شكون حنا: لماذا لا يتابع المشاهد العربي المسلسلات المغاربية؟

ضياء بوسالمي
نشر في 2017/06/07

الصورة: قناة «نسمة»

في جُلِّ البلدان العربية، تُعد المسلسلات التليفزيونية حدثًا وعادةً سنوية ينتظرها المُشاهدون، وفي البلدان المغاربية، تونس والجزائر والمغرب، يتركز الإنتاج التليفزيوني في شهر واحد كل عام هو رمضان.

تعززت هذه الظاهرة بتعدد القنوات وكثرة المنافسة، فقد تحرر المشهد الإعلامي نسبيًّا، ممَّا أتاح فرصًا أكثر لعمليات الإنتاج.

غير أن الأعمال التليفزيونية في بلدان المغرب العربي تبقى متواضعة وغير قابلة للانتشار خارج المنطقة، ويعود ذلك لعدة عوامل نحاول تتبعها.

1. صعوبة اللهجة المغاربية

سواءً تعلق الأمر بتونس أو المغرب أو الجزائر، تعاني الأعمال التليفزيونية، خصوصًا المسلسلات، من مشكلة كبيرة هي اللهجة، التي تمثل عائقًا أمام الانتشار.

اعتاد المُشاهد العربي اللهجتين المصرية والشامية، ومنعته صعوبة اللهجة المغاربية من متابعة مسلسلاتها.

تتميز بلدان المغرب العربي بلهجات محلية يصعب على سكان بقية الدول العربية استيعابها، وقد أثرت معضلة اللهجة في انتشار الأعمال التليفزيونية في كامل البلدان العربية، وجعلتها حبيسة بلدانها.

منذ بداية انتشار التليفزيون في المنطقة العربية حتى نهاية تسعينيات القرن العشرين، كانت الأعمال المصرية والسورية تغزو البيوت وتتصدر المشهد في كل البلدان العربية. هكذا أثرت في المُشاهد وسكنت خياله، وكانت لها علامات في تكوين ذائقته الفنية، لكن غابت الأعمال المغاربية بشكل تام، وفشلت في منافسة المسلسلات المصرية والشامية والخليجية.

زادت صعوبة اللهجة في بلاد المغرب، مع اعتياد المُشاهد العربي على اللهجتين المصرية والشامية، من تضييق الخناق على الأعمال المغاربية.

2. كليشيهات درامية دون ابتكار

تتر مقدمة مسلسل «أولاد فايدة»

ليست اللهجة العائق الوحيد أمام انتشار الأعمال المغاربية، فالاستخفاف بالمُشاهد وغياب التجديد مع التركيز على الكليشيهات، كلها عوامل أدت إلى تعميق الهُوَّة بين المسلسلات المغربية والمُشاهد العربي، وهو ما جعل المنتجين ورؤوس الأموال تتجه إلى الأعمال المشرقية التي تحقق نسب مشاهدة مرتفعة في كل دول العالم العربي.

في السنوات الأخيرة، وعلى عكس الأعمال المصرية واللبنانية، تُغرِق الأعمال المغاربية في التكرار والاستهلاك، فالمتتبع للمشهد يستشف ضعفًا في مستوى الحبكة وهفوات في الإخراج.

قد يعجبك أيضًا: متى تثور الدراما في الخليج على النمطية؟

في دول المغرب، تقع المسلسلات الكوميدية في فخ السيناريوهات المستهلَكة والاستسهال.

في تونس، نتابع منذ سنوات نفس الأفكار التي تتكرر في مسلسلات تدوم لسنوات في أجزاء متعددة، ويظهر جليًّا أن تسلسل الأحداث والاعتناء بالحبكة آخر اهتمامات سامي الفهري، مخرج وسيناريست مسلسل «أولاد مفيدة»، الذي يُعرض للعام الثالث على التوالي على قناة «الحوار التونسي»، ويظهر من تتر مقدمته التركيز على الكليشيهات (شباب بعضلات مفتولة، سيارات فاخرة...) دون أي مجهود على مستوى السيناريو.

نلاحظ هذا أيضًا في الأعمال الجزائرية، مثل «صمت الأبرياء» الذي يُعرض على القناة الجزائرية الثالثة.

ولا يبدو الوضع مختلفا بالنظر إلى المسلسلات الكوميدية، فالسيناريو المستهلَك واستسهال هذا النوع من الأعمال هو ما يميز مثلًا السلسلة التونسية «نسيبتي العزيزة»، من إخراج صلاح الدين الصيد وسيناريو يونس الفارحي، التي تُعرض على قناة «نسمة» منذ سبع سنوات.

في نفس السياق، يمكن أن نشير إلى السلسلة المغربية «نايضة في الدوار»، التي بدأ عرضها منذ رمضان 2015.

اقرأ أيضًا: كوميديا رمضان 2017: قليل من الضحك، كثير من الإحباط

3. غياب التمويل الضخم

إعلان الجزء السابع من المسلسل الكوميدي التونسي «نسيبتي العزيزة»

تميل السينما في المغرب العربي إلى التجريب، أما التليفزيون فما زال على حاله الراكد دون أي طموح.

لا تحظى الأعمال التليفزيونية المغاربية بتمويلات ضخمة، لكن لماذا؟

تبدو إجابة هذا السؤال بديهية، ذلك أن منطق الربح هو الذي يحكم علاقة المنتج بالعمل الفني. فمن غير الممكن المراهنة على أعمال لا تجد صدًى في العالم العربي، لأن المجال السمعي البصري في البلدان المغاربية لا يتمتع بديناميكية دول الشرق والخليج، التي تنتج مسلسلات طَوَال السنة ولا تقتصر على شهر رمضان فقط.

تبدو المسافة الشاسعة بين السينما والتليفزيون في دول المغرب جديرةً بالتأمل، فالسينما المغاربية حاضرة في المهرجانات العربية والعالمية، وتبشر بصناعة صورة تحمل عمقًا وأثرًا مختلفًا عن مثيلتها في المشرق، بعكس الأعمال التليفزيونية.

هذه المسافة الشاسعة مردُّها إلى الانفصال التام بين متطلبات التليفزيون واحتياجات السينما، فالأخيرة تميل إلى التجريب وفتح آفاق جديدة، أما التليفزيون فما زال على حاله الراكد دون أي طموح ولو حتى على مستوًى تجاري، لحفر مكان على جداول المُشاهدة في المشرق العربي.

ضياء بوسالمي