوس البشرية، وأحيانًا ما يمتلك موهبة العرافة والتنبؤ، وبإمكانه أيضًا أن ينقذ القارئ من أي مأزق يقع فيه إذا اتَّبع نصائح المؤلف العليم ببواطن الأمور.
أما المرحلة الواقعية، فقد جعلت المؤلف شاهد العيان الوحيد الموثوق في شهادته، وهو أصدق من يرى الواقع، وأفضل من يصفه ويحلله، ليتحول المؤلف إلى مناضل حينًا، وفيلسوف أحيانًا، ومحلل نفسي بإمكانه أن يأخذ بأيدي القراء إلى عوالم أفضل وأجمل.
لذلك قبل أن يموت المؤلف، فور انتهاء المرحلة الواقعية، ومن بعدها الحداثة، ودخولنا مرحلة ما بعد الحداثة، كان الكاتب مادةً دسمة للبحث النقدي على يد كثير من المفكرين والنقاد، وبخاصة فرويد، مؤسس المنهج النفسي، الذي يتعرض إلى النص والكاتب بالتحليل، نظرًا إلى ارتباط كل واحد منهما بالآخر، ما دفع عددًا من النقاد العرب إلى تبنِّي هذا المنهج، وبخاصة الدكتور عز الدين إسماعيل الذي وضع كتاب «التفسير النفسي للأدب» ليؤكد فيه أن العلاقة بين الأدب ونفس الأديب لا تحتاج إلى إثبات.
افتتح فرويد مسيرة التحليل النفسي للفن بدراسته عن دافنشي، تلك الدراسة التي أرجع فيها كل الدوافع الإبداعية لدى الفنان العبقري إلى الغرائز الجنسية المكبوتة في الوعي الباطن، ثم بعد ذلك رأينا «كارل جوستاف يونغ» يعلن وجهة نظره التي ترى الفن إسقاطًا للذات على الموضوع، والإبداع عمليةً نفسيةً تعمل على تحويل المشاهد الغريبة التي تستقر في اللاشعور، إلى موضوعات خارجية قابلة للقراءة والتأمل. إضافة إلى ذلك، وضع عالم النفس «إرنيست كريتشمر» (Ernst Kretschmer) كتاب «سيكولوجية العباقرة» (The Psychology of Men Genius) الذي يدرس فيه ظواهر العبقرية عند كبار الموسيقيين والرسامين والشعراء.
من التحليل النفسي إلى النقد الاجتماعي للنص والمؤلف معًا، إذ تمكن جورج لوكاش (1885-1971)، من أن يضع القراءة الماركسية للأدب، ونظرية الصراع الطبقي، موضع التنفيذ في النقد الأدبي، موضحًا أن العلاقة بين البنى التحتية (علاقات الإنتاج) والبنى الفوقية (الثقافة والفنون)، كما أشار إليها ماركس، جدلية وقائمة على التفاعل والتأثير والتأثر، ما يعني أن الآداب والفنون ما هي إلا انعكاس للواقع والمجتمع.
من هنا لم تعد الكتابة قائمة على العبقرية الفردية للكاتب فقط، وإنما تتجلى من خلال احتكاك هذه الفردية بالأنشطة الاجتماعية، ليصبح الأدب ظاهرة خاضعة لظروف الزمان والمكان، ويظهر مذهب «الواقعية الاشتراكية» في النقد الأدبي في صورة قراءة ماركسية منحازة إلى تصوير نضال الطبقة الكادحة ضد الاستغلال، ما دفع أنصاره إلى إعلانه مذهبًا أدبيًّا رسميًّا للإبداع الاشتراكي، سنة 1934، في مؤتمر الأدباء الشيوعيين بالاتحاد السوفييتي، ثم ظهرت أصداء هذا المذهب في كتاب «في الثقافة المصرية» للناقدين محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس في خمسينيات القرن العشرين.
إذا كان النص قد تحرر من سلطة المؤلف، فهل نجت نظرية «موت المؤلف» من سلطة مؤلفها؟
تستمر مسيرة النقد الأدبي في الربط بين النص وكاتبه من ناحية، والنص والكاتب والمجتمع من ناحية أخرى، إلى أن تظهر البنيوية لتقرأ النص الأدبي بمعزل عن الكاتب ومجتمعه، وتتعامل معه كبنية مستقلة بذاتها يجب عند قراءتها تحليل لغة النص وفك شفراته والعلاقات التي تربط بين أجزائه، ما يؤكد أن اللغة هي التي تتكلم إلى القارئ، وليس المؤلف.
موت المؤلف، ميلاد القارئ المبدع
نشر الناقد والأكاديمي الفرنسي «رولان بارت» (Roland Barthes) مقالًا عام 1968، أعلن فيه «موت المؤلف»، مؤكدًا استقلال النص والقارئ استقلالًا تامًّا عن أي سلطة، باعتبار أن اللغة هي التي تتكلم وتوحي وتشير في النص، وليس المؤلف الذي لا دور لخبرته أو معارفه أو تجاربه في توجيه القارئ، الذي يتلقى النص بالتفسير والتأويل بحسب إمكانياته الذاتية، ما جعل القارئ وفعل القراءة نفسه مَحطَّ دراسات أدبية كثيرة، من أبرزها كتاب «فعل القراءة»، للكاتب الألماني «فولفغانغ إيزر» الذي يعد من أهم المنظرين لنظرية التلقي والقراءة.
لكن إذا كان النص قد تحرر من سلطة المؤلف، فهل نجت النظرية (موت المؤلف) نفسها من سلطة مؤلفها نفسه؟ وهل نجا بارت من سلطة المجتمع؟ ألم تتأثر هذه النظرية بالمؤثرات الاجتماعية والثقافية والسياسية المحيطة؟
في عام 1968، اندلعت انتفاضة الطلاب في فرنسا، رافضة كل السلطات، وداعية إلى التحرر الكامل من كل القيود. شارك في هذه الانتفاضة فئات متنوعة من المجتمع الفرنسي: الطلاب والعمال واليساريون والمبدعون والمفكرون، ما يؤكد أن رفض السلطة كان مطلبًا جماعيًّا، من الطبيعي أن تتأثر به الدراسات الأدبية والنقدية، فتقع تحت سلطة «مطلب التحرر من السلطة».
في المقابل، نجد أن إعلان موت المؤلف قوبل بكثير من القلق، بل وصل الأمر إلى حد أن الكتابات التي ترد على النظرية رافضةً إياها لم تصمت حتى يومنا هذا، والسبب في ذلك اعتقاد الرافضين أن موت المؤلف يقضي على العملية الإبداعية برمتها. إنهم عاجزون عن إيجاد «تصور ديمقراطي» للكتابة يجعل القارئ والكاتب سواسية في الإبداع.
رفض موت المؤلف قد يكون انعكاسًا لرفض موت الزعيم السياسي، وعجزًا عن تصور أن الشعوب/القرَّاء قادرون على تقرير مصيرهم، واختيار ما يحلو لهم من النصوص، وقراءتها دون أي وصاية من مؤلف أو ناقد. النص حياة، والقارئ يعيشها كيفما يريد، يستخرج منها ما يتواءم مع ذائقته، ويهمل ما دون ذلك.
القراءة عند بارت فعل إبداعي تتوقف عليه حياة النص، تلك الحياة التي تتعدد بتعدد القارئ، وتتنوع بتنوع حالاته المزاجية وأفكاره وقدراته على التأويل، إضافة إلى أن إقصاء المؤلف يعطي الحرية للقارئ في أن يشعر بلذة القراءة والاكتشاف دون عون من قوى خارجية. فما كتبه المؤلف ليس لاهوتًا، والنص ليس مقدسًا، ولن يكون. يقول بارت: «أن يكون هناك مؤلف للنص، يعني أن تضع حدودًا، وأن تفرض على النص مدلولا نهائيًّا».
موت الأدب لا يعني موت الكتابة الإبداعية، وإنما أفول عصر الأدب بمعناه الرومانتيكي القديم الذي يعتبر الأديب عبقرية فذة.
النص «فضاء ذو أبعاد متعددة تمتزج فيه أنماط من الكتابة لا يتميز نمط فيها عن الآخر بالأصالة، وإنما هو نسيج من الاقتباسات المأخوذة من المراكز الثقافية اللامتناهية». والكاتب ليس إلا ناسخًا من هذه المراكز، كالباحث الذي يغرق بين القواميس والمراجع، وينسج منها نصوصًا متعددة، تكون هدفًا لاقتباس كاتب آخر، وهكذا إلى ما لا نهاية.
موت الأدب، ميلاد النص
يقول «ألفين كرنان» (Alvin Kernan)، في كتابه «موت الأدب» (The Death of Literature): «إذا نظرنا من داخل الأدب نفسه، وجدنا أن القمم الأدبية الرومانتيكية التقليدية، مثلها مثل القيم الحديثة، قد انقلبت تمامًا. فالمؤلف الذي كان يُقال عنه إن خياله المبدع هو مصدر الأدب، قد مات، أو أصبح مجرد جامع متفرقات مختلفة من اللغة والثقافة، ليضعها في كتابات لم تعد تسمى أعمالًا، بل مجرد كولاج ثقافي، أو مجرد نصوص».
وبما أن دور المؤلف أصبح مقصورًا على الجمع والتناص مع الكتابات الأخرى، فإن «الأعمال التي كانت تُعد روائع الأدب، من مسرحيات شكسبير أو روايات فلوبير، أصبحت الآن خالية من المعني، أو أنها أصبحت، وهي نفس النتيجة، مليئة بمعانٍ لا نهاية لها، ولا يمكن حصرها». وإذا كان لها معنى، كما يشير كرنان، فإنما هو معنى مؤقت يضفيه عليها القارئ، دون أن يكون موجودًا بالضرورة في النص نفسه.
الواضح أن موت المؤلف قد سارع بموت الأدب، الذي أدى بدوره إلى موت النقد.
موت الأدب لا يعني موت الكتابة الإبداعية، وإنما أفول عصر الأدب بمعناه الرومانتيكي القديم الذي ينظر إلى الأديب باعتباره عبقرية فذة قادرة على سبر أغوار النفس البشرية، ونقد الحياة والمجتمع، ذلك الأديب صاحب الذات الرومانتيكية التي تنسج من معاناتها نصًّا عبقريًّا يحمل الخير والجمال والحكمة شموعًا تضيء ظلام الذات والعالم.
يؤكد كرنان أن الذي مضى وزال، أو في سبيله إلى الزوال، هو الأدب الرومانتيكي والحديث الذي تَمثَّل في عظماء أمثال «وردزورث» و«غوته» و«فاليري» و«جويس». ذلك الأدب الذي اشتمل على خير ما يمكن التفكير فيه، وكان الأفضل الذي لا يمر عليه الزمن، ويحتوي على الآثار الباقية التي لا تتغير.
في وقت سابق، كان الأدب موجودًا في البلاط الملكي، ومؤثرًا في القرارات السياسية، ودافعًا إلى الإصلاحات الاجتماعية، ورائجًا في بيوت الطبقة الوسطى. غير أنه الآن قد أصبح محبوسًا داخل الإطار الأكاديمي في الجامعات وأقسام الأدب فقط، منحسرًا أمام مد الكتابات الشعبية والجماهيرية وقوائم الأفضل مبيعًا.
الواضح أن موت المؤلف قد سارع بموت الأدب، الذي أدى بدوره إلى موت النقد.
يقول كرنان: «أما داخل الجامعات، فإن النقد الأدبي قد أصبح بيزنطيًّا منذ 1960. لقد تراكم حجمه، وصار معاديًا للأدب والمؤلف، معلنًا أن الأدب مقولة وهمية، وأن الشاعر قد مات، ولغة النص غير محددة، وليست قادرة على إعطاء معنى، إذ أصبحت القراءة والتفسير مسألة اختيار شخصي».
إذًا، ليس المقصود المعنى المباشر لموت الأدب، وإنما تراجع الأدب عن أن يكون مؤثرًا في القرارات السياسية أو الاجتماعية، أو أن يثير «الجماهير»، أو أن يكون وسيلة لتوعيتهم. مثل هذا التصور الساذج عن الأدب انتهى مع عصر ماتت فيه السرديات الكبرى، كما أكد «جان فرانسوا ليوتار».
لن يخرج الأدب عن كونه وسيلة للمتعة في الأساس، ثم بعد ذلك نختلف في مدى فعاليته وتأثيره في وعي الإنسان.
هناك من يرى أن الأدب يقتصر على أنه وسيلة للترفيه والتسلية لا تختلف عن بقية الوسائل الترفيهية الأخرى، اللهم إلا في أنه منحاز (مجرد انحياز) لما هو إنساني وأخلاقي، كأي لعبة مثلًا تحرض الطفل على الشجاعة وتقديم الخير الآخرين. بينما يرى فريق آخر أن الأدب ذو تأثير حضاري فعَّال، غير أن هذا التأثير «تحتي»، و«طويل المدى»، و«غير مرئي».
يرد الفريق الأول بأنه لو كان للأدب تأثير، لكانت الشعوب في هذه الأيام أفضل حالًا من شعوب الماضي، لكن الواقع يقول إن الإنسان الحديث لم يختلف عن القديم إلا في الأمور الظاهرة والسطحية، كالملبس ووسائل التواصل والتقنية، بينما يبقى الجوهر الإنساني واحدًا لا يتغير، لا عن طريق الأدب ولا التاريخ، ولا حتى التنمية البشرية.
موت الناقد، ميلاد القارئ الحر
هناك من ينظر إلى النقد باعتباره غير ضروري للقراءة، والناقد باعتباره ليس إلا مبدع فاشل يحاول أن يجد لنفسه مكانًا بين المبدعين. في حين أن هناك كثيرين يرون النقد ضربًا من الإبداع، ولا غنى للمبدع والقارئ معًا عن مطالعة الكتابات النقدية، كي يتعلم المبدع كثيرًا عن الإبداع، والقارئ كثيرًا عن القراءة. لكن إذا كان المؤلف نفسه قد مات، فما ضرورة الإبقاء على حياة الناقد؟
رفْض السلطة ليس السبب الوحيد في التعجيل بموت الناقد والمؤلف، بل يجب ألا نُغفل انتشار وسائل التواصل التي أتاحت لكثير من القرَّاء أن يصبحوا كُتَّابًا.
في كتابه «موت الناقد» (The Death of the Critic)، يؤكد «رونان ماكدونالد» أن تقطيع أوصال الناقد كان بسبب قوتين متعاكستين:
- المَيل إلى جعل النقد الأكاديمي عملية داخلية تُعنَى بنفسها وتهمل الحُكم والتقويم
- الزخم الذي اكتسبه النقد الصحفي والعام، ليصبح أكثر ديمقراطية وانتشارًا
وكما جاء موت المؤلف مرادفًا لانتفاضات 1968 في فرنسا، فإن اللحظة المفصلية لموت الناقد تحددت في أثناء حركة 68، المعادية لكل أشكال السلطة، من خلال مظاهرات الطلبة والحماسة الثورية. إذ إن «أصوات زمرة النخبة المكوَّنة من السادة المتقدمين في السن، الذين يعملون في الجامعة، ويُملون علينا ما ينبغي أن نقرأ، لم تعد تلقي آذانًا مصغية» بحسب ماكدونالد.
لكن ما الذي سيصيب المبدعين والقراء جراء موت الناقد؟ هل سيصابون بالتشتت وعدم القدرة على القراءة الواعية؟
هذا ما سيحدث بالفعل إذا كان القارئ قاصرًا ولا يمتلك القدرة على اختيار ما يقرأ، وإذا اختار، فإنه لن يقدر على الفهم، سيتخبط لأنه لا يمتلك رصيدًا ثقافيًّا يجعله يدرك مَواطن المتعة في النص. ولذلك، فإن موت الناقد سيكون حياة للقارئ في حالة كون الأخير واعيًا وقادرًا على إدراك مواطن الجمال والمتعة في النص، ليس إلا.
يقول ماكدونالد: «قد يعمل قتل المولف، وكذلك قتل مفاهيم أخرى متصلة، مثل الإبداع والخيال والإلهام، على تحرير القارئ، ويساعده على الانغماس في متعة التأويل، لكن يبدو أنها ساعدت أيضًا على التخلص من الناقد، أو على الأقل تخلصت منه بوصفه مثقفًا عامًّا وحكَمًا يحدد جودة العمل، أو يقود الجمهور إلى المعنى». مضيفًا أن تقلص النقد الأكاديمي وانتشار نقد المراجعات من أعراض معاداة السلطة والمرجعية، ورفض المؤسسات ذات الطابع التراتبي الهرمي، والتشكيك في قيمة تلك التراتبية.
رفْض السلطة ليس السبب الوحيد في التعجيل بموت الناقد والمؤلف معًا، وإنما يجب ألا نغفل عامل انتشار وسائل التواصل والمدونات، التي أتاحت لعدد كبير من القرَّاء أن يصبحوا كُتَّابًا، على الرغم من أن مثل هذه الكتابات ما زالت تلقى معارضة كبيرة من «كُتَّاب النخبة».
«إمبرتو إيكو» أعلن أن «أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا في أي ضرر للمجتمع، وكانوا يتعرضون للإسكات فورًا. أما الآن، فلهم الحق في الكلام، مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل».
يبدو أن إيكو، رغم قدرته السيميائية، لم يستطع أن يتخلص من عقدة النخبوية، وعَجَز عن التبصُّر بأن غالبية أبناء هذا الزمن رافضون لكل أشكال السلطة، وعلى رأسها سُلطتا المؤلف والناقد، حتى وإن كانا في حجم إيكو نفسه.
غير أن رفض السلطة لا يعني أن كل الناس قادرون على القراءة بشكل متساوٍ، وجميعهم يستطيع استنباط الدلالات من النص، وتأويلها بطريقة تجعل قراءته عملية إبداعٍ موازٍ، وإنما القراءة تتنوع بتنوع القرَّاء ومستوياتهم المعرفية والثقافية. فكل قراءة، كما يقول «ألبرتو مانغويل» في كتابه «الفضول»، صورة شخصية للقارئ أكثر من كونها ترجمة للعمل الأصلي، وهي اعتراف وضرب من كشف الذات واستكشافها.
محمد منصور