فيلم آش مان: لماذا لفت الكويتي الخارق أنظار الجماهير؟
ملاحظة: يحتوي المقال على بعض الحرق لأحداث الفيلم
بعد إعلان شركة السينما الكويتية عن فيلم «آش مان»، صار حديث متابعي السينما، بسبب إنتاجه وإخراجه الذي أبهرهم، والأهم أنه يتحدث عن أول رجل خارق (سوبر هيرو) كويتي.
تدور أحداث الفيلم حول بشار، الذي يؤدي دوره بشار الجزاف، رجل العائلة العادي، الذي يتجادل مع زوجته ويأخذ ابنته لأنشطتها، ويعمل في إحدى الوزارات، ويتناول وجبة «الآش» التقليدية.
بائع الآش عالِم متخفٍ يدس لبشار تركيبة كيميائية في الآش، وما إن يتناولها بشار حتى يتحول لشخص خارق يمكنه امتصاص الكهرباء ليضيفها إلى قوته الجسدية، وتحريك الأشياء الثقيلة، وتحطيم الجدران وكل ما لا يمكن تحطيمه.
حتى هنا لن تجد في الفيلم جديدًا، حكاية مثلها مثل أي فيلم «سوبر هيرو» تنتجه مارفل أو DC، فما الذي يميز هذا الفيلم وجعله يتصدر إيرادات السينما في الكويت؟
«شي يديد»
في لقاء لبطل الفيلم بشار الجزاف مع «منشور»، يقول: «هذا الفيلم شي يديد»، فما الجديد؟
إذا ما سألت أحدًا عن الفيلم كويتي الذي يعرفه، سيقول لك «بس يا بحر»، فيلم أنتج عام 1972. نعم، لن يتذكر إلا فيلمًا أنتج قبل عقود من الزمن. السينما الكويتية ليس لها حضور، ولم تنتج أفلامًا تستحق الحديث عنها، ورغم الاتجاه مؤخرًا لصناعة الأفلام، فإنها لم تلقَ الجماهيرية الكافية، ولم تُحدث ردود أفعال تذكر، لذلك أعتبر أن دخول أي منتج أو فريق عمل كويتي في عمل سينمائي سيكون إما مغامرة أو «كَرْوتة».
لا يشمل هذا بالطبع الأفلام القصيرة التي تعرض في المهرجانات، ولا يمكن إغفال بعض الأفلام التي تنجح نسبيًا في بعض المنصات، مثل «In Paradox» على نتفليكس.
الجديد في «آش مان» ليس الخلطة التي تحدثنا عنها فقط، لكنه كان عائليًا بالكامل، إفيهات يمكن أن تضحك عليها شرائح عمرية مختلفة من العائلة.
أفلام مارفل والأبطال الخارقين تحتل المراكز الأولى حاليًا في العالم، لذلك تتجه السينما العربية نحو هذا النوع من الأفلام، فليس «آش مان» التجربة العربية الوحيدة، إذ صدر قبل فترة بسيطة الفيلم المصري «موسى» من إخراج بيتر ميمي وبطولة كريم محمود عبد العزيز، ويتميز بحسب الإعلان بإنتاج عالٍ وإخراج احترافي أيضًا.
الجديد في «آش مان» ليس الخلطة التي تحدثنا عنها فقط، لكنه كان عائليًا بالكامل، إفيهات يمكن أن تضحك عليها شرائح عمرية مختلفة من العائلة، بعضها لا أظنه مفهومًا للأطفال، وأخرى طفولية جدًا، بالإضافة إلى «الداد جوكس»، نكات الآباء التقليدية التي تضحك عليها لأن أباك قالها فقط لا غير.
الإعلان وحده كان كفيلًا بجذب عدد كبير من الجماهير، لكن هل كان الفيلم مثاليًا؟
الفيلم الكويتي الأمريكي
فكرة البطل الخارق فكرة مستقدمة من هوليوود، لذا قد لا يمكننا هنا التدقيق في فكرة الابتعاد الكامل عن الأمركة في الفيلم، لكن العمل وقع في تناقض واضح بين المحلية والأمركة، فتارة يريد أن يكون ذا طابع محلي، وتارة يريد أن يكون أمريكيًا جدًا.
أشياء عديدة تقول لك إن البطل كويتي وإنه في الكويت، لكن لا أحد يقول ذلك، وتأتي الشرطة بملابس أجنبية، وسيارات مكتوب عليها Police، وغرفة تحقيق هوليوودية بحتة، والعصابة الشريرة غاية في الأمركة، والملابس والسيارة وطريقة الحديث والحوار نفسه، فهل وقع الكاتب والمخرج عباس اليوسفي في فخ التناقض لمجرد كون الفيلم يدور حول بطل خارق، أم أن الرقابة كان لها دور في الموضوع خاصة في ما يتعلق بالشرطة؟
فكرة أن جزءًا من رداء البطل الخارق عبارة عن «وزار»، وأن سلاحه «هبّان»، وأن الوجبة التي حولته «آش»، كلها حركات ذكية فعلًا، ومحلية جدًا، وفكرة أن مساعدي البطل والعالِم من الجنسيتين الهندية والمصرية محلي وواقعي ويمثل تنوعنا.
هكذا كان يجب أن تكون الكثير من الأشياء في الفيلم، فالوزارة التي يعمل فيها بشار كان يجب أن تكون ذات بنيان سيئ كأي وزارة أخرى في الكويت، وليست اللامعة التي شاهدتها على الشاشة، وبيت بشار ملون أكثر مما اعتدناه في البيوت الكويتية، إذ يبدو وكأنه بيت في إعلان تلفزيوني.
الكليشيه المطلوب
كليشيهات كثيرة ستجدها في الفيلم، عصابة تسرق بنكًا، عالِم يصنع تركيبة، إعلام يجري نحو البطل ويضايقه وعائلته، بطل يتحول من محبوب إلى محارَب، أي فيلم سوبر هيرو ستجد فيه هذه العناصر، ولم يأتِ آش مان بخلاف هذا، لكني لم أكن أنتظر خلاف ذلك، ففي النهاية كمتابعة لأفلام الأبطال الخارقين، لم أنتظر من آش مان أن يخرج عن سياقهم.
عودة لفكرة المحلية، فالنكات التي طعم بها الفيلم هي ما كسر الكليشيهات، لذا كان من الأفضل أن يطعم الفيلم بها بشكل أكبر، فاختيار الآش على وجه الخصوص ليس لمحليته فقط، بل هو في حد ذاته فكرة مضحكة، ولا أدري إذا كان مقصودًا اختياره بالذات لما تسببه هذه الوجبة المليئة بالبقوليات من طاقة وغازات بطن هائلة قد تجعلك تطير فعلًا.
أداء وصورة و«الحجية قرقاشة»
الأداء الذي يظهر مبالغًا فيه أحيانًا من بعض الممثلين، لم يكن الأداء المسرحي الممل الذي اعتدنا مشاهدته في المسلسلات الخليجية، لكن المبالغة مفهومة إلى حد ما، كونه فيلمًا موجًا للصغار، إلا أنه كان من الممكن التخفيف منه، خاصة في أداء الفنانة لولوة الملا، التي اعتدنا مشاهدتها في أداء طبيعي أكثر.
لاحظت خطأ غريبًا، إذ يستخدم العالِم ومساعدوه جهاز كمبيوتر قديمًا جدًا في العمل، ثم يتغير الكمبيوتر فجأة إلى آخر متطور. والموسيقى أيضًا حين حمل آش مان هبّانه ونفخ فيه، كان من الأصح أن تظهر موسيقى الهبان بدلًا عن الخلفية الموسيقية المستمرة خلال الفيلم.
ولم أجد أهمية لأن يكون الفيلم امتدادًا لمسلسل «عائلة قرقاشة»، الذي يحكي عن عائلة والدتهم لعبة، إذ تظهر نفس العائلة في الفيلم لكن في سياق بعيد عن المسلسل، وهذه الملاحظة تنبع من سؤال: ماذا لو كانت هذه عائلة مختلفة ولم يكن لقرقاشة وجود في الفيلم؟ لم يكن شيئًا ليتغير، وقد وجدت أن قرقاشة محشورة في الفيلم. ربما يكون السبب استغلال نجاح المسلسل، وجذب الجمهور من المعجبين بمسلسل قرقاشة لينجح الفيلم.
إذا كان فريق العمل يفكر في إنتاج جزء ثانٍ منه سأحب مشاهدة ذلك، وسأحب أن تتصاعد الشخصية لتشمل الأعمار الأكبر أيضًا، وأن يكون محليًا أكثر، أو كما يقال: «الإغراق في المحلية طريقك للعالمية».
شيخة البهاويد